الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم
روى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال: كان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوّة القاسم وبه كان يكنى، ثم ولدت له زينب، ثم رقيّة، ثم فاطمة، ثم أمّ كلثوم، ثم ولد له فى الإسلام «1» عبد الله فسمى الطّيّب والطّاهر، وأمهم كلهم خديجة رضى الله عنها. وكان أول من مات من ولده القاسم، ثم عبد الله ماتا بمكة، فقال العاصى بن وائل السّهمىّ: قد انقطع ولده فهو أبتر؛ فأنزل الله تعالى: «إنّ شانئك «2» هو الأبتر» وقيل: الطّيّب والطّاهر اثنان سوى عبد الله. وقيل: كان له الطّاهر والمطهّر ولدا فى بطن. وقيل: كان له الطّيّب والمطيّب ولدا أيضا فى بطن. وقيل: إنهم كلهم ماتوا قبل النبوّة، وكان بين كل ولدين لها سنة، وكانت تسترضع لهم. وأمّا البنات فكلهن أدركن الإسلام، وأسلمن وهاجرن، وسنذكر إن شاء الله تعالى أخبارهنّ ومن تزوجهنّ، وما ولدن على ما تقف عليه، وهؤلاء كلهم أولاد خديجة ولدوا بمكة، ثم ولدت له مارية القبطية:
إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولد فى ذى الحجة، سنة ثمان من الهجرة؛ قال أبو عمر بن عبد البر: ذكر الزّبير عن أشياخه، أن أمّ إبراهيم مارية ولدته بالعالية، فى المال «3» الذى يقال له اليوم (مشربة «4» إبراهيم) بالقفّ «5» ، وكانت قابلتها «6» سلمى مولاة النبى صلى الله عليه وسلم،
امرأة أبى رافع، فبشّر به أبو رافع النبىّ صلى الله عليه وسلم، فوهب له عبدا، فلما كان يوم سابعه عقّ «1» عنه بكبش وحلق رأسه؛ حلقه أبو هند، وسماه يومئذ، وتصدق بوزن شعره ورقا على المساكين، وأخذوا شعره فدفنوه فى الأرض.
وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولد لى الليلة غلام فسميته باسم أبى إبراهيم» هذا يدل على أنه سمّاه فى وقت ولادته، قال الزبير: ثم دفعه إلى أمّ سيف امرأة قين «2» بالمدينة، يقال له: أبو سيف، قال الزبير: وتنافست الأنصار فيمن يرضعه، فجاءت أمّ بردة بنت المنذر بن زيد الأنصارىّ، زوجة البراء بن أوس، فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أن ترضعه، فكانت ترضعه بلبن ابنها فى بنى مازن بن النجار، وترجع به إلى أمّه، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّ بردة قطعة من نخل، فناقلت «3» بها إلى مال عبد الله بن زمعة.
وتوفى إبراهيم فى شهر ربيع الأول سنة عشر، وقد بلغ ستة عشر شهرا؛ مات فى بنى مازن عند ظئره «4» أمّ بردة، وهى خولة بنت المنذر بن لبيد، وغسّلته ودفن بالبقيع. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو عاش لوضعت «5» الجزية عن كل قبطىّ» . وقال أيضا: «لو عاش إبراهيم ما رقّ «6» له خال» .
وفى حديث أنس بن مالك تصريح أن إبراهيم إنما مات عند ظئره أمّ سيف؛ فإنه يقول: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلقت معه، فصادفنا أبا سيف ينفخ فى كيره، وقد امتلأ البيت دخانا، فأسرعت فى المشى بين يدى رسول الله
صلى الله عليه وسلّم، حتى أنتهيت إلى أبى سيف فقلت: يا أبا سيف، أمسك، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمسك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصّبى فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول، قال: فلقد رأيته يكيد «1» بنفسه، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«تدمع العين ويحزن القلب ولا تقول إلا ما يرضى الربّ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» وقال أبو عمر بن عبد البر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى على ابنه إبراهيم من غير رفع صوت، وقال:«تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى الربّ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون» . وعن عطاء، عن جابر قال: أخذ النبى صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف، فأتى به النخل «2» ، فإذا ابنه إبراهيم فى حجر أمّه وهو يجود بنفسه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه فى حجره، ثم قال:«يا إبراهيم إنا لا نغنى عنك من الله شيئا» ؛ ثم ذرفت «3» عيناه، ثم قال:
«يا إبراهيم لولا أنه أمر حقّ ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أوّلنا لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكى العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الربّ» . قالوا: ووافق موت إبراهيم كسوف الشمس، فقال قوم: إن الشمس انكسفت لموته، فخطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
«إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته؛ فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة» . وقال صلى الله عليه وسلم حين توفّى إبراهيم: «إن له مرضعا فى الجنة تتم رضاعه» . وصلّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبّر أربعا، قال ابن عبد البر: هذا قول جمهور العلماء،