الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى أيامه، وقل فسادهم، بل كاد «1» يعدم، مع لينه وحسن سياسته. وكانت الإمرة قبله لابن عمه الأمير على بن حذيفة. وكان كثير السفك للدماء، ويقتل مفسدى «2» العرب، بأنواع القتل، فكانت له قدر كبيرة منصوبة، لا تزال على النار مملوءة ماء، والنار توقد تحتها، فمنى وقع له مفسد من العرب ألقاه فيها حيّا، قيسقط لحمه لوقته. وقتل خلقا كثيرا بذلك وبغيره من أنواع العذاب. هذا والفساد فى أيامه مستمر، وأمر العرب لا يزداد إلا شدة. فلما ولى الأمير شرف الدين عيسى بعد وفاته، أنزل القدر وامتنع من سفك دم إلا بحكم الله. فعلم الله صدق نيته، وأصلح له من أمر العرب ما فسد فى أيام غيره، وصلحت سيرتهم فى أيامه، وانحسمت مادة أذاهم للقفول «3» وغيرها، منّا من الله تعالى.
ولما مات رحمه الله تعالى، فوض السلطان إمرة العرب بعده، لولده الأمير حسام الدين مهنا. وزاده السلطان إقطاعا، وبسط يده، فسلك سبيل والده فى الخير والإحسان. وأطاعه العرب كافة، وعظم شأنه عند الملوك وغيرهم.
وهو على ذلك إلى وقتا هذا، الذى وضعنا فيه هذا الكتاب «4» .
ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماه وولاية ولده الملك المظفر
فى حادى عشر شوال من هذه السنة، توفى الملك المنصور ناصر الدين أبو المعالى محمد ابن الملك المظفر، تقى الدين محمود ابن الملك المنصور محمد ابن الملك
المظفر تقى الدين عمر ابن شاهانشاه بن أيوب، صاحب حماه، رحمه الله تعالى.
ومولده فى الساعة الخامسة، من يوم الخميس لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. فتكون مده حياته، إحدى وخمسين سنة، وستة أشهر، وأربعة عشر يوما. وملك حماه يوم السبت ثامن جمادى الأولى، سنة اثنتين وأربعين وستمائة، وهو اليوم الذى توفى فيه والده، فتكون مدة مملكته بحماه، إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر وأربعة أيام.
ولما ورد الحبر بوفاته، رسم السلطان الملك المنصور، بتفويض ملك حماه، لولده الملك المظفر تقى الدين محمود، وأجراه مجرى والده فى التشاريف والمكاتبات.
وجهّز إليه التشريف والتقليد، صحبة الأمير جمال الدين أقوش الموصلى الحاجب، وجهّز معه عدة تشاريف لعمه الملك الأفضل، وابن عمه الأمير عماد الدين، وجماعة من أهل بيته وأمرائه.
وفيها، فى نصف ذى الحجة، توجه السلطان إلى الشام.
وفيها، فى ثالث شهر رمضان، توفى الملك السعيد فتح الدين عبد الملك، ابن الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب، رحمه الله تعالى. ودفن بتربة جدته، والدة السلطان الملك الصالح، داخل دمشق.
وفيها، توفى قاضى القضاة نجم الدين أبو محمد عبد الرحيم ابن قاضى القضاة شمس الدين أبو الظاهر إبراهيم بن هبة الله بن المسلم بن هبة الله بن حسان بن محمد بن منصور بن أحمد البارزى، الجهنى الشافعى، الحموى، قاضى حماه.
وكانت وفاته ليلة الخميس عاشر ذى القعدة، سنة ثلاث وثمانين وستمائة. ومولده
يوم الأربعاء، السادس والعشرين، من المحرم سنة ثمان وستمائة بحماه. وتوفى بطريق الحجاز، وحمله أولاده إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفن بالبقيع. وكان رحمه الله تعالى، ممن صنّف التصانيف المفيدة، وسمع وحدّث، وولى قضاء حماه، بعد أبيه مدة طويلة. ثم عزل مدة يسيرة. وله نظم حسن ومشاركة فى العلوم الكلامية والحكمية، رحمه الله تعالى.
وفيها، توفى قاضى القضاة جمال الدين أبو يعقوب يوسف بن أبى محمد عبد الله بن عمر الزواوى، قاضى المالكية بدمشق. وكانت وفاته بطريق الحجاز، قبل الحج بالقرب من تبوك، رحمه الله تعالى.
وفيها، توفى القاضى ناصر الدين أبو العباس أحمد بن أبى المعالى، محمد ابن منصور بن أبى بكر قاسم بن مختار الجذامى «1» الجروى «2» المالكى الإسكندرى المعروف بابن المنير. وكانت وفاته بالإسكندرية، فى ليلة الخميس، مستهل شهر ربيع الأول. ودفن بتربة والده، عند الجامع الغربى. ومولده بالإسكندرية، فى ثالث ذى القعدة، سنة عشرين وستمائة. وكان فاضلا عالما، وله اليد الطولى فى علم العربية والأدب، جيد النظم. باشر بالثغر عدة جهات. ثم ولى القضاء بالثغر، وولى الخطابة مدة يسيرة. ثم نكب فى سنة ثمانين وستمائة.
وهجم داره، ويقال إن الذين هجموا الدار، أدخلوا معهم قنانى خمر، تحت ثيابهم، وادعوا أنها وجدت عنده، فعزل عن مناصبه. ثم توجه إلى باب
السلطان. وسعى فيمن سعى به، فنال بعضهم. وأعيدت إليه مناصبه، رحمه الله تعالى.
وفيها، توفى الأمير شمس الدين محمد ابن الأمير بدر الدين أبى المفاخر باخل ابن عبد الله بن أحمد الهكارى، متولى ثغر الإسكندرية. وكانت وفاته بالثغر، فى يوم السبت حادى عشر شهر رجب. ودفن يوم الأحد، عند رباطه خارج باب رشيد، رحمه الله تعالى «1» .
وفيها، فى ليلة الجمعة، ثالث عشرين ذى الحجة، توفى الشيخ الصالح العارف القدوة، أبو القاسم، وينعت وقار الدين، بن أحمد بن الرحمن المراغى. والمراغة التى ينسب إليها، [بلدة «2» ] معروفة باقليم «3» إخميم، من البر «4» الغربى.
ودفن بالقرافة، بزاويته المشهورة، فى يوم الجمعة، بعد الصلاة، رحمه الله وابّانا.