الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بأبى وأمى ما أطيب محياك ومماتك. وفى لفظ:
طبت حيا وميتا. وعن عائشة رضى الله عنها قالت: لما توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء أبو بكر فدخل عليه فرفعت الحجاب، فكشف الثوب عن وجهه، فاسترجع فقال: مات والله رسول الله، ثم تحوّل من قبل رأسه فقال: وانبياه، ثم حدر فمه فقبّل وجهه ثم رفع رأسه، فقال: واخليلاه، ثم حدر فمه فقبّل جبهته ثم رفع رأسه، فقال: واصفيّاه، ثم حدر فمه فقبّل جبهته، ثم سجّاه بالثوب ثم خرج.
وعن عبد الرحمن بن عوف: أن عائشة أخبرته أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسّنح «1» حتى نزل، فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمّم «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجّى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكبّ عليه يقبّله وبكى، ثم قال: بأبى أنت، والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا، أما الموتة التى كتبت عليك فقد متّها.
ذكر ما تكلم به الناس حين شكّوا فى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبة أبى بكر رضى الله عنه
روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: لما توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى الناس فقام عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى المسجد خطيبا فقال:
لا أسمعنّ أحدا يقول إن محمدا قد مات، ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى ابن عمران، فلبث عن قومه أربعين ليلة، وإنى والله لأرجو أن تقطع أيدى رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات. وعن عكرمة قال: لما توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنما عرج بروحه كما عرج بروح موسى، قال: وقام عمر خطيبا فوعد
المنافقين، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت، ولكن إنما عرج بروحه كما عرج بروح موسى، لا يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدى أقوام وألسنتهم، قال: فما زال عمر يتكلم حتى أزبد شدقاه، فقال العباس:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأسن «1» كما يأسن البشر، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات فادفنوا صاحبكم، أيميت أحدكم إماتة ويميته إماتتين؟ هو أكرم على الله من ذلك، فإن كان كما تقولون فليس على الله بعزيز أن يبحث عنه التراب فيخرجه إن شاء الله، ما مات حتى ترك السبيل نهجا واضحا، أحلّ الحلال، وحرّم الحرام، ونكح وطلّق، وحارب وسالم، وما كان راعى غنم يتبع بها صاحبها رءوس الجبال، يخبط عليها العضاة «2» بمخبطه ويمدر حوضها بيده، بأنصب ولا أرأب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيكم. وعن عائشة رضى الله عنها قالت:
لما توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه فكشفا الثوب عن وجهه فقال عمر: أغشيا؟ ما أشدّ غشى رسول الله صلى الله عليه وسلم! ثم قاما فلما انتهيا إلى الباب، قال المغيرة: يا عمر، مات والله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: كذبت ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنك رجل تحوسك «3» فتنة، ولن يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يفنى المنافقين، ثم جاء أبو بكر وعمر يخطب الناس فقال له أبو بكر: اسكت؛ فسكت، فصعد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ
«4» ثم قرأ:
وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى
أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
«1» ثم قال:
من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حىّ لا يموت.
فقال عمر: هذا فى كتاب الله؟ قال: نعم، قال: أيها الناس، هذا أبو بكر وذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايه الناس. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: دخل أبو بكر المسجد وعمر بن الخطاب يكلّم الناس، فمضى حتى دخل بيت النبىّ صلى الله عليه وسلم الذى توفّى فيه، وهو بيت عائشة، وكشف عن وجه النبى صلى الله عليه وسلم برد حبرة، كان مسجّى به فنظر إلى وجهه ثم أكبّ عليه فقبّله، فقال: بأبى أنت؛ والله لا يجمع الله عليك موتتين، لقد متّ الموتة التى لا تموت بعدها، ثم خرج أبو بكر إلى الناس، وعمر يكلمهم فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فكله أبو بكر مرتين أو ثلاثا، فلما أبى عمر أن يجلس قام أبو بكر فتشهد، فأقبل الناس إليه وتركوا عمر، فلما قضى أبو بكر تشهده قال: أما بعد؛ فمن كان منكم يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حىّ لا يموت، قال الله تبارك وتعالى:«ومامحمّد إلّا رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئا وسيجزى الله الشّاكرين» .
قال: فلما تلاها أبو بكر أيقن الناس بموت النبىّ صلى الله عليه وسلم، وتلقاها الناس من أبى بكر حين تلاها أو كثير منهم، حتى قال قائل من الناس:
والله لكأنّ الناس لم يعلموا أن هذه الآية أنزلت حتى تلاها أبو بكر. فزعم سعيد ابن المسيّب أن عمر بن الخطاب قال: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها فعقرت «2» وأنا قائم حتى خررت إلى الأرض، وأيقنت أن النبى صلى الله عليه وسلم قد