المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى وهو السابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر عزل الصاحب برهان الدين السنجارى عن الوزارة، وتفويضها للصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان وغير ذلك

- ‌ذكر أخبار الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وخروجه عن طاعة السلطان، وسلطنته بدمشق، وما كان من أمره إلى أن عاد للطاعة، ورجع إلى الخدمة السلطانية

- ‌ذكر التقاء العسكر المصرى والعسكر الشامى، وانهزام عسكر الشام، وأسر من يذكر من أمرائه فى المرة الأولى

- ‌ذكر توجه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر إلى صهيون وتحصنه بقلعتها

- ‌ذكر انتظام الصلح بين السلطان الملك المنصور، وبين سنقر الاشقر، وما استقر بينهما، وانتقاض ذلك، وأخذ صهيون منه

- ‌ذكر خبر الملك السعيد وما كان من أمره بالكرك واستيلائه على الشوبك واستعادتها منه

- ‌ذكر وفاة الملك السعيد، وقيام أخيه الملك المسعود خضر مقامه بالكرك

- ‌ذكر الصلح بين السلطان والملك المسعود وانتقاض ذلك وإخراجه من الكرك

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات التى شهدها السلطان بنفسه، والتى ندب إليها عساكره المؤيدة

- ‌ذكر فتوح قلعة قطيبا

- ‌ذكر فتوح ثعز الكختا

- ‌وذكر الإغارة على بلاد سيس

- ‌ذكر فتوح حصن المرقب

- ‌ذكر غزوتى النوبة الأولى والثانية

- ‌ذكر تجريد الجيش فى المرة الثانية إلى النوبة

- ‌ذكر فتوح طرابلس الشام

- ‌ذكر أخبار طرابلس الشام، منذ فتحها المسلمون فى خلاقة عثمان إلى وقتنا هذا

- ‌ذكر ما اتفق فى الدولة المنصورية على حكم السنين خلاف ما ذكرناه من إقامة النواب، ومهادنة الفرنج، والحوادث الغريبة، التى يتعين ايرادها والوفيات

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة [678- 1279]

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعين وستمائة [679- 1280]

- ‌ذكر ما تجدد بدمشق، بعد أن فارقها الأمير شمس الدين سنقر الأشقر

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان عن القضاة بدمشق واعادته، وما اتفق فى هذه السنة الحادثه

- ‌ذكر إعادة الصاحب برهان الدين السنجارى إلى الوزارة وعزله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى غزة، وعوده إلى الديار المصرية

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌واستهلت سنة ثمانين وستمائة [680- 1281]

- ‌ذكر ما تقرر من المهادنات مع الفرنج وبيت الاسبتار

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين رزين، وولاية القاضى وجيه الدين، واستعفائه من قضاء القاهرة، وولاية القاضى شهاب الدين الخويى

- ‌واستهلت سنة إحدى وثمانين وستمائة [681- 1282]

- ‌ذكر تفويض نياية السلطنة بحلب للأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ذكر وصول رسل أحمد سلطان، وهو توكدار ابن هولاكو، ملك التتار

- ‌ذكر الظفر بملك من ملوك الكرج وإمساكه

- ‌واستهلت سنة اثنتين وثمانين وستمائة [682- 1283/1284]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعوده

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة عز الدين ابن الصائغ الشافعى عن القضاء، وتولية قاضى القضاة بهاء الدين يوسف بن الزكى

- ‌ذكر وصول الشيخ عبد الرحمن ومن معه من جهة احمد سلطان، ووفاة مرسلهم، وما كان من خبرهم

- ‌ذكر عمارة التربة المنصورية والمدرسة والبيمارستان ومكتب السبيل

- ‌ولنرجع إلى بقية حوادث سنين اثنتين وثمانين وستمائة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وثمانين وستمائة [683- 1284]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعوده

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر وفاة الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وشىء من أخباره، وأمر ولده الأمير حسام الدين مهنا

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماه وولاية ولده الملك المظفر

- ‌واستهلت سنة أربع وثمانين وستمائة [684- 1285]

- ‌ذكر مولد السلطان الملك الناصر

- ‌واستهلت سنة خمس وثمانين وستمائة [685- 1286]

- ‌ذكر حادثة غريبة اتفقت بحمص

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك وما رتبه من أمر النيابة وعوده

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة وجيه الدين، وتفويض القضاء بمصر والوجه القبلى، لقاضى القضاة، تقى الدين ابن بنت الأعز

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين بن شاس المالكى وتفويض القضاء لقاضى القضاة زين الدين على بن مخلوف المالكى

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بهاء الدين بن الزكى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة ست وثمانين وستمائة [686- 1287]

