الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجار السلطان. وأنا لى سبع «1» وعشرون قلعة، [وفيها معادن «2» :] جواهر ويواقيت.
والمغاص «3» ، وكل ما يحصل منها فهولى. فاكرم السلطان هذا الرسول، وكتب جوابه وجهزه.
وفيها، نجزت عمارة تربة، كان السلطان قد رسم [لشاد الأمير علم الدين سنجر الشجاعى «4» ] بعمارتها لوالده وولده الملك الصالح، بالقرب من مشهد السيدة نفيسة وعمرت. ونزل السلطان وولده إليها، وتصدقا، ورتبا وقوفها. ورسم السلطان بعمل تربة ومدرسة وبيمارستان بالقاهرة.
ذكر عمارة التربة المنصورية والمدرسة والبيمارستان ومكتب السبيل
قال «5» ، ولما رأى السلطان الملك المنصور التربة الصالحية، أمر بانشاء تربة
[له «1» ] ، ومدرسة وبيمارستان ومكتب سبيل. فاشتريت الدار القطبية «2» ، وما يجاورها- وهى بين القصرين- من خالص مال السلطان، وعوض مكان الدار القطبية «3» بالقصر المعروف بقصر الزمرد. وكان انتقال الدار القطبية «4» منها إلى قصر الزمرد، ثانى عشر ربيع الأول من السنة «5» .
ورتب الأمير علم الدين الشجاعى مشدا على العمارة، قاظهر من الاهتمام بالعمارة والاحتفال، ما لم يسمع بمثله. فعمرت فى أيسر مدة، ونجزت العمارة فى شهور سنة ثلاث وثمانين وستمائة. وإذا شاهد الرائى هذه العمارة العظيمة، وسمع أنها عمرت فى هذه المدة القريبة، ربما أنكر «6» ذلك.
ولما كملت العمارة، وقف السلطان من أملاكه القياسرو والرباع «7» ، والحوانيث والحمامات، والفنادق والأحكار وغير ذلك «8» ، من الضياع بالشام، ما يحصل من أجر ذلك وريعه وغلاته، فى كل شهر جملة كثيرة. وجعل أكثر ذلك على البيمارستان ثم [التربة بالقبة «9» ] . ورتب وقف المدرسة، إلا أنه يقصر عن كفايتها. ورتب لمكتب السبيل، من الوقف بالشام ما يكفيه.
ولما تكامل ذلك، ركب السلطان وشاهده، وجلس بالبيمارستان ومعه الأمراء، والقضاة والعلماء. فأخبرنى بعض من شهد السلطان، وشهد عليه،
عليه، أنه استدعى قدحا من الشراب فشربه. وقال قد وقفت هذا على مثلى، فمن دونى. وأوقفه السلطان على الملك والمملوك، [والجندى والأمير والوزير «1» ] والكبير والصغير، والحر والعبد، والذكر والأنثى. وجعل لمن يخرج منه، من المرضى، عند برئه كسوة. ومن مات جهّزه، وكفن ودفن. ورتب فيه الحكما، الطبائعية «2» والكحالين والجرائحية والمجبرين، لمعالجة الرمدى والمرضى والمجرحين والمكسورين من الرجال والنساء. ورتب «3» به الفراشين والفراشات، والقومة، لخدمة المرضى، وإصلاح أما كنهم وتنظيفها، وغسل ثيابهم، وخدمتهم فى الحمام. وقرر لهم على ذلك، الجامكيات الوافرة.
