الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خبر واقعة ناصر الدين بن المقدسى واعيان دمشق، ومصادرة أكابر دمشق، وتوكيل ناصر الدين بن المقدسى عن السلطان
وفى هذه السنة، وصل ناصر الدين محمد ابن الشيخ عبد الرحمن المقدسى، إلى الأبواب السلطانية. وكان قد حضر، ليرفع «1» على قاضى القضاة بهاء الدين ابن الزكى أمورا. فاتفقت وفاة قاضى القضاة كما تقدم، فبطل عليه ما دبره من أمره، فعدل عن ذلك إلى غيره. واجتمع بالأمير علم الدين [سنجر «2» ] الشجاعى، وزير الدولة، وتحدث معه فى أمر بنت «3» الملك الأشرف موسى ابن السلطان الملك العادل، وأنها أباعث أملاكها بدمشق، وأنه ثبت أنّها حالة البيع كانت سفيهة، وقد حجر عليها عمها الملك الصالح، عماد الدين إسماعيل، ويستعيد الاملاك ممن ابتاعها، ويرجع عليهم بما تسلموه من الريع، فى المدة الماضية، ويشترى هذه الأملاك للخاص «4» السلطانى، فأجابه إلى ذلك.
وكتب يطلب سيف الدين أحمد السامرى من دمشق، وكان قد ابتاع منها
حرزما «1» . فحضر فى شهر رمضان، والسلطان إذ ذاك بغزة، فسيره إلى الديار المصرية. فطلب منه ابتياع حرزما، فادعى أنه وقفها من مدة. فعند ذلك، سطر محضر، يتضمن ابنة الملك الأشرف، كانت فى مدة كذا وكذا سفيهة، وذلك فى زمن البيع. ولم تزل مستمرة السفه، إلى تاريخ كذا وكذا. ثم صلحت واستحقت رفع الحجر عنها من مدة كذا وكذا. ولفّق بينة شهدت بذلك، وثبت على أخذ قضاء القضاة بالديار المصرية، وقد شاهدت «2» أنا هذا المحضر.
ولما ثبت ذلك فى وجه سيف الدين السامرى، بطل البيع من أصله. ثم طولب «3» بما تحصل «4» له من الريع، لمدة عشرين سنة، وكان مائتى ألف درهم وعشرة آلاف درهم، بعد الاعتداد له، بنظير الثمن الذى دفعه. فاشترى منه سبعة عشر مهما، من قرية الزنبقية، بسبعين ألف درهم، وحمل مائة ألف وأربعين ألف درهم. وقوض السلطان وكالته، لناصر الدين المقدسى المذكور، فشرع فى أذى أهل دمشق وأعيانها، فطلب جماعة منهم، فى سنة سبع وثمانين، وهم الصدر عز الدين حمزة بن القلانسى، والصدر نصير الدين بن سويد، وشمس الدين ولد جمال الدين بن يمن، وجمال الدين بن صصرى. وطلب أيضا قاضى القضاة حسام الدين الحنفى، والصاحب تقى الدين توبة، وشمس الدين ابن غانم، فصودر هؤلاء. فأخذ من الصدر عز الدين بن القلانسى، فيما قيل،
مائة ألف درهم وخمسون ألف درهم، ومن جمال الدين بن صصرى، ثلاثمائة ألف درهم، قيمة ملك ودراهم. وحمل [من «1» ] نصير الدين ثلاثون ألف درهم، ومن ابن يمن، عن قيمة أملاك، مائة ألف درهم وتسعون «2» ألف درهم، ومن شمس الدين بن غانم خمسة آلاف درهم؛ ومن قاضى القضاة حسام الدين ثلاثة آلاف درهم. واعتذر أكابر الدماشقة، أنهم حضروا على خيل البريد، وأن أموالهم وموجودهم بدمشق، وسألوا أن يقرر عليهم ما يحملونه. فطلب الأمير علم الدين [سنجر الشجاعى وزير الديار المصرية «3» ] ، جماعة من تجار الكارم «4» ، وأمرهم أن يقرضوا الدماشقة مالا يحملونه، ففعلوا ذلك. وكتب عليهم الحجج، وأعيدوا إلى دمشق، وقاموا بالمبلغ لأربابه. وإنما فعل الأمير علم الدين الشجاعى ذلك، خشية أنهم إذا توجهوا إلى دمشق، استشفعوا فيسامحوا.
فأراد أن يكون ذلك فى ذمتهم، لغير بيت المال. ثم عاد الدماشقة إلى دمشق، وولى جمال الدين بن صصرى نظر الدواوين بدمشق، وذلك فى سنة سبع وثمانين وستمائة.
وفى سنة ست وثمانين وستمائة أيضا، توجه السلطان إلى جهة الشام، واستقل ركابه من قلعة الجبل، فى يوم الخميس سابع عشرين شهر رجب، ووصل إلى غزة، وأقام بتل العجول، ثم عاد إلى قلعة الجبل. وكان وصوله إليها، فى يوم الاثنين ثالث عشرين، شوال من السنة.
وفيها، فى تاسع عشر محرم، كانت وفاة علاء الدين ابن الملك الناصر، صاحب الشام، الذى كان فى الاعتقال. وكان قد اعتقل، فى أوائل الدولة المنصورية، فى سابع عشر رمضان، سنة ثمان وسبعين وستمائة. وكان قد حصل له مرض المالنخوليا. فلما اشتد به، قتل نفسه. ومولده فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة.
وفيها، فى ليلة السبت، الثامن والعشرين، من شهر المحرم، توفى الشيخ الإمام، قطب الدين أبو بكر، محمد بن أحمد بن على بن الحسين بن عبد الله ابن أحمد بن ميمون القيسى الشاطبى، المعروف بابن القسطلانى، بالمدرسة الكاملية، دار الحديث بالقاهرة، وهو مدرسها، ودفن من الغد، بالقرافة الصغرى. وكانت جنازته مشهورة، رحمه الله تعالى «1» .
وفيها، كانت وفاة الأمير سيف الدين قجقار «2» المنصورى، نائب السلطنة بالمملكة الصفدية. وكان السلطان قد رباه فى صغره، كالولد، رحمه الله تعالى.
وفيها، كانت وفاة الأمير علم الدين سنجر الباشقردى الصالحى بالقاهرة، فى ليلة الثلاثاء، تاسع عشر، شهر رمضان، ودفن بالقرافة. وكان من أكابر الأمراء المقدمين بالديار المصرية. وتولى نيابة السلطنة بحلب «1» كما تقدم، وعزل بالأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى.