الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمره بتبليغ ذلك، وأنه قال له يا رسول الله، ما علامة صدقى عندهم. قال:
«إنك تموت عقيب الأخبار» .- قال الحاكى لذلك- ثم تقدم الثور إلى مكان مرتفع فسقط ميتا. فأخذ أهل القرية من شعره للتبرك، وكفن ودفن. حكى هذه الحادثة، شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى فى تاريخه حوادث الزمان «1» ، والله علم.
وفيها، فى العشر الأوسط، من شهر ربيع الآخر، قتل بدمشق جماعة بالليل فى الدروب. ومعظم من قتل، من حراس الدروب، واستمر ذلك عدة ليال.
وفى كل يوم يوجد قتيل واثنان. ولم يعدم لأحد شىء «2» ، مع ذلك، ولا سرق منزل.
فاحترز متولى المدينة فى ذلك. وبقى يركب طول الليل، فى جماعة كثيرة، ويطوف البلد، والأمر يتزايد. فلما كان فى العشر الأوسط، من جمادى الأولى، ميسك فقير مولّه، فاعترف أنه هو الذى قتل الحراس، فسمر وبقى يومين، ثم خنق فى اليوم الثالث.
ذكر وفود الأويرانية من بلاد التتار
فى هذه السنة، وردت طائفة من التتار، تسمى الأويرانية، ومقدمهم
طرغاى، ووصلوا إلى الشام. وكانوا على ما قيل، ثمانية عشر ألف بيت «1» .
وكان السبب فى هربهم «2» من بلادهم، أن طرغاى، هذا المذكور، كان متفقا مع بيدو ابن طرغاى على قتل كيختو. فلما صار الملك إلى غازان، خافه طرغاى على نفسه، أن يقتله بعمه كيخنو. وكان مقيما بتمانه «3» [بين بغداد والموصل «4» ] .
وكان اشتبغا مقيما بتمانه بديار بكر. فأرسل غازان بولاى ومعه تمان «5» إلى ديار بكر، عوضا عن اشتبغا، وأوصاه بحفظ الطرقات على طرغاى، وأن يساعد من يندب لقتله، ثم جهز غازان أميرا يسمى قطغوا فى ثمانين فارسا للقبض على طرغاى ومن معه، من أكابر قبيلة أو يرات. فاتفق طرغاى، ومن معه من ألأمراء، وهم ألوص وككباى «6» ، وقتلوا قطغوا ومن معه. وغيروا الفرات «7» إلى جهة الشام، فتبعهم بولاى يتمانه، فقاتلوه وهزموه، وقتلوا أكثر من معه.
ولما وردت مطالعات نواب الشام إلى السلطان الملك العادل بوصولهم، اهتم بأمرهم. وكتب إلى [نائب السلطنة بدمشق «8» ] ، أن يتوجه الأمير علم الدين
سنجر الدوادارى، بجماعة إلى الرحبة لتلقبهم «1» . فتوجه من دمشق فى غرة شهر ربيع الأول. ثم توجه بعده، الأمير شمس الدين سنقر الأعسر، شاد الدواوين بالشام، ليلقاهم أيضا. وجهّز السلطان أيضا، الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى، من الديار المصرية إلى دمشق، بسبب ذلك، فوصل إليها فى ثانى عشرين شهر ربيع الأول. ثم أردفه بالأمير سيف الدين بهادر الحاج الحلبى الحاجب، فأقاما بدمشق، إلى أن وصل أعيان الأويرانية إلى دمشق، صحبة الأمير شمس الدين الأعسر. وكان وصولهم فى يوم الاثنين، ثالث عشرين شهر ربيع الأول، وعدتهم مائة وثلاثة عشر نفرا، والمقدم عليهم طرغاى، ومن أكابرهم الوص وككباى. فتلقاهم نائب السلطنة والأمراء، واحتفل بقدومهم «2» احتفالا كبيرا. ثم توجه بهم الأمير شمس الدين قراسنقر، إلى الديار المصرية فى يوم الاثنين سابع عشر ربيع الأول. وتوجه بعده الأمير سيف الدين الحاج بهادر الحاجب، على خيل البريد إلى الأبواب السلطانية، فى حادى عشر الشهر. ولما وصلوا إلى باب السلطان بالغ فى إكرامهم، وأحسن إليهم، وخلع عليهم، وأمّرهم بالطبلخاناة. وهم على دين الكفرة، ويأكلون فى شهر رمضان، ولا يذبحون الخيل ذبيحة ولا نحرا، بل يربطون الفرس، ويضربونه على وجهه حتى يموت، فيأكلونه بعد ذلك. وكانوا يجلسون مع الأمراء بباب القلة، فأنفت نفوس الأمراء من ذلك وكرهوه، حتى أوجب ذلك خلع السلطان، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.