- ‌ذكر تفويض قضاء القاهرة والوجه البحرى للقاضى برهان الدين السنجارى، ونقلة القاضى شهاب الدين الخويى إلى الشام ووفاة السنجارى، وإضافة قضاء القاهرة للقاضى تقى الدين ابن بنت الأعز

- ‌ذكر خبر واقعة ناصر الدين بن المقدسى واعيان دمشق، ومصادرة أكابر دمشق، وتوكيل ناصر الدين بن المقدسى عن السلطان

- ‌واستهلت سنة سبع وثمانين وستمائة [687- 1288]

- ‌ذكر عزل الأمير علم الدين سنجر الشجاعى عن الوزارة ومصادرته، وتفويض الوزارة لقاضى القضاة، تقى الدين ثم إلى الأمير بدر الدين بيدرا

- ‌ذكر وفاة الملك الصالح وتفويض ولاية العهد إلى الملك الأشرف

- ‌واستهلت سنة ثمان وثمانين وستمائة [688- 1289]

- ‌ذكر ما اتفق بدمشق من المصادرات

- ‌واستهلت سنة تسع وثمانين وستمائة [689- 1290]

- ‌ذكر ايقاع الحوطة على ناصر الدين المقدسى وشنقه

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة نجم الدين المقدسى الحنبلى وتفويض القضاء بدمشق بعده للشيخ شرف الدين المقدسى

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون، رحمه الله

- ‌ذكر تسمية نواب السلطان الملك المنصور ووزرائه

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون الصالحى وهو الثامن من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر القبص على الأمير حسام الدين طرنطاى وقتله وعلى الأمير زين الدين كتبغا واعتقاله

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة الشريفة للأمير بدر الدين بيدرا المنصورى

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشىء من أخباره

- ‌ذكر القبض والإفراج على من نذكر من الأمراء، وعنه

- ‌ذكر فتوح عكا وصور وصيدا وحيفا

- ‌ذكر القبض على الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر رحيل السلطان عن عكا ودخوله إلى دمشق وما قرره من أمر النيابة بها، وبالكرك وغير ذلك

- ‌ذكر فتوح برج صيدا

- ‌ذكر فتح بيروت

- ‌ذكر إنفاذ ولدى السلطان الملك الظاهر ووالدتهما إلى بلاد الأشكرى

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره من الأمراء

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة تقى الدين ابن بنت الأعز عن القضاء ومصادرته

- ‌ذكر تفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى

- ‌ذكر متجددات كانت بدمشق

- ‌واستهلت سنة إحدى وتسعين وستمائة [691- 1291/1292]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر فتوح قلعة الروم وتسميتها قلعة المسلمين

- ‌ذكر توجه الأمير بدر الدين بيدرا وبعض العساكر إلى جبال الكسروان واضطراب العسكر

- ‌ذكر هرب الأمير حسام الدين لاجين والقبض عليه واعتقاله، والقبض على طقصوا

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام والفتوحات وعود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر عدة حوادث كانت فى خلال فتح قلعة الروم وقبله وبعده

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وجرمك الناصرى ووفاتهما، ووفاة طقصوا والإفراح عن الأمير حسام الدين لاجين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وتسعين وستمائة [692- 1292/1293]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصعيد

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وأخذ بهسنا من الأرمن، وإضافتها الى الممالك الإسلامية

- ‌ذكر القبض على الأمير حسام الدين مهنا ابن عيسى وأخوته

- ‌ذكر هدم قلعة الشوبك

- ‌ذكر حادثة السيل ببعلبك

- ‌ذكر ختان الملك الناصر، وما حصل من الأهتمام بذلك

- ‌واستهلت سنة ثلاث وتسعين وستمائة [693- 1293/1294]

- ‌ذكر مقتل السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر خبر الأمير بدر الدين بيدرا ومن معه من الأمراء الذين وافقوه، وما كان منهم، ومقتل بيدرا

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الناصر، ناصر الدين محمد، ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى. وهو التاسع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر خبر الأمراء الذين وافقوا بيدرا على قتل السلطان الملك الأشرف

- ‌ذكر أخبار الصاحب شمس الدين محمد بن السلعوس الوزير وما كان من امره، منذ فارق السلطان الملك الأشرف إلى أن مات

- ‌ذكر الخلف الواقع بين الأميرين علم الدين سنجر الشجاعى وزين الدين كتبغا، ومقتل الشجاعى

- ‌ذكر عدة حوادث كانت فى سنة ثلاث وتسعين وستمائة خلاف ما قدمناه، من ولاية وعزل وغير ذلك، والوفيات

- ‌واستهلت سنة أربع وتسعين وستمائة [694- 1294/1295]

- ‌ذكر الفتنة التى قصد المماليك السلطانية إثارتها

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى، وهو العاشر من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب فخر الدين عمر بن الخليلى

