الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجهاد والقتال في السياسة الشرعية
المؤلف/ المشرف:
محمد خير هيكل
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار البيارق - الأردن ̈الأولى
سنة الطبع:
1414هـ
تصنيف رئيس:
سياسة شرعية
تصنيف فرعي:
جهاد
الخاتمة
أولاً: اسْتِخْلَاصُ أهم النتائج
أهم النتائج التي نخرج بها من هذه الرسالة، هي ما يلي:
أولاً:
[حول تعريف الجهاد في الاصطلاح الشَّرعيِّ، وتمييزه عن الأنواع الأُخْرَى من القتال المشروع في الإسلام].
1ـ الجهاد في الاصطلاح الشرعي: هوالقتال في سبيل الله ضدَّ الكفار الذين لا عهد لهم ولا ذمة، وما يمُتُ إلى القتال بصلة من دعوة إليه، ومساعدة عليه .. وذلك بعد توفر الشروط المطلوب لمشروعية هذا القتال. أي، تبليغ الكفار دعوة الإسلام، ووضعهم أمام الخيارات الثلاثة ـ الإسلام، أو الدخول في الذمة، أو الحرب.
ـ أما الغاية من الجهاد: فهي إقامة المجتمع الإسلامي، وحمايته، وحماية المسلمين من العدوان ..
هذا، وقد يطلق لفظ "الجهاد" ـ مجازاً ـ على شرط مشروعيته. وهو الدعوة إلى الإسلام ـ قبل إعلان الجهاد.
كما يطلق بهذه الصفة، أيضاً، على كل جهد مبذول، ليس فيه قتل للكفار، بقصد إقامة المجتمع الإسلامي، وحمايته
…
وعلىكل عمل مطلوب مبرور .. كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر .. وكالقيام ببر الوالدين، وأداء الحج .. وما إلى ذلك.
2ـ كل قتال مشروع لا يكون ضد الكفار الذين لا عهد لهم، ولا ذمة ـ لا يعتبر في الاصطلاح الشرعي ـ كما رجحناـ من الجهاد، وإن كان عملاً مبروراً، وذلك مثل الأنواع التالية من القتال، حين يكون مشروعاً:
أـ قتال أهل البغي.
ب ـ قتال المحاربين (من قطاع الطرق).
ج ـ القتال للدفاع عن الحرمات الخاصة (الدفاع ضد الصَّيال).
د ـ القتال للدفاع عن الحرمات العامة.
هـ ـ القتال ضد انحراف الحاكم.
وـ قتال الفتنة (في حالة الدفاع عن النفس).
زـ قتال مغتصب السلطة.
ح ـ قتال أهل الذمة (ما لم يصدر الحكم بنقضهم للعهد).
ط ـ قتال الغارة من أجل الظفر بمال العدو.
ي ـ القتال لإقامة الدولة الإسلامية.
ك ـ القتال من أجل وحدة البلاد الإسلامية.
ثانياً:
[حول المرحلة السابقة على إقامة الدولة الإسلامية في المدينة، وقبل تشريع الجهاد].
3ـ ندب المسلمون في هذه المرحلة إلى الصبر علىالأذى، والإمساك عن الدفاع ضد العدوان، خشية أن يتطور الدفاع إلى أضرار بالغة تحيق بالدعوة الإسلامية وأصحابها، هي أكبر من ضرر الصبر على الأذى.
4ـ يجوز الدفاع ضد العدوان في هذه المرحلة، ما لم تترتب على ذلك أضرار بالغة تؤثر على سير الدعوة.
5ـ لا يجوز في هذه المرحلة ـ استخدام العنف، والسلاح لتصفية الأشخاص الذين يقفون في طريق الدعوة، أو يؤذون رجالها، ما لم يكن ذلك في حدود الدفاع عن النفس.
ثالثاً:
[مرحلة ما بعد إقامة الدولة الإسلامية، وتشريع الجهاد].
6ـ تدل الغزوات والحروب التي وقعت في عهد النبوة، وعهد الخلافة الراشدة ـ أن الجهاد مشروع لرد العدوان الواقع أو المتوقع: كما هو مشروع لتطهير الجزيرة العربية من الوجود غير الإسلامي بشكل دائم
…
بالإضافة إلى مشروعيته بهدف إزالة العوائق المادية من طريق الدعوة، وإدخال الدول والشعوب تحت حكم الإسلام، وإن لم يدينوا به ـ كلما تيسر ذلك، ودعت إليه المصلحة.
رابعاً:
[حول أسباب إعلان الجهاد ـ في النصوص الشرعية].
7ـ تدل النصوص الشرعية على مشروعية الجهاد ضد الكفار لإعلاء كلمة الله ـ بصورة مطلقة ـ أي، بغض النظر عن كون الكفار، معتدين أو غير معتدين، ما داموا يرفضون الدخول تحت الحكم الإسلامي ـ كلما كان ذلك ممكناً ..
