الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة
المؤلف/ المشرف:
مسفر بن علي القحطاني
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار الأندلس الخضراء - جدة ̈الأولى
سنة الطبع:
1424هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
استنباط
الخاتمة
بعد هذه الرحلة الطويلة الممتعة التي عشتها مع هذا البحث، ألقي عصا الترحال منتهياً حيث انتهت بي مباحثه وتمت فصوله، مسجلاً أهم النتائج التي توصلت إليها والفوائد التي وقفت عليها من خلال النقاط التالية:
1 -
أن ثبات أحكام الشريعة مع تعاقب الأزمنة واختلاف أحوال الناس والمجتمعات دليل على صلاحيتها لكل زمان ومكان؛ وذلك أن الله عز وجل قد تكفل بحفظها من كل خطأ أو نسخ أو تبديل.
ومن مكملات هذه الصلاحية للشريعة أن بقيت هناك أحكام تتغير من ظرف إلى آخر بحسب ارتباطها بالمصلحة أو العرف المتغير.
2 -
شمول الشريعة لكل ما يحتاجه الناس على الإطلاق فلا تخلو حادثة واحدة عن الحكم الشرعي في جميع الأعصار والأقطار والأحوال، فالمعاني التي تضمنتها الشريعة تعمّ جميع الحوادث وتسعها إلى يوم القيامة.
3 -
أن الله عز وجل قد نصب لكل مسألة حكماً شرعياً معيّناً يجتهد العالم في معرفته، فكانت الحاجة لبيان معنى الأحكام الشرعية التكليفية منها والوضعية لأنها خالدة باقية لا تختلف باختلاف الأزمنة أو الأمكنة، إنما يختلف تنزيلها فيما يحدث من وقائع ونوازل تحتاج إلى تلك الأحكام الشرعية.
4 -
التعريف المختار للنوازل المعاصرة هي: " الوقائع الجديدة التي لم يسبق فيها نص أو اجتهاد ".
5 -
أن هناك بعض المصطلحات للنوازل تدل على المعنى نفسه تقريبا ً مثل: الحوادث والوقائع والمسائل والقضايا والمستجدات.
6 -
أن الاجتهاد في حكم النوازل نشأ منذ تنزّل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم بحسب الوقائع والأحداث ليجيب عما يحدث في حياة الصحابة من نوازل، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم وتصرفه بالفتيا وتبليغ الرسالة والصحابة والتابعين ساروا على هدي الكتاب والسنة في معالجة الوقائع الحادثة بهم.
7 -
تكمن أهمية البحث في أحكام النوازل من خلال الجوانب التالية:
أ - التأكيد على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان.
ب - مراعاة حاجات ومصالح العباد.
ج- تفويت الفرصة على الأخذ بالقوانين الوضعية.
د- تجديد الفقه الإسلامي.
8 -
أن الاجتهاد في طلب الأحكام جائز في الجملة، وقد يجب للمجتهد المتأهل عند الحاجة وضيق الوقت ويندب إذا كان الوقت متسعاً، وقد يحرم الاجتهاد لغير المتأهل أو في المسائل التي لا يسوغ فيها النظر، ويكره للمتأهل أن يجتهد فيما يستبعد وقوعه.
9 -
الصحيح الذي ذهب إليه الجمهور أنه: لا تخلو واقعة عن حكم لله تعالى فيها.
10 – لا يسوغ الاجتهاد في النوازل التي فيها نص قاطع أو مجمع عليها أو مسائل الاعتقاد التي لارأي فيها، أو كانت من المعضلات أو الأغلوطات أو مما يستبعد وقوعه في حياة الناس.
11 -
التعريف المختار للاجتهاد هو ما ذهب إليه الإمام البيضاوي – رحمه الله – وهو: " استفراغ الجهد في درك الأحكام الشرعية ".
12 -
أنه لا فرق بين استعمال مصطلح الاجتهاد أو النظر إذا كان مقيداً بالاجتهاد في الأحكام كما صرح بذلك بعض الأصوليين.
13 -
من الشروط التي ذكرها العلماء في المجتهدين: معرفة آيات الأحكام لغة وشرعاً، معرفة أحاديث الأحكام لغة وشرعاً، معرفة الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، التمكن من معرفة مسائل الإجماع ومواطن الاختلاف، معرفة وجوه القياس وشرائطه المعتبرة، معرفة العلوم اللغوية التي تعينه على فهم الكتاب والسنة، التمكن من علم أصول الفقه، معرفة مقاصد الشريعة
14 -
قسَّم العلماء المجتهدين إلى مراتب لا تخرج عن قسمين:
الأول: المجتهد المطلق. ويتفرع إلى نوعين:
أ - مجتهد مطلق مستقل.
ب - مجتهد مطلق غير مستقل.
الثاني: مجتهد المذهب. وهو ثلاثة أنواع:
أ - مجتهد التخريج.
ب - مجتهد الترجيح.
ج – مجتهد الإفتاء.
وكل نوع من أنواع المجتهدين له نوع نظر واجتهاد في التعرف على النوازل، إما مباشرة من نصوص الشرع أو من خلال قواعد المذهب وآراء الأئمة.
15 -
المراد بالاجتهاد الجماعي: " استفراغ جمهور أهل العلم وسعهم في درك الحكم الشرعي واتفاقهم عليه بعد التشاور فيه " من خلال مجالس علم أو مجامع فقه.
16 – ظهرت أهمية الاجتهاد الجماعي في عصرنا الحاضر، لكونه أكثر دقة وإصابة من الاجتهاد الفردي، وأنه مرحلة لسد الفراغ الحاصل بسبب توقف الإجماع، كما أنه ينظم الاجتهاد ويمنع توقفه، وأكثر إحاطة بالنوازل المعاصرة.
17 – أن الاجتهاد الجماعي ليس إجماعاً ولكنه حجة ظنية اتباعه أولى من غيره.
18 -
أن إنشاء المجامع الفقهية التي تضم أغلب المجتهدين في الشريعة، هو الثمرة العملية لتحقيق الاجتهاد الجماعي الأقرب إلى الصحة والصواب للنظر في النوازل المعاصرة.
19 -
لا يجوز خلو عصر من العصور عن مجتهدٍ في الأحكام قبل أشراط الساعة الكبرى، من حيث الوقوع الشرعي.
20 – يصح تجزؤ الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض، على الراجح من أقوال أهل العلم.
21 -
الرجوع إلى المذاهب الأربعة في التعرف على أحكام النوازل له أهميته في الاطلاع على طريقة الفتوى ومستندها وكيفية تنزيل هذا المستند عليها وفي ذلك كله تمرين للمجتهد على النظر في أحكام النوازل المعاصرة.
22 -
المنهج العام للنظر في النوازل، يبدأ من اختيار الأدلة الصحيحة بدءاً بالإجماع القطعي ثم الكتاب والسنة. ثم تحليل تلك الأدلة تحليلاً علمياً يبين دلائل النص وتفسيراته ومفهوماته، ثم ينظر بعد ذلك في أخبار الآحاد فإن لم يجد نظر إلى القياس الشرعي واعتبر القواعد الأصولية عند استنباط الحكم.
23 -
من المناهج المعاصرة للنظر في النوازل منهج التضييق والتشديد ومن أبرز ملامحه:
التعصب للمذهب أو للآراء أو لأفراد العلماء، التمسك بظواهر النصوص فقط، الغلو في سد الذرائع والمبالغة في الأخذ بالاحتياط عند كل خلاف.
24 -
ومن المناهج المعاصرة أيضاً: منهج المبالغة في التساهل والتيسير، ومن أبرز ملامحه:
الإفراط في العمل بالمصلحة ولو عارضت النصوص، تتبع الرخص والتلفيق بين المذاهب، التحايل الفقهي على أوامر الشرع.
25 -
أن المنهج الوسطي المعتدل هو أولى المناهج بالنظر في أحكام النوازل المعاصرة، ومن الضوابط التي ينبغي للناظر أن يراعيها في نظره واجتهاده لتحقيق الاعتدال والتوسط والوصول إلى الحق نوعان من الضوابط:
أ - ضوابط يحتاجها قبل الحكم في النازلة وهي:
1) - التأكد من وقوعها.
2) - أن تكون من المسائل التي يسوغ فيها النظر.
3) - فهم النازلة فهماً دقيقاً.
4) - التثبت والتحري واستشارة أهل الاختصاص.
5) - الالتجاء إلى الله عز وجل وسؤاله الإعانة والتوفيق.
