الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحسن الناس «1» وجوها، وأصدقه لقاء، وأطيبه كلاما، وأعظمه أمانة، أنتم منى وأنا منكم» وجعل شعارهم مبرورا، وحمى لهم حمى حول قريتهم، على أعلام «2» معلومة للفرس والراحلة وللمثيرة- بقرة الحرث- فمن رعاه من الناس فماله سحت «3» .
ذكر وفد غسّان
قال محمد بن سعد بسنده إلى محمد بن بكير الغسّانىّ، عن قومه من «4» غسّان، قالوا: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان سنة عشر، المدينة ونحن ثلاثة نفر، فنزلنا دار رملة بنت الحارث، ثم أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وصدّقنا، فأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوائز وانصرفوا راجعين، فقدموا على قومهم فلم يستجيبوا لهم، فكتموا إسلامهم حتى مات منهم رجلان مسلمين «5» ، وأدرك الثالث عمر بن الخطاب عام اليرموك، فلقى أبا عبيدة فخبّره بإسلامه فأكرمه «6» .
ذكر وفد الحارث بن كعب وما كتب به رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
قال ابن سعد: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فى أربعمائة من المسلمين، فى شهر ربيع الأوّل سنة عشر إلى بنى الحارث بن كعب بنجران «7» ،
وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام ثلاثا قبل أن يقاتلهم ففعل، فاستجاب له من هناك من بلحارث «1» بن كعب، ودخلوا فى الإسلام، ونزل خالد بن الوليد بين أظهرهم، فعلمهم الإسلام وشرائعه، وكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد:«أن بشّرهم وأنذرهم واقدم ومعك وفدهم» ، فقدم خالد ومعه وفدهم؛ فيهم قيس بن الحصين، ويزيد بن عبد المدان، وعبد الله بن عبد المدان، ويزيد بن المحجّل، وعبد الله بن قراد «2» ، وشدّاد بن عبد الله القنانىّ، وعمرو بن عبد الله، وأنزلهم خالد عليه، ثم جاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«من هؤلاء الذين كأنهم رجال الهند» ؟ فقيل: بنو الحارث بن كعب، فسلّموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فأجازهم بعشر أواق، وأجاز قيس بن الحصين باثنتى عشرة أوقية ونشّ، وأمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى الحارث، ثم انصرفوا إلى قومهم فى بقية شوّال. هذا ما حكاه ابن سعد فى طبقاته.
وقال ابن إسحق: لما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلّموا عليه، وقالوا:
نشهد أنك لرسول الله، وأنه لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنتم الذين إذا زجروا استقدموا «3» » ؟ فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، فأعادها عليهم الثانية والثالثة، فلما أعادها الرابعة قال يزيد بن عبد المدان: نعم يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا، قالها أربع مرار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لو أنّ خالدا لم يكتب إلىّ أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم» فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، قال:«فمن حمدتم» ؟
قالوا: حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله. قال: «صدقتم» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بم كنتم تغلبون من قاتلكم فى الجاهلية» ؟ قالوا: لم نكن نغلب أحدا. قال: «بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم» قالوا: كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله أنا كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحدا بظلم، قال:«صدقتم» .
وأمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنى الحارث قيس بن الحصين، وأجازهم بعشر أواق عشر أواق، وأجاز قيس بن الحصين باثنتى عشرة أوقية ونشّ، ثم انصرفوا إلى قومهم فى بقية شوّال، أو فى صدر ذى القعدة، فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم ليفقّههم فى الدّين ويعلّمهم السّنة، ويعلّمهم «1» الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم. وكتب له كتابا وهو:
عهد من محمد النبى رسول الله- صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين
بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله فى أمره كله ف إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
، وأمره أن يأخذ الحق كما أمره الله، وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به، ويعلّم الناس القرآن ويفقّههم فيه، وينهى الناس، ولا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذى لهم والذى عليهم، ويلين للناس فى الحق، ويشتدّ عليهم فى الظّلم، فإنّ الله كره الظّلم، ونهى عنه، فقال: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ
، ويبشّر الناس بالجنة وبعملها، وينذر الناس النار وعملها، ويستألف «1» الناس حتى يفقّهوا فى الدّين، ويعلّم الناس معالم الحج وسنّته وفريضته، وما أمر الله به، والحج الأكبر: الحج الأكبر، والحج الأصغر هو العمرة، وينهى الناس أن يصلّى أحد فى ثوب واحد صغير، إلا أن يكون ثوبا يثنى طرفيه على عاتقيه، وينهى أن يحتبى «2» أحد فى ثوب واحد يفضى بفرجه إلى السماء، وينهى أن يعقص «3» أحد شعر رأسه فى قفاه، وينهى إذا كان بين الناس هيج «4» عن الدعاء إلى القبائل والعشائر، وليكن دعواهم إلى الله وحده لا شريك له، فمن لم يدع إلى الله ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطفوا «5» بالسّيف، حتى تكون دعواهم إلى الله وحده
لا شريك له، ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق، وأرجلهم إلى الكعبين، ويمسحون برءوسهم كما أمرهم الله، وأمر بالصلاة لوقتها، وإتمام الركوع والخشوع، يغلّس بالصّبح، «1» ويهجّر بالهاجرة «2» حين تميل الشّمس، وصلاة العصر والشمس فى الأرض مدبرة، والمغرب حين يقبل الليل، لا تؤخّر حتى تبدو النجوم فى السماء، والعشاء أوّل الليل، وأمر بالسّعى إلى الجمعة إذا نودى لها، والغسل عند الرّواح إليها، وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله، وما كتب على المؤمنين فى الصّدقة من العقار «3» عشر ما سقت العين وسقت السماء، وعلى ما سقى الغرب «4» نصف العشر، وفى كل عشر من الإبل شاتان، وفى كل عشرين من البقر بقرة، وفى كل ثلاثين من البقر تبيع «5» : جذع أو جذعة، وفى كل أربعين من الغنم سائمة «6» وحدها شاة، فإنها فريضة الله التى افترض على المؤمنين فى الصّدقة، فمن زاد خيرا فهو خير له، وأنه من أسلم من يهودىّ أو نصرانىّ إسلاما خالصا من نفسه، ودان بدين الإسلام فإنه من المؤمنين، له مثل ما لهم وعليه مثل