- ‌ذكر القبض على الأمير عز الدين ايبك الخزندار نائب السلطنة بالفتوحات، وولاية الأمير عز الدين أيبك الموصلى المنصورى

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر يوسف بن عمر صاحب اليمن

- ‌واستهلت سنة خمس وتسعين وستمائة [695- 1295/1296]

- ‌ذكر حادثة عجيبة بالشام

- ‌ذكر وفود الأويرانية من بلاد التتار

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين عبد الرحمن بن بنت الأعز وتفويض القضاء للشيخ ابن دقيق العيد

- ‌واستهلت سنة ست وتسعين وستمائة [696- 1296/1297]

- ‌ذكر عود السلطان الملك العادل إلى الديار المصرية وخلعه من السلطنة ورجوعه إلى دمشق

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى وهو السلطان الحادى عشر من ملوك الترك، بالديار المصرية

- ‌ذكر الإفراج عن جماعة من الأمراء

- ‌ذكر تجديد عمارة الجامع الطولونى وترتيب الدروس به، والوقف على ذلك

- ‌ذكر تفويض القضاء بالديار المصرية والشام لمن يذكر

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير شمس الدين سنقر الأعسر

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى نائب السلطنة، وتفويض نيابة السلطنة للأمير سيف الدين منكوتمر

- ‌واستهلت سنة سبع وتسعين وستمائة [697- 1297/1298]

- ‌ذكر وصول الملك المسعود نجم الدين خضر ومن معه من القسطنطينية إلى الديار المصرية

- ‌ذكر توجه الملك السلطان الناصر إلى الكرك وإقامته بها

- ‌ذكر القبض على الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره

- ‌ذكر إعادة الصاحب فخر الدين عمر بن الخليلى إلى الوزارة

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى سيس وما فتح من قلاعها

- ‌ذكر حادثة غريبة ظهر فيها آية من آيات الله عز وجل

- ‌واستهلت ثمان وتسعين وستمائة [698- 1298/1299]

- ‌ذكر مفارقة من نذكر من نواب السلطنة والأمراء الخدمة السلطانية، ولحاقهم بقازان ملك التتار

- ‌ذكر مقتل السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى ونائبه منكوتمر

- ‌ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر

- ‌ذكر عود السلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون إلى السلطنة ثانيا

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وتفويض الوزارة إليه

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر صاحب حماه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌واستهلت سنة تسع وتسعين وستمائة [699- 1299/1300]

- ‌ذكر الفتنة التى أثارها الأويرانية بهذه المدينة

- ‌ذكر تسمية من استشهد وفقد، فى هذه الوقعة من المشهورين

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان الملك الناصر عند عوده إلى الديار المصرية من الاهتمام بأمر الجيوش والعساكر

- ‌ذكر توجه السلطان بالعساكر إلى جهة الشام، ووصوله إلى منزلة الصالحية وإرسال الجيوش إلى دمشق والممالك الشامية، وعود الأمراء إلى الخدمة السلطانية ورجوع السلطان إلى قلعة الجبل، وما تقرر من أمر النواب

- ‌واستهلت سنة سبعمائة يوم الجمعة [700- 1300/1301]

- ‌ذكر جباية المقرر على أرباب الأملاك والأموال بالديار المصرية والشام

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر بالعساكر إلى الشام وعوده

- ‌ذكر وصول غازان إلى الشام وعوده وما فعلته جيوشه

- ‌ذكر خبر أهل الذمة وتغيير لباسهم وما تقرر فى ذلك، والسبب الذى أوجبه

- ‌ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به

- ‌واستهلت ثمان وتسعين وستمائة [698- 1298/1299]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الحادي والثلاثون

الفصل: ‌ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به

بهدم «1» كل كنيسة استجّدت بعد الهجرة، ولم يبق إلا ما كان قبل الإسلام، وسيّر عروة بن محمد، فهدم الكنائس بصنعاء. وصانع القبط على كنائسهم بمصر، وهدم بعضها، ولم يبق من الكنائس إلا ما كان قبل بعثة النبى، صلى الله عليه وسلم. هذا آخر ما لخصناه من الكتاب المذكور «2» . فلنزجع إلى تتمة حوادث سنة سبعمائة.

‌ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به

وفى هذه السنة، فى ذى القعدة، وصل رسل غازان إلى البلاد الشامية «3» ، وهم الأمير ناصر الدين على خواجا، والقاضى كمال الدين موسى بن يونس، ورفيقهما. فوصل البربد من حلب بوصولهم. فرسم بتوجه الأمير سيف الدين كراى المنصورى لإحضارهم. فتوجه على خيل البريد فأحضرهم إلى الأبواب السلطانية. وكان وصولهم إلى قلعة الجبل، فى ليلة الاثنين، خامس عشر ذى الحجة. وأحضروا بين يدى السلطان، فى عشية نهار الثلاثاء. فخطب كمال الدين خطبة فى معنى الصلح، واتفاق الكلمة، ورغب فيه. ثم أخرج كتابا نسخته «4» :

بسم الله الرحمن الرحيم. بقوة الله تعالى، وميامين الملة المحمدية فرمان السلطان محمود غازان.

