الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سد الذرائع في الشريعة الإسلامية
المؤلف/ المشرف:
محمد هاشم البرهاني
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1406هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
سد الذرائع
خاتمة الرسالة
وفي هذا الموقف، وبعد أن أتيت على نهاية الموضوع، أحب ألا يغادر القارئ الكريم البحث، حتى يقف على خاتمةٍ، يجد فيها عرضاً سريعاً لأهم ما تضمنه، تمكيناً له من جمع أطرافه، والوقوف عليه وقفة إجمالية، وإشارة إلى أهم ما هدى إليه البحث، من نتائج، وتحقيقات، وعرضاً لبعض المقترحات المستفادة على ضوء تجربة البحث.
وقد مهدت للبحث بالكلام عن الاجتهاد بالرأي، فعرّفته، وأوردت ما ذكره العلماء من مظاهره، بما فيها سدّ الذرائع، ثم رجعت كلّ هذه المظاهر إلى مصدرين أساسيين، هما: القياس، والاستصلاح، وبيّنت كيف يرجع في واقع الأمر كلُّ ما عداها إليهما، أو إلى المصادر الثلاثة الأولى، وأعني بها الكتاب، والسنة، والإجماع.
وتكلمت في القسم الأول، وضمن الباب الأول منه، عن الذريعة في اللغة، وعند الفلاسفة، وفي الاصطلاح الشرعي.
وقررت في الفصل الأول منه:
(1)
ـ أن الذريعة في جميع هذه المعاني، تقوم على ثلاثة عناصر، أمر ينطلق منه التذرع، وحركةً تتطلع الذريعة بها إلى الأمام، وهدف يقصد من التحرك، وقد عبرت عنها في المعنى الاصطلاحي بالوسيلة، والمتوسل إليه، والإفضاء.
(2)
ـ وأن كلاً من الوسيلة، والمتوسل إليه، في حدود المعنى اللغوي للذريعة، يمكن أن يكون فعلاً، أو شيئاً، أو حالة قائمة في شيء، كوصف، أو علاقة، وهما كذلك في اصطلاح الفلاسفة، وفي الاصطلاح الشرعي العام، الذي فرّقت بينه، وبين الاصطلاح الشرعي الخاص، بأن هذا يتميز بكون الوسيلة، والمتوسل إليه فيه، فعلاً مقدوراً للمكلف.
(3)
ـ وأنه لا بدّ في المعنى اللغوي، والفلسفي، من وجود القصد في الإفضاء، بخلاف الاصطلاح الشرعي بنوعيه، الذي يتجه فيه إلى النتائج، ويراعى فيه المآل، بصرف النظر عن نية العامل.
(4)
ـ وأن أهم ما يتميز به المعنى اللغوي للذريعة، كونها غير مرتبطة بحال المقصود، المتوسل إليه، من حسن أو قبح، بخلاف المعنى الفلسفي الذي يشترط كونها نافعة في نظر العقل، وبخلاف الاصطلاح الشرعي الذي يشترط كونها صالحة في نظر الشرع.
(5)
ـ وأن أهم ما يميز المتوسل إليه، في المعنى اللغوي، أنه مطلق من قيد الحسن، أو القبح، وكذلك في الاصطلاح الشرعي العام، أما في الاصطلاح الشرعي الخاص فلا بد من كونه مفسدة في نظر الشرع.
(6)
ـ وأنه يتصور وجود سدّ الذرائع، وفتحها في اللغة، وفي الاصطلاحين: الشرعي، والفلسفي.
(7)
ـ وأن سدّ الذرائع في اللغة، يعني ترك مباشرة الذريعة، أو الحيلولة بين الذريعة، والمقصود، بحائل مادي، أو معنوي، ومعناه في الاصطلاح الفلسفي هدم، وإعاقة، وإضرار بالحياة.
ثم عقدت مقارنات بين الذريعة، والمقدمة، وبين الحيل، وسدّ الذرائع، وبين سدّ الذرائع، وتحريم الوسائل.
ثم تكلمت في الفصل الثاني عن أركان الذريعة الثلاثة: الوسيلة، والمتوسل إليه، والإفضاء، وبيّنت كيف يثبت كون الركن الأول ذريعة، بالاستنباط من تقسيم الذرائع، إلى ما هو مجمع على سدّه، وما هو مجمع على إهماله، وما هو مختلف فيه، واستخرجت بعد ذلك قاعدة المنع في الذرائع، ثم بيّنت حدّ الإفضاء ومعناه، وضرورة كون المتوسل إليه فعلاً محرماً، وأنه الأساس في تقدير قوة الإفضاء.