8ـ يعتبر الدفاع عن أهل الذمة، وعن الحلفاء الذين أدخلهم المسلمون تحت حمايتهم، ضد العدوان الخارجي ـ يعتبر هذا الدفاع من الجهاد الواجب في سبيل الله.
9ـ الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم من الدول والشعوب ـ قبل تبليغهم الدعوة الإسلامية، وإنذارهم بالخيارات الثلاثة ـ هي السلم.
وأما بعد تبليغهم الدعوة، والإنذارـ فالعلاقة معهم بعد رفضهم الاستجابة، هي الحرب، مالم تعقد معاهدة سلمية بين الطرفين.
خامساً:
[حول أحكام الجهاد، وتكوين الجيش الإسلامي].
10ـ الأصل في حكم الجهاد أنه فرض كفاية، وقد يكون فرض عين، كما قد يكون مندوباً، أو مباحاً، أو مكروهاً، أو حراماً ـ على حسب الظروف والملابسات التي تُحيط بالمسلمين، وغير المسلمين، وما بينهم من علاقات
…
11ـ يجب تكوينُ جيش إسلامي، والقيام علىتنظيمه، وتدريب أفراده، وتسليحه، بحيث يكون قادراً على النهوض بواجب الجهاد.
سادساً:
[حول الأحكام الشرعية في السياسة الحربية، ومعاملة المقاتلين من الجيش الإسلامي، ومعاملة الإعداء].
12ـ تجب العناية بأفراد الجيش الإسلامي، وقياداته من النواحي الدينية، والثقافية، والعسكرية، وتوفير كامل حقوقهم المادية والمعنوية، وتطهيره من عناصر الفساد كلما ظهرت بين الحين والحين.
13ـ الفرار من القتال إثم كبير. وقد يتعرض مرتكبه لعقوبة القتل.
14ـ ينبغي تقدير قمية الشهادة، والشهداء ـ والاهتمام بأسرة الشهيد من بعده.
15ـ لا يجوز القصد إلى قتل من لم يكن أهلاً للقتال من الأعداء، ممن وردت بحقهم النصوص الشرعية، كالنساء والأطفال والشيوخ
…
16ـ الحرب خدعة، فيجوز فيها استخدام الكذب والتضليل مع الأعداء، ما لم يترتب على ذلك غدر، أو نقض للعهود.
17ـ لا يجوز التمثيل بجثث الأعداء إلا على سبيل المعاملة بالمثل.
18ـ حين يحتمي العدو بدروع بشرية لا يجوز قصدها بالقتل ـ ينبغي الكف عن القتال، إذا اقتضت المصلحة ذلك.
19ـ لا تستخدم أسلحة التدمير الشامل مع العدو إلا إذا دعت إلى ذلك ضرورة، ومصلحة راجحة. وفي أضيق الحدود التي تقضي باستخدامها.
20ـ يندب إلى القيام بالعمليات الاستشهادية بشرط توفر المصلحة من ورائها.
21ـ يجوز القيام بعمليات الخطف للأعداء، تبعاً للمصلحة، ويحرم اللجوء إليها إذا كان ضررها أكبر من نفعها.
22ـ لا يجوز اقتراف أعمال الفسق والفجور مع النساء من أهل الحرب بحجة الاستباحة العامة للعدو.
23ـ يجب إقامة الصلوات في زمن الحرب ـ عملاً بالأصل ـ ويجوز تأخيرها عن أوقاتها إلى ما بعد الحرب، إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
سابعاً:
[حول أسباب وقف القتال].
24ـ دخول الأعداء في الإسلام يُنهي حالة الحرب معهم، ويصبحون من جملة المسلمين في الحقوق والواجبات ـ حسب أحكام الشرع ـ ويحرم الانتقام منهم بعد ذلك. كما لا يجوز مطالبتهم بالتعويض عن الأضرار التي تسببوا فيها حال قتالهم للمسلمين.
25ـ إذا دخل أهل الحرب في ذمة المسلمين ـ وجب وقف القتال ضدهم، وحرم الانتقام منهم، أو مطالبتهم بالتعويض عن أضرار الحرب .. وكان لهم ما لنا من الإنصاف، وعليهم ما علينا من الانتصاف.
26ـ يجوز عقد المعاهدات السلمية المؤقتة مع العدو، ويجوز تمديدها كلما انتهت بلا قيد، تبعاً للضرورة، أو المصلحة. كما يجوز عقد الأمان للأفراد من أهل الحرب، ويحرم الغدر بالعدو ما دام عقد المعاهدة أو الأمان ـ ساري المفعول.
27ـ لا يجوز ابتداء العدو بالقتال في الأشهر الحرم ـ إلا على سبيل الدفاع ضد العدوان، أو استمراراً لحرب قائمة.
28ـ إذا هزم أهل الحرب، واقتحم المسلمون بلادهم:
ـ منح الأمان لمن لم يكن منهم من أهل القتال.
