المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر تجريد العساكر إلى سيس وما فتح من قلاعها - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى وهو السابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر عزل الصاحب برهان الدين السنجارى عن الوزارة، وتفويضها للصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان وغير ذلك

- ‌ذكر أخبار الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وخروجه عن طاعة السلطان، وسلطنته بدمشق، وما كان من أمره إلى أن عاد للطاعة، ورجع إلى الخدمة السلطانية

- ‌ذكر التقاء العسكر المصرى والعسكر الشامى، وانهزام عسكر الشام، وأسر من يذكر من أمرائه فى المرة الأولى

- ‌ذكر توجه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر إلى صهيون وتحصنه بقلعتها

- ‌ذكر انتظام الصلح بين السلطان الملك المنصور، وبين سنقر الاشقر، وما استقر بينهما، وانتقاض ذلك، وأخذ صهيون منه

- ‌ذكر خبر الملك السعيد وما كان من أمره بالكرك واستيلائه على الشوبك واستعادتها منه

- ‌ذكر وفاة الملك السعيد، وقيام أخيه الملك المسعود خضر مقامه بالكرك

- ‌ذكر الصلح بين السلطان والملك المسعود وانتقاض ذلك وإخراجه من الكرك

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات التى شهدها السلطان بنفسه، والتى ندب إليها عساكره المؤيدة

- ‌ذكر فتوح قلعة قطيبا

- ‌ذكر فتوح ثعز الكختا

- ‌وذكر الإغارة على بلاد سيس

- ‌ذكر فتوح حصن المرقب

- ‌ذكر غزوتى النوبة الأولى والثانية

- ‌ذكر تجريد الجيش فى المرة الثانية إلى النوبة

- ‌ذكر فتوح طرابلس الشام

- ‌ذكر أخبار طرابلس الشام، منذ فتحها المسلمون فى خلاقة عثمان إلى وقتنا هذا

- ‌ذكر ما اتفق فى الدولة المنصورية على حكم السنين خلاف ما ذكرناه من إقامة النواب، ومهادنة الفرنج، والحوادث الغريبة، التى يتعين ايرادها والوفيات

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة [678- 1279]

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعين وستمائة [679- 1280]

- ‌ذكر ما تجدد بدمشق، بعد أن فارقها الأمير شمس الدين سنقر الأشقر

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان عن القضاة بدمشق واعادته، وما اتفق فى هذه السنة الحادثه

- ‌ذكر إعادة الصاحب برهان الدين السنجارى إلى الوزارة وعزله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى غزة، وعوده إلى الديار المصرية

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌واستهلت سنة ثمانين وستمائة [680- 1281]

- ‌ذكر ما تقرر من المهادنات مع الفرنج وبيت الاسبتار

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين رزين، وولاية القاضى وجيه الدين، واستعفائه من قضاء القاهرة، وولاية القاضى شهاب الدين الخويى

- ‌واستهلت سنة إحدى وثمانين وستمائة [681- 1282]

- ‌ذكر تفويض نياية السلطنة بحلب للأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ذكر وصول رسل أحمد سلطان، وهو توكدار ابن هولاكو، ملك التتار

- ‌ذكر الظفر بملك من ملوك الكرج وإمساكه

- ‌واستهلت سنة اثنتين وثمانين وستمائة [682- 1283/1284]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعوده

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة عز الدين ابن الصائغ الشافعى عن القضاء، وتولية قاضى القضاة بهاء الدين يوسف بن الزكى

- ‌ذكر وصول الشيخ عبد الرحمن ومن معه من جهة احمد سلطان، ووفاة مرسلهم، وما كان من خبرهم

- ‌ذكر عمارة التربة المنصورية والمدرسة والبيمارستان ومكتب السبيل

- ‌ولنرجع إلى بقية حوادث سنين اثنتين وثمانين وستمائة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وثمانين وستمائة [683- 1284]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعوده

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر وفاة الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وشىء من أخباره، وأمر ولده الأمير حسام الدين مهنا

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماه وولاية ولده الملك المظفر

- ‌واستهلت سنة أربع وثمانين وستمائة [684- 1285]

- ‌ذكر مولد السلطان الملك الناصر

- ‌واستهلت سنة خمس وثمانين وستمائة [685- 1286]

- ‌ذكر حادثة غريبة اتفقت بحمص

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك وما رتبه من أمر النيابة وعوده

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة وجيه الدين، وتفويض القضاء بمصر والوجه القبلى، لقاضى القضاة، تقى الدين ابن بنت الأعز

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين بن شاس المالكى وتفويض القضاء لقاضى القضاة زين الدين على بن مخلوف المالكى

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بهاء الدين بن الزكى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة ست وثمانين وستمائة [686- 1287]

- ‌ذكر تفويض قضاء القاهرة والوجه البحرى للقاضى برهان الدين السنجارى، ونقلة القاضى شهاب الدين الخويى إلى الشام ووفاة السنجارى، وإضافة قضاء القاهرة للقاضى تقى الدين ابن بنت الأعز

- ‌ذكر خبر واقعة ناصر الدين بن المقدسى واعيان دمشق، ومصادرة أكابر دمشق، وتوكيل ناصر الدين بن المقدسى عن السلطان

- ‌واستهلت سنة سبع وثمانين وستمائة [687- 1288]

- ‌ذكر عزل الأمير علم الدين سنجر الشجاعى عن الوزارة ومصادرته، وتفويض الوزارة لقاضى القضاة، تقى الدين ثم إلى الأمير بدر الدين بيدرا

- ‌ذكر وفاة الملك الصالح وتفويض ولاية العهد إلى الملك الأشرف

- ‌واستهلت سنة ثمان وثمانين وستمائة [688- 1289]

- ‌ذكر ما اتفق بدمشق من المصادرات

- ‌واستهلت سنة تسع وثمانين وستمائة [689- 1290]

- ‌ذكر ايقاع الحوطة على ناصر الدين المقدسى وشنقه

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة نجم الدين المقدسى الحنبلى وتفويض القضاء بدمشق بعده للشيخ شرف الدين المقدسى

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون، رحمه الله

- ‌ذكر تسمية نواب السلطان الملك المنصور ووزرائه

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون الصالحى وهو الثامن من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر القبص على الأمير حسام الدين طرنطاى وقتله وعلى الأمير زين الدين كتبغا واعتقاله

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة الشريفة للأمير بدر الدين بيدرا المنصورى

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشىء من أخباره

- ‌ذكر القبض والإفراج على من نذكر من الأمراء، وعنه

- ‌ذكر فتوح عكا وصور وصيدا وحيفا

- ‌ذكر القبض على الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر رحيل السلطان عن عكا ودخوله إلى دمشق وما قرره من أمر النيابة بها، وبالكرك وغير ذلك

- ‌ذكر فتوح برج صيدا

- ‌ذكر فتح بيروت

- ‌ذكر إنفاذ ولدى السلطان الملك الظاهر ووالدتهما إلى بلاد الأشكرى

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره من الأمراء

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة تقى الدين ابن بنت الأعز عن القضاء ومصادرته

- ‌ذكر تفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى

- ‌ذكر متجددات كانت بدمشق

- ‌واستهلت سنة إحدى وتسعين وستمائة [691- 1291/1292]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر فتوح قلعة الروم وتسميتها قلعة المسلمين

- ‌ذكر توجه الأمير بدر الدين بيدرا وبعض العساكر إلى جبال الكسروان واضطراب العسكر

- ‌ذكر هرب الأمير حسام الدين لاجين والقبض عليه واعتقاله، والقبض على طقصوا

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام والفتوحات وعود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر عدة حوادث كانت فى خلال فتح قلعة الروم وقبله وبعده

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وجرمك الناصرى ووفاتهما، ووفاة طقصوا والإفراح عن الأمير حسام الدين لاجين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وتسعين وستمائة [692- 1292/1293]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصعيد

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وأخذ بهسنا من الأرمن، وإضافتها الى الممالك الإسلامية

- ‌ذكر القبض على الأمير حسام الدين مهنا ابن عيسى وأخوته

- ‌ذكر هدم قلعة الشوبك

- ‌ذكر حادثة السيل ببعلبك

- ‌ذكر ختان الملك الناصر، وما حصل من الأهتمام بذلك

- ‌واستهلت سنة ثلاث وتسعين وستمائة [693- 1293/1294]

- ‌ذكر مقتل السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر خبر الأمير بدر الدين بيدرا ومن معه من الأمراء الذين وافقوه، وما كان منهم، ومقتل بيدرا

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الناصر، ناصر الدين محمد، ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى. وهو التاسع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر خبر الأمراء الذين وافقوا بيدرا على قتل السلطان الملك الأشرف

- ‌ذكر أخبار الصاحب شمس الدين محمد بن السلعوس الوزير وما كان من امره، منذ فارق السلطان الملك الأشرف إلى أن مات

- ‌ذكر الخلف الواقع بين الأميرين علم الدين سنجر الشجاعى وزين الدين كتبغا، ومقتل الشجاعى

- ‌ذكر عدة حوادث كانت فى سنة ثلاث وتسعين وستمائة خلاف ما قدمناه، من ولاية وعزل وغير ذلك، والوفيات

- ‌واستهلت سنة أربع وتسعين وستمائة [694- 1294/1295]

- ‌ذكر الفتنة التى قصد المماليك السلطانية إثارتها

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى، وهو العاشر من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب فخر الدين عمر بن الخليلى

- ‌ذكر القبض على الأمير عز الدين ايبك الخزندار نائب السلطنة بالفتوحات، وولاية الأمير عز الدين أيبك الموصلى المنصورى

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر يوسف بن عمر صاحب اليمن

- ‌واستهلت سنة خمس وتسعين وستمائة [695- 1295/1296]

- ‌ذكر حادثة عجيبة بالشام

- ‌ذكر وفود الأويرانية من بلاد التتار

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين عبد الرحمن بن بنت الأعز وتفويض القضاء للشيخ ابن دقيق العيد

- ‌واستهلت سنة ست وتسعين وستمائة [696- 1296/1297]

- ‌ذكر عود السلطان الملك العادل إلى الديار المصرية وخلعه من السلطنة ورجوعه إلى دمشق

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى وهو السلطان الحادى عشر من ملوك الترك، بالديار المصرية

- ‌ذكر الإفراج عن جماعة من الأمراء

- ‌ذكر تجديد عمارة الجامع الطولونى وترتيب الدروس به، والوقف على ذلك

- ‌ذكر تفويض القضاء بالديار المصرية والشام لمن يذكر

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير شمس الدين سنقر الأعسر

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى نائب السلطنة، وتفويض نيابة السلطنة للأمير سيف الدين منكوتمر

- ‌واستهلت سنة سبع وتسعين وستمائة [697- 1297/1298]

- ‌ذكر وصول الملك المسعود نجم الدين خضر ومن معه من القسطنطينية إلى الديار المصرية

- ‌ذكر توجه الملك السلطان الناصر إلى الكرك وإقامته بها

- ‌ذكر القبض على الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره

- ‌ذكر إعادة الصاحب فخر الدين عمر بن الخليلى إلى الوزارة

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى سيس وما فتح من قلاعها

- ‌ذكر حادثة غريبة ظهر فيها آية من آيات الله عز وجل

- ‌واستهلت ثمان وتسعين وستمائة [698- 1298/1299]

- ‌ذكر مفارقة من نذكر من نواب السلطنة والأمراء الخدمة السلطانية، ولحاقهم بقازان ملك التتار

- ‌ذكر مقتل السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى ونائبه منكوتمر

