الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أزواجك. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «بل أنا وارأساه لقد هممت- أو أردت- أن أرسل إلى أبيك وإلى أخيك فأفضى أمرى، وأعهد عهدى، فلا يطمع فى الأمر، طامع ولا يقول القائلون: أو يتمنى المتمنون» . وقال بعضهم فى حديثه:
«وبأبى الله إلا أبا بكر» . وعن محمد بن جبير قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم يذاكره فى الشىء، فقال: إن جئت فلم أجدك؟ قال: «فأت أبا بكر» .
وعن عاصم بن عمرو بن قتادة، قال: ابتاع النبى صلى الله عليه وسلم بعيرا من رجل إلى أجل فقال: يا رسول الله، إن جئت فلم أجدك؟ يعنى بعد الموت، قال:«فأت أبا بكر» ، قال: فإن جئت فلم أجد أبا بكر، بعد الموت؟ قال:«فأت عمر» ، قال: فإن جئت فلم أجد عمر؟ قال: «إن استطعت أن تموت إذا مات عمر فمت» .
ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلّى
بالناس فى مرضه، وخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كلّم به الناس، وكم صلّى أبو بكر بالناس صلاة، وما روى من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتم بأبى بكر رضى الله عنه عن عائشة رضى الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: «مروا أبا بكر يصلّى بالناس» فقلت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف، وأنه متى ما يقوم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال:«مروا أبا بكر يصلى بالناس» فقلت لحفصة: قولى له إن أبا بكر رجل أسيف، وأنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال:
«إنكنّ لأتنّ صواحب يوسف، مروا أبا بكر يصلى بالناس» فلما دخل أبو بكر
فى الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نفسه خفة فقام يهادى «1» بين رجلين، ورجلاه تخطّان فى الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسّه ذهب أبو بكر يتأخّر، فأوما إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء النبى صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبى بكر، فكان أبو بكر يصلى قائما، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى قاعدا؛ يقتدى أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بصلاة أبى بكر. رواه البخارى فى صحيحه. وروى محمد ابن سعد بسنده عن عبيد بن عمير الليثى نحوه. وقال: فلما فرغا من الصلاة قال أبو بكر: أى رسول الله، أراك أصبحت بحمد الله صالحا، وهذا يوم ابنة خارجة- امرأة لأبى بكر من الأنصار- فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مصلّاة أو إلى جنب المنبر، فحذّر الناس الفتن، ثم نادى بأعلى صوته، حتى إن صوته ليخرج من باب المسجد، فقال:«إنى والله لا يمسك الناس علىّ بشىء؛ لا أحلّ إلا ما أحلّ الله فى كتابه، ولا أحرّم إلا ما حرّم الله فى كتابه» ثم قال: «يا فاطمة بنت محمد ويا صفية عمة رسول الله اعملا لما عند الله فإنى لا أغنى عنكما من الله شيئا» ثم قام من مجلسه ذلك، فما انتصف النهار حتى قبضه الله تعالى. وعن سعيد بن المسيّب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا بنى عبد مناف لا أغنى عنكم من الله شيئا، يا عباس ابن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئا، يا فاطمة بنت محمد لا أغنى عنك من الله شيئا، سلونى ما شئتم» . وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال:
دخلت على عائشة فقلت لها حدّثينى عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أصلّى الناس» ؟ فقلت:
لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال:«ضعوا لى ماء فى المخضب» قالت:
ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء «1» فأغمى عليه ثم أفاق، فقال:«أصلّى الناس» ؟ فقلت:
لا، هم ينتظرونك، فقال:«ضعوا لى ماء فى المخضب» قالت: ففعلنا فذهب فاغتسل فقال: «أصلّى الناس» ؟ قلت: لا، هم ينتظرونك، والناس عكوف فى المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، قالت:
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر بأن يصلى بالناس، فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلّى بالناس، فقال أبو بكر- وكان رجلا رقيقا-: يا عمر، صلّ بالناس، فقال له عمر: أنت أحقّ بذلك، فصلى أبو بكر تلك الأيام. ثم إن النبىّ صلى الله عليه وسلم وجد فى نفسه خفّة فخرج بين رجلين أحدهما العباس، فصلى الظهر وأبو بكر يصلّى بالناس، قالت: فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبىّ صلى الله عليه وسلم ألّا يتأخر، وقال لهما:
«أجلسانى إلى جنبه» فأجلساه إلى جنب أبى بكر فجعل أبو بكر يصلى، وهو قائم بصلاة النبىّ صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبى بكر، والنبىّ صلى الله عليه وسلم قاعد، قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له:
ألا أعرض عليك ما حدّثتنى به عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: هات، فعرضت [حديثها «2» ] عليه فما أنكر منه شيئا غير أنه قال: سمّت لك الرجل الذى كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو علىّ بن أبى طالب.
وروى محمد بن سعد، عن محمد بن عمر، عن عبد الرحمن بن عبد العزيز، وعبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزيّة عن محمد بن إبراهيم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض لأبى بكر:«صلّ بالناس» فوجد رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم خفّة فخرج وأبو بكر يصلّى بالناس، فلم يشعر حتى وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين كتفيه، فنكص أبو بكر، وجلس النبىّ صلى الله عليه وسلم عن يمينه، فصلّى أبو بكر وصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته، فلما انصرف قال:
«لم يقبض نبىّ قطّ حتى يؤمّه رجل من أمته» . وروى نحوه عن أبى معشر، عن محمد ابن قيس. وعن أمّ سلمة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى وجعه إذا خف عنه ما يجد خرج فصلّى بالناس، وإذا وجد ثقله قال:«مروا الناس فليصلّوا» فصلّى بهم ابن أبى قحافة يوما الصبح فصلّى ركعة، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى جنبه فأتمّ بأبى بكر، فلما قضى أبو بكر الصلاة أتمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فاته. وعن أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى فى مرضه بصلاة أبى بكر ركعة من الصبح ثم قضى الركعة الباقية. قال الواقدى: ورأيت هذا الثّبت عند أصحابنا؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى خلف أبى بكر. وروى محمد بن سعد بسنده إلى عبد الله بن زمعة بن الأسود قال:
عدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه الذى توفّى فيه، فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مر الناس فليصلوا» قال عبد الله:
فخرجت فلقيت ناسالا أكلمهم، فلما لقيت عمر بن الخطاب لم أبغ من وراءه، وكان أبو بكر غائبا فقلت له: صلّ بالناس يا عمر، فقام عمر فى المقام وكان عمر رجلا مجهرا، فلما كبّر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، فأخرج رأسه حتى أطلعه للناس من حجرته، فقال:«لا، لا، لا، ليصل بهم ابن أبى قحافة» قال: يقول ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا، قال: فانصرف عمر فقال لعبد الله بن زمعة:
يابن أخى أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأمرنى؟ قال فقلت: لا، ولكنى لما رأيتك لم أبغ من وراءك، فقال عمر: ما كنت أظنّ حين أمرتنى
إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صلّيت بالناس، فقال عبد الله: لمّا لم أر أبا بكر رأيتك أحقّ من حضر بالصلاة. وعن عبد الله ابن عباس قال: حضرت الصلاة فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم: «مروا أبا بكر يصلّى بالناس» فلما قام أبو بكر مقام النبىّ صلى الله عليه وسلم اشتدّ بكاؤه وافتتن، واشتدّ بكاء من خلفه، لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم، فلما حضرت الصلاة جاء المؤذّن إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال: قولوا للنبىّ صلى الله عليه وسلم يأمر رجلا يصلّى بالناس، فإن أبا بكر قد افتتن من البكاء والناس خلفه، فقالت حفصة زوج النبىّ صلى الله عليه وسلم: مروا عمر يصلى بالناس حتى يرفع الله رسوله، قال: فذهب إلى عمر فصلّى بالناس، فلما سمع النبىّ صلى الله عليه وسلم تكبيره قال:«من هذا الذى أسمع تكبيره» ؟ فقال له أزواجه: عمر بن الخطاب، وذكروا له ما قاله المؤذّن، وما قالت حفصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنكنّ لصواحب يوسف، قولوا لأبى بكر فليصلّ بالناس» قال: فلو لم يستخلفه ما أطاع له الناس. وعن أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه قال: لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجعه إذا وجد خفّة خرج، وإذا ثقل وجاءه المؤذّن قال:
«مروا أبا بكر يصلى بالناس» فخرج من عنده يوما الآمر يأمر الناس يصلون وابن أبى قحافة غائب، فصلى عمر بن الخطاب بالناس فلما كبّر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا، لا، أين ابن أبى قحافة» ؟ قال: فانتقضت الصفوف وانصرف عمر، قال: فما برحنا حتى طلع ابن أبى قحافة وكان بالسّنح «1» فتقدّم فصلّى بالناس. وعن أنس بن مالك: أن أبا بكر- رضى الله عنهما- كان يصلى بهم فى وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى توفّى فيه، حتى إذا كان يوم الاثنين