الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنصور، قد شرط عليه، أنه لا يكاتب الأمراء، ولا يفسد العساكر، ولا يتطرق إلى غير الكرك. فلما استقر بها حركه مماليكه، وحسنوا له التطرق إلى الحصون وأخذها، أولا فأولا، فوافقهم على ذلك. وكاتب النواب وسير الأمير حسام الدين لاجين، رأس نوبة الجمدارية، إلى الشوبك، فتغلب عليها، وأقام بها. فكاتبه السلطان الملك المنصور، ونهاه فلم ينته، فجرد الأمير بدر الدين بيليك الايدمرى إلى الشوبك، فنزل عليها، وضايق أهلها، وتسلمها فى العاشر من ذى القعدة سنة ثمان وسبعين وستمائة، ورتب بها نائبا وعاد عنها.
ذكر وفاة الملك السعيد، وقيام أخيه الملك المسعود خضر مقامه بالكرك
.
قال «1» : وفى سنة ثمان وسبعين وستمائة، ركب الملك السعيد، إلى الميدان بالكرك، ولعب بالكرة، فتقنطر عن فرسه، فصدع وحمّ [أياما قلائل «2» ] ، فمات. وكانت وفاته، رحمه الله تعالى، فى ثالث عشر ذى القعدة، من السنة.
وعمل السلطان الملك المنصور له عزاء، بقلعة الجبل، فى الثانى والعشرين من الشهر. وحضره وعليه ثياب البياض، وحضر الأمراء والقضاة والعلماء، والوعاظ. ولما توفى صبّر، ووضع فى تابوت مدة، ثم حمل إلى التربة الظاهرية بدمشق، وذلك فى سنة ثمانين وستمائة، ووصلت والدته إليها فى ثامن
عشرين شهر ربيع الآخر، والسلطان الملك المنصور يوم ذاك بالشام. فادخل التربة الظاهرية ليلا فى تابوت، ولم يدخلوا به من باب المدينة، وإنما رفعوا تابوته من أعلا السور، ودلّوه من الجانب الآخر، ووضع فى قبره، وألحده القاضى عز الدين بن الصائغ، كما ألحد والده.
وحضر السلطان الملك المنصور فى بكرة دفنه إلى التربة الظاهرية، ومعه القضاة والعلماء والقراء والوعاظ، وأظهر الحزن عليه، وذلك فى سلخ شهر ربيع الآخر «1» . ومولده بمنزلة العش «2» ، من ضواحى القاهرة، فى صفر سنة ثمان وخمسين وستمائة.
قال «3» : وكان الملك السعيد، لما استقر بالكرك، رتب فى النيابة بها الأمير علاء الدين ايدغدى الحرانى الظاهرى، لما فارقه الأمير علاء الدين الفخرى النائب بها إلى الديار المصرية. فلما مات اتفق [نائبه الأمير علاء الدين ايدغدى] الحرانى «4» ومن معه، وأقاموا أخاه خضرا مقامه، ولقب بالملك المسعود. فشرع المماليك، الذين حول الملك المسعود نجم الدين خضر، فى سوء التدبير، ففرقوا أموال الذخائر «5» ، وأرادوا أن يستجلبوا بها الناس، وانضم إليه كل من قطع رزقه. وتوجه منهم جماعة إلى الصلت فاستولوا عليها،