الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر من وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة شرّفها الله تعالى وعظمها
ولنبدأ من ذلك ب
ذكر وفد ثعلبة
؛ لأنه أوّل وفد كان بعد الفتح. ثم نذكر من وفد فى سنة تسع من الهجرة وما بعدها، ونورده نحو ما أورده أبو عبد الله محمد بن سعد فى طبقاته، إلا أنا نستثنى منهم من قدّمنا ذكره بحكم سابقتهم، وتقدّم إسلامهم.
ذكر وفد ثعلبة
قال أبو عبد الله محمد بن سعد رحمه الله: لمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة «1» ، فى سنة ثمان من الهجرة، قدم عليه أربعة نفر، وقالوا:
نحن رسل من خلفنا من قومنا، ونحن وهم مقرّون بالإسلام، فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضيافة، وأقاموا أياما ثم جاءوا ليودّعوه فأمر بلالا أن يجيزهم، كما يجيز الوفد، فجاء بنقر «2» من فضّة فأعطى كل رجل منهم خمس أواق، وقال:
«ليس عندنا دراهم» وانصرفوا إلى بلادهم.
ذكر وفد أسد
قال محمد بن سعد: قدم عشرة رهط من بنى أسد بن خزيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى أوّل سنة تسع من الهجرة، فيهم حضرمىّ بن عامر، وضرار ابن الأزور، فقال حضرمىّ: يا رسول الله! أتيناك نتدرّع الليل البهيم «3» ، فى سنة
شهباء «1» ، ولم تبعث إلينا بعثا، فنزل فيهم قوله عز وجل: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «2» .
قال: وكان معهم قوم من بنى الزّنية وهم بنو مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان ابن أسد، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنتم بنو الرّشدة» .
وقال أبو إسحق أحمد بن محمد الثعلبىّ رحمه الله: إنّ نفرا من بنى أسد، ثم من بنى الحلاف «3» بن الحارث بن سعيد، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فى سنة جدبة، فأظهروا شهادة أن لا إله إلا الله، ولم يكونوا مؤمنين فى السّر، وأفسدوا طرق المدينة بالعذرات، وأغلوا أسعارها، وكانوا يغدون ويروحون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: أتتك الرب بأنفسها، على ظهور رواحلها، وجئناك بالأثقال والعيال والذّرارىّ- يمنّون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان. ويريدون الصّدقة، ويقولون:
أعطنا. فأنزل الله عز وجل فيهم: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا «4»
الآيات. وقيل: نزلت فى الأعراب: مزينة، وجهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار. وكانوا يقولون: آمنّا بالله؛ ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم، فلما استنفروا إلى الحديبية تخلّفوا، فأنزل الله فيهم: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا
أى انقدنا واستسلمنا مخافة القتل والسّبى وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ
فأخبر تعالى أن حقيقة الأيمان التصديق بالقلب، وأن الإقرار باللسان، وإظهار شرائعه بالأبدان، لا يكون إيمانا دون الإخلاص الذى محلّه القلب.