الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صدقة» يعنى هذه الأموال القائمة، فتعلمين أن أباك أعطاكها؟ فو الله لئن قلت نعم لأقبلنّ قولك وء لأصدقنك. قالت: جاءتنى أمّ أيمن فأخبرتنى أنه أعطانى فدك.
قال: فسمعته يقول هى لك؟ فإذا قلت قد سمعته فهى لك، فأنا أصدّقك وأقبل قولك. قال: قد أخبرتك ما عندى. وعن عمرو بن الحارث ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخى ميمونة قال: والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا، ولا عبدا ولا أمة، ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه، وأرضا تركها صدقة. وعن زرّبن حبيش: أن إنسانا سأل عائشة رضى الله عنها عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسألنى؟ لا أبا لك! توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع دينارا ولا درهما، ولا عبدا ولا أمة ولا شاة ولا بعيرا. وعن ابن عباس نحوهن، قال:
وترك درعه رهنا عند يهودىّ بثلاثين صاعا من شعير. وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم ترك يوم مات ثوبى حبرة وإزارا عمانيا «1» ، وثوبين صحاريين، وقميصا صحاريا، وجبّة يمنية، وخميصة وكساء أبيض، وقلانس صغارا لاطئة «2» ثلاثا أو أربعا، وإزارا طوله خمسة أشبار، وملحفة مورّسة. صلى الله عليه وسلم. هذا الذى أورده الشيخ محب الدين الطبرىّ فى مختصر السيرة.
ذكر ما نال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله من الحزن على فقده، ونبذة مما رثوه به صلى الله عليه وسلم
روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: لما ثقل النبى صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة: واكرب أبتاه، فقال لها صلى الله عليه وسلم:
«ليس على أبيك كرب بعد اليوم» . فلما مات صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة:
يا أبتاه أجاب ربّا دعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ينعاه، يا أبتاه من ربه ما أدناه! قال: فلما دفن قالت فاطمة: يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟. وعن عكرمة قال: لما توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت أمّ أيمن، فقيل لها أتبكين على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما والله ما أبكى عليه ألّا أكون أعلم أنه ذهب إلى ما هو خير له من الدنيا، ولكن أبكى على خبر السماء انقطع. وعن عبد الرحمن ابن سعد بن يربوع قال: جاء علىّ بن أبى طالب يوما متقنعا متحازنا، فقال أبو بكر:
أراك متحازنا، فقال علىّ: إنه عنانى ما لم يعنك، قال يقول أبو بكر: اسمعوا ما يقول! أنشدكم الله أترون أحدا كان أحزن على رسول الله صلى الله عليه وسلم منّى؟. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت عثمان بن عفان يقول:
توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحزن عليه رجال من أصحابه حتى كاد بعضهم يوسوس. وعن القاسم بن محمد: أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب بصره فدخل عليه أصحابه يعودونه، فقال: إنما كنت أريدهما لأنظر بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمّا إذ قبض الله نبيّه فما يسرّنى «1» أن ما بهما بظبى من ظباء تبالة «2» . وأمّا عائشة أمّ المؤمنين رضى الله عنها فإنها لازمت قبره صلى الله عليه وسلم.
ورثى رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه وعمّاته رضى الله عنهم فقال أبو بكر الصّدّيق رضى الله عنه:
يا عين فابكى ولا تسأمى
…
وحقّ البكاء على السّيّد
على خير خندف «1» عند البلا
…
ء أمسى يغيّب فى الملحد
فصلّى المليك ولىّ العباد
…
وربّ البلاد على أحمد
فكيف الحياة لفقد الحبيب
…
