الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق
المؤلف/ المشرف:
عبدالرزاق رحيم الهيتي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار أسامة - عمان ̈الأولى
سنة الطبع:
1998م
تصنيف رئيس:
اقتصاد
تصنيف فرعي:
بنوك إسلامية ومعاملات مصرفية منظمة
الخاتمة
في نهاية البحث: أحمد الله الذي وفقني وأمدني بالعون والقوة والتيسير، حتى ظهر البحث بهذه الصورة، فله الحمد على ما امتن به عليّ في ذلك كله حتى وصلت إلى الغاية التي سعيت لها، وحاولت تحقيقها، من وراء هذا البحث، وقد انتهيت فيه إلى النتائج الآتية، والتي سأعقبها بذكر بعض التوصيات:
أولا: النتائج
1 -
توصلت في هذا البحث إلى: أن الأعمال المصرفية، ما هي إلا وسائل يقصد من ورائها سد الحاجات، والوفاء بمتطلبات الجانب الاقتصادي في هذه الحياة، وأن بعض هذه الأعمال كان معروفا قبل نشأة المصارف الحديثة، وأن الحضارة الإسلامية – ومنذ عصورها الأولى – قد عرفت بعض هذه الأعمال.
2 -
وانتهيت من الباب الأول: إلى أن الربا بجميع أنواعه، سواء كان ربا ديون، أو ربا بيوع، وسواء كان لقرض استهلاكي أو إنتاجي، وسوءا كان بين الأفراد بعضهم مع بعض، أو بينهم وبين الدولة، أو بين الدول بعضها مع بعض، وسواء كان مضاعفا أو غير مضاعف، فذلك كله حرام قطعا لا فرق بين قليله وكثيره في الحرمة وليس من مصلحة الناس محاولة الدعوة إلى إباحته، وأيدت ذلك بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وآراء الفقهاء والمفسرين، كما بينت علة التحريم.
3 -
أن المصارف الإسلامية أصبحت حقيقة واقعة في عالم المال والاقتصاد، ولم تعد مجرد أمنية أو حلما يداعب خيال المفكرين والباحثين في مجال الاقتصاد الإسلامي. وقد تمثل رسوخ هذه التجربة ابتداء في الانتشار السريع في مختلف أرجاء المعمورة، حيث أصبح عددها حتى بداية هذا العام 1993م يفوق على تسعين مصرفا ومؤسسة مالية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية كما تمثل رسوخ هذه التجربة من ناحية أخرى في تطور حجم الأعمال والأنشطة المصرفية الاستثمارية التي تمارسها، وتحقيق معدلات مناسبة من الأرباح للمستثمرين والمساهمين على حد سواء.
4 -
من العوامل الأساسية والهامة التي ساعدت على إنشاء وانتشار هذه المصارف والمؤسسات المالية على نحو ملفت للأنظار، تمسك شريحة كبيرة جدا من أبناء هذه الأمة بأحكام دينها ورفضها التعامل بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى الربا أو إلى شبهته في المعاملات المصرفية المعاصرة، الأمر الذي جعل هذا الجمهور من أبناء الأمة يندفع نحو هذه التجربة الإسلامية الفتية، ويلتف حولها، ويتفاعل معها.
5 -
إن المصارف الإسلامية على نوعين:
أ -مصارف إسلامية تعمل في بلدان تنص قوانينها على حرمة التعامل بالربا كالسودان وباكستان، والأمل قائم ومعقود في أن يعم ذلك جميع البلدان الإسلامية.
ب -مصارف إسلامية تعمل في بلدان لا تلتزم أنظمتها المالية بعدم التعامل بالربا، وهذا هو حال معظم المصارف الإسلامية المعاصرة. فمعظم المصارف الإسلامية القائمة إذن هي تجربة إسلامية في بيئة لا يتحاشى نظامها المالي التعامل بالربا، مما تسبب في تعدد أشكال هذه المصارف وتنوعه، وذلك نظرا لحداثة هذه التجربة، وعدم وجود نموذج فكري متكامل معد ومنظر على نحو يغنيها عن التأثر بالأشكال المصرفية القائمة، كما تسبب غرابة البيئة التي تعمل فيها هذه المصارف، في تأثرها في طبيعة النشاط الاقتصادي السائد في البلد الذي تقوم فيه.
6 -
للمصارف الإسلامية أهداف سامية ونبيلة تسعى لتحقيقها، ويمكن إجمال هذه الأهداف بما يأتي:
أ – الابتعاد عن كل أشكال التعامل الربوي، أو ما يؤدي إليه، والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في مجال المعاملات المصرفية، ويعتبر هذا الهدف من الأهداف الأساسية التي قامت من أجلها هذه المصارف والمؤسسات، ويمكن القول: بأن تحقيق هذا الهدف، يعتبر من أهم منجزات المصارف الإسلامية، فقد استطاعت، بفضل الله تعالى أن تقوم بالكثير من الأنشطة والأعمال المصرفية بأسلوب شرعي بعيد عن كل أشكال الربا.
ب – المساهمة في الخطط التنموية للمجتمعات الإسلامية: عنيت المصارف الإسلامية بالقيام بهذا الدور باعتباره أمرا أساسيا يجب عليها الاهتمام به، وعدم إغفاله، ذلك لأنها تعتبر نفسها جزءا من المجتمعات التي تعيش فيها، وأن الواجب يدعوها إلى المساهمة في تنميتها ودفع عجلة التقدم فيها، لذلك كله، قامت هذه المصارف بالمساهمة في الاستثمار التجاري، والزراعي، والصناعي، حسب ما تقتضيه مصلحة المصرف والمجتمع الذي يقوم فيه، ووفقا لمقدار الربح الذي تحققه لها تلك المشاريع.
جـ - المساهمة في توفير الخدمات الاجتماعية باعتبار أن دور هذه المصارف لا ينحصر في الجانب المادي فقط، بل هي معنية بتحقيق جوانب اجتماعية، حيث أنها قمت بتقديم خدمات عديدة لم تكن معروفة في القطاع المصرفي، ومن أبرزها: المساهمة في جمع الزكاة والصدقات، وتوزيعها على مستحقيها من أفراد وجماعات، كما تقوم أيضا بتقديم القروض الحسنة (وبدون فوائد) للمحتاجين وإضافة لذلك قامت هذه المصارف – وفي المجال الثقافي – بنشر الفكر الإسلامي في مجال فقه المعاملات، ونشر الفتاوى الشرعية المتعلقة بالأعمال والأنشطة الخاصة بها، وعقد الندوات والمؤتمرات لبحث ما تقوم به هذه المصارف من أنشطة وأعمال وأساليب عمل، وبيان الحكم الشرعي في ذلك.
7 -
وتوصلت كذلك إلى أن هذه المصارف تسعى إلى عرض العمليات المصرفية التي تقوم بها على الأصول والقواعد الشرعية، ومن ثم ترفض منها ما يؤدي الاجتهاد إلى أنها مخالفة لتلك الأصول والقواعد وتقر ما كان متفقا مع تلك الأصول والقواعد، وحسب الاجتهاد أيضا.
وعلى هذا الأساس، فإنه يمكننا القول: بأن ما تقوم به هذه المصارف من أنشطة وأعمال، سواء ما كان متعلقا منها بالخدمات المصرفية، أو الاجتماعية، أو التسهيلات المصرفية، أو متعلقا بالجانب الاستثماري، كالمضاربة، والمشاركة، والمرابحة، والسلم، وما شابه ذلك من العقود، كلها معروضة سلفا على أحكام الشريعة، وما نجد من خلاف بينها أحيانا مرده إلى أن بعض القضايا تعد من الأمور الاجتهادية التي تختلف فيها آراء الباحثين، وقد يترجح لدى المستشارين الشرعيين لمصرف ما حكم ما، ويترجح لدى مستشارين آخرين لمصرف آخر حكم آخر يعارضه، ومن هنا يأتي الاختلاف.
