الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبل الكارثة نذير .. ونفير
المؤلف/ المشرف:
عبدالعزيز بن مصطفى كامل
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
المنتدى الإسلامي - لندن ̈الأولى
سنة الطبع:
1421هـ
تصنيف رئيس:
دعوة ودعاة
تصنيف فرعي:
نصيحة وموعظة
خاتمة
وبعد:
لعل القارئ يكون قد أدرك معنا أهم جوانب القضية، ووعى معالم المؤامرة المحكمة ضد المسجد الأقصى.
ولعله يكون قد ألمَّ بخلفياتها وملابساتها ودوافعها.
ولعله يكون قد أحس بخطورة الأمر، وفداحة المصيبة إذا جرت الأمور حسبما يخطط له اليهود ويساعد عليه النصارى.
ولعلي ـ أيها المسلم ـ أكون قد أوصلت إليك نيابة عن المسجد الأقصى رسالة تقول لك: "هل ستشارك في المؤامرة بإصرارك على الصمت والسكوت .. ؟! ".
إن أرض فلسطين ـ في الوجدان الإسلامي ـ لم تُشرَّف إلا لأن فيها بيت المقدس، وبيت المقدس يستمد الشرف من المسجد الأقصى الموجود فيه .. بينما (أرض إسرائيل) ليست لها قيمة عند اليهود إلا بـ (أورشليم) القدس، ولا قيمة للقدس عندهم إلا بالهيكل .. فهل أدركت خطورة هذه المفارقة؟!
إن تكريمنا وتعظيمنا وحرصنا على حفظ المسجد الأقصى، صادف حرصاً وإصراراً من اليهود على إلغائه وإفنائه. وحرص الفريقين ينبع من العقيدة.
ولهذا، فإن أحداً من الناس لن يستطيع فهم حقيقة المعركة إلا المسلم، وإن أحداً من الناس لن يستطيع مواجهة العقيدة بالعقيدة إلا المسلم، وإن أحداً من الناس لا يستطيع العمل بنفس طويل لإنقاذ المسجد الأقصى إلا رجال مسلمون صادقون.
إن المسجد الأقصى وبيت المقدس أمانة تسلمتها أمة الإسلام منذ أُسرى برسولها ? إليه من المسجد الحرام. ولقد حفظ المسلمون هذه الأمانة في عهودهم المتوالية، حتى جاء عصرنا فضاع بيت المقدس
…
وها هو الخطر يلاحقنا بمصيبة أعظم.
ولئن خلُص اليهود إلى المسجد الأقصى وأتموا مؤامرتهم بين ظهراني جيل من المسلمين يبلغ ربع سكان العالم، فوالله إنه لعار لا يمحوه الزمان ولا يغسله الماء.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد مانع قدري من وقوع تلك الكارثة، إلا أننا نرجوا الله ألَاّ نكون محلاً لهذا العار، وندعوه سبحانه أن نكون أهلاً لحفظ الأمانة، بل إننا نأمل أن يكون من بركات المسجد الأقصى أن تبدأ عودة الروح الحقيقية إلى هذه الأمة من تلبيتها لندائه المتردد الأصداء:(حي على الفلاح .. حي على الفلاح) فتهزم رايات صهيون عند ساحاته، كما صُدّت موجات الصليبيين عند أعتابه، ودحرت جحافل التتار قرب أبوابه، إن المتأمل في أحوال الدنيا في السنوات الأخيرة، يدرك للوهلة الأولى أن الله ـ تعالى ـ يهيء الدنيا لعودة جديدة للإسلام. وما تلك الصحوة ـ التي لم يدبر لها أحد من الناس ـ في أرجاء العالم الإسلامي إلا من بشريات هذا الفجر الجديد.
ومن سنن الله ـ تعالى ـ أن تكون العاقبة للمتقين ولو بعد حين، ولكن عندما يبتعد المتقون عن التقوى تأتي سنة أخرى من سنن الله، قال ـ تعالى ـ:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُنَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ? [المائدة: 54]. وقال عز وجل:) وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ?. [محمد: 38].
إن التمكين لدين الله قادمٌ قادم .. بنا أو بغيرنا:) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ?. [التوبة: 33].
ولكن هذا التمكين، كيف يبدأ؟ .. لا ندري .. ومتى سيبدأ؟ .. لا ندري، ولكنا ندري فقط أن من واجبنا أن نعمل من أجله، وخصوصاً أن إرهاصاته قد بدت لكل ذي عينين.
ولعلي هنا أستعير كلمات مضيئة لأحد رواد الجيل وهو الأستاذ محمد قطب في كتابة (واقعنا المعاصر) حيث تحدث ـ حفظه الله ـ عن الصحوة الإسلامية، وكيف أنها بدأت تلفت الأنظار بشدة في مبدئها عندما وقع الصدام بين الفدائيين المسلمين وعصابات اليهود في حرب 1948م، ثم تناول في آخر الكتاب حديثاً شيقاً عن الروافد التي تمد هذه الصحوة بالحياة والقوة والتمكين، وتساءل كما يتساءل كل مسلم ـ عن السبيل إلى هذا التمكين، ثم قال:"ولا نعلم بطبيعة الحال كيف يكون التمكين، فذلك غيب .. ولكننا نستشف من أحاديث الرسول ? بعض الملامح لهذا التمكين".
فاليهود اليوم هم المسيطرون في الأرض، وهم الذين يرسمون سياسة العالم، وهم الذين يخططون ضد الإسلام والمسلمين، وبصفة خاصة في المنطقة المحيطة بإسرائيل، ويقول رسول الله ?:"لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله". واليهود يعرفون هذا الحديث ويؤمنون به، فقد ورد في أخره:"إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود"، وهم يغرسون اليوم شجر الغرقد حول بيوتهم في فلسطين.
فنستطيع أن نستشف من ذلك قيام معركة حاسمة بين المسلمين واليهود، يستظل المسلمون فيها براية لا إله إلا الله، لا بالعروبة ولا بالقومية، ولا بالتراب الوطني، وينتصر المسلمون فيها نصراً حاسماً بتقدير الله ويكون هذا من أحداث التاريخ التي تغير التاريخ.
وأعود فأُذكِّر بحقيقة مهمة وهي: إن جهاد الأعداء .. كل الأعداء، لا يتوقف على تحول الغيب إلى شهادة، ولكنه تكليف شرعي، وواجب ديني لا يحل لمسلم أن يتخلف عنه إذا قامت شروطه ووجدت مبرراته.
وأختم هذه الخاتمة مردداً النداء الذي كان سماحة الشيخ عبدالعزيز بن بازـ رحمه الله قد وجهه إلى كل المسلمين عندما قال: "يا معشر المسلمين من العرب وغيرهم في كل مكان .. بادروا إلى قتال أعداء الله من اليهود، وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، بادروا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين والمجاهدين الصابرين، وأخلصوا النية لله، واصبروا وصابروا واتقوا الله عز وجل تفوزوا بالنصر المؤزر أو شرف الشهادة في سبيل الحق ودحر الباطل".
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ* فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتْبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ* إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ?. [آل عمران: 173ـ175].
أيها المسلمون، هل من إعذار إلى الله ـ تعالى ـ بقول أو عمل لوقف قطار المؤامرة .......
......... قبل أن يُهدم الأقصى؟
اللهم صلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.