ص: 426

ليعلم السلطان الملك المعظم الناصر، أنه فى العام الماضى، بعض عساكرهم «1» المفسدة، دخلوا أطراف بلادنا، وأفسدوا فيها، لعناد الله وعنادنا، كماردين ونواحيها، وجاهدوا الله بالمعاصى فيمن ظفروا به من أهلها، وأقدموا على أمور بديعة، وارتكبوا آثما شنيعة، من محاربة الله وخرق ناموس الشريعة. فأنفنا من تهجمهم «2» ، وغرنا من تقحمهم «3» . وأخذتنا الحمية الإسلامية، فحدتنا «4» على دخول بلادهم، ومقاتلتهم على فسادهم. فركبنا بمن كان لدينا من العساكر، وتوجهنا بمن اتفق منهم أنه حاضر. وقبل وقوع الفعل منا، واشتهار الفتك عنا، صلكنا سنن سيد المرسلين، واقتفينا آثار المتقدمين «5» . واقتدينا بقول الله:(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)

«6» . وأنفذنا صحبة يعقوب السكرجى، جماعة من القضاة والأئمة والثقات. وقلنا:(هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أَزِفَتِ الْآزِفَةُ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ)

«7» .

فقابلتم ذلك بالإصرار، وحكمتم عليهم وعلى المسلمين بالأضرار، وأهنتموهم وسجنتموهم. وخالفتم سنن الملوك فى حسن السلوك. فصبرنا «8» على تماديكم فى غيّكم، وخلودكم إلى بغيكم، إلى أن نصرنا الله، وأراكم فى أنفسكم قضاه. (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ

ص: 427

اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ)

«1» . وظننا أنهم حيث تحققوا كنه الحال، وآل بهم الأمر إلى ما آل، أنهم ربما تداركوا الفارط فى أمرهم، ورتقوا ما فتقوا بغدرهم، وأوجه «2» إلينا وجه عذرهم، وأنهم ربما سيروا إلينا حال دخولهم إلى الديار المصرية، رسلا لإصلاح تلك القضية. فبقينا بدمشق غير متحثحثين، وتثبطنا تثبط المتملكين المتمكنين. فصدهم عن السعى فى صلاح حالهم التوانى، وعلّلوا نفوسهم عن اليقين بالأمانى.

ثم بلغنا، بعد عودنا إلى بلادنا، أنهم القوا فى قلوب العساكر والعوام، وراموا جبر ما أوهنوا من الإسلام، أنهم فيما بعد يلقوننا «3» على حلب أو الفرات.

وأن عزمهم مصر على ذلك لا سواه. فجمعنا العساكر وتوجهنا للقياهم. ووصلنا الفرات مرتقبين ثبوت دعواهم، وقلنا ولعلهم وعساهم «4» . فما طلع لهم بارق، ولا ذرّ شارق. فتقدمنا «5» إلى أطراف حلب، وتعجبنا من بطئهم غاية العجب.

فبلغنا رجوعهم «6» بالعساكر، وتحققنا نكوصهم عن الحرب. وفكرنا فى أنه متى تقدمنا بعساكرنا الباهرة وجموعنا العظيمة القاهرة، ربما أخرب البلاد مرورها، وباقامتهم فيها فسدت أمورها. وعم الضرر العباد، والخراب البلاد. فعدنا بقيا عليها، ونظرة لطف من الله إليها.

ص: 428

وها نحن الآن [أيضا «1» ] مهتمون بجمع العساكر المنصورة، ومشحذون «2» غرار «3» عزماتنا المشهورة، ومشتغلون بصنع المجانيق وآلات الحرب، وعازمون بعد الإنذار (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)

«4» .

وقد سيرنا حاملى هذا الفرمان: الأمير الكبير ناصر الدين على خواجه، والإمام العالم ملك القضاة، كمال الدين موسى بن يونس. وقد حملنا هما كلاما يشافهاهم «5» به. فليثقوا «6» بما تقدمنا به إليهما. فإنهما من الأعيان المعتمد عليهما، لنكون كما قال الله تعالى:(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)

«7» .

فيعدوا «8» لنا الهدايا والتحف. فما بعد الإنذار من عاذر. وإن لم يتداركوا الأمر، فدماء المسلمين وأموالهم مطلوله «9» بتدبيرهم، ومطلوبة منهم عند الله على طول «10» تقصيرهم.

