الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان، أجزل الله ثوابه، فى وجوه البر والقربات. وهذه الجهات المباركة المبرورة باقية مستمرة، يزيد وقفها وينمو، بحسن «1» نية واقفها. قدّس الله روحه، ونور ضريحه.
ولنرجع إلى بقية حوادث سنين اثنتين وثمانين وستمائة
.
وفيها، كانت وفاة الشيخ الإمام، عماد الدين أبو الفضل محمد ابن قاضى القضاة، شمس الدين أبى نصر محمد بن هبة الله الشيرازى، ببستانه «2» بالمزه، فى فى يوم الاثنين، سابع عشر صفر. وصلى عليه بعد صلاة العصر، بجامع الجبل، ودفن بتربة فيها قبر أخيه علاء الدين. رحمهما الله تعالى. وكان شيخ الكتابة، أتقن الخط المنسوب، وبلغ فيه مبلغا عظيما، حتى يقال إنه أتقن قلم «3» المحقق، وكتبه أجود من شيخ الصناعة ابن البواب «4» .
وفيها، توفى الصاحب مجد الدين أبو الفدا إسماعيل بن إبراهيم بن أبى القاسم ابن أبى طالب بن كسيرات الموصلى. وكانت وفاته فى سابع عشرين شهر رمضان، بداره بجبل الصالحية. وكان رحمه الله كثير المروءة، واسع الصدر، كثير الهيبة والوقار، جميل الصورة، حسن المنظر والشكل، كثير التعصب لمن يقصده، محافظا على مودّة أصحابه وقضاء حوائجهم، كثير التفقد لهم، وأصله من الموصل، من بيت الوزارة. كان والده، وزير الملك المنصور عماد الدين زنكى ابن الملك العادل نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود بن مودود بن زنكى بن آقسنقر. ثم باشر نظر الخزانة، للملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ [صاحب الموصل «1» ] ثم نقله إلى نظر الجزيرة العمرية «2» ، لما فتحها. ووصل إلى الشام صحبة الملك المجاهد سيف الدين اسحاق، لما وصل فى الدولة الظاهرية.
وسكن دمشق، وولى نظر البر بها «3» . ثم نقل إلى نظر نابلس، ثم أعيد إلى دمشق فباشر نظر الزكاة بها. ثم انتقل إلى صحابة الديوان بالشام، إلى أن ملك سنقر الأشقر دمشق، فاستوزره كما تقدم. وتعطل «4» بعد ذلك عن المباشرة، وسكن داره التى أنشأها بجبل قاسيون، جوار البيمارستان، فكان بها إلى أن مات.
قال شمس الدين الجزرى «1» : قلت له يوما- وقد أضرته «2» البطالة- يا مولانا لو ذكرت واحدا من أصحابك الأمراء، حتى يذكر بك السلطان، أو نائب السلطنة، فكاتب فى أمرك فإن لك خدما «3» وتفضلا «4» على الناس، فنظر إلى وأنشد:
لذّ خمولى وحلا مره
…
وصاننى عن كل مخلوق
نفسى معشوقى ولى غيرة
…
تمنعنى عن بذل معشوقى «5»
وفيها، فى يوم الخميس عاشر شهر رمضان، توفى الملك العادل سيف الدين أبو بكر ابن الملك الناصر صلاح الدين داود، ابن الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب. وكانت وفاته بدمشق، وصلى عليه بعد صلاة الجمعة، ودفن بالتربة المعظمية. وكان رحمه الله تعالى، قد جمع بين الرئاسة والفضيلة، والعقل الوافر، والخصال الجميلة. وكان مجانب الناس، محبوب الصورة، رحمه الله تعالى.
وفيها، فى سادس عشرين شعبان، توفى القاضى عز الدين إبراهيم ابن الصاحب الوزير الأعز، فخر الدين أبى الفوارس مقدام ابن القاضى كمال الدين أبى السعادات، أحمد بن شكر [المصرى «6» ] . وكان قد ولى نظر الجيوش، بالديار المصرية، فى شهر رمضان، سنة خمس وسبعين وستمائة، كما تقدم، رحمه الله تعالى.
