الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تطيبه صلى الله عليه وسلم
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّ الطّيب، وكان يتطيب بالغالية «1» وبالمسك، حتى يرى وبيصه «2» في مفارقه، ويتبخّر بالعود ويطرح معه الكافور، وكان يعرف فى الليلة المظلمة بطيب ريحه صلى الله عليه وسلم.
وأما لباسه صلى الله عليه وسلم وما روى من ألوانه وأصنافه وطوله وعرضه
فقد روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يتجمّل لأصحابه، فضلا عن تجمّله لأهله، ويقول:«إن الله يحب من عبده إذا خرج إلى إخوانه أن يتهيّا لهم ويتجمّل» ولبس صلى الله عليه وسلم من الثياب البياض والحمرة والصّفرة والخضرة والسّواد.
أما البياض وما جاء فيه- فقد روى عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالبياض من الثياب فليلبسها أحياؤكم وكفّنوا فيها موتاكم فإنها من خير ثيابكم» وفى رواية عنه «البسوا الثياب البيض فإنها أطهر وأطيب وكفّنوا فيها موتاكم» . وعن أبى قلابة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ من أحبّ ثيابكم إلى الله البياض، فصلّوا فيها وكفّنوا فيها موتاكم» .
وأما الثياب الحمر- فروى عن البراء قال: ما رأيت أحدا كان أحسن فى حلّة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعنه: ما رأيت من ذى لمّة «3» أحسن فى حلّة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن عون بن أبى جحيفة عن أبيه
قال: أتيت النبىّ صلى الله عليه وسلم بالأبطح، وهو فى قبّة حمراء، فخرج وعليه جبّة له حمراء وحلّة عليه حمراء. وعن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس يرده الاحمر «1» في العيدين والجمعة. وعن أبى جعفر محمد بن علىّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر؛ ويعتمّ «2» يوم العيدين، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
وأما الثياب الصّفر- فقد روى عن قيس بن سعد بن عبادة قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعنا له غسلا فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة ورسيّة «3» فاشتمل بها، فكأنى أنظر إلى أثر الورس على عكنه «4» . وعن بكر بن عبد الله المزنى قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة مورّسة، فإذا دار على نسائه رشّها بالماء.
وعن أمّ سلمة رضى الله عنها قالت: ربما صبغ لرسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه ورداؤه وإزاره بزعفران وورس، ثم يخرج فيها. وعن عبد الله بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه بالزعفران: قميصه ورداءه وعمامته. وعن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه رداء وعمامة مصبوغين بالعبير «5» ، والعبير عندهم الزّعفران. وعن زيد بن أسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ ثيابه كلها بالزعفران حتى العمامة.
وأما الثياب الخضر- فقد روى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الثياب الخضر. وعن أبى رمثة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران. والله المنعم.
وأما السّواد وما ورد فيه- فقد روى عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة، وعليه عمامة سوداء. وعن حريث عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب الناس، وعليه عمامة سوداء، هذا ما وقفنا عليه من ألوان لباسه صلى الله عليه وسلم.
فأما أصناف لباسه صلى الله عليه وسلم وطولها وعرضها، فإنه عليه الصلاة والسلام لبس الصوف والحبرة والقطن، ولبس السّندس «1» والحرير، ثم تركه، وورد فى ذلك أخبار نذكر منها ما أمكن.
أما الصوف وما ورد فيه- فقد روى عن أبى بردة قال: دخلت على عائشة رضى الله عنها فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن، وكساء من هذه الملبّدة، فأقسمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض فيهما. وعنها رضى الله عنها قالت: جعل للنبىّ صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فلبسها. وعن سهل بن سعد: قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة، فيها حاشيتاها. قال سهل: وتدرون ما البردة؟ قالوا: الشّملة، قال:
نعم، هى الشّملة، فقالت: يا رسول الله، نسجت هذه البردة بيدى فجئت بها أكسوكها، قال: فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، فخرج علينا وإنها لإزاره، فحسّنها فلان- لرجل من القوم سماه- فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه البردة!
أكسنيها، فقال:«نعم» فجلس ما شاء الله فى المجلس ثم رجع، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم طواها ثم أرسل بها إليه، فقال له القوم: ما أحسنت، كسيها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته إياها، وقد علمت أنه لا يرد سائلا! فقال الرجل: والله ما سألته إياها لألبسها، ولكن لتكون كفنى يوم أموت، قال سهل: فكانت كفنه.
وأما الحبرة وهى من برود اليمن فيها حمرة وبياض فكانت من أحبّ اللباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى عن قتادة قال قلت لأنس بن مالك:
أىّ اللباس كان أحبّ وأعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
الحبرة. وعن محمد بن هلال قال: رأيت على هشام بن عبد الملك برد النبى صلى الله عليه وسلم من حبرة له حاشيتان.
وأما السّندس والحرير- فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس ذلك ثم تركه.
روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: أهدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقة «1» من سندس فلبسها، فكأنّى أنظر إلى يديها تذبذبان «2» من طولها. فجعل القوم يقولون: يا رسول الله، أنزلت عليك من السماء؟ فقال:
«وما تعجبون منها، فو الذى نفسى بيده إن منديلا من مناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير منها» ثم بعث بها إلى جعفر بن أبى طالب فلبسها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«إنى لم أعطكها لتلبسها» قال: فما أصنع بها؟ قال: «ابعث بها
إلى أخيك النجاشى» . وعن عقبة بن عامر قال: أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرّوج- يعنى قباء حرير- فلبسه، ثم صلّى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له، ثم قال:«لا ينبغى هذا للمتقين» .
وعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى فى خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما سلّم قال:«اذهبوا بخميصتى هذه إلى أبى جهم فإنها ألهتنى آنفا عن صلاتى وأتونى بأنجبانىّ «1» أبى جهم» .
وأما القطن وما ورد فى أطوال ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضها فروى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: كنت يوما أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد بحرانىّ «2» غليظ الحاشية. وعنه: كان قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم قطنيا قصير الطول قصير الكمّين. وعن بديل «3» قال: كان كمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرّسغ. وعن عروة بن الزبير رضى الله عنهما:
أن طول رداء النبى صلى الله عليه وسلم أربع أذرع، وعرضه ذراعان وشبر.