ب - ضوابط يحتاجها أثناء الحكم على النازلة وهي:
1) - الاجتهاد في البحث عن الحكم الشرعي، مع مراعاة ذكر دليل الحكم، وتبيين البديل المباح عند المنع من المحظور، والتمهيد للحكم المستغرب لتأليف الناس به.
2) - مراعاة مقاصد الشريعة، من خلال: تحقيق المصلحة الشرعية عند النظر، واعتبار قاعدة رفع الحرج، والنظر في المآلات.
3) - فقه الواقع المحيط بالنازلة.
4) - مراعاة العوائد والأعراف.
5) - الوضوح والبيان في الإفتاء.
26 -
أن التكييف الفقهي للنوازل المعاصرة مرحلة من النظر لا يستغني عنها المجتهد من أجل فهم النازلة الفهم السليم للوصول إلى حكمها الصحيح.
والتعريف المختار للتكييف الفقهي هو: " التصور الكامل للواقعة وتحرير الأصل الذي تنتمي إليه " وقد يرادف مصطلح التكييف: التصوّر أو التصوير، أو التوصيف للنازلة.
27 -
من الضوابط التي ينبغي مراعاتها عند القيام بالتكييف الفقهي:
أ - أن يكون التكييف الفقهي مبنياً على نظر معتبر لأصول التشريع.
ب - بذل الوسع في تصور الواقعة التصور الصحيح الكامل.
ج- تحصيل المجتهد الملكة الفقهية في استحضار المسائل وإلحاقها بالأصول.
28 -
أن أول طريق يبدأ به المجتهد المتأهل بعد تكييف النازلة وفهمها البدء بعرض النازلة على النصوص الشرعية المتمثلة بنصوص الكتاب والسنة، وهو أول طريق للتعرف على حكم النوازل وأهمها، وذلك بنص الكتاب والسنة وفعل الصحابة في اجتهاداتهم.
29 -
إن وجه الردّ إلى الكتاب والسنة في معرفة أحكام النوازل قد يتأتى بالمنصوص من الآيات والسنن أو من خلال دلالات النصوص وأماراتها على الأحكام.
30 -
إن الإجماع هو الدليل الذي يلي النص في القوة والاحتجاج إلا أن يكون إجماعاً قطعياً لا يقبل النسخ أو التأويل فإنه أولى بالاعتبار، ووجه الردّ إليه في التعرف على أحكام النوازل: أنه ردّ في الحقيقة إلى نصوص الكتاب والسنة لأنها مُستندَهُ الذي يقوم عليه، أن في معرفة الإجماع معرفةٌ لنوع المسألة النازلة هل هي من المجمع عليها أو المختلف فيها حتى يتسنى بحثها والاجتهاد فيها.
31 -
الدليل الرابع من الأدلة المتفق عليها هو القياس الذي به يُتعرف على أحكام كثير من النوازل التي لا نص فيها، فهو الأصل المسترسل على جميع تلك الحوادث والوقائع والمستوفي لأحكام ما جَدّ ويستجدّ من أمور.
32 -
قد يقع التعرف على حكم النازلة بالردّ إلى الأدلة المختلف فيها كقول الصحابي، والاستحسان، والاستصحاب الذي لا يصار إليه إلا عند عدم وجود الدليل الخاص في حكم المسألة.
33 -
من الضوابط العامة التي ينبغي للمجتهد مراعاتها عند الردّ إلى الأدلة الشرعية:
أ - اعتبار دلالات الألفاظ في فهم النصوص.
ب - عدم إخراج النصوص عن ظواهرها لأغراض فاسدة وتأويلات بعيدة لا تحتملها اللغة.
ج- اعتبار العوارض المؤثرة في الحكم سواء كانت في ذات الدليل، أو مؤثرة في تنزيل الدليل على الواقعة.
د- معرفة طرق الجمع والترجيح عند تعارض النصوص والدلالات.
هـ- الاعتناء بمكانة العقل في فهم النصوص.
34 -
من طرق التعرف على حكم النازلة الردّ إلى القواعد والضوابط الفقهية. والمراد بالقاعدة الفقهية في الاصطلاح: " أنها حكم كلي فقهي ينطبق على فروع كثيرة من أكثر من باب ".
أما الضابط الفقهي فيراد به في الاصطلاح:" أنه حكم كلي فقهي ينطبق على فروع كثيرة من باب واحد".