8 -
كما توصلت من خلال دراستي الميدانية لثلاثة نماذج من هذه المصارف، فوجدتها تعاني من بعض المشاكل والصعوبات التي تسهم في الحد من نشاطها في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، ومن أبرز هذه المشاكل:
أ – عدم كفاية مستوى الرقابة الشرعية، وذلك لاقتصار أعضاء هيئة الرقابة في هذه المصارف على الفقهاء الشرعيين فقط، وعدم إشراك متخصصين في مجال الأعمال المصرفية، في عضوية هذه الهيئة، مما يؤدي إلى عدم الدقة في بعض الأحكام الشرعية الصادرة بحق بعض العمليات المصرفية، نتيجة لأن الهيئة الشرعية ليس لديها الاطلاع الكافي على حقيقة هذه العمليات وطبيعتها.
ب – عدم توفر عاملين مؤهلين ومدربين تدريبا مصرفيا، يؤهلهم للعمل في المصارف الإسلامية لنقص معرفتهم بالأحكام الشرعية التي تحكم الأعمال التي يقومون بها.
جـ - عدم وجود سوق مالي إسلامي يمكن هذه المصارف من استثمار فائض أموالها فيه بمشاريع تحقق لها الأرباح، وتضمن عدم استمرارية استثماراتها لفترات طويلة الأجل.
د – هناك مشاكل تعاني منها هذه المصارف مصدرها طبيعة الأنظمة المصرفية في البلدان التي تعمل فيها هذه المصارف كعدم اعتراف الجهات المختصة بغير صورة الشركات للمصارف الإسلامية، وفرض ضرائب على الحسابات الاستثمارية في هذه المصارف، بينما تعفى الفوائد المدفوعة من قبل المصارف الربوية من مثل هذه الضرائب. إضافة إلى ذلك هناك مشكلة أساسية تعاني منها هذه المصارف تتعلق بالجانب الاستثماري فيها وهو محدودية الفرص الاستثمارية والانتاجية وشحتها في البلدان الإسلامية، مما يدفعها إلى القيام باستثمار معظم أموالها في سوق السلع الدولي، خارج البلدان الإسلامية.
هـ - وبالإضافة لكل ما سبق فإن من أهم ما تعاني منه هذه المصارف في الميدان العملي هو: عدم وضوح العلاقة القائمة بينها وبين المصارف المركزية في البلدان القائمة فيها، مما يسبب لها مشاكل وصعوبات وهي تمارس بعض أنشطتها وخصوصا الاستثمارية منها، كالمرابحة، والمضاربة، وما شابه ذلك.
ثانيا: التوصيات
أولا: إن فكرة المصارف الإسلامية لا تزال غامضة لدى معظم الناس في البلدان الإسلامية، وبعض الناس ما زال الشك يساوره في مشروعية أعمال هذه المصارف، ومن أجل إزالة هذا الغموض الذي يكتنفها، اقترح ما يأتي:
1 -
تكثيف النشرات التي يتعرف الناس من خلالها على طبيعة عمل هذه المصارف، وأهدافها، والوسائل التي تتبعها، وبيان الأعمال المصرفية والاستثمارية التي تمارسها، والأسس الشرعية التي تستند عليها في كل خطوة من هذه الخطوات.
2 -
تشجيع الباحثين في المجالات المختلفة التي لها علاقة بالاقتصاد الإسلامي، وتقديم جميع التسهيلات لهم، لكي يكون العطاء وافرا، والإنتاج كثيرا.
3 -
التعاون مع بعض الجامعات الإسلامية، لتفريغ بعض الباحثين المخلصين للكتابة في القضايا المختلفة التي تتعلق بهذه المصارف.
4 -
تكثيف الندوات والمحاضرات لشرح فكرة هذه المصارف، وليتمكن من خلالها العاملون في هذه المصارف من اللقاء بجماهير الناس والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم وجها لوجه.
5 -
محاولة نشر الميزانيات والتقارير السنوية لهذه المصارف، بالصحف والمجلات الواسعة الانتشار في مختلف البلاد الإسلامية، ليتسنى لعامة الناس في هذه البلاد الاطلاع على نتائج أعمال هذه المصارف، والحكم عليها من خلال هذه النتائج، مما يساعد على إقبال الناس، نحوها وتشجيعها لمواصلة رسالتها.
ثانيا: من أجل ضمان قيام هذه المصارف بأداء المهام الملقاة على عاتقها على أحسن وجه، لابد لها من حسن اختيار العاملين فيها، بحيث تتوفر فيهم الكفاءة والخبرة بالأعمال المصرفية والاستثمارية الحديثة، والفهم الصحيح لطبيعة هذه الأعمال من الناحية الشرعية، وهذا – بدون شك – يستوجب منهم معرفة مناسبة بالشريعة الإسلامية، لاسيما فقه المعاملات.