ص: 429

قليمعن السلطان لرعيته النظر فى أمره. فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من ولاه الله أمرا من أمور هذه الأمة، واحتجب دون حاجتهم وخلّتهم وفقرهم.

احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره» . وقد أعذر من أنذر، وانصف من حذّر.

والسلام على من اتبع الهدى.

كتب فى العشر الأوسط من شهر رمضان سنة سبعمائة بجبال الأكراد، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا [محمد «1» ] المصطفى وآله الطاهرين «2» .

فقرئ كتابه، ورسم بإنشاء جوابه، فكتب. وهو من إنشاء المولى القاضى علاء الدين على ابن المولى المرحوم فتح الدين محمد ابن القاضى المرحوم محيى الدين عبد الله بن عبد الظاهر. وأعاد السلطان رسله، من غير أن تصحبّهم رسولا، بل استحضرهم بمنزلة الصالحية، وأنعم عليهم وجهزهم، فتوجهوا فى سنة إحدى وسبعمائة.

ونسخة الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، بقوة الله تعالى، وميامين الملة المحمدية.

أما بعد حمد الله، الذى جعلنا من السابقين الأوّلين، الهادين المهتدين، التابعين لسنة سيد المرسلين، بإحسان إلى يوم الدين. والصلاة على سيدنا محمد والسلام على آله وصحبه الذين فضل الله من سبق منهم إلى الإيمان فى كتابه

ص: 430

المكنون: فقال سبحانه وتعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)

«1» بإقبال دولة السلطان الملك الناصر.

كلام محمد بن قلاوون:

«ليعلم «2» السلطان المعظم، محمود غازان، أن كتابه ورد، فقابلناه بما يليق بمثلنا لمثله من الإكرام. ورعينا له حق القصد، فتلقيناه منّا بسلام. وتأملناه تأمّل المتفهم لدقائقه، المستكشف عن حقائقه. فألفيناه قد تضمن مؤاخذت «3» بأمور، هم بالمؤاخذه عليها أحرى، معتذرا فى التعدى بما جعله ذنوبا لبعض، طالب بها الكل. والله تعالى يقول:(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) *

«4» .

أما حديث إغارة من أغار على ماردين من رجّاله بلادنا المتطرفة، وما نسبوه إليهم من [الإقدام على «5» ] الأمور البديعة والآثام «6» الشنيعة، وقولهم: إنهم أنفوا من تهجمهم، وغاروا من تقحمهم، واقتضت الحميّة ركوبهم فى مقابلة ذلك، فقد تلمّحنا هذه الصورة التى أقاموها عذرا فى العدوان، وجعلوها سببا إلى ما ارتكبوه من طغيان. والجواب عن ذلك أن الغارات من الطرفين، لم يحصل من المهادنه [و «7» ] الموادعة، ما يكف يدها الممتدة، ولا يفتر هممها المستعدّة، وقد

ص: 431

كان أباؤكم وأجدادكم على ما علمتم من الكفر والشقاق «1» ، وعدم المصافاة للإسلام والوفاق. ولم يزل ملك ماردين ورعيته «2» منقذين «3» ما يصدر من الأذى للبلاد والعباد عنهم، متولين كبر مكرهم، والله تعالى يقول:(وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)

«4» .

«وحيث جعلتم هذا ذنبا، موجّبا للحميّة الجاهلية، وحاملا على الانتصار، الذى زعمتم أن همتكم به مليّة، فقد كان [هذا «5» ] القصد، الذى ادعيتموه «6» ، يتم «7» بالانتقام من أهل تلك الأطراف، التى أوجب ذلك فعلها، والاقتصار على أخذ الثأر ممن ثار اتباعا لقوله تعالى:(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)

«8» ، لا أن تقصدوا الإسلام بالجموع الملّفقة، على اختلاف الأديان وتطأوا «9» البقاع الطاهرة بعبدة الصلبان، وتنتهكوا حرمة البيت المقدس، الذى هو ثانى بيت الله الحرام، وشقيق مسجد رسول الله، عليه الصلاة والسلام. وإن احتججتم أن زمام الغارة «10» بيدنا «11» ، وسبب تعدّيهم من سنّتنا. فقد أو ضحنا الجواب عن ذلك، وأن عدم الصلح والموادعة، أوجب سلوك هذه المسالك» .

