الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فانطلق فأضاء له العرجون، ووجد السواد فضربه حتى خرج. ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم زوّد أصحابه سقاء من ماء بعد أن أوكأه ودعا فيه، فلما حضرتهم الصلاة نزلوا فحلوه فإذا به لبن طيب وفى فمه زبدة. رواه حمّاد بن سلمة.
ومما يلتحق بهذا الفصل
أنه صلى الله عليه وسلم ركب فرسا لأبى طلحة، كان يقطف «1» - أو- به قطاف، فلما رجع قال: وجدنا فرسك بحرا، فكان بعد لا يجارى. ونخس «2» جمل جابر بن عبد الله، وكان قد أعيا فنشط حتى كان ما يملك زمامه، وقد تقدم خبره. وخفق فرس جعيل الأشجعى بمخفقه «3» معه وبرّك عليها فلم يملك رأسها نشاطا، وباع من بطنها باثنى عشر ألفا. وركب صلى الله عليه وسلم حمارا قطوفا لسعد بن عبادة فرده هملاجا «4» لا يساير.
ومن ذلك بركة يده صلى الله عليه وسلم فيما لمسه كقصة سلمان فى كتابته، وما غرس له صلى الله عليه وسلم من الودىّ «5» فأطعمت كلها من عامها، والذّهب الذى أعطاه، وقد تقدم ذكر ذلك فى إسلام سلمان. ومنه أنه صلى الله عليه وسلم مسح على رأس عمير بن سعد وبرّك فمات وهو ابن ثمانين سنة وما شاب. وكذلك السّائب ابن يزيد، ومدلوك «6» ، وكان يوجد لعتبة بن فرقد طيب يغلب طيب نسائه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح بيده على بطنه وظهره. ومسح على
رأس قيس بن زيد الجذامىّ، ودعا له فهلك وهو ابن مائة سنة، ورأسه أبيض، وموضع كفّ النبى صلى الله عليه وسلم وما مرّت يده عليه من شعره أسود، فكان يدعى الأغرّ. وروى مثل ذلك لعمرو بن ثعلبة الجهنىّ. ومسح وجه آخر فما زال على وجهه نور. ومسح وجه قتادة بن ملحان، فكان لوجهه بريق، حتى كان ينظر فيه كما ينظر فى المرآة. ونضح فى وجه زينب بنت أمّ سلمة نضحة من ماء، فما نعرف كان فى وجه امرأة من الجمال ما بها. ومسح على رأس صبى به عاهة فبرأ واستوى شعره، وعلى غير واحد من الصبيان المرضى والمجانين فبرءوا. وأتاه رجل به أدرة «1» فأمره أن ينضحها بماء من عين مجّ «2» فيها ففعل فبرأ. وعن طاوس:
لم يؤت النبى صلى الله عليه وسلم بأحد به مسّ فصكّ فى صدره إلا ذهب. والمس:
الجنون. ومجّ فى دلو من بئر ثم صبّ فيها ففاح منها ريح المسك. وشكا إليه أبو هريرة النسيان فأمره أن يبسط ثوبه، وغرف بيده فيه ثم أمره بضمه ففعل فما نسى شيئا بعد. ومن ذلك درور الشياه الحوائل «3» باللبن الكثير؛ كقصة شاة أمّ معبد، وأعنز معاوية بن ثور، وشاة أنس، وغنم حليمة، وشارفها «4» ، وشاة عبد الله بن مسعود، وشاة المقداد، والله أعلم.
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم ما أخبر به من الغيوب، وما يكون قبل وقوعه، فكان كما أخبر به صلى الله عليه وسلم؛ روى عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما، فما ترك شيئا يكون فى مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّثه «5» ، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابى هؤلاء،
وإنه ليكون منه الشىء فأعرفه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه، ثم قال حذيفة: ما أدرى أنسى أصحابى أم تناسوه، والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضى الدنيا، يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا إلا قد سمّاه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته. وقال أبو ذرّ: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه فى السماء إلا ذكرنا منه علما «1» .
ومما أخبر به صلى الله عليه وسلم مما يكون فكان، ما أخرجه أهل الصحيح والأئمة، مما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من الظّهور على أعدائه، وفتح مكة وبيت المقدس واليمن والشام والعراق، وظهور الأمن حتى تظعن «2» المرأة من الحيرة إلى مكة لا تخاف إلا الله، وأن المدينة ستغزى «3» ، وتفتح خيبر على يدى علىّ فى غد يومه، وما يفتح الله على أمته من الدنيا، وما يؤتون من زهرتها «4» ، وقسمتهم كنوز كسرى وقيصر، وما يحدث بينهم من الفتون «5» والاختلاف والأهواء، وسلوك سبيل من قبلهم وافتراقهم على ثلاث وسبعين فرقة، الناجية منها واحدة، وأنه ستكون لهم أنماط «6» ، ويغدو أحدهم فى حلّة ويروح فى أخرى، وتوضع بين يديه صحفة «7» وترفع أخرى، ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة، ثم قال آخر الحديث:
«وأنتم اليوم خير منكم يومئذ» وأنهم إذا مشوا المطيطاء «8» ، وخدمتهم بنات
فارس والروم، ردّ الله بأسهم بينهم، وسلّط شرارهم على خيارهم، وما أخبر به صلى الله عليه وسلم من قتالهم التّرك والخزر والرّوم، وذهاب كسرى وفارس، حتى لا كسرى ولا فارس بعده، وذهاب قيصر حتى لا قيصر بعده، وأن الروم ذات قرون إلى آخر الدهر، وأخبر بذهاب الأمثل فالأمثل من الناس، وتقارب الزمان، وقبض العلم، وظهور الفتن والهرج، وقوله صلى الله عليه وسلم:
«زويت «1» لى الأرض فأريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها» فكان كذلك؛ امتدت فى المشارق والمغارب، ما بين أرض الهند أقصى المشرق إلى بحر طنجة «2» حيث لا عمارة وراءه، ولم تمتدّ فى الجنوب والشمال مثل ذلك. وقوله صلى الله عليه وسلم:«ويل للعرب من شرّ قد اقترب» .