- ‌ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر

- ‌ذكر عود السلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون إلى السلطنة ثانيا

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وتفويض الوزارة إليه

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر صاحب حماه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌واستهلت سنة تسع وتسعين وستمائة [699- 1299/1300]

- ‌ذكر الفتنة التى أثارها الأويرانية بهذه المدينة

- ‌ذكر تسمية من استشهد وفقد، فى هذه الوقعة من المشهورين

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان الملك الناصر عند عوده إلى الديار المصرية من الاهتمام بأمر الجيوش والعساكر

- ‌ذكر توجه السلطان بالعساكر إلى جهة الشام، ووصوله إلى منزلة الصالحية وإرسال الجيوش إلى دمشق والممالك الشامية، وعود الأمراء إلى الخدمة السلطانية ورجوع السلطان إلى قلعة الجبل، وما تقرر من أمر النواب

- ‌واستهلت سنة سبعمائة يوم الجمعة [700- 1300/1301]

- ‌ذكر جباية المقرر على أرباب الأملاك والأموال بالديار المصرية والشام

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر بالعساكر إلى الشام وعوده

- ‌ذكر وصول غازان إلى الشام وعوده وما فعلته جيوشه

- ‌ذكر خبر أهل الذمة وتغيير لباسهم وما تقرر فى ذلك، والسبب الذى أوجبه

- ‌ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به

- ‌واستهلت ثمان وتسعين وستمائة [698- 1298/1299]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الحادي والثلاثون

الفصل: ‌ذكر تجريد العساكر إلى سيس وما فتح من قلاعها

وصادر ألزام الأمير شمس الدين [سنقر]«1» الأعسر «2» .

‌ذكر تجريد العساكر إلى سيس وما فتح من قلاعها

وفى هذه السنة، جرّد السلطان الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى الصالحى أمير سلاح، والأمير حسام الدين لاجين الرومى، أستاذ الدار، والأمير شمس الدين آقسنقر كرتاى «3» ، ومن معهم من مضافيهم. وأمرهم أن يتوجهوا إلى بلاد سيس. فتوجهوا من القاهرة، فى جمادى الأولى، والمقدم على الجيش أجمع الأمير بدر الدين [بكتاش]«4» أمير سلاح.

وكان وصولهم إلى دمشق فى يوم الخميس، خامس جمادى الآخرة، وتوجهوا منها فى ثامن الشهر. وجرّد، معهم من عسكر دمشق، الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجالق، والأمير سيف الدين كجكن، والأمير بهاء الدين قرا أرسلان المنصورى ومضافيهم «5» . وجرد العسكر الصفدى، ومقدمه الأمير علم الدين [ايدغدى «6» ] الإلدكزىّ «7» . وجرّد جماعة من العسكر الطرابلسى، والملك المظفر صاحب حماه بعسكرها.

ص: 337

ولما اتصل خبر تجريد العسكر بصاحب سيس، جهز رسله إلى الأبواب السلطانية، يستعطف السلطان، ويسأل مراحمه، فلم تجد «1» رسالته نفعا.

ووصلت هذه العساكر إلى حلب. وأردف السلطان هذه العساكر بالأمير علم الدين سنجر الدرادارى، أحد مقدمى العساكر بالديار المصرية، ومضى فيه، فخرج مسرعا، وأدرك الجيش بحلب. وجرد من العسكر الحلبى الأمير علم الدين المعروف بالزغلى و [الأمير علم الدين سنجر الحلبى «2» ] ، ومضافيهما. وتوجهت هذه الجيوش بجملتها إلى بلاد سيس. فلما نزلوا بالعمق، افترقت العساكر فرقتين. فتوجه الأمير بدر الدين بكتاش، أمير سلاح، والأمير حسام الدين أستاذ الدار، والأمير ركن الدين الجالق، والأمير بهاء الدين قرا أرسلان، والعسكر الصفدى من عقبة بفراس إلى باب اسكندرونة، ونازلوا تل حمدون. وتوجه الملك المظفر صاحب حماه، والأمير علم الدين سنجر الدوادارى، والأمير شمس الدين آفسنقر كرتاى «3» ، وبقية الجيش من عقبة المريت «4» . وصار نهر «5» جهان بين الفريقين وكان دخولهم إلى در بند سيس، فى يوم الخميس، رابع شهر رجب.