ص: 432

وأما ما ادعوه من سلوك سنن المرسلين واقتفاء آثار المتقدّمين، فى انفاذ الرسل أولا، فقد تلمحنا هذه الصورة، وفهمنا ما أوردوه من الآيات «1» المسطورة. والجواب عن ذلك أن هؤلاء الرسل ما وصلوا إلينا [إلا «2» ] وقد دنت الخيام من الخيام، وناضلت السهام السّهام، وشارف القوم القوم. ولم يبق للقاء إلا يوم أو بعض يوم، وأشرعت «3» الأسنّة من الجانبين، ورأى كلّ خصمه رأى العين. وما نحن ممن لاحت «4» له رغبة راغب، فتشاغل عنها ولهى، ولا ممن يسالم فيقابل «5» ذلك بجفوة النفار «6» ، والله تعالى يقول: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها

«7» . كيف والكتاب بعنوانه. وأمير المؤمنين على بن أبى طالب، رضى الله عنه، يقول:

«ما أضمر إنسان شيئا إلا ظهر، فى صفحات وجهه وفلتات لسانه» .

ولو كان حضور هؤلاء الرسل والسيوف وادعة فى أغمادها، والأسنة «8» مستكنّة فى أعوادها، والسهام غير مفوفة، والأعنة غير مطلقة، لسمعنا خطابهم وأعدنا جوابهم.

ص: 433

وأما ما أطلقوا به لسان قلمهم «1» ، وأبدوه من غليظ كلمهم فى قولهم: فصبرنا على تماديكم فى غيكم، وإخلادكم إلى بغيكم. فأىّ صبر ممن أرسل عنانه إلى المكافحه، قبل إرسال رسل المصالحه، وجاس خلال الديار قبل ما زعمه من الإنذار والأعذار؟ وإذا فمكروا فى هذه الأسباب، ونظروا فيما صدر عنهم من خطاب، علموا «2» العذر فى تأخير «3» الجواب، وما يتذكر «4» إلا أولوا الألباب.

وأما ما تحججوا «5» به «6» مما اعتقدوه من نصره، وظنّوه من أن الله جعل لهم على حزبه الغالب [فى]«7» كل كرة الكرة. فلو تأملوا ما ظنوه ربحا، لوجدوه هو الخسران المبين. ولو أنعموا النظر فى ذلك، لما كانوا به مفتخرين، ولتحقّقوا أن الذى اتفق لهم، كان غرما «8» لا غنما، وتدبروا معنى قوله تعالى، (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً «9»

. ولم يخف عنهم من أبلته «10» السيوف الإسلامية منهم. وقد رأوا عزم من حضر من عساكرنا، التى لو كانت مجتمعه عند اللقاء، ما ظهر خبر عنهم.

ص: 434

فإنا كنا فى مفتتح ملكنا، ومبتدإ أمرنا، حللنا بالشام للنظر فى أمور البلاد والعباد. فلما تحققنا خبركم، وقفونا أثركم، بادرنا «1» نقدّ أديم الأرض سيرا، وأسرعنا لندفع عن المسلمين ضررا وضيرا، ونؤدى من الجهاد السنة والفرض ونعمل بقوله تعالى:(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ)

«2» فاتفق اللقاء بمن حضر من عساكرنا المنصورة، وثوقا بقوله تعالى:

(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً)

«3» وإلا فأكابركم «4» يعلمون وقائع الجيوش الإسلامية، التى كم وطئت موطئا يغيظ الكفار. فكتب لها [به «5» ] عمل صالح، وسارت فى سبيل الله، ففتح الله عليها أبواب المناجح. وتعددت أيام نصرتها «6» ، التى لو دققتم الفكر فيها لأزالت ما حصل عندكم من لبس، ولما قدرتم [على «7» ] أن تنكروها، وفى تعب من يجحد ضوء الشمس. وما زال الله لنا نعم المولى ونعم النصير. وإذا راجعتموهم قصّوا عليكم نبأ الاستظهار، ولا ينهتك مثل خبير.

وما زالت تتفق الوقائع بين الملوك والحروب، وتجرى المواقف التى هى بتقدير الله؛ فلا فخر فيها للغالب، ولا عار على المغلوب. وكم من ملك استظهر عليه،

ص: 435

ثم نصر «1» ، وعاوده التأييد. فجبر بعد ما كسر، خصوصا ملوك هذا الدين، فإن الله تكفل لهم بحسن العقبى. فقال سبحانه:(وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) *

«2» .

وأما إقامتهم الحجة علينا، ونسبتهم التفريط إلينا، فى كوننا لم نسيّر إليهم رسولا، عندما حلوا «3» بدمشق فنحن عند ما وصلنا إلى الديار المصرية، لم نزد على أن اعتددنا «4» وجمعنا جيوشنا من كل مكان. وبذلنا فى الاستعداد غاية الجهد والإمكان وأنفقنا جزيل الأموال فى العساكر والجحافل. ووثقنا بحسن الخلف، لقوله تعالى:(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ)

«5» .

