الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطّ، وحسن تصويرها؛ كقوله:«لا تمدّوا بسم الله الرحمن الرحيم» رواه ابن شعبان من طريق ابن عباس، وقوله فى الحديث الآخر الذى يروى عن معاوية أنه كان يكتب بين يديه- صلى الله عليه وسلم فقال له:«ألق «1» الدّواة، وحرّف القلم، وأقم الباء، وفرّق السين، ولا تعوّر «2» الميم، وحسّن الله، ومدّ الرحمن، وجوّد الرحيم» وإن لم تصح الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كتب، فلا يبعد أن يكون قد رزق علم الخطّ، ومنع الكتابة والقراءة. وكذلك حفظه صلى الله عليه وسلم لكثير من لغات الأمم؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:«سنه سنه «3» » وهى حسنة بالحبشية، وقوله: و «يكثر الهرج» وهو القتل بها، وقوله فى حديث أبى هريرة:«اشكنب «4» دردم» أى وجع البطن بالفارسية، وغير ذلك مما لا يعلمه إلا من دارس العلوم، ومارس الكتب، وداوم المطالعة، وعكف على الاشتغال. وكان صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك لا يقرأ ولا يكتب؛ كما أخبر الله تعالى عنه بقوله عز وجل:
«وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطّه بيمينك إذا لارتاب المبطلون» «5» وفى هذا أكبر آية، وأعظم دلالة، وأبين حجة، وأبهر معجزة له صلى الله عليه وسلم.
وقد رأينا أن نختم هذه الفصول بذكر القصيدة التى ابتسمت ثغورها بوصف معجزاته
،
وتحلّت نحورها بجواهر صفاته، ورفلت فى حلل الفخار من باهر آياته، وسحبت ذيول الافتخار بإشارات إلى غزواته، وفاح أرجها فأخجل المسك الدّارىّ «6» ، وأشرقت أنوارها على النيرين
فما ظنك بالدرارىّ، وهى قصيدة الشيخ الإمام العلامة أبى محمد عبد الله بن زكريا الشّقراطيسىّ «1» رحمه الله تعالى، وإنما اقتصرنا عليها وصرفنا الرغبة دون غيرها إليها لاشتمالها على جمل من أخباره السنية، ونكت من آثاره التى هى بكل خير ملية، وهى:
الحمد لله منّا باعث الرسل
…
هدى بأحمد منّا أحمد السّبل «2»
خير البرية من بدو ومن حضر
…
وأكرم الخلق من حاف ومنتعل «3»
توراة موسى أتت عنه فصدّقها
…
إنجيل عيسى بحقّ غير مفتعل «4»
أخبار أحبار أهل الكتب قد وردت
…
عما رأوا ورووا فى الأعصر الأول
ضاءت لمولده الآفاق وانصلت
…
بشرى الهواتف فى الإشراق والطّفل «5»
وصرح كسرى تداعى من قواعده
…
وانقاض منكسر الأرجاء ذا ميل «6»
ونار فارس لم توقد وما خمدت
…
مذ ألف عام ونهر القوم لم يسل
خرّت لمبعثه الأوثان وانبعثت
…
ثواقب الشهب ترمى الجنّ بالشّعل
ومنطق الذئب بالتصديق معجزة
…
مع الذراع ونطق العير والجمل «7»
وفى دعائك بالأشجار حين أتت
…
تسعى بأمرك فى أغصانها الذّلل
وقلت عودى فعادت فى منابتها
…
تلك العروق بإذن الله لم تمل
والسّرح بالشام لما جئتها سجدت
…
شمّ الذوائب فى أغصانها الخضل «1»
والجذع حنّ لأن فارقته أسفا