وفيها، توفى الشيخ الإمام العّلامة، العابد الزاهد، شمس الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام، أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر المقدسى، شيخ الحنابلة بالشام. وكان قد ولى قضاء القضاة على كره منه، فى سنة أربع وستين كما تقدم. ثم ترك الحكم، وتوفر على العبادة والتدريس، وأشغال الطلبة، والتصنيف. ويقال إنه قطب بالشام. واستدل على ذلك بحرائى «1» توافقت عليها، جماعة تعرفه «2» ، فى سنة سبع وسبعين وستمائة أنه قطب، وكان أوحد زمانه. وكانت وفاته فى يوم الاثنين، سلخ ربيع الآخر منها.
ودفن بقاسيون، بتربة والده، قدس الله روحه. ومولده فى السابع والعشرين من المحرم سنة سبع وتسعين وخمسمائة. ولما مات رثاه المولى الفاضل شهاب الدين محمود كاتب الإنشاء بقصيدة أولها.
ما للوجود وقد علاه ظلام
…
أعراه «3» خطب أم عداه مرام
أم قد أصيب بشمسه فغدا وقد
…
لبست عليه حدادها الأيام
جاء منها:
لكم الكرامات الجليلات التى
…
لا تستطيع حجودها الأقوام
وهى قصيدة تزيد على ستين بيتا، ورثاه جماعة، رحمه الله تعالى.
وفيها، توفى الأمير علاء الدين كندغدى «1» المشرقى الظاهرى، المعروف بأمير مجلس. كان من أعيان الأمراء بالديار المصرية. وظهر قبل وفاته بمدة يسيرة، أنه باق على الرق. فاشتراه السلطان الملك المنصور بجملة وأعتقه، وقربه لديه. وكان شجاعا بطلا مقداما. وكانت وفاته بالقاهرة، فى يوم الجمعة مستهل صفر. ودفن بمقابر باب النصر، رحمه الله تعالى.
وفيها، توفى الأمير شهاب الدين أحمد بن حجى بن يزيد البرمكى، أمير آل مرى «2» ، وكانت وفاته ببصرى. وكانت غاراته تنتهى إلى أقصى نجد والحجاز.
وأكثرهم يؤدون «3» إليه إتاوة فى كل سنة، فمن قطعها منهم أغار عليه. وكان يدعى أنه من نسل جعفر البرمكى، من العباسة أخت الرشيد. ويقول إنه تزوجها ورزق منها أولادا. ولما جرى على البرامكة ما جرى، هرب أولاده منها إلى البادية، فأحدهم جده، والله أعلم. وكان يقول للقاضى شمس الدين بن خلكان [البرمكى «4» ] ، أنت ابن عمى. وكانت بينهما مهاداة. وانتفع ابن خلكان به وباعتنائه، عند السلطان.
وفيها، فى سابع عشرين المحرم، كانت وفاة القاضى شمس الدين عيسى ابن الصاحب برهان الدين الخضر «5» السنجارى. كان ينوب عن والده فى الوزارة
الأولى، فى سنة ثمان وسبعين وستمائة. وولى نظر الأحباس، ونظر خانقاه سعيد السعداء. ثم ولى بعد ذلك تدريس المدرسة الصلاحية المعروفة بزين التجار «1» ، ثم قبض عليه مع والده، بعد انفصاله من الوزارة الثانية، كما تقدم.
فلما أفرج «2» عنه سكن المدرسة المعزية بمصر، وكان بها إلى أن توفى. وكان حسن الصورة والشكل، رحمه الله تعالى.
وفيها، فى سادس عشر شوال، توفيت زوجة السلطان الملك المنصور، والدة ولده، الملك الصالح علاء الدين على، رحمهما الله تعالى.
وفيها، فى يوم الأحد، ثانى عشر جمادى الأولى، توفى الشيخ ظهير الدين جعفر بن يحيى بن جعفر القرشى التزمنتى الشافعى، مدرس المدرسة القطبية بالقاهرة، وأحد المعيدين بمدرسة الشافعى، رحمه الله تعالى.
وفيها، فى يوم السبت، ثانى عشرين شهر رجب، توفى الأمير علم الدين سنجر أمير جاندار، أحد الأمراء بالديار المصرية. وكانت وفاته بدمشق لما كان السلطان بها. ودفن بظاهرها، عند قباب التركمان، بميدان الحصار «3» :
رحمه الله تعالى.