وعملت النخوت والفرش والطراريح والأنطاع والمخدات واللحف والملاوات لكل مريض فرش كامل. وأفرد لكل طائفة من المرضى أمكنة تختص بهم. فجعلت الأواوين الأربعة المتقابلة للمرضى بالحميات «4» وغيرها، وجعلت قاعة للرمدى، وقاعة للجرحاء، وقاعة لمن أفرط به الاصهال، وقاعة للنساء، ومكان حسن للمرورين «5» من الرجال ومثله للنساء، والمياه تجرى فى أكثر هذه الأماكن. وأفردت أماكن. لطبخ الطعام، والأشربة والأدوية، والمعاجين وتركيب الأكحال، والشيافات «6» ،
والسفوفات، وعمل المراهم والأدهان، وتركيب الترياقات «1» ، وأماكن لحواصل العقاقير، وغيرها من هذه الأصناف المذكورة. ومكان يفرّق منه الشراب. وغير ذلك من جميع ما يحتاج إليه. ورتب فيه مكان يجلس فيه رئيس الأطباء، لإلقاء درس طب، ينتفع به الطلبة، ولم يحصر «2» السلطان، أثابه الله، هذا المكان المبارك بعده فى المرضى، يقف عندها المباشر، ويمنع من عداها، بل جعله سبيلا، لكل من يصل إليه، فى سائر الأوقات، من غنى وفقير. ولم يقتصر أيضا فيه، على من يقيم به للمرضى، بل يرتب لمن يطلب، وهو فى منزله ما يحتاج إليه، من الأشربة والأغذية والأدوية، حتى أن هؤلاء زادوا فى وقت من الأوقات، على ماتبين، غير من هو مقيم بالبيمارستان.
ولقد باشرته «3» فى شوال سنة ثلاث وسبعمائة، وإلى آخر رمضان سنة سبع وسبعمائة. فكان يصرف منه، فى بعض الأيام، من الشراب المطبوخ خاصة، ما يزيد على خمسة قناطير بالمصرى، فى اليوم الواحد، للمرتبين والطوارى، غير السكر والمطابيخ من الأدوية وغير ذلك من الأغذية والأدهان والترياقات وغيرها ورتب فى البيمارستان من المباشرين والأمناء، من يقوم بوظائفه، واتباع ما يحتاج إليه من الأصناف، وضبط ما يدخل إلى المكان، وما يخرج منه خاصة، من غير أن يكون لهم تعلق فى استخراج الأموال. وإنما يبتاعون الأصناف، ويحيلون بثمنها على ديوان صندوق المستخرج، ويكتبون فى كل شهر، عمل استحقاق «4»
لسائر أرباب الجامكيات والجرايات من سائر أرباب الوظائف والمباشرين، يكتبه «1» العامل، ويكتب عليه الشهور. ويأمر الناظر بصرفه، ويخلد [فى «2» ] ديوان الصندوق «3» ويصرف على حكمه. وهذه الطائفة من المباشرين بالبيمارستان، هم مباشر والإدارة.
وأما مباشرو «4» الصندوق والرباع، فإليهم يرجع تحرير جهات الأوقاف، فى الخلق والسكون والمعطل، واستخراج الأموال، ومحاسبات المستأجرين وصرف الأموال، بمقضى حوالة مباشرى الإدارة، ومباشرة العمارة، وعمل الاستحقاق لا يتصرفون فى غير ذلك، كما لا يتصرف مباشر والإدارة، فى صرف الأموال، إلا حوالة «5» بأوراقهم.
وأما العمارة، فلها مباشرون ينفردون بها، من ابتياع الأصناف، واستعمال الصناع «6» ، ومرمّة «7» الأوقاف، وغير ذلك مما يدخل فى وظيفتهم، كما يفعل فى الإدارة، وينقل عليهم من الصندوق من المال، ما يصرفونه لأرباب الأجر
خاصة. ويكتبون فى كل شهر، عمل استحقاق، بثمن الأصناف وأرباب الأجر، ويخصمونه بما أحالوا به على الصندوق، وما وصل إليهم من المال ويسوقونه إلى فائض أو متأخر.
وترفع كل طائفة من هؤلاء المباشرين حسباناتهم، مباومة ومشاهرة ومساناة إلى الناظر «1» والمستوفى «2» .
هذا ما يتعلق بالمارستان.