ثم تكلمت في الفصل الثالث عن سدّ الذرائع في استعمال الفقهاء، والأصوليين، وبيّنت أنه قد يَردُ بمعنى الأصل، وقد يردُ بمعنى الدليل، وقد يردُ بمعنى القاعدة، لكنه أقرب ما يكون إلى القاعدة الأصولية، وذلك بعد عرضه على المعاني الاصطلاحية لكل من الأصل، والدليل، والقاعدة، وعلى مزايا كلٍّ من القواعد الأصولية، والقواعد الفقهية.
وفي الباب الثاني عرضت أقسام الذرائع، بحسب موقف العلماء منها، سدًّا وفتحاً، وبحسب أصل الوضع الشرعي للذريعة، وبحسب ما يلزم عنها من أضرار، تلحق العامل بها، أو غيره، وبحسب وجود القصد، وعدم وجوده، وبحسب قوة إفضائها إلى المفسدة، وبحسب مكانها بين المصالح، والمفاسد، وأوردت ملاحظات على كل تقسيمٍ منها، ثم اقترحت تقسيماً لمعنى الذريعة العام، وتقسيماً لمعناها الخاص.
ثم تكلمت عن أحكام الذرائع، بالمعنى العام، فبيّنت حكم الوسيلة الجائزة، المؤدية إلى الجائز، وحكم الوسيلة الممنوعة، المؤدية إلى الممنوع، وحكم الوسيلة الممنوعة، المؤدية إلى الجائز، وفصّلت حكم الوسيلة الجائزة، المؤدية إلى الممنوع، بالنظر إلى إباحة الوسيلة أو وجوبها، وكراهة المتوسل إليه، أو حرمته، وبالنظر إلى عموم، وخصوص المفسدة، المتوسل إليها، وإلى قطعية وظنية الإفضاء.
ثم تكلمت عن أحكام الذرائع بالمعنى الخاص، فبيّنت حكم الوسيلة المباحة، المؤدية إلى فعل محرم قطعاً، أو غالباً، أو كثيراً، أو نادراً، وحكم الوسيلة المندوبة، المؤدية قطعاً، أو غالباً أو كثيراً، أو نادراً إلى فعل محرم، وحكم الوسيلة الواجبة، المؤدية قطعاً، أو غالباً، أو كثيراً أو نادراً إلى فعل محرم.
وفي أثر المخالفة لحكم الذرائع، قدّمت بأن التذرع قد يكون بالفعل، وقد يكون بالترك، وفي حالة فتح الذرائع، تكلمتُ عن أثرها عندما يدخل التذرع في حدود المباحات، وعن أثرها عندما يدخل في حدود المطلوبات المندوبة وعن أثرها عندما يدخل في حدود المطلوبات الواجبة.
وفي حالة سدّ الذرائع، قدمت الكلام عن أثر المخالفة في الذرائع النصية، من جهة الصحة والفساد، ومن جهة الحرمة، والكراهة، ومن جهة العقوبة وعدمها، ثم عقبت بذكر أثر المخالفة في الذرائع الاجتهادية من الجهات الثلاث كذلك: الصحة والفساد، والحرمة والكراهة، والعقوبة وعدمها.
وأما القسم الثاني من الرسالة، فقد تكلمت فيه عن الاحتجاج بسدّ الذرائع، فمهدت بأن سدّ الذرائع دليل صحيح، مؤيد بالعقل، ثم بيّنت في ثلاثة أبواب، أنه معتبر في الشرع، بعموم يفيد القطع، واستدللت على ذلك في الباب الأول باستقراء الوقائع، والشواهد، بالنقل من الكتاب، والسنة، وفي الباب الثاني باستقراء الوقائع من اجتهاد الصحابة، والتابعين، ومن فقه المذاهب الأربعة، وناقشت في الباب الثالث موقف المخالفين من الشافعية، والظاهرية، وبيّنت بالأدلة فساده، ثم ختمت القسم، بذكر بعض الشواهد والتطبيقات في حياتنا المعاصرة.
أهم ما هدى إليه البحث:
أولاًـ تحقيق معنى الذريعة في اللغة، وأنها تقوم على عناصر ثلاثة.
ثانياًـ إظهار التفرقة لأول مرة بين المعنى العام، والمعنى الخاص للذرائع.
ثالثاًـ تحليل الذريعة في معناها الاصطلاحي، إلى أركان ثلاثة، هي:
الوسيلة، والمتوسل إليه، والإفضاء، والكلام بالتفصيل عن كل واحد من هذه الأركان، وعلاقته بالآخر.
رابعاًـ استنباط قاعدة المنع في الذرائع.
خامساًـ الإشارة إلى أن المتوسل إليه في الذريعة، بالاصطلاح الشرعي، هو الأساس في تقدير قوة الإفضاء.