ولمّا خرجنا من الديار المصرية، وبلغنا خروج الملك من البلاد، لأمر حال بينه وبين المراد، توقفنا «6» عن المسير، توقف من أغنى رعبه عن حث الركاب، وتثبتتا تثبت الراسيات (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ)

«7» وبعثنا طائفة من العساكر لمقاتلة من أقام بالبلاد، فما لاح لنا منهم بارق ولا ظهر. وتقدمت فتخطفت من حمله على التأخر الغرر؛ ووصلت الفرات فما وقفت للقوم على أثر.

ص: 436

وأما قولهم: أننا ألقينا فى قلوب العساكر والعوام، أنهم فيما بعد يلتقوننا «1» على حلب أو الفرات، وأنهم جمعوا العساكر ورحلوا «2» إلى الفرات وإلى حلب، مرتقبين وصولنا. فالجواب عن ذلك، أنه من حين بلغنا حركتهم، جزمنا، وعلى لقائهم عزمنا «3» ، وخرجنا وخرج أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله، ابن عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الواجب الطاعة عل كل مسلم، المفترض المبايعة والمتابعة على كل منازع ومسلم، طائعين لله ولرسوله فى أداء فرض «4» الجهاد، باذلين فى القيام بما أمرنا الله تعالى غاية الاجتهاد، عالمين أنه لا يتم أمر دين ولا دنيا إلا بمشايعته. ومن والاه «5» فقد حفظه الله وتولاه. ومن عانده أو عاند من أقامه، فقد أذله الله، فحين وصلنا إلى البلاد الشامية، تقدمت عساكرنا إلى «6» السهل والجبل، وتبلغ بقوة الله تعالى فى النصر الرجاء والأمل. ووصلت أوائلها إلى أطراف حماه وتلك النواحى «7» ، فلم يقدم أحد منهم عليها. ولا جسر أن يمد [حتى «8» ] ولا الطرف إليها. فلم نزل مقيمين، حتى بلغنا رجوع الملك إلى البلاد، وإخلافه موعد اللقاء، والله لا يخلف الميعاد. فعدنا لاستعداد جيوشنا التى لم تزل تندفع فى

ص: 437

ولما اتصل خبر تجريد العسكر بصاحب سيس، جهز رسله إلى الأبواب السلطانية، يستعطف السلطان، ويسأل مراحمه، فلم تجد «1» رسالته نفعا.

ووصلت هذه العساكر إلى حلب. وأردف السلطان هذه العساكر بالأمير علم الدين سنجر الدوادارى، أحد مقدمى العساكر بالديار المصرية، ومضى فيه، فخرج مسرعا، وأدرك الجيش بحلب. وجرد من العسكر الحلبى الأمير علم الدين المعروف بالزغلى و [الأمير علم الدين سنجر الحلبى «2» ] ، ومضافيهما. وتوجهت هذه الجيوش بجملتها إلى بلاد سيس. فلما نزلوا بالعمق، افترقت العساكر فرقتين. فتوجه الأمير بدر الدين بكتاش، أمير سلاح، والأمير حسام الدين أستاذ الدار، والأمير ركن الدين الجالق، والأمير بهاء الدين قرا أرسلان، والعسكر الصفدى من عقبة بغراس إلى باب اسكندرونة، ونازلوا تل حمدون. وتوجه الملك المظفر صاحب حماه، والأمير علم الدين سنجر الدوادارى، والأمير شمس الدين آفسنقر كرتاى «3» ، وبقية الجيش من عقبة المريت «4» . وصار نهر «5» جهان بين الفريقين وكان دخولهم إلى دربند سيس، فى يوم الخميس، رابع شهر رجب.

ص: 438

إلى أحد من المسلمين يد أضراره. هذه سنة أهل الإسلام، وفعل من يريد لملكه الدوام.

وأما ما أرعدوا به وأبرقوا، وأرسلوا به عنان قلمهم وأطلقوا، وما أبدوه «1» من الاهتمام بجمع عساكرهم، وتهيئة المجانيق، إلى غير ذلك مما ذكروه من التهويل، فالله تعالى يقول:(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)

«2» .

وأما قولهم: وإلا فدماء المسلمين مطلوله، فما كان أغناهم عن هذا الخطاب، وأولاهم بأن [لا «3» ] يصدر إليهم عن ذلك جواب، ومن قصد «4» الصلح والإصلاح، كيف يقول هذا القول، الذى عليه فيه من جهة الله، ومن جهة رسوله أى جناح؟. وكيف يضمر هذه النية، ويتبجح بهذه الطوية؟ ولم يخف مواقع الزلل [من «5» ] هذا القول وخلله، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول «نية المرء أبلغ من عمله» . وبأى طريق تهدر دماء المسلمين، التى من تعرض إليها، يكون الله له فى الدنيا والآخرة مطالبا وغريما، ومؤاخذا بقوله تعالى:(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً)

«6» .