35 -
أن القواعد والضوابط الفقهية لها أهمية كبرى في معرفة أحكام النوازل؛ إذ في ضبطها غنية عن حفظ كثير من الفروع والجزئيات الفقهية، أن معرفة القواعد يزيل التناقض بين الفروع الذي قد يطرأ إلى فهم من يشتغل في دراسة الفروع الفقهية فقط، كذلك تعين دراسة القواعد على فهم مقاصد الشرع وكلياته، كذلك يؤدي فهم القواعد الفقهية إلى إكساب المجتهد الملكة الفقهية التي تعينه على الاستدلال والترجيح والتخريج.
36 -
من طرق التعرف على أحكام النوازل، طريق التخريج الفقهي، والمقصود به:" استنباط الأحكام الشرعية العملية وما يوصل إليها من خلال آراء أئمة المذهب وقواعدهم " وهذا التعريف يشمل أنواع التخريج الثلاثة: تخريج الأصول من الفروع، وتخريج الفروع على الأصول، وتخريج الفروع على الفروع.
37 -
إن أكثر أنواع التخريج الفقهي عملاً عند المجتهدين في أحكام النوازل المعاصرة هو: تخريج الفروع من الفروع وهناك بعض الضوابط التي ينبغي للناظر مراعاتها عند هذا النوع من التخريج وهي:
أ - ألا يخرِّج الحكم على أقوال الأئمة مع وجود النص الشرعي من القرآن والسنة.
ب - أن يكون للمخرِّج دراية كاملة بقواعد المذهب وفروعه.
ج- أن يكون المخرِّج عالماً بأصول الفقه على وجه العموم وبالقياس على وجه الخصوص.
د- أن يكون للمخرِّج ملكة الاقتدار على معرفة المآخذ وربط الفروع بأصول المذهب.
هـ- أن يكون ذا دراية بالعوارض الطارئة على الحكم والفوارق الفقهية بين الفروع.
وأن يكون التخريج على آراء أئمة المذهب من مصادره المعتبرة عند العلماء.
38 -
إن أهم طرق تخريج الفروع على الفروع لمعرفة أحكام النوازل:
طريق القياس، وهو ثلاثة أنواع:
1) - ما قطع بنفي الفارق.
2) - ما نص على علته.
3) - وما عرفت علته عن طريق الاستنباط.
والراجح من أقوال العلماء جواز النوعين الأوليّن دون الثالث.
39 -
من طرق التعرف على أحكام النوازل الردّ إلى المقاصد الشرعية. والمراد بالمقاصد الشرعية على المختار من تعريفات العلماء: " المعاني والحِكَم التي رعاها الشارع عموماً وخصوصاً من أجل تحقيق مصالح العباد في الدارين ".
40 -
تنقسم المقاصد الشرعية باعتبار حفظها ومدى الحاجة إليها إلى:
ضرورية وحاجية وتحسينية، وباعتبار مرتبتها في القصد إلى أصلية وتابعة، وباعتبار شمولها لأحكام الشريعة إلى: عامة وخاصة وجزئية.
41 – وللمقاصد الشرعية دور كبير في التعرف على أحكام النوازل، فمعرفتها شرط في بلوغ المجتهد مرتبة النظر في الأحكام، كما صرّح بذلك أكثر من إمام في الأصول، كذلك مراعاتها شرط في جميع أنواع الاجتهاد.
42 -
أن الردّ إلى المقاصد الشرعية في التعرف على الأحكام ردّ إلى المصلحة المرسلة القائمة على المحافظة على مقصود الشرع من إيجاد مصالح الخلق ودرء المفاسد عنهم بشرط أن تكون هذه المصلحة: ضرورية أو حاجية، وكلية، وقطعية أو ظنية ظناً غالباً.
43 -
أن المتتبع لكثير من النوازل المعاصرة سواء كانت في العبادات أو المعاملات أو الأحوال الشخصية أو الطبية يجد أن طريق اجتهاد العلماء فيها لا يخرج عما ذكرناه من طرق ٍ للتعرف على أحكام النوازل وذلك بأن يكون حكمها راجعاً إلى نصٍ شرعي أو قاعدةٍ أصولية أو فقهية أو عن طريق التخريج الفقهي أو بردها إلى مقاصد الشريعة العامة.