سادساًـ بيان صحة إطلاق مصطلحات الأصل، والدليل، والقاعدة على سدّ الذرائع، وأنه أقرب ما بكون إلى القاعدة الأصولية.
سابعاًـ بيان أحكام الذرائع بالتفصيل، ما يمنع منها، وما لا يمنع.
ثامناًـ بيان أثر المخالفة لحكم الذرائع، في الذرائع النصية، والأخرى الاجتهادية، من جهات الصحة والفساد، والحرمة والكراهة، والعقوبة وعدمها.
تاسعاً ـ استقصاء لشواهد سدّ الذرائع في الكتاب الكريم.
عاشراً ـ استقصاء لشواهد سدّ الذرائع في السنة النبوية.
الحادي عشرـ استقصاء لشواهد سدّ الذرائع في فقه الصحابة والتابعين.
الثاني عشرـ بيان تفصيلي لإثبات أن سدّ الذرائع موجود في كل المذاهب من النظر والاجتهاد.
مقترحات على ضوء تجربة البحث:
1ـ الظاهرة الواضحة في علماء الشريعة الأقدمين: أنهم كانوا يُلمون بموضوعات المسائل، وأبواب الأحكام، جملة وتفصيلاً، ويعرفون بالخبرة مظانّ المسائل، ومواطن البحث، في المراجع التي كانوا يتداولونها، فلم يكن يعوزهم الدليل المرشد، إلا في ابتداء التحصيل، وفي مقدمة الشروع في طلب العلم، كما كان الواحد منهم، يُلم بموضوعات شتى، وفنون متعددة، ويتقنها إتقان المتخصص، ويبحث فيها بحث الخبير المدقق، بفضل ما آتاهم الله من بركة في الوقت، واستقامة على أحسن مناهج الخير، مع الخُلق، والدين، والإخلاص لرب العالمين، لكنّ الحال قد تغيرت في هذه الأيام، تغيراً كبيراً ـ وتعقّدت حياة الناس تعقداً ملموساً، فلم يعد هَمُّ الباحث ينصرف فيها إلى الإحاطة بكل ما يقرأ، بمقدار ما يهمه جمع الأفكار المتعلقة بموضوع واحد، فيقرأ ما يتصل به، ويدع ما عداه، وليست المراجع التي بين يديه، معدة له على هذا الأساس، وإنما ألّفَها أصحابها ليقرأها طالبها من أَلِفِهَا إلى يائها، ولذلك لم يهتموا بوضع فهارس تفصيلية، تساعد المطالع على تتبع الموضوعات في مظانها، بيسر وسهولة، ولهذا كان من الضروري أن تتجه جهود العاملين في حقل الشريعة إلى إحياء التراث القديم، الذي يفيض بالخير، ويُمدّ الباحثين بزاد غني من الثقافة والعلم، وذلك بأمرين:
الأول: إحياء المخطوطات القديمة، ونشرها نشراً حديثاً، يسهل سبيل الرجوع إليها، والتعرف على ما فيها، وأخص بالذكر منها: الحاوي للماوردي، والمحيط البرهاني في الفقه، وأصول الجصاص، والبحر المحيط للزركشي، في علم الأصول، لأنها موسوعات في الفقه والأصول، تغني عن كثير من الكتب المتداولة.
الثاني: إعادة طبع التراث من أمهات الكتب المتداولة، بتحقيق جديد، وفهرسة كاملة، لكل موضوعاتها الكلية والجزئية، وأخص بالذكر منها: بدائع الصنائع للكاساني، والمدونة، والأم للشافعي، والمغني لابن قدامة، فإنها من أمهات الكتب والمراجع.
2ـ وفي سبيل النهوض بهذا العبء أرى أن تتألف بين المشتغلين في عالم الفقه والتشريع، ومن الغيورين على تراث الشريعة، جمعيات علمية، تختص كلُّ واحدة منها بكتاب من التراث، تنظم نفسها، ومواردها، وتجمع مشتركيها لإحيائه ونشره، على أحدث أساليب النشر، وأقرب طرائق العرض، وأدق أسباب التحقيق، ليكون عدة الباحثين، توفر عليهم الوقت الكثير، والجهود المضنية.
3ـ وفي المكتبات كتب غنية، ومخطوطات مهمة، حبذا لو توجّه عناية طلاب الماجستير، والدكتوراه، إلى تحقيقها مستقلة، أو مع دراسات حولها، تلقي الأضواء عليها، وتقرّبها إلى طالبها، وتحفظها من خطر التلف، والاندراس، ما دامت رهينة في خزائن الكتب، وفيها الكنوز الدفينة، والمعارف الجليلة النافعة.