الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيادة الإدارية
المؤلف/ المشرف:
نواف كنعان
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار العلم ̈الثانية
سنة الطبع:
1402هـ
تصنيف رئيس:
إدارة وأعمال
تصنيف فرعي:
مدير - معلم - صفات وشروط ومهارات
الخاتمة
يتضح لنا من هذه الدراسة أن للقيادة دوراً هامّاً في الإدارة، يبرز من خلال مسؤوليتها في تحقيق التكامل بين الجوانب التنظيمية والإنسانية والاجتماعية للعملية الإدارية، وتوفير الفاعلية للإدارة لتمكينها من تحقيق أهدافها.
والقيادة الإدارية بمفهومهما الحديث ليست وليدة فكر معين أو بيئة دون الأخرى، ولكن تطورها جاء عبر مراحل متعّددة في الفكر الإداري، كما أن جذورها تمتد إلى الوقت الذي بدأ فيه التفاعل الاجتماعي وتوزيع العمل بين الأفراد والجماعات في التنظيمات الاجتماعية.
ولم يكن من الممكن هذه الدراسة أن تحقق هدفها إلَاّ إذا أحاطت بالجهود السابقة في هذا الصدد، وأفادت من تصوراتها وتحليلاتها وتفسيراتها ونتائجها، فتبدأ من حيث انتهت هذه الجهود لتضيف إليها من النتائج ما يتعلق بموقف جديد ـ زماناً ومكاناً ـ وما قد يدعمها أو يخالفها مما يسهم في عملية الحفاظ على الاستمرار في البحث العلمي، ويلقي الضوء على الأهمية النظرية لهذه الدراسة.
ولهذا فقد ركزنا اهتمامنا على إبراز المفاهيم التي عرفتها الإدارات القديمة والتي استهدفت تطوير مفهوم القيادة الإدارية
…
كما سعينا جاهدين إلى إبراز المفاهيم التي تبنتها المدارس السلوكية، والتي تنظر للعنصر البشري على أنه العامل الحاسم والفعّال في الإدارة، محاولين طرحها كبديل للمفاهيم التي تبنتها المدارس الكلاسيكية، والتي تنظر لمشكلات الإنتاج والكفاءة الإنتاجية على أنها مشكلات فنية وتكنولوجية بالدرجة الأولى، وأن وسيلة زيادة كفاءة القيادة تتركز في تحسين أساليب ومعدات الإنتاج
…
كما ارتكز منهجنا في البحث على أساس النظرة التكاملية الشاملة للقيادة الإدارية والنظر إليها كنظام متناسق مترابط ـ بجوانبه التنظيمية والإنسانية والاجتماعيةـ يؤثر ويتأثر بالبيئة التي ينشأ أو يعمل فيها، لتكون هذه النظرة بديلاً للنظرة الجزئية التي تؤكد على بعض جوانب القيادة وكأنها جوانب مستقلة عن بعضها
…
وقد حاولنا التأكيد على ضرورة المقارنة بين الافتراضات النظرية وبين ما هو كائن فعلاً في التطبيق العملي، مع محاولة إجراء الملاءمة اللازمة بين الصورتين على ضوء المتغيرات والظروف المختلفة.
وفيما يتعلق بأساليب القيادة الإدارية فقد تبين لنا أن هذه الأساليب كانت انعكاساً للمفاهيم الإدارية التي سادت في مراحل مختلفة من مراحل الفكر الإداري، وأسهمت في توجيه أساليب الإدارة نحو الأخذ بأسلوب قيادي معين في مرحلة معينة من هذه المراحل. ولذلك ركزنا اهتمامنا على دراسة وتحليل الافتراضات التي قدمها كتّاب الإدارة في إطار هذه المفاهيم.
وقد تبين لنا من خلال هذا التحليل كيف أن الافتراضات التي قامت عليها النظرة السلبية للإدارة، قد وجهت الأنظار إلى أن الأفراد العاملين في الإدارة محتاجون إلى إشراف حازم ورقابة شديدة، ومن هنا تتأتى ضرورة اتباع القادة لأسلوب القيادة الأتوقراطية باعتباره الأسلوب الذي يتلاءم مع هذه الافتراضات، لأنه يمكّن القائد من ممارسة مهامه وتحقيق أهداف الإدارة
…
وكيف أن الافتراضات التي قامت عليها النظرة الحديثة للإدارة قد وجهت الأنظار إلى ضرورة تهيئة الظروف الملائمة التي تساعد مرؤوسيهم على إشباع حاجاتهم المادية والمعنوية وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في تحقيق أهداف الإدارة والعمل على تنميتهم وتطويرهم، ومن هنا تتأتى ضرورة اتباع القادة لأسلوب القيادة الديمقراطية باعتباره الأسلوب الذي يتلاءم مع هذه الافتراضات.
ولقد رأينا أن الأسلوب الديمقراطي للقيادة الذي يرتكز على العلاقات الإنسانية السليمة بين القائد ومرؤوسيه، من خلال تحقيق الاندماج بين العاملين، وعلاج مشكلاتهم، وتطويعهم، والتأثير فيهم بحوافز معنوية ضماناً لحسن مشاركتهم في تحقيق الأهداف المطلوبة
…
هذا الأسلوب يساعد على جعل المجموعة العاملة في ظله أكثر تعاوناً وإيجابية، ويرفع بالتالي من كفاءتها الإنتاجية.
كما ركزنا الاهتمام على القيادات غير الرسمية وأهمية دورها في الإدارة، وأكدنا على أن هذه القيادات يمكن أن تؤدي دوراً إيجابياً إذا ما أحسنت القيادات الرسمية التعامل معها من خلال إيجاد التكامل بين متطلبات وأهداف هذه القيادات، ومتطلبات وأهداف التنظيم الرسمي الذي تعمل في إطاره
…
وأنه بدون التعاون بين القيادات الرسمية والقيادات غير الرسمية فإن الأخيرة ستخلق مواقف سلبية أو عدائية من الأولى، وعندها تكون القيادات الرسمية مضطرة لمواجهة هذه القيادات بالطرق التي تراها ملائمة لإضعافها أو الحد من نشاطاتها.
وفيما يتعلق بخصائص القيادة الإدارية الناجحة، فقد بيّنا أن اختيار القيادات الإدارية يعتبر من المشكلات الهامة التي تعني بها الدول الحديثة على اختلاف أنظمتها، وأن صعوبة حل هذه المشكلة نابعة من كون متطلبات النجاح في القيادة تختلف من وظيفة إلى أخرى، ومن فترة زمنية إلى أخرى، ومن موقف لآخر في المنظمة الواحدة
…
وقد استعنا في حل هذه المشكلة بالجهود التي قام بها علماء الإدارة والنفس والاجتماع، لوضع معايير يمكن على أساسها اختيار القادة الأكفاء، وما أسفرت عنه هذه الجهود من نظريات
…
ابتداء من نظرية السمات التي تركزت مجهودات أنصارها حول الكشف عن مجموعة من السمات والقدرات والمهارات المشتركة للقادة الناجحين
…
إلى نظرية الموقف التي تركزت مجهودات أنصارها حول تحليل عناصر الموقف كعامل هام يؤثر في تحديد خصائص القيادة، والقول بأن متطلبات القيادة تختلف بحسب المجتمعات، والتنظيمات الإدارية داخل المجتمع الواحد، والمراحل التي يمر بها التنظيم، والمنصب القيادي المطلوب شغله
…
وانتهاء بالنظرية التفاعلية التي حاولت التوفيق بين نظريتي السمات والموقف، من خلال النظر للقيادة على أنه عملية تفاعل اجتماعي، وإن متطلبات القيادة الناجحة نابعة من التفاعل بين شخصية القائد وجميع المتغيرات المحيطة بالموقف الكلي وخاصة المجموعة العاملة
…
ولقد رأينا أن متطلبات القيادة الناجحة ترتبط بالموقف الإداري الذي يوجد فيه القائد. وأن النمط القيادي الملائم يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة القائد على تحليل عناصر الموقف ومتطلبات كل عنصر على ضوء الانعكاسات البيئية والإيديولوجيات السياسية والاقتصادية، ومن ثم معرفة ما إذا كان النمط القيادي المستخدم يحقق النتائج المطلوبة
…
وأن نظرية الموقف بهذا المفهوم قدمت مفهوماً ديناميكياً للقيادة، لأنها ربطت بين القيادة والموقف الإداري، على أساس أن عوامل الموقف والمتغيرات المرتبطة به هي التي تحدد السمات والمهارات التي يمكن أن تعزز مركز القائد ونجاحه. كما أنها من ناحية أخرى قدمت مفهوماً ديمقراطياً للقيادة، لأنها لم تحصر القادة في عدد محدد من الأفراد هم من تتوفر فيهم سمات وقدرات معينة، بل جعلت قاعدة القيادة عريضة بحيث يمكن لأي شخص أن يكون قائداً في بعض المواقف
…
ولأنها رفضت المفهوم القائل بأن القادة يُولدون ولا يُصنعون، من خلال تأكيدها على أن هناك الكثير من السمات والقدرات والمهارات القيادية يمكن اكتسابها بالتعليم والتدريب.
والتطورات التكنولوجية الحديثة في مجال الإدارة، وما أدت إليه من زيادة الأعباء على القائد الإداري، أوجدت خصائص جديدة للقيادة القادرة على مواجهة متطلبات الإدارة الحديثة، وتحقيق الفاعلية الإدارية. ومن أهم هذه الخصائص: قدرة القائد على اتخاذ قرارات فعّالة، من خلال التشخيص الواعي للمشكلة والتقدير السليم للواقع والاسترشاد بآراء المرؤوسين، والموازنة بين المخاطر التي قد يسببها اتخاذ القرار .... وقدرته على الاتصال الفعّال، من خلال حسن إصغائه لموظفيه، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم، وتوضيح أفكاره حتى تكون مؤثرة فيهم، وتفهمه للأهداف المتوخاة من الاتصال وتقييمه باستمرار لاتصالاته، ومحاولة تذليل العوائق التي تعترض اتصالاته
…
وقدرته على إدارة وقته: من خلال تسجيل وقته وتحليل توزيعه ووضع الأسس لأولوية الأعمال التي تستحق وقتاً أكثر حتى لا يكون الإفراط في استخدامه للوقت في العمل على حساب صحته
…
وقدرته على الإدارة بالأهداف من خلال: تفهمه للنظام وأسلوب عمله، وتعرفه على السمات المميزة لمرؤوسيه وإشراكهم في وضع الأهداف، ومراعاة استخدامه للوقت في تطبيق هذا النظام
…
وأخيراً على إدارة التغيير من خلال: وضع استراتيجية للتغيير وتنفيذها، واعتماده في ذلك على ردود الفعل لدى موظفيه ومعرفة كيفية معالجتها، ومرونته التي تمكنه من التكيف مع المواقف التي يجد صعوبة في تغييرها، واستخدام النمط القيادي الذي يتلاءم مع متطلبات التغيير.
والله ولي التوفيق