الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناقشة الاستدلال بالإجماع
المؤلف/ المشرف:
فهد بن محمد السدحان
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1414هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
إجماع
الخاتمة
في ختام هذا البحث: أحمد الله على توفيقه، وأشكره – سبحانه – على عونه وتسديده.
وأود أن أسجل – هنا – أهم النتائج والفوائد، وأهم الملحوظات والمقترحات:
أولاً: النتائج والفوائد:
1 -
أهمية هذا الموضوع للمناظر وللناظر (الباحث).
2 -
عناية العلماء المتقدمين به من الجهتين: التأصيلية، والتطبيقية.
وقد سبق بيان هذين الأمرين في المقدمة.
3 -
لم أجد مثالا لما يسميه الأصوليون (الإجماع الصريح) الذي ينقل فيه القول عن الجميع، أو الفعل عن الجميع، أو القول عن البعض والفعل عن البعض الآخر. فالإجماعات المستدل بها في مسائل الخلاف إجماعات سكوتية.
4 -
أن الإجماع يمكن أخذه من الاختلاف، فاختلاف العلماء المستقر في مسألة ما على أقوال يدل دلالة غير مباشرة على اتفاق على بعض الأمور، ويمكن أن يسمى هذا بالإجماع الخفي أو بالإجماع الضمني، ويسميه بعضهم بالإجماع المركب.
ومن هذه الأمور:
أ – الإجماع على منع إحداث قول آخر في المسألة.
ب - الإجماع على تسويغ الأخذ بكل قول وأن المسألة اجتهادية، وينبني على هذا منع انعقاد الإجماع بعد الخلاف.
جـ - الإجماع على الأخذ بأقل ما قيل في المسألة.
5 – أن محل الخلاف في إمكان الإجماع (إمكان وقوعه، وإمكان العلم به، وإمكان نقله) وفي حجيته: إنما هو الإجماع على الأحكام التي لا تكون معلومة من الدين بالضرورة، ويسمى (إجماع الخاصة) أي: المجتهدين وحدهم.
أما الإجماع على الأحكام التي تكون معلومة من الدين بالضرورة فلا نزاع في إمكانه، ولا في حجيته، ويسمى (إجماع العامة) أي: الإجماع الذي أجمعت عليه الأمة قاطبة: مجتهدوها وعوامها.
6 – أن الإجماع دليل نقلي كغيره من الأدلة النقلية، ولذا فلا بد لصحة الاستدلال به من:
أ – صحة السند.
ب – وضوح الدلالة في المتن.
جـ - الرجحان على المعارض.
7 – أن القول بتقديم الإجماع على الأدلة الأخرى ليس على إطلاقه، بل ينبغي أن يقيد بالقطعي، أما الظني من الإجماع فشأنه شأن الأدلة الظنية الأخرى، فيمكن أن يكون راجحا، ويمكن أن يكون مرجوحا، ويرجع هذا إلى نظر المجتهد واجتهاده.
8 – أن الإشكال الناشئ من الاستدلال بالإجماع في مسائل الخلاف يزول بإدراك أمرين:
أ – أن المستدل بالإجماع – هنا – إنما يريد إجماعا سابقا للخلاف الذي أبداه – أو حكاه – الطرف الآخر، فهو بهذا يبين أن ذلك الخلاف يعد خرقا للإجماع السابق، وأنه يجب على من بلغه وعلم به وثبت عنده أن يرجع عن الخلاف.
ب – أن أكثر ما يذكر في هذه المسائل إنما هو من قبيل الإجماعات الظنية .. وإذ آل إلى الظنية صار الإجماع كغيره من الأدلة، وزال الإشكال الناشئ من حكاية الخلاف.
9 – أن الإجماع ينقسم إلى قسمين: مقطوع ومظنون. والظنية تتطرق إليه من جهة الثبوت ومن جهة الدلالة، فتكون الأقسام أربعة.
وقد سبق بيان هذا في المبحث السابع من التمهيد.
10 -
أن الإجماع القطعي بضوابطه التي وضعها الأصوليون في قولهم: (ما وجد فيه الاتفاق، مع الشروط التي لا يختلف فيه مع وجودها، ونقله أهل التواتر) لم يتحقق له – حسب علمي – مثال في الواقع، ولا يمنع هذا أن تستفاد القطعية من انضمام قرائن أخرى إليه، لكن المقصود – هنا – هو فيما إذا جردنا النظر إلى الإجماع.
11 – أن منشأ الاعتراضات على الاستدلال بالإجماع أحد أمور ثلاثة:
أ – المنازعة في أصول الإجماع.
ب – المنازعة في ضوابط ثبوته: إما في اعتبارها، وإما في تحققها.
جـ - المنازعة في ضوابط الاستدلال به المتعلقة بمتنه: إما في اعتبارها، وإما في وجودها.
12 -
أن الخلاف في أصل حجية الإجماع لم يظهر له – حسب علمي – أثر في التطبيق؛ لأن المنكرين لها – إذا استثنينا الإمامية – قلة من المتكلمين ليسوا بأصحاب مذاهب لها فروعها المبنية المدونة.
أما الإمامية فإن خلافهم – فيما يحكي فيه أهل السنة الإجماع – ليس راجعا إلى مسألة حجية الإجماع، بل إلى مسألة تحقق الإجماع وانعقاده؛ لأنهم – حين يسلمون بتحققه في مسألة – لابد لهم من الأخذ بها أجمع عليه، وإن كان مستندهم – في هذه الحالة – هو قول المعصوم الداخل في جملة المجمعين، فالنتيجة واحدة، ولذا لم يظهر لي أن للاختلاف في حجية الإجماع أثراً عند التطبيق.
ثانياً: الملحوظات والمقترحات:
1 – أن المثبتين للإجماع والمنكرين له أطالوا في بحث مسائل: (إمكان وقوع الإجماع، وإمكان العلم به، وإمكان نقله)، وكأن الإمكان هو المقصد الأهم.
والمقترح: أن يصرف الجهد إلى المسألة التي حكي وقوع الإجماع عليها وتحقيق القول فيها، إذ أن هذا هو الغاية الأولى، فإذا كان المستدل في مسألة يحكي الإجماع عليها، فالأمر قد تجاوز الإمكان إلى الوقوع، فلا يبدو – حينئذ – أن لبحث موضوع الإمكان وجها، وبخاصة أن الأمر يتعلق بإمكان عادي أو استحالة عادية، والمستحيل العادي ليس له صفة الثبات؛ فما يكون مستحيلا – عادة – في وقت قد يقال بإمكانه في وقت آخر، تبعا لتغير الظروف.
2 – أن مسائل الإجماع المحكية في مصادرها (وموسوعاتها) لم تحظ بما تستحق من التحقيق والتنقيح وتمييز الثابت من غيره، ولم تخضع لمعايير نقد السند والمتن، وكان المنتظر أن تحظى بمثل ذلك؛ لأنها جزئيات دليل ثابت من أدلة التشريع، فهي كجزئيات دليل السنة النبوية التي حظيت بذلك كما لا يخفى.
والمقترح: أن تتضافر جهود الباحثين لتتبع مسائل الإجماع المنقولة في مصادرها، ونقدها، فالإجماع دليل نقلي، وله سند ومتن، فيجب أن يحقق القول فيهما.
3 – أن الذين يستدلون بالإجماع يذكرون في كثير من المواضع – إجماعات مجردة؛ فيقولون – مثلا -: (دليلنا الإجماع؛ فقد أجمع العلماء على كذا) أو نحو ذلك.
والمقترح: اتباع المنهج الآتي للاستدلال بالإجماع:
أ – ذكر الطريق الذي ثبت به الإجماع – إما بالرواية أو بالعزو إلى كتاب – مع تصحيح ذلك الطريق، وبيان نوع النقل (متواتر أم مشهور أم آحاد؟)، وذكر عبارة الناقل.
ب – ذكر صفة الإجماع، وذلك ببيان دليل حصول الاتفاق بين العلماء (قول الجميع، أم فعل الجميع، أم قول بعضهم وفعل البقية، أم قول بعضهم وسكوت البقية، أم فعل بعضهم وسكوت البقية؟).
جـ - ذكر وجه الدلالة من متن الإجماع (نص أم ظاهر؟ منطوق أم مفهوم؟
…
)
وأخيرا: أرجو أن يسهم هذا البحث (مناقشة الاستدلال بالإجماع) في تكوين منهج يعين على تطبيق تلك المقترحات.
والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.