الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجنون، فقال: آتى هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يدىّ، قال: فلقيت محمدا، فقلت: إنى أرقى من هذه الرياح، وإن الله يشفى على يدى من يشاء، فهلمّ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادى له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله» ثلاث مرات، فقال: تالله لقد سمعت قول الكهنة، وقول السّحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات، فهلمّ يدك أبايعك على الإسلام، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له:
«وعلى قومك» ؟ فقال: وعلى قومى، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة فمرّوا بقوم ضماد، فقال صاحب الجيش للسريّة: هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل منهم: مطهرة»
، فقال:«ردّوها عليهم فإنهم قوم ضماد» . رواه مسلم فى صحيحه.
وروى القاضى عياض بن موسى فى كتابه المترجم ب (الشّفا، بتعريف حقوق المصطفى) : أن ضمادا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أعد علىّ كلماتك هؤلاء فلقد بلغن قاموس البحر «2» ، هات يديك أبايعك.
ذكر وفد همدان
قال محمد بن سعد رحمه الله تعالى: أخبرنا هشام بن محمد، قال: حدثنا حبّان ابن هانئ بن مسلم بن قيس بن عمرو بن مالك بن لأى الهمدانىّ ثم الأرحبىّ «3» عن أشياخهم، قالوا: قدم قيس بن مالك بن سعد «4» بن مالك بن لأى الأرحبىّ على رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، فقال: يا رسول الله أتيتك لأومن بك وأنصرك؛ فقال له: «مرحبا بك، أتأخذونى بما فىّ يا معشر همدان» ؟ قال: نعم؛ بأبى أنت وأمّى، قال:«فاذهب إلى قومك، فإن فعلوا فارجع أذهب معك» ، فخرج قيس إلى قومه، فأسلموا واغتسلوا فى جوف المحورة «1» - وهو ماء يغتسلون فيه- وتوجّهوا إلى القبلة، ثم خرج «2» بإسلامهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد أسلم قومى وأمرونى أن آخذك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم وافد القوم قيس» ، وقال:«وفّيت وفّى الله بك» ، ومسح بناصيته، وكتب عهده على قومه همدان: أحمورها «3» وعربها وخلائطها ومواليها أن يسمعوا له ويطيعوا، فإنّ لهم ذمّة الله وذمّة رسوله ما أقمتم الصّلاة وآتيتم الزّكاة؛ وأطعمه ثلاثمائة فرق «4» ، من خيوان مائتان: زبيب وذرة شطران «5» ، ومن عمران الجوف «6» مائة فرق برّ، جارية أبدا من مال الله.
ومن طريق آخر له قال: عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بالموسم على قبائل العرب، فمرّ به رجل من أرحب يقال له: عبد الله بن قيس بن أمّ
غزال، فقال:«هل عند قومك من منعة» ؟ قال: نعم، فعرض عليه الإسلام، فأسلم، ثم إنه خاف أن يخفره قومه «1» فوعده الحجّ من قابل، ثم وجّه الهمدانىّ يريد قومه، فقتله رجل من بنى زبيد يقال له ذباب، ثم إن فتية من أرحب قتلوا ذبابا الزّبيدىّ بعبد الله بن قيس. هذا قبل الهجرة.
وأما بعد الهجرة، فقد روى محمد بن إسحق رحمه الله، قال: قدم وفد همدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم مالك بن نمط، وأبو ثور وهو ذو المشعار، ومالك بن أيفع، وضمام بن مالك السّلمانى، وعميرة بن مالك الخارفّى، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك، وعليهم مقطّعات الحبرات «2» والعمائم العدنيّة، برحال الميس «3» على المهريّة «4» والأرحبيّة «5» ، ومالك بن نمط، ورجل آخر؟؟ رتجزان بالقوم؛ يقول أحدهما:
همدان خير سوقة وأقيال «6»
…
ليس لها فى العالمين أمثال
محلّها الهضب «7» ومنها الأبطال
…
لها إطابات «8» بها وآكال
ويقول الآخر:
إليك جاوزن سواد الرّيف
…
فى هبوات «1» الصّيف والخريف
مخطّمات بجبال اللّيف «2»
فقام مالك بن نمط بين يديه، ثم قال: يا رسول الله! نصيّة «3» من همدان من كل حاضر وباد، أتوك على قلص نواج «4» ، متّصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم فى الله لومة لائم، من مخلاف «5» خارف ويام وشاكر، أهل السّود «6» والقود، أجابوا دعوة الرسول، وفارقوا آلهات الأنصاب، عهدهم لا ينقض ما أقامت لعلع «7» ، وما جرى اليعفور «8» بضلع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم الحىّ همدان، ما أسرعها إلى النّصر، وأصبرها على الجهد، ومنهم أبدال «9» ، وفيهم أوتاد الإسلام» ، وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا؛ فيه:«بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب من [محمد «10» ] رسول الله لمخلاف خارف وأهل جناب «11» الهضب وحقاف «12» الرّمل، مع
وافدها ذى المشعار مالك بن نمط، ومن أسلم من قومه، على أن لهم فراعها «1» ووهاطها «2» وعزازها «3» ، يأكلون علافها «4» ، ويرعون عافيها «5» ، لنا منهم من دفئهم «6» وصرامهم «7» ما سلّموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصّدقة الثّلب «8» والنّاب والفصيل «9» والفارض «10» والدّاجن «11» والكبش الحورىّ «12» ، وعليهم فيها الصّالغ «13» والقارح «14» ما أقاموا الصلاة وآتوا الزّكاة، لهم بذلك عهد الله وذمام رسول الله عليه السلام، وشاهدهم المهاجرون والأنصار «15» » .