وإذا كان الأمر كذلك، فالبشرى لأهل الإسلام، بما نحن عليه من الهمم المصروفة إلى الاستعداد، وجمع العساكر التى يكون لها الملائكة الكرام،

ص: 439

إن شاء الله تعالى من أنجاد، والاستكثار من الجيوش الإسلامية المتوفرة العدد، المتكأثرة المدد، الموعودة بالنصر، الذى يحفها فى الظعن والإفامة، الواثقة بقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على عدوهم إلى يوم القيامة» . المبلغة فى نصر دين الله آمالا، المستعدة لإجابة داعى الله إذا قال:(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا)

«1» .

وأما رسلهم، وهم [فلان وفلان «2» ] ، فقد وصلوا إلينا، ووفدوا علينا، وأكرمنا وفادتهم، وغزرنا لأجل مرسلهم من الإقبال مادتهم، وسمعنا خطابهم، وأعدنا جوابهم هذا، مع كوننا لم يخف علينا انحطاط قدرهم، ولا ضعف أمرهم.

وأنهم ما دفعوا لأفواه الخطوب إلا لما ارتكبوه من ذنوب. وما كان ينبغى أن يرسل مثل هؤلاء لمثلنا من مثله. ولا ينتدب لهذا الأمر المهم إلا من يجمع على فصل خطابه وفضله.

وأماما بالتسموه من الهدايا والتّحف، فلو قدموا من هداياهم حسنة، لعوضناهم بأحسن منها. ولو أتحفونا بتحفة لقابلناهم «3» بأجمل عوض عنها. وقد كان عمّهم الملك احمد «4» ، راسل والدنا السلطان الشهيد وناجاه «5» بالهدايا [والتحف «6» ] من مكان بعيد. وتقرب إلى قلبه بحسن الخطاب، فأحسن له الجواب، وأتى البيوت من أبوابها، بحسن الأدب، وتمسك من الملاطفة بأقوى سبب.

ص: 440

والآن، فحيث انتهت الأجوبة إلى حدها، وأدركت الأنفة من مقابلة ذلك الخطاب غاية قصدها، فنقول: إذا جنح الملك للسلم، جنحنا لها، وإذا دخل فى الملّة المحمدية، ممتثلا ما أمر الله به، مجتنبا ما عنه نهى، وانضم «1» فى سلك الإيمان، وتمسك بموجباته، تمسك المتشرف بدخوله فيه لا المنانّ، وتجنّب التشبه بمن قال الله عز وجل فى حقهم:(قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ)

«2» . وطابق فعله قوله: ورفض الكفار الذين لا يحل له أن يتخذهم حوله، وأرسل إلينا رسولا من جهته يرتّل آيات الصلح ترتيلا؛ ويروق خطابه وجوابه، حتى يتلو كل أحد عند عوده (يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا)

«3» . صارت حجّتنا وحجّته المركبة «4» على من خالف ذلك، وكلمتنا وكلمته قامعة أهل الشرك فى سائر الممالك، ومظافرتنا له تكسب «5» الكافرين هوانا؛ والمشاهد لتصافينا يتلو قوله تعالى:(وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً)

«6» .

وينتظم إن شاء الله تعالى شمل الصلح، أحسن انتظام. ويحصل التمسك من الموادعة والمصافاة «7» بعروة ولا انفصال لها ولا انفصام. وتستقر قواعد الصلح، على ما يرضى الله ورسوله علية أفضل الصلاة والسلام، إن شاء الله تعالى.

ص: 441

كتب فى ثامن وعشرين المحرم سنة إحدى وسبعمائة «1» .

وفى سنة سبعمائة، ولى الأمير الدين البكى الساقى نيابة السلطنة بحمص.

وفيها، توجه الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وزير الدولة ومدبّرها، إلى الممالك الشامية لكشفها، ووصل إلى المملكة الحلبية، وعاد إلى الديار المصرية، فى سنة إحدى وسبعمائة، وعزل عن الوزارة فى غيبته «2» .

وفيها، توجه الأمير سيف الدين بكتمر الجو كان دار، أمير جاندار؛ إلى الحجاز الشريف؛ وتصدق بصدقات عظيمة. فيقال إنه أنفق فى هذه السفرة خمسة وثمانين ألف دينار عينا. «3»

وفى هذه السنة، توفى الأمير عز الدين ايدمر الظاهرى؛ وهو الذى ناب عن السلطنة بالشام، فى الدولة الظاهرية والسعيدية. وكانت وفاته برباطه بجبل الصالحية، فى يوم الأربعاء ثانى شهر ربيع الأول ودفن هناك رحمه الله تعالى «4» .

وفيها، توفى الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن سعد الله بن جماعة، أخو قاضى القضاة بدر الدين. وكانت وفاته بحماه فى سابع

ص: 442