الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر إنفاذ ولدى السلطان الملك الظاهر ووالدتهما إلى بلاد الأشكرى
«1»
وفى هذه السنة، أمر السلطان، بإخراج ولدى السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، وهما الملك المسعود نجم الدين خضر، والملك العادل بدر الدين سلامش، من الاعتقال «2» ، وجهزهما ووالدتهما إلى ثغر الإسكندرية، صحبة الأمير عز الدين أيبك الموصلى، استاذ الدار العالية. فتوجه بهم، وسفّرهم منها فى البحر المالح، إلى القسطنطينية. فلما وصلاها، أحسن الأشكرى إليهما، وأجرى عليهما ما يقوم بهما وبمن معهما. فاتفقت وفاة الملك العادل بدر الدين سلامش هنا، فصبّرته والدته بالصبرة «3» ، وجعلته فى تابوت، ولم تدفنه، إلى أن عادت به إلى الديار المصرية، على ما نذكره إن شاء الله تعالى «4» .
ذكر الإفراج عن الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره من الأمراء
وفى هذه السنة، فى يوم الأربعاء ثامن عشر شعبان، أمر السلطان بالإفراج عن الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى الصالحى النجمى. وكان السلطان الملك
المنصور، قد اعتقله فى أوائل دولته، كما تقدم ذكر ذلك «1» ، فأفرج السلطان عنه الآن. وكتب له إفراج شريف سلطانى، ونسخته بعد البسملة «2» :
«الحمد لله على نعمه الكاملة، ومراحمه الشاملة، وعواطفه التى أضحت بها بدور الإسلام بازغة غير آفلة، ومواهبه التى تجول وتجود وتحيى رميم الآمال [فى يومها «3» ] بعد رمسها بأمسها، فى أضيق اللحود «4» ، ويقرّ لها بالفضل كل جحود» .
«أحمده حمدا يعيد سالف النعم، ويفيد آنف الكرم الذى خص وعم.
ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة نؤدى «5» حقوقها ونجتنب «6» عقوقها. ونشهد أن محمدا عبده ورسوله، المبعوث بمكارم الأخلاق، والموصوف بالعلم والحلم على الإطلاق، صلاة لا تزال عقودها حسنة الانساق، ونسلم تسليما كثيرا» .
«وبعد، فإن أحق من عومل بالجميل، وبلغ من مكارم هذه الدولة القاهرة، الرجا والتأميل، من إذا ذكرت أبطال الإسلام، كان أول مذكور. وإذا وصفت الشجعان، كان إمام صف كل شجاع مشهور. وإذا تزينت سماء الملك بالنجم، كان بدرها المنير. وإذا اجتمع ذوو الآراء على امتثال أمر، كان
خير مشير، وإذا عدت أوصاف أولى الأمر كان أكبر أمير. كم تجمّلت «1» المواكب بحلوله «2» بأعلى قدر، وتزينت «3» المراتب منه بأبهى بدر. وهو المقر الأشرف العالى المولوى الأميرى»
الكبيرى- وذكر القابه، [فقال «5» ]- البدرى بيسرى الشمسى الصالحى النجمى الملكى الأشرفى. فهو الموصوف بهذه الأوصاف والمدح «6»
، [و «7» ] المعروف بهذه المكارم والمنح» .
«فلذلك، اقتضى حسن الرأى الشريف العالى المولوى السلطانى الملكى «8» الأشرفى الصلاحى، لا زالت الكرب فى أيامه تكشف، والبدور تكتمى «9» فى دولته الغراء، إشراقا «10» ولا تخسف، أن يفرج عنه فى هذه الساعة، من غير تأخير، ويمثل بين يدى المقام الأعظم السلطانى بلا استئذان نائب ولا وزير، إن شاء الله تعالى» .
وجعل هذا الإفراج فى كيس أطلس أصفر، وختم عليه بخاتم السلطان،
وتوجه به إلى باب الجب «1» ، الأمير بدر الدين بيدرا، والأمير زين الدين كتبغا، وجماعة من أكابر الأمراء. وأخرج الأمير بدر الدين من الجب، وقرىء عليه هذا الإفراج، ورسم بكسر قيده، واحضر له التشريف السلطانى. فقال [بيسرى] :
لا يفك القيد من رجلى، ولا أليس التشريف، إلا بعد أن أتمثل بين يدى السلطان، وصمم على ذلك. فأعلم السلطان بذلك، فرسم بفك قيده، وأن يحضر إلى بين يدى السلطان بملبوسه. الذى كان عليه فى الجب. فحضر إلى بين يدى السلطان، فانتصب له قائما. وتلقاه وأكرمه، وألبسه التشريف، وأجلسه إلى جانبه، وأنعم عليه بالأموال والأقمشة، وأمرّه لوقته، بمائة فارس، وأقطعه إقطاعا وافرا، من جملته منية بنى «2» حصيب، دريستا «3» ، بالجوالى والمواريث «4» الحشرية، وقرّبه السلطان لديه، وأدناه إليه. وكان يخلو به ويؤانسه ويبرّه، ويضاعف له الإنعام، حتى أن الأمير بدر الدين بيسرى، انتسب إلى الأشرفيه.