وزين المعاشر فى المشهد
فليت الممات لنا كلّنا
…
وكنّا جميعا مع المهتدى
وقال أيضا رضوان الله عليه:
لمّا رأيت نبيّنا متجدّلا
…
ضاقت علىّ بعرضهنّ الدّور
وارتعت روعة مستهام واله
…
والعظم منّى واهن مكسور «2»
أعتيق ويحك إنّ حبّك قد ثوى
…
وبقيت منفردا وأنت حسير «3»
يا ليتنى من قبل مهلك صاحبى
…
غيّبت فى جدث علىّ صخور «4»
فلتحدثنّ بدائع من بعده
…
تعيا بهنّ جوانح وصدور
وقال أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:
ارقت فبات ليلى لا يزول
…
وليل أخى المصيبة فيه طول «5»
وأسعدنى البكاء وذاك فيما
…
أصيب المسلمون به قليل
لقد عظمت مصيبتنا وجلّت
…
عشيّة قيل قد قبض الرسول
وأضحت أرضنا مما عراها
…
تكاد بنا جوانبها تميل
فقدنا الوحى والتنزيل فينا
…
يروح به ويغدو جبرئيل
وذاك أحقّ ما سالت عليه
…
نفوس الناس أو كربت تسيل
نبىّ كان يجلو الشكّ عنها «1»
…
بما يوحى إليه وما يقول
ويهدينا فلا نخشى ضلالا
…
علينا والرسول لنا دليل
أفاطم إن جزعت فذاك عذر
…
وإن لم تجزعى ذاك السّبيل
فقبر أبيك سيّد كلّ قبر
…
وفيه سيّد النّاس الرسول
وقال عبد الله بن أنيس:
تطاول ليلى واعترتنى القوارع
…
وخطب جليل للبليّة جامع
غداة نعى الناعى إلينا محمدا
…
وتلك التى تستكّ منها المسامع
فلو ردّ ميتا قتل نفسى قتلها
…
ولكنّه لا يدفع الموت دافع
فآليت لا آسى على هلك هالك
…
من الناس ما اوفى ثبير وفارع
ولكنّنى باك عليه ومتبع
…
مصيبته إنّى إلى الله راجع
وقد قبض الله النبيّين قبله
…
وعاد أصيبت بالرّزى والتّبايع «2»
فياليت شعرى من يقوم بأمرنا
…
وهل فى قريش من إمام ينازع
ثلاثة رهط من قريش هم هم
…
أزمّة هذا الأمر والله صانع «3»
علىّ أو الصّدّيق أو عمر لها
…
وليس لها بعد الثلاثة رابع
فإن قال منّا قائل غير هذه
…
أبينا وقلنا الله راء وسامع
فيالقريش قلّدوا الأمر بعضهم
…
فإنّ صحيح القول للناس نافع
ولا تبطئوا عنها فواقا فإنّها
…
إذا قطعت لم تمن فيها المطامع «4»
وقال حسان بن ثابت الأنصارىّ:
آليت حلفة برّ غير ذى دخل
…
منّى أليّة حقّ غير إفناد «1»
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت
…
مثل النّبى نبىّ الرّحمة الهادى
ولا مشى فوق ظهر الأرض من أحد
…
أوفى بذمّة جار أو بميعاد
من الذى كان نورا يستضاء به
…
مبارك الأمر ذا حزم وإرشاد
مصدّقا للنّبيين الألى سلفوا
…
وأبذل الناس للمعروف للجادى «2»
خير البريّة إنّى كنت فى نهر
…
جار فأصبحت مثل المفرد الصّادى «3»
أمسى نساؤك عطّلن البيوت فما
…
يضربن خلف قفا ستر بأوتاد
مثل الرّواهب يلبسن المسوح وقد
…
أيقنّ بالبؤس بعد النّعمة البادى «4»
وقال أيضا:
ما بال عينك لا تنام كأنّما
…
كحلت مآفيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدىّ أصبح ثاويا
…
يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
يا ويح أنصار النبىّ ورهطه
…
بعد المغيّب فى سواء الملحد
جنبى يقيك التّرب لهفى ليتنى
…
غيّبت قبلك فى بقيع الغرقد «5»
يا بكر آمنة المبارك ذكره
…
ولدته محصنة بسعد الأسعد «6»
نورا أضاء على البريّة كلّها
…
من يهد للنّور المبارك يهتدى
أأقيم بعدك بالمدينة بينهم
…
يا لهف نفسى ليتنى لم أولد
بأبى وأمىّ من شهدت وفاته
…
فى يوم الاثنين النّبىّ المهتدى
وظللت بعد وفاته متبلّدا «1»
…
يا ليتنى صبّحت سمّ الأسود «2»
أو حلّ أمر الله فينا عاجلا
…
فى روحة من يومنا أو فى غد
فتقوم ساعتنا فنلقى سيّدا
…
محضا مضاربه كريم المحتد «3»
يا ربّ فاجمعنا معا ونبيّنا
…
فى جنة تفقى «4» عيون الحسّد
فى جنّة الفردوس فاكتبها لنا
…
يا ذا الجلال وذا العلا والسّؤدد
والله أسمع «5» ما حيبت بها لك
…
إلّا بكيت على النبىّ محمّد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا
…
سودا وجوههم كلون الإثمد
ولقد ولدناه وفينا قبره
…
وفضول نعمته بنا لم يجحد «6»
والله أهداه لنا وهدى به
…
أنصاره فى كلّ ساعة مشهد
صلّى الإله ومن يحفّ بعرشه
…
والطّيبون على المبارك أحمد
ووقفت فاطمة الزّهراء رضى الله عنها على قبره صلى الله عليه وسلم فقالت:
ما ضرّ من قد شمّ تربة أحمد
…
ألا يشمّ مدى الزّمان غواليا «7»
صبّت علىّ مصائب لو أنها
…
صبّت على الأيّام صرن لياليا
وقالت رضى الله عنها:
أغبرّ آفاق السّماء وكوّرت
…
شمس النّهار وأظلم العصران
والأرض من بعد النبىّ كئيبة
…
أسفا عليه كثيرة الرّجفان
فلتبكه شرق البلاد وغربها
…
ولتبكه مضر وكلّ يمانى
وليبكه الطّود المعظّم جوّه
…
والبيت ذو الأستار والأركان «1»
يا خاتم الرّسل المبارك صنوه «2»
…
صلّى عليك منزّل الفرقان
نفسى فداؤك ما لرأسك مائلا
…
ما وسّدوك وسادة الوسنان
وقالت صفية بنت عبد المطلب:
أفاطم بكّى ولا تسأمى
…
بصبحك «3» ما طلع الكوكب
هو المرء يبكى وحقّ البكا
…
على الماجد السّيد الطيّب «4»
فأوحشت الأرض من فقده
…
وأىّ البريّة لا ينكب
فمالى بعدك حتى المما
…
ت إلّا الجوى الدّاخل المنصب «5»
فبكّى الرسول وحقّت له
…
شهود المدينة والغيّب
لتبكيك شمطاء مضرورة
…
إذا حجت الناس لا تحجب «6»
ليبكيك شيخ أبو ولدة
…
يطوف بعقوته أشهب «7»
ويبكيك ركب إذا أرملوا
…
فلم يلف ما طلب الطّلّب «8»
وتبكى الأباطح من فقده
…
وتبكيه مكّة والأخشب «9»
فعينى مالك لا تدمعين
…
وحقّ لدمعك يستسكب
وقالت صفية أيضا:
عين جودى بدمعة تسكاب
…
للنّبىّ المطّهر الأوّاب
عين من تندبين بعد نبىّ
…
خصّه الله ربّنا بالكتاب
فاتح خاتم رءوف رحيم
…
صادق القيل طيّب الأثواب
مشفق ناصح شفيق علينا
…
رحمة من إلهنا الوهّاب
رحمة الله والسّلام عليه
…
وجزاه المليك حسن الثّواب
وقالت أروى بنت عبد المطلب:
ألا يا عين ويحك أسعدينى
…
بدمعك ما بقيت وطاوعينى
ألا يا عين ويحك واستهلىّ
…
على نور البلاد وأسعدينى
فإن عذلتك عاذلة فقولى
…
علام وفيم ويحك تعذلينى «1»
على نور البلاد معا جميعا
…
رسول الله أحمد فاتركينى
فإلّا تقصرى بالعذل عنّى
…
فلومى ما بدا لك أو دعينى
لأمر هدّنى وأذلّ ركنى
…
وشيّب بعد جدّتها قرونى
وقالت عاتكة بنت عبد المطلب:
يا عين جودى ما بقيت بعبرة
…
سحّا على خير البريّة أحمد
يا عين فاحتفلى وسحىّ واسمحى
…
فابكى على نور البلاد محمّد «2»
أنّى لك الويلات مثل محمّد
…
فى كلّ نائبة تنوب ومشهد
فابكى المبارك والموفّق ذا التّقى
…
حامى الحقيقة ذا الرّشاد المرشد
من ذا يفكّ عن المغلّل غلّه
…
بعد المغيّب فى الضّريح الملحد
أم من لكلّ مدفّع ذى حاجة
…
ومسلسل يشكو الحديد مقيّد «1»
أم من لوحى الله ينزل بيننا
…
فى كلّ ممسى ليلة أو فى غد
فعليك رحمة ربّنا وسلامه
…
يا ذا الفواضل والنّدى والسّؤد
وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطّلب بن عبد مناف أخت مسطح:
أشاب ذوائبى وأذاب ركنى
…
بكاؤك فاطم الميت الفقيدا «2»
فأعطيت العطاء فلم تكدّر
…
وأخدمت الولائد والعبيدا «3»
وكنت ملاذنا فى كلّ لزب
…
إذا هبّت شآمية برودا «4»
وإنّك خير من ركب المطايا
…
وأكرمهم إذا نسبوا جدودا
رسول الله فارقنا وكنّا
…
نرجّى أن يكون لنا خلودا
أفاطم فاصبرى فلقد أصابت
…
رزيّتك التّهائم «5» والنّجودا
وأهل البرّ والأبحار طرّا
…
فلم تخطئ مصيبته وحيدا
وكان الخير يصبح فى ذراه «6»
…
سعيد الجدّ قد ولد السّعودا
ورثاه صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء مما لو استقصينا ذلك لطال، واتّسع فيه المجال، ومراثيه صلى الله عليه وسلم ومدائحه كثيرة تزداد فى كل عصر، وتتضاعف فى كلّ دهر، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا دائما أبدا.