ـ وأما من كان من أهل القتال، وكذلك الأسرى الذين أخذوا في الحرب ـ فهناك عدة خيارات في الحكم عليهم تبعاً للمصلحة الراجحة، كالقتل، والاسترقاق والفداء، وعقد الذمة والأمان .. ويجوز عقد المعاهدات مع العدو على وقف الحكم ببعض هذه الخيارات، كالقتل والاسترقاق .. ويجب الوفاء بهذه المعاهدات، بحسب أحكام الشرع.
ثامناً:
[حول الجهاد في العصر الحديث].
29ـ كل علاقة بين البلاد الإسلامية وبين البلاد الأخرى يترتب عليها الضرر بالمسلمين ـ لا يجوز الدخول فيها، كالأحلاف العسكرية، وتأجير القواعد، والمطارات، وبيع المواد الاستراتيجية، وسائر المساعدات الأخرى.
30ـ إذا نشبت الحرب بين الأقطار الإسلامية ـ وجب على المسلمين السعي لإيقاف هذه الحرب، والصلح بين تلك الأقطار، والحيلولة دون تدخل الدول الأجنبية في النزاعات التي تقع بين المسلمين.
31ـ إذا أكره المقاتل المسلم على الذهاب إلى قتال غير مشروع ـ يرخص له أن يحضر ميدان المعركة ـ بسبب الإكراه ـ ولكن لا يجوز له أن يقوم بأي عمل يترتب عليه قتل من يحرم عليه قتله إلا في حالة الدفاع عن النفس.
32ـ يعتبر إنشاء المنظمات القتالية في العالم الإسلامي، من أجل القيام بالصراع المسلح ضد العدوان، أو القيام بالعمليات الفدائية داخل بلاده، ونحوها .. ـ يعتبر ذلك من أعمال الجهاد في سبيل الله، إذا حسنت النية، وكان إنشاء تلك المنظمات، ونشاطاتها استجابة لأمر الله عز وجل.
33ـ لا يجوز للمنظمات أن تتلقى أي دعم إذا كان من شأنه أن يفرض عليها الوصاية التي تمنعها من ممارسة نشاطها الواجب بحكم الشرع.
34ـ لا يجوز الانتماء إلى أي منظمة تقوم على أساس غير مشروع، مثل العمل على اقتطاع أجزاء من البلاد الإسلامية المستقلة، لإنشاء مزيد من الدويلات المنفصلة في العالم الإسلامي.
35ـ إذا نشب القتال بين المنظمات القتالية ـ وجب على المسلمين العمل على وقف القتال بينها، والسعي إلى الصلح بين الأطراف المتحاربة، بكل طريق ممكن، على حسب أحكام الشرع.
ثانياً ـ كلمة الختام
إن ما نريد الحديث عنه، بإيجاز شديد، في هذه الخاتمة ـ كما جاء في خطة الرسالة ـ يتلخص في ثلاث نقاط، هي:
1ـ النقطة الأولى: مقارنة سريعة بين الواقع التاريخي للجهاد الإسلامي، وخلوه من الأطماع، والأحقاد. وبيان ما ينطوي عليه من تحرير للأمم والشعوب .. وبين واقع القتال عند غير المسلمين، قديماً وحديثاً، وبيان ما حمل، ويحمل في طياته من شرور ونكبات.
2ـ النقطة الثانية: دعوة خالصة لتوحيد الصفوف الإسلامية ضد العدو الحقيقي، تمهيداً للاضطلاع من جديد بالدور الإنساني الذي كلف الله عز وجل المسلمين أن يقوموا به من تحرير للأمم والشعوب، وإزالة العوائق المادية أمام تبليغها آخر رسالات السماء إلى الأرض، لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الساعين بالفساد هي السفلى.
3ـ النقطة الثالثة: الهدف من تبليغ الإنسانية رسالة الإسلام، وإزالة العوائق المادية من طريقها بالجهاد، إذا لزم الأمر ـ هو الوصول إلى الإسلام الحقيقي، والرفاهية الحقيقية في هذه الحياة الدنيا، والفوز بالسعادة، ورضوان الله في الحياة الأخرى
…
هذا، وفيما يلي، إلمامات خاطفة ـ كما أشرنا ـ مما يتفق مع طبيعة الخاتمة، حول النقاط الثلاث ..
1ـ النقطة الأولى: الأطماع والأحقاد بين واقع الجهاد الإسلامي، وواقع القتال عند غير المسلمين.
عرفنا فيما تقدم من بحوث أنه لم يكن من وراء تشريع الإسلام للجهاد أية أطماع فيما لدى الأمم والشعوب من ثروات ومقدّرات .. وأيضاً لم يكن الهدف من الجهاد هو الفتك بالأعداء من أهل الحرب تنفيساً عن أحقاد تغلي في الصدور، لأنه قد سبق لهم عدوان على المسلمين، أو لأنهم يدينون بغير الإسلام.
لم يكن من رواء تشريع الإسلام للجهاد شيء من ذلك على الإطلاق، كما تقدم، وإنما كان الغرض من تشريع الجهاد هو تحرير البشرية من أنظمة الاستبداد، علىالأرواح، أو على الأجساد!