ص: 338

ولما صاروا ببلاد سيس، اختلف الأمير بدر الدين أمير سلاح، والأمير علم الدين الدوادارى، فأشار أمير سلاح بالحصار ومنازلة القلاع. وأشار الدوادارى بالإغارة والإفتصار عليها. وقال أنا المقدم على هذه الجيوش كلها، وأنا آخركم عهدا بالسلطان، وإنما رسم السلطان بالإغارة. فاضطر أمير سلاح ومن معه، لموافقة الدوادارى، وقطعوا جهات من مخاضة العمودين، وتوجهوا للإغارة. فتوجه صاحب حماه والدوادارى، ومن معهما إلى سيس نفسها. وتوجه أمير سلاح ومن معه إلى تاورزه «1» ، وأقاموا عليها يوما وليلة. ورحلوا إلى أذنة، واجتمعت الطائفتان «2» بها، بعد أن قتلوا من ظفروا به من الأرمن، واستاقوا ما مرّوا به من الأبقار والجواميس. وعادوا من أذنة إلى المصيصة بعد الإغارة، وأقاموا بها ثلاثة أيام، حتى نصبوا جسرا مرت العساكر عليه، ورجعوا إلى بغراس، ثم إلى مرج أنطاكية. وأقاموا ثلاثة أيام، ورحلوا إلى جسر الحديد بأرض الروج «3» ، عازمين على العود إلى الديار المصرية، بالعساكر «4» المصرية إلى مستقرها.

وكان الأمير بدر الدين أمير سلاح، لما نازعه الدوادارى فى التقدمة، ومنعه من الحصار، وصمم على الأقتصار على الإغارة، قد كتب إلى الأمير سيف الدين بلبان الطباخى، نائب السلطنة بالمملكة الحلبية، يعلمه بما وقع والتمس منه مطالعة السلطان بذلك. فطالع بصورة الحال، فورد الجواب من السلطان، والعساكر

ص: 339

بالروج، يتضمن الإنكار على الأمير علم الدين الدوادارى، كونه ادّعى التقدمة على الأمير بدر الدين أمير سلاح، واقتصر على الإغارة، وأن الدوادارى إنما خرج مقدما على مضافيه خاصة، وإن التقدمة على سائر الجيوش للأمير بدر الدين أمير سلاح. ورسم السلطان أن العساكر لا تعود، إلا بعد فتح تل حمدون. وإن عادت قبل فتحها، فلا إقطاع لهم بالديار المصرية؛ إلى غير ذلك من الحث على فتحها. فعند ذلك، عطفت العساكر من الروج إلى جهة حلب، ووصلوا إليها، وأقاموا بها ثمانية أيام، وتجهّزوا منها بما يحتاجون إليه. ودخلوا إلى بلاد سيس بأثقالهم، وعبروا بجملتهم من عقبة بغراس. وجرّد الأمير بدر الدين [بكتاش]«1» أمير سلاح، الأميرين سيف الدين كجكن، وبهاء الدين قرا أرسلان، إلى إياس، فأكمن لهم الأرمن فى البساتين، فلم تتمكن العسكر من قتالهم، ورحلوا شبه المنهزمين، فأنكر أمير سلاح عليهم وسبّهم، فاعتذروا بضيق المسلك والتفاف الأشجار، وعدم التمكن من العدو. ثم رحل بجميع الجيش، ونزل على تل حمدون، فوجدها خالية، وقد أنتقل من بها من الأرمن إلى قلعة نجيمة، فتسلمها، فى سابع شهر رمضان، وسلمها للأمير علم الدين الشيبانى، النائب ببغراس.

ولما دخل