ونظرا لصعوبة توفر كلا الجانبين في آن واحد، أقترح أن تقوم هذه المصارف بفتح دورات مكثفة للعاملين فيها، ويتم فيها التركيز على الأحكام الفقهية التي تخص أعمالهم، إضافة إلى الجوانب المصرفية.
ثالثا: إن التعاون الوثيق المبني على الإدراك الواعي بين هذه المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية هو الضمان الأساسي لنجاحها، فبدون هذا التعاون سيبقى أثر هذه التجربة محدودا وغير واضح، لاسيما ونحن نعيش في مرحلة تستدعي منا جميعا وحدة الموقف والعمل ويمكن لهذه المصارف إبراز هذا التعاون من خلال القنوات الآتية:
1 -
إنشاء مصرف إسلامي عالمي، يتولى مهمة جمع فوائض الأموال في هذه المصارف واستثمارها في مشاريع مشتركة ومجدية، يعود نفعها إلى هذه المصارف من خلال ما تحققه من ربح، وإلى المجتمعات الإسلامية عموما وذلك بدلا من أن تستخدم أموال بعض هذه المصارف في الأسواق المالية العالمية، كما يمكن لهذا المصرف أيضا: توثيق التعاون بين جميع المصارف الإسلامية من خلال قيامه بتأسيس شركات استثمارية كبرى تسهم جميعها فيها وإضافة لما سبق فإنه يمكن لهذا المصرف تنسيق الجهود وتكثيفها في مجال البحوث والدراسات الإسلامية المتعلقة بالجوانب العملية والفقهية من أعمال هذه المصارف، بدلا من قيام كل مصرف منها بذلك كله على حدة، مما يؤدي إلى تكرار الجهد وضياع الفائدة.
2 -
إنشاء سوق مالي إسلامي مشترك، يمكن لهذه المصارف من خلاله تداول الأوراق المالية الإسلامية في حال إصدارها، لكي تكون لهذه المصارف شخصيتها المستقلة، وتبتعد قدر الإمكان عن التعامل مع المصارف والمؤسسات المالية التقليدية.
رابعا: توضيح حدود وأطر العلاقة بين المصارف الإسلامية والمصارف المركزية.
ذلك لأن العلاقة الواضحة بين هذه المصارف والمصارف المركزية يساعد الأولى منهما على القيام بأعمالها على أفضل وجه، ويمكنها من ممارسة أنشطتها بحرية وبدون معوقات ويمكن تحديد هذه العلاقة على النحو الآتي:
1 -
قيام المصارف المركزية – بعد دراستها لخصوصيات ومميزات المصارف الإسلامية والطرق الاستثمارية الخاصة بها – بمنح هذه المصارف صلاحيات أوسع تمكنها من استخدام العمليات الاستثمارية الخاصة بها، كالمضاربة والمرابحة، والمشاركة، الخ، وذلك نظرا لما تحتاج إليه هذه المصارف – في تنفيذها لهذه الأنشطة الاستثمارية – من الأشكال والصيغ التوفيقية المستمدة من الشريعة الإسلامية.
2 -
قيام المصارف المركزية بتقديم الأموال إلى بعض المصارف الإسلامية التي تعاني من نقص في السيولة، على أساس أنها أموال مستثمرة لدى هذه المصارف، وفقا لمبدأ الخسارة والربح الذي تعتمده المصارف الإسلامية في أنشطتها.
3 -
رفع الحد الأدنى لرأس مال هذه المصارف على نحو يفوق الحدود المقررة للمصارف التجارية، نظرا للمخاطر التي تتعرض لها أموال العملاء لدى المصارف الإسلامية والذي يعتبر رأس المال فيها هو العامل الرئيسي في تقليل تلك المخاطر.
