الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلّم القدح وقال: «بقيت أنا وأنت اقعد فاشرب» فشربت ثم قال: «اشرب» وما زال يقولها وأشرب حتى قلت: لا والذى بعثك بالحقّ ما أجد له مسلكا، فأخذ القدح فحمد الله وسمّى وشرب الفضلة، صلى الله عليه وسلم.
وأما كلام الشجر وشهادتها له بالنبوة وانقيادها إليه وإجابتها دعوته صلى الله عليه وسلم
فمن ذلك ما رويناه بسند متصل عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، قال:
كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فدنا منه أعرابىّ، فقال:«يا أعرابى أين تريد» ؟ قال: إلى أهلى، قال:«هل لك إلى خير» ؟ قال: وما هو؟ قال:
«تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله» قال: من يشهد لك على ما تقول؟ قال: «هذه الشجرة السّمرة» «1» وهى بشاطئ الوادى، فأقبلت تخدّ «2» الأرض حتى قامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا فشهدت أنه كما قال، ثم رجعت إلى مكانها. وعن بريدة قال: سأل أعرابى النبى صلى الله عليه وسلم آية فقال له: «قل لتلك الشجرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم يدعوك» قال: فمالت الشجرة عن يمينها وشمالها وبين يديها وخلفها فتقطعت عروقها، ثم جاءت تخد الأرض، تجرّ عروقها مغيرة «3» حتى وقفت بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: السلام عليك يا رسول الله، قال الأعرابى: مرها فلترجع إلى منبتها فاستوت، فقال الأعرابى: إيذن لى أسجد لك، قال: «لو أمرت أحدا
أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» قال: فأذن لى أقبّل يديك ورجليك، فأذن له.
ومن ذلك ما روى فى الصحيح من حديث جابر بن عبد الله قال: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته فلم ير شيئا يستتر به، فإذا بشجرتين بشاطئ الوادى، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من غصانها فقال:«انقادى علىّ بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش «1» الذى يصانع قائده.
وذكر أنه فعل بالأخرى مثل ذلك، حتى إذا كان بالمنصف «2» بينهما قال:«التئما علىّ بإذن الله» فالتأمتا. وفى رواية أخرى؛ فقال: «يا جابر قل لهذه الشجرة يقول لك رسول الله- صلى الله عليه وسلم الحقى بصاحبتك حتى أجلس خلفكما» ففعلت فرجعت حتى لحقت بصاحبتها، فجلس خلفهما، فخرجت أحضر «3» ، وجلست أحدّث نفسى، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل «4» والشجرتان قد افترقثا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة فقال «5» برأسه- هكذا- يمينا وشمالا.
وروى أسامة بن زيد نحوه، قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض مغازيه:«هل» «6» ؟ يعنى مكانا لحاجة رسول الله- صلى الله عليه وسلم فقلت:
إن الوادى ما فيه موضع بالناس «1» ، فقال:«هل ترى من نخل أو حجارة» ؟
قلت: أرى نخلات متقاربات، فقال:«انطلق وقل لهن إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركنّ أن تأتين لمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقل للحجارة مثل ذلك» فقلت ذلك لهنّ، فو الذى بعثه بالحق لقد رأيت النخلات يتقاربن حتى اجتمعن، والحجارة يتعاقدن حتى صرن ركاما خلفهنّ، فلما قضى حاجته قال لى:
«قل لهنّ يفترقن» فو الذى نفسى بيده لرأيتهن والحجارة يفترقن حتى عدن إلى مواضعهنّ. وعن ابن مسعود مثله فى غزاة حنين. وعن يعلى بن مرة- وهو ابن سيّابة «2» - وذكر أشياء رآها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أن طلحة- أو سمرة- جاءت فأطافت به، ثم رجعت إلى منبتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنها استأذنت أن تسلم علىّ» . وفى حديث ابن مسعود: آذنت «3» النبىّ صلى الله عليه وسلم بالجنّ ليلة استمعوا له شجرة. وذكر أبو بكر بن فورك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار فى غزوة الطّائف ليلا وهو وسن، «4» فآعترضته سدرة فانفرجت له نصفين، حتى جاز بينهما، وبقيت على ساقين إلى وقتنا هذا، وهى هناك معروفة. وقد روى فى مثل ذلك أحاديث كثيرة.
ومن ذلك قصّة حنين الجذع، والخبر بذلك مشهور منتشر خرّجه أهل الصحيح، ورواه جماعة من الصحابة رضى الله عنهم، قال جابر بن عبد الله: كان المسجد مسقوفا على جذوع نخل، فكان النبى صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم على جذع منها، فلما صنع له المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار «5» ، وفى رواية أنس: