الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان أحدا فرجف بهم فقال: «اثبت أحد، فإنما عليك نبىّ وصديق وشهيدان» ، ومثله عن أبى هربرة فى حراء «1» ، وزاد فيه: ومعه علىّ وطلحة والزّبير، وقال:«إنما عليك نبىّ أو صدّيق أو شهيد «2» » ، والخبر فى حراء أيضا عن عثمان قال: ومعه عشرة من أصحابه أنا فيهم، وزاد عبد الرحمن وسعدا، قال: ونسيت الاثنين. وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم حين طلبته قريش قال له ثبير «3» : اهبط يا رسول الله، فإنى أخاف أن يقتلوك على ظهرى فيعذبنى الله، فقال حراء: إلىّ يا رسول الله. وقد تقدّم ذكر خبر الأصنام، وسقوطها عند ما أشار إليها بالقضيب، حين فتح الله تعالى مكة عليه، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا أبدا دائما.
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم كلام الحيوانات وسكونها وثباتها إذا رأته
؛
كقصة الدّاجن «4» ، وكلام الضّبّ والذّئب، والطائر والظّبية، وسجود الغنم والبعير، وخبر سفينة مولاه مع الأسد، وخبر العنز، وغير ذلك مما نورده إن شاء الله تعالى.
فمن ذلك ما رويناه بسند متصل عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان عندنا داجن، فإذا كان عندنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قرّ وثبت مكانه، فلم يجىء ولم يذهب، فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء وذهب.
ومنه ما روى عن عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى محفل من أصحابه إذ جاء أعرابى قد صاد ضبّا فقال: من هذا؟ قالوا: نبىّ
الله، فقال: واللّات والعزّى لا آمنت بك أو يؤمن «1» هذا الضّبّ. وطرحه بين يدى النبىّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«يا ضبّ» فأجابه بلسان مبين يسمعه القوم جميعا: لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة، قال:
«من تعبد» ؟ قال: الذى فى السماء عرشه، وفى الأرض سلطانه، وفى البحر سبيله، وفى الجنة رحمته، وفى النار عقابه، قال:«فمن أنا» ؟ قال: رسول رب العالمين، وخاتم النبيين؛ وقد أفلح من صدّقك، وخاب من كذّبك. فأسلم الأعرابىّ.
ومن ذلك قصة كلام الذئب المشهورة عن أبى سعيد الخدرىّ قال: بينا راع يرعى غنما له، عرض الذئب لشاة منها فأخذها الراعى منه، فأقعى الذئب وقال للراعى: ألا تتّقى الله، حلت بينى وبين رزقى! قال الراعى: العجب من ذئب يتكلم بكلام الإنس، فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؛ رسول الله بين الحرّتين يحدّث الناس بأنباء «2» ما قد سبق، فأتى الراعى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:«قم فحدّثهم» ؛ ثم قال: «صدق» .
وروى حديث الذئب عن أبى هريرة. وفى بعض الطرق عنه قال الذئب: أنت أعجب! واقفا على غنمك، وتركت نبيا لم يبعث الله نبيّا قطّ أعظم منه عنده قدرا، قد فتحت له أبواب الجنة، وأشرف أهلها على أصحابه ينظرون قتالهم، وما بينك وبينه إلا هذا الشّعب فتصير فى جنود الله، قال الراعى: من لى بغنمى؟ قال الذئب:
أنا أرعاها حتى ترجع، فأسلم الرجل إليه غنمه ومضى، وذكر قصته وإسلامه ووجوده النبى صلى الله عليه وسلم يقاتل، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم:«عد إلى غنمك تجدها بوفرها «3» » فوجدها كذلك، وذبح للذئب شاة منها.
وروى أن أهبان بن أوس هو صاحب القصة ومكلّم الذئب. وروى أيضا أن صاحب القصة سلمة بن عمرو بن الأكوع، وأنها سبب إسلامه. وحكى أبو عمر بن عبد البر فى ترجمة رافع بن عميرة الطائى أنه كلمه الذئب، وهو فى ضأن له يرعاها، فدعاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واللحاق به. قال: وزعموا أن رافع بن عميرة قال فى كلام الذئب إياه.
رعيت الضّأن أحميها بكلبى
…
من الضّبع الحفىّ وكل ذيب «1»
فلمّا أن سمعت الذئب نادى
…
يبشّرنى بأحمد من قريب
سعيت إليه قد شمّرت ثوبى
…
على السّاقين قاصدة الرّكيب
فألفيت النّبىّ يقول قولا
…
صدوقا ليس بالقول الكذوب
يبشّرنى بدين الحقّ حتى
…
تبيّنت الشّريعة للمنيب «2»
وأبصرت الضّياء يضىء حولى
…
أمامى إن سعيت ومن جنوبى
فى أبيات أخر.
وروى ابن وهب: أن مثل هذه القصة وقع لأبى سفيان بن حرب، وصفوان ابن أمية مع ذئب وجداه قد أخذ ظبيا، فدخل الظّبى الحرم فانصرف الذئب فعجبا من ذلك، فقال الذئب: أعجب من ذلك محمد بن عبد الله بالمدينة يدعوكم إلى الجنة وتدعونه إلى النار. فقال أبو سفيان: واللّات والعزّى لئن ذكرت هذا بمكة لتتركنا خلوفا «3» . وقد روى أيضا مثل هذا الخبر، وأنه جرى لأبى جهل وأصحابه.
وعن عباس بن مرداس السّلمىّ أنه لمّا تعجّب من كلام صنمه ضمار، وإنشاده الشعر الذى ذكرناه، فإذا طائر سقط، فقال: يا عباس، أتعجب من كلام ضمار، ولا تعجب من نفسك؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، وأنت جالس! وعن أنس رضى الله عنه قال: دخل النبىّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ورجل من الأنصار حائط «1» أنصارىّ، وفى الحائط غنم، فسجدت له فقال أبو بكر:
نحن أحقّ بالسجود لك منها
…
الحديث. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال:
دخل النبى صلى الله عليه وسلم حائطا فجاء بعير فسجد له، وذكر مثله. ومثله فى الجمل عن ثعلبة بن مالك، وجابر بن عبد الله، ويعلى بن مرّة، وعبد الله بن جعفر قال:«2» وكان لا يدخل أحد الحائط إلا شدّ عليه الجمل، فلما دخل عليه النبى صلى الله عليه وسلم دعاه، فوضع مشفره فى الأرض وبرك بين يديه فحطمه؛ وقال:«ما بين السماء والأرض شىء إلا يعلم أنى رسول الله إلا عاصى الجنّ والإنس» . وفى حديث آخر: أن النبى صلى الله عليه وسلم سألهم عن شأنه فأخبروه أنهم أرادوا ذبحه.
وفى رواية: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لهم: «إنه اشتكى كثرة العمل وقلة العلف» . وفى رواية: «إنه شكا إلىّ أنكم أردتم ذبحه بعد أن استعملتموه فى شاقّ العمل من صغره» فقالوا: نعم. وقد روى فى قصة العضباء وكلامها النبى صلى الله عليه وسلم، وتعريفها له بنفسها، ومبادرة العشب إليها فى الرّعى، وتجنّب الوحوش عنها، وندائهم لها أنّك لمحمد، وأنها لم تأكل ولم تشرب بعد موته حتى ماتت. ذكره الإسفرائنى. وروى ابن وهب: أن حمام مكة أظلت