خامسا: تنص جميع أنظمة المصارف الإسلامية على ضرورة وجود رقابة شرعية تتولى مهمة متابعة ومراقبة سير المعاملات في هذه المصارف وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وحيث أن بعض هذه المصارف تقتصر في تحقيق ما سبق على مستشار شرعي واحد، لذا فإني أرى أن الأولى هو أن يكون لكل مصرف من هذه المصارف هيئة رقابة شرعية بدلا من الاقتصار على مستشار شرعي واحد، وذلك تحاشيا من الوقوع في الخطأ ذلك لأن الفرد يكون أكثر عرضة للوقوع في الخطأ من الجماعة. وحبذا لو ضمت هذه الهيئة في عضويتها إضافة إلى فقهاء الشريعة أحد رجال القانون، وأحد المتخصصين في الأعمال المصرفية، لكي تكون الصورة واضحة أمام هؤلاء الفقهاء وهم يصدرون الحكم الشرعي في تلك الأنشطة والأعمال، من الناحيتين الاقتصادية والقانونية على حد سواء.
سادسا: أما ما يتعلق بتوزيع الأرباح لدى هذه المصارف، فأرى أن من الأولى أن يكون وفق ما يأتي:
1 -
ضرورة النص على حصة كل من المصرف وأصحاب الحسابات الاستثمارية من الأرباح في بداية كل سنة مالية، تمشيا مع عقد المضاربة الذي يجب أن يتضمن النص على معلومية نسبة الربح لكل من العامل ورب المال قبل البدء بتنفيذ العقد.
2 -
عدم اقتطاع أي جزء من مخصص مخاطر الاستثمار إلا بعد تقسيم الأرباح، وبيان حصة كل من المستثمرين والمساهمين، ومن ثم اقتطاعها من حصص المساهمين فقط، باعتبارها حقا خالصا لهم.
3 -
عدم تحميل الحسابات الاستثمارية أية مصاريف إدارية أو أية مصاريف أخرى، والاكتفاء بالنسبة المخصصة للمصرف من الربح في تلك الأنشطة الاستثمارية.
سابعا: وهناك أمران هامان أود التنبيه عليهما:
1 -
أما الأمر الأول: فهو أن لهذه المصارف أعداء حريصين على تشويه سمعتها والإساءة لها، وقد يلجأ هؤلاء الأعداء إلى تحقيق أهدافهم الخبيثة عن طريق الزج لعملائهم للعمل لدى هذه المصارف، ومن ثم الإساءة إليها من خلال عملهم فيها.
لذا: فإن الواجب يحتم الحذر من مثل هؤلاء المندسين، وضرورة مراقبتهم حتى لا تتاح لهم الفرصة في تحقيق ما يصبون إليه.
2 -
أما الأمر الثاني: فهو ضرورة تشدد هذه المصارف في الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في كل أعمالها ونشاطاتها وسلوكها.
ونظراً لأن طبيعة العمل تقتضي استخدام كلا الجنسين، فإني أرى من الضروري أن تنص أنظمة هذه المصارف على قواعد في السلوك تضمن عدم خروج العاملين عن حدود الشرع، ومن ذلك التزام العاملات لديها بالحجاب الإسلامي، لكي تكون هذه المصارف نموذجا للمؤسسات الإسلامية الملتزمة بأحكام الشرع في أنشطتها وسلوك عامليها.
أخيرا: فإن هذا الجهد الذي أرجو الله أن يسجله في صحيفة عملي هو جزء بسيط مما يجب عليّ أن أقدمه خدمة لديني وأمتي، وإني شديد الطمع في رحمة الله التي وسعت كل شيء، أن يكون هذا العمل من الأعمال المقبولة التي لا ينقطع الثواب عنها.
وإن مما أسعدني وملأ نفسي سعادة وغبطة أن تأتي دراستي هذه مواكبة لدخول هذه التجربة الإسلامية إلى بلدنا في مستهل هذا العام 1993م.
وكلي أمل في أن تجد المؤسسات المصرفية الإسلامية في هذه الدراسة شيئا تنتفع به في إثراء تجربتها، أو تصحيح ما يحتاج إلى تصحيح في مسيرتها.
كما أرجو أن تكون وسيلة من وسائل الكشف والإيضاح لحقيقة ما تقوم به هذه المصارف من أنشطة وأعمال، كي تكون صورتها وضاءة واضحة أمام الجميع لا لبس فيها ولا غموض.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.