…
حنين ثكلى شجتها لوعة الثّكل «2»
ما صبر من صار من عين على أثر
…
وحال من حال من حال إلى عطل «3»
حيى فمات سكونا ثم مات لدن
…
حيى حنينا فأضحى غاية المثل
والشاة لمّا مسحت الكفّ منك على
…
جهد الهزال بأوصال لها قحل «4»
سحّت ودرّت بشكر الضرع حافلة
…
فروّت الركب بعد النّهل بالعلل «5»
وآية الغار إذ وقّيت فى حجب
…
عن كل رجس لرجس الكفر منتحل «6»
وقال صاحبك الصّدّيق كيف بنا
…
ونحن منهم بمرأى الناظر العجل
فقلت لا تحزن ان الله ثالثنا
…
وكنت فى حجب ستر منه منسدل
حمّت لديك حمام الوحش جاثمة
…
كيدا لكل غوىّ القلب مختبل «7»
والعنكبوت أجادت حوك حلّتها
…
فما يخال خلال النّسج من خلل
قالوا: وجاءت إليه سرحة سترت
…
وجه النبىّ بأغصان لها هدل»
وفى سراقة آيات مبنيّة
…
إذ ساخت الحجر فى وحل بلا وحل «1»
عرجت تخترق السبع الطّباق إلى
…
مقام زلفى كريم قمت فيه عل «2»
عن قاب قوسين أو أدنى هبطت ولم
…
تستكمل الليل بين المرّ والقفل «3»
دعوت للخلق عام المحل مبتهلا
…
أفديك بالخلق من داع ومبتهل «4»
صعّدت كفّيك إذ كفّ الغمام فما
…
صوّبت إلّا بصوب الواكف الهطل «5»
أراق بالأرض ثجّا صوب ريّقه
…
فحلّ بالأرض نسجا رائق الحلل «6»
زهر من النّور حلّت روض أرضهم
…
زهرا من النّور ضافى النبت مكتهل «7»
من كل غصن نضير مورق خضر
…
وكل نور نضيد مونق خضل «8»
تحية أحيت الأحياء من مضر
…
بعد المضرة تروى السّبل بالسّبل «9»
دامت على الأرض سبعا غير مقلعة
…
لولا دعاؤك بالإقلاع لم تزل
ويوم زورك بالزّوراء إذ صدروا
…
من يمن كفّك عن أعجوبة مثل «1»
والماء ينبع جودا من أناملها
…
وسط الإناء بلا نهر ولا وشل «2»
حتى توضأ منه القوم واغترفوا
…
وهم ثلاث مئين جمع محتفل
أشبعت بالصاع ألفا مرملين كما
…
رؤيت ألفا ونصف الألف من سمل «3»
وعاد ما شبع الألف الجياع به
…
كما بدوا فيه لم ينقص ولم يحل
أعجزت بالوحى أصحاب البلاغة فى
…
عصر البيان فضلّت أوجه الحيل
سألتهم سورة فى مثل حكمته
…
فتلّهم عنه حين العجز حين تلى «4»
ورام رجس كذوب أن يعارضه
…
بعىّ غىّ فلم يحسن ولم يطل «5»
مثبّج بركيك الإفك ملتبس
…
ملجلج بزرىّ الزّور والخطل «6»
يمجّ أول حرف منه سامعه
…
ويعتريه كلال العجز والملل «7»
كأنّه منطق الورهاء شذّبه
…
لبس من الخبل أو مسّ من الخبل «8»
أمرّت البئر واغورّت لمجّته
…
فيها وأعمى بصير العين بالتّفل «9»
وأيبس الضّرع منه شؤم راحته
…
من بعد إرساله بالرّسل منهمل «1»
برئت من دين قوم لا قوام لهم
…
عقولهم من وثاق الغىّ فى غلل «2»
يستخبرون خفىّ الغيب من حجر
…
صلد ويرجون غوث النصر من هبل «3»
نالوا أذّى منك- لولا حلم خالقهم
…
وحجّة الله بالإنذار لم تنل «4»
واستضعفوا أهل دين الله فاصطبروا
…
لكل معضل خطب فادح جلل «5»
لاقى بلال بلاء من أميّة قد
…
أحلّه الصبر فيه أكرم النّزل
إذ أجهدوه بضنك الضّنك وهو على
…
شدائد الأزل ثبت الأزر لم يزل «6»
ألقوه بطحا برمضاء البطاح وقد
…
عالوا عليه صخورا جمّة الثّقل «7»
فوحّد الله إخلاصا وقد ظهرت
…
بظهره كنده ب الطّلّ فى الطّلل «8»
إن قدّ ظهر ولىّ الله من دبر
…
قد قدّ قلب عدوّ الله من قبل «9»
نفرت فى نفر لم ترض أنفسهم
…
إذ نافروا الرّجس إلّا القدس من نفل «10»
بأنفس بدّلت فى الخلد إذ بذلت
…
عن صدق بذل ببدر أكرم البدل
قالوا: محمد قد حلّت كتائبه
…
كالأسد تزأر فى أنيابها العصل «1»
فويل مكّة من آثار وطأته
…
وويل أمّ قريش من جوى الهبل «2»
فجدت عفوا بفضل العفو منك ولم
…
تلمم ولا بأليم اللّوم والعذل
أضربت بالصّفح صفحا عن طوائلهم
…
طولا أطال مقيل القوم فى المقل»
رحمت واشج أرحام أتيح لها
…
تحت الوشيج نشيج الرّوع والوجل «4»
عاذوا بظل كريم العفو ذى لطف
…
مبارك الوجه بالتوفيق مشتمل «5»
أحبب بخيل من التّكوين قد جنبت
…
لجانب عن جناب الحقّ معتزل «6»
أعميت جيشا بكفّ من حصى فجثوا
…
وعطّلوا عن حراك النّفل بالنّقل «7»
ودعوة بفناء البيت صادقة
…
غدا أميّة منها شرّ منخزل «8»
غادرت جهل أبى جهل بمجهلة
…
وشاب شيبة قبل الموت من وجل «1»
وعتبة الشّرّ لم يعتب فتعطفه
…
منك العواطف قبل الفوت فى مهل «2»
وعقبة الغمر عقباه لشقوته
…
قد ظلّ من غمرات الغىّ فى ظلل «3»
وكلّ أشوس عاتى القلب منقلب
…
جعلته بقليب البئر كالجعل «4»
وجاثم بمثار النّقع مشتغل
…
بجاحم من أوار النار مشتعل «5»
عقدت بالحزى فى عطفى مقلّدهم
…
طوق الحمامة باق غير منتقل «6»
أمسى خليل صغار بعد نخوته
…
بالأمس فى خيلاء الخيل والخول «7»
دام يديم زفيرا فى جوانحه
…
جنح من الشّكّ لم يجنح ولم يمل «8»
يقاد فى القدّ خنقا مشربا حنقا
…
يمشى به الذّعر مشى الشارب الثّمل «9»
أوصاله من صليل الغلّ فى علل
…
وقلبه من غليل الغلّ فى غلل «1»
يظلّ يحجل ساجى الطرف خافضه
…
بمسكة الحجل لا من مسكة الحجل «2»
أرحت بالسيف ظهر الأرض من نفر
…
أزحت بالصدق منهم كاذب العلل «3»
تركت بالكفر صدعا غير ملتئم
…
وآب منك بقرح غير مندمل «4»
وأفلت السيف منهم كلّ ذى أسف
…
على الحمام حماه آجل الأجل «5»
قد أعتقته عتاق الخيل وهو يرى
…
به إلى رقّ موت رقّة الغزل «6»
فكم بمكة من باك وباكية
…
بفيض سجل من الآماق منسجل «7»
وكاسف البال بالى الصبر جدت له
…
بوابل من وبال الخزى متّصل «8»
فؤاده من سعير الغيظ فى غلل
…
وعينه من غزير الدمع فى غلل «9»
قد أسعرت منه صدرا غير مصطبر
…
وحمّلت منه قلبا غير محتمل «1»
ويوم مكة إذ أشرفت فى أمم
…
يضيق عنها فجاج الوعر والسّهل «2»
خوافق ضاق ذرع الخافقين بها
…
فى قاتم من عجاج الخيل والإبل «3»
وجحفل قذف الأرجاء ذى لجب
…
عرمرم كزهاء الليل منسدل «4»
وأنت- صلى عليك الله- تقدمهم
…
فى بهو إشراق نور منك مكتمل «5»
ينير فوق أغرّ الوجه منتجب
…
متوّج بعزيز النصر مقتبل «6»
تسمو أمام جنود الله مرتديا
…
ثوب الوقار لأمر الله ممتثل
خشعت تحت لواء العزّحين سمت
…
بك المهابة فعل الخاضع الوجل «7»
وقد تباشر أملاك السماء بما
…
ملّكت إذ نلب منه غاية الأمل
والأرض ترجف من زهو ومن فرق
…
والجوّ يزهر إشراقا من الجذل «8»
والخيل تختال ميلا فى أعنّتها
…
والعيس تنثال رهوا من ثنى الجدل «9»
لولا الذى خطّت الأقلام من قدر
…
وسابق من قضاء غير ذى حول
أهلّ ثهلان بالتهليل من طرب
…
وذاب يذبل تكبيرا من الذّبل «1»
الملك لله هذا عزّ من عقدت
…
له النبوّة فوق العرش فى الأزل
شعبت صدع قريش بعد ما قذفت
…
بهم شعوب شعاب السّهل والقلل «2»
من كل مهتصر لله منتصر
…
بالسيف مختصر بالرّمح معتقل «3»
يمشى إلى الموت عالى الكعب معتقلا
…
أظمى الكعوب كمشى الكاعب الفضل «4»
قد قاتلوا دونك الأقيال عن جلد
…
وجالدوا بجلاء البيض والجدل «5»
وصلتهم وقطعت الأقربين معا
…
فى الله لولاه لم تقطع ولم تصل
وجاء جبريل فى جند لهم عدد
…
لم يبتذلها أكفّ الخلق بالعمل
بيض من العون لم تستلّ من عمد
…
خيل من الكون لم تستنّ فى طيل «6»
أزكى البرية أخلاقا وأطهرها
…
وأكثر الناس صفحا عن ذوى الزّلل
زان الخشوع وقار منه فى خفر
…
أرقّ من خفر العذراء فى الكلل «1»
وطفت فى البيت محبورا وطاف به
…
من كان عنه قبيل الفتح فى شغل
والكفر فى ظلمات الرّجس مرتكس
…
ثاو بمنزلة البهموت من زحل «2»
حجزت بالأمن أقطار الحجاز معا
…
وملت بالخوف عن خيف وعن ملل «3»
وحلّ أمن ويمن منك فى يمن
…
لما أجابت إلى الإيمان فى عجل
وأصبح الدين قد حفّت جوانبه
…
بعزة النصر واستعلى على الملل «4»
قد طاع منحرف منهم لمعترف
…
وانقاد منعدل منهم لمعتدل
أحبب بخلّة أهل الحقّ فى الخلل
…
وعزّ دولته الغرّاء فى الدول
أمّ اليمامة يوم منه مصطلم
…
وحلّ بالشام شؤم غير مرتحل «5»
تعرّقت منه أعراق العراق ولم
…
يترك من التّرك عظما غير منتثل «6»
لم يبق للفرس ليث غير مفترس
…
ولا من الحبش جيش غير منجفل «1»
ولا من الصّين صون غير مبتذل
…
ولا من الروم مرمى غير منتضل «2»
ولا من النّوب جذم غير منجذم
…
ولا من الزّنج جذل غير منجذل «3»
ونيل بالسّيف سيف النّيل واتصلت
…
دعوى الجنود فكلّ بالجلاد صلّى «4»
وسلّ بالغرب غرب السيف إذ شرقت
…
بالشرق قبل صدور البيض والأسل «5»
وعاد كل عدوّ عزّ جانبه
…
قد عاذ منك ببذل منه مبتذل «6»
بذمّة الله والإيمان متّصل
…
أو من شبا النّصل بالأموال منتصل «7»
يا صفوة الله قد صافيت فيك صفا
…
صفو الوداد بلا شوب ولا دخل «8»
ألست أكرم من يمشى على قدم
…
من البرية فوق السهل والجبل
وأزلف الحلق عند الله منزلة
…
إذ قيل فى مشهد الأشهاد والرسل
قم يا محمد فاشفع فى العباد وقل
…
تسمع وسل تعط واشفع عائدا وسل
والكوثر الحوض يروى الناس من ظمأ
…
برح وينقع منه لاعج الغلل «9»