وأما القبة المباركة المنصورة، وهى التربة «3» ، فإنه رتّب فيها خمسون مقرئا، يقرأون كتاب الله تعالى، ليلا ونهارا بالنوب. وجعل لكل منهم، فى كل شهر عشرون درهما. ورتب بها إمام، على مذهب الإمام أبى حنيفة، رحمه الله تعالى، وله فى كل شهر ثمانون درهما من أصل الوقف، وفى كل سنة فى ليلة ختم صلاة قيام رمضان، خلعة من خزانة السلطان، كاملة مسنجبة «4» مقتدرة «5» ورتّب بها ريس ومؤذنون «6» ، يعلنون «7» الأذان، بالمأذنة الكبرى، ويقيمون
الصلاة، ويبلغون خلف الإمام. وهم سبعة نفر. الرئيس، وله فى كل شهر أربعون درهما، والمؤذنون ستة، لكل منهم فى كل شهر ستون درهما.
ورتب بها درس تفسير لكتاب الله تعالى، فيه مدرس «1» يلقيه، رتب له فى كل شهر [مائة درهم، وثلاثة وثلاثون درهما وثلث درهم، ومعيد «2» له] فى كل شهر أربعون درهما، وطلبة عدتهم ثلاثون [نفرا «3» ] ، لهم فى كل شهر ثلاثمائة درهم، ودرس حديث يذكر فيه حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، له مدرس ومعيد وطلبة، لهم فى كل شهر نظير ما لمدرس التفسير ومعيده وطلبته، وزيادة على ذلك قارىء، يقرأ الحديث، بين يدى المدرس، فى أوقات الدروس، ويقرأ ميعادا «4» للعوام بين يديه أيضا، فى صبيحة كل يوم أربعاء، رتب له فى كل شهر ثلاثون درهما. ورتّب لخازن كتبها فى كل شهر أربعون درهما، ولخزانة كتبها من الخستمات الشريفة، والربعات المنسوبة الخط، وكتب التفسير والحديث والفقه واللغة، والطب والأدبيات، ودواوين الشعر شىء كثير «5» . ورتب بها [ا «6» ] لخدام أزمة، يقيمون بالقبة، لحفظ حواصلها، ومنع من يعبر إليها فى غير أوقات الصلوات، وهم ستة، لكل منهم فى كل شهر خمسون درهما، وغير هؤلاء من القومة والفراشين والبوابين.
وأما المدرسة المباركة المنصورية، فإنه رتب بها إماما شافعى المذهب، له فى كل شهر ثمانون درهما، وريسا «1» ومؤذنين «2» ، يعلنون بالأذان بالمئذنة الكبرى المذكورة، هم ومؤذنو القبة بالنوبة «3» ، وهم ريس وأربعة مؤذنين «4» ، لهم فى كل شهر نظير ما لمؤذنى القبة. ورتّب بها متصدر لإقراء كتاب الله، عز وجل، ورتب له فى كل شهر أربعون درهما. ورتب بها دروس للمذاهب الأربعة، الشافعية والمالكية والحنفية والحنابلة، لكل طائفة مدرس، له فى كل شهر مائتا درهم، وثلاثة معيدين لكل منهم خمسة وسبعون درهما، وغير هؤلاء من القومة والفراشين وبواب «5» .
وأما مكتب السبيل، فإنه رتّب فيه فقيهان يعلمان [ستين «6» ] صغيرا من أيتام المسلمين، كتاب الله تعالى. ورتب لهما جامكية فى كل شهر، وجراية فى كل يوم، وهى لكل منهما فى كل شهر ثلاثون درهما، وفى كل يوم من الخبز ثلاثة أرطال، وكسوة فى الشتاء، وكسوة فى الصيف. ورتّب للأيتام، لكل منهم، فى كل يوم رطلان خبزا، وكسوة فى الشتاء، وكسوة فى الصيف. وتنوّع