وقوله: «لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحقّ حتى تقوم الساعة» ذهب ابن المدينى إلى أنهم العرب؛ لأنهم المختصّون بالسّقى بالغرب وهو الدّلو، وقيل:
بل هم أهل المغرب، ومن رواية أبى أمامة:«لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق قاهرين لعدوهم حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك» قيل: يا رسول الله وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس» . وأخبر صلى الله عليه وسلم بملك بنى أمية، وولاية معاوية، ووصاه، واتخاذ بنى أمية مال الله دولا «3» .
وأخبر بخروج ولد العباس بالرايات السود، وملكهم أضعاف ما ملكوا، وأخبر بقتل علىّ رضى الله عنه، وأن أشقاها الذى يخضب هذه من هذه؛ أى لحيته من رأسه. وقال: يقتل عثمان وهو يقرأ المصحف، وأن الله عسى أن
يلبسه قميصا، وأنهم يريدون خلعه، وأنه سيقطر دمه على قوله تعالى: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ
«1» . وأن الفتن لا تظهر مادام عمر حيّا، وأخبر بمحاربة الزبير لعلىّ، ونباح كلاب الحوأب «2» على بعض أزواجه، وأنه يقتل حولها قتلى كثيرة، وتنجو بعد ما كادت، وأن عمّارا تقتله الفئة الباغية، وقال لعبد الله بن الزبير:«ويل للناس منك، وويل لك من الناس» وقال فى قزمان «3» وقد أبلى بلاء حسنا مع المسلمين: «إنه من أهل النار» فقتل نفسه. وقال صلى الله عليه وسلم: «يكون فى ثقيف كذّاب ومبير «4» » فكان الكذاب المختار بن أبى عبيد، والمبير الحجاج بن يوسف. وأخبر بالردّة، وأن الخلافة بعده ثلاثون، ثم ملكا، وقال:«إن هذا الأمر بدأ نبوّة ورحمة، ثم يكون رحمة وخلافة، ثم يكون ملكا عضوضا «5» ، ثم يكون عتوّا وجبروّة وفسادا فى الأئمة» فكان كل ذلك كما أخبر. وأخبر أن سيكون فى أمته ثلاثون كذّابا فيهم أربع نسوة، وفى حديث آخر:«ثلاثون دجالا كذّابا آخرهم الدّجّال الكذّاب كلهم يكذب على الله ورسوله» . وقال صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكثر فيكم العجم يأكلون فيئكم «6» ، ويضربون رقابكم» فكان كذلك. وقال:«لا تقوم الساعة حتى يسوق الناس بعصاه رجل من قحطان» «7» . وقال: «هلاك أمتى على يدى أغيلمة من قريش» قال أبو هريرة راوى الحديث: لو شئت سميتهم لكم،
بنو فلان وبنو فلان. وأخبر بظهور القدريّة والرافضة، وسبّ آخر هذه الأمة أوّلها. وأخبر بشأن الخوارج وصفتهم، والمخدج «1» الذى فيهم، وأن سيماهم التّحليق «2» .
وقال: «خيركم قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يأتى بعد ذلك قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يفون» . وقال: «لا يأتى زمان إلا والذى بعده شر منه» . وأخبر صلى الله عليه وسلم بالموتان «3» الذى يكون بعد فتح المقدس. وما وعد من سكنى البصرة، وأن أمته يغزون فى البحر كالملوك على الأسرّة؛ فكان فى زمن يزيد بن معاوية. وقال:«إن الدّين لو كان منوطا «4» بالثريا لناله رجال من ابناء فارس» . وقال صلى الله عليه وسلم فى الحسن بن على رضى الله عنهما: «إن ابنى هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين» . وأخبر بقتل الحسين بالطّف «5» ، وأخرج بيده تربة، وقال: فيها مضجعه. وقال فى زيد بن صوحان: يسبقه عضو منه إلى الجنة، فقطعت يده فى الجهاد. وقال لسراقة:
«كيف بك إذا لبست سوارى كسرى» فلما أتى بهما لعمر ألبسهما إياه، وقال:
الحمد لله الذى سلبهما كسرى وألبسهما سراقة. وقال: «تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربّل والصّراة «6» تجبى إليها خزائن الأرض يخسف بها» . فبنيت بغداد.
وقال: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل طائفتان دعواهما واحدة» . وقال لعمر فى سهيل بن عمرو: «عسى أن يقوم مقاما يسرك يا عمر» فقام بمكة مقام أبى بكر يوم بلغهم موت النبى صلى الله عليه وسلم، وخطب بنحو خطبته، وثبّت الناس