الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك، وقد أمر ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداه ملك الجبال وسلّم عليه، فقال: مرنى بما شئت، إن شئت أن أطبق «1» عليهم الأخشبين، قال النبى صلى الله عليه وسلم:«بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا» . وروى ابن المنكدر: أن جبريل عليه السلام قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إن الله أمر السماء والأرض والجبال أن تطيعك، فقال:«أؤخّر عن أمتى لعل الله أن يتوب عليهم» . ومن ذلك ما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبلغنى أحد منكم عن أحد من أصحابى شيئا، فإنى أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصّدر» . وقال ابن مسعود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوّلنا «2» بالموعظة مخافة السّآمة علينا، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
وأما وفاؤه وحسن عهده وصلته للرحم صلى الله عليه وسلم
فكان صلى الله عليه وسلم قد بلغ من ذلك الغاية التى لا يدرك شأوها، ولا يبلغ مداها، ولا يطمع طامع سواه بالاتّصاف بها، جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة، من ذلك ما رويناه بإسناد متّصل عن عبد الله بن أبى الحمساء قال: بايعت النبى صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث، وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها فى مكانه فنسيت، ثم ذكرت بعد ثلاث، فجئت فإذا هو فى مكانه، فقال:«يا فتى لقد شققت علىّ أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك» . وعن أنس رضى الله عنه قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتى بهدية قال: «اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة، إنها كانت تحبّ خديجة» . وعن عائشة
أمّ المؤمنين رضى الله عنها قالت: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة؛ لما كنت أسمعه يذكرها، وإن كان ليذبح الشاة فيهديها إلى خلائلها «1» ، واستأذنت عليه أختها فارتاح إليها، ودخلت عليه امرأة فهشّ لها، وأحسن السؤال عنها، فلما خرجت قال:«إنها كانت تأتينا أيام خديجة، وإنّ حسن العهد «2» من الإيمان» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن آل أبى فلان ليسوا لى بأولياء غير أن لهم رحما سأبلّها ببلالها «3» » . وعن أبى قتادة قال: وفد وفد للنجاشى، فقام النبى صلى الله عليه وسلم يخدمهم، فقال له أصحابه: نكفيك، فقال:«إنهم لأصحابنا مكرمين وإنى أحبّ أن أكافئهم» . ولما جىء بالشّيماء أخته من الرضاعة فى سبايا هوزان وتعرفت له، بسط لها رداءه، وقال لها:«إن أحببت أقمت عندى مكرّمة محبّة أو متّعتك ورجعت إلى قومك» فاختارت قومها فمتعها. وقال أبو الطّفيل: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وأنا غلام، إذ أقبلت امرأة حتى دنت منه، فبسط لها رداءه فجلست عليه، فقلت من هذه؟ قالوا: أمه التى أرضعته. وعن عمرو «4» بن السائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا يوما فأقبل أبوه من الرّضاعة، فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمّه فوضع لها شقّ ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم أقبل أخوه من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديه. وكان يبعث إلى ثوبية مولاة أبى لهب مرضعته بصلة وكسوة، فلما ماتت سأل من بقى من قرابتها فقيل: لا أحد. وفى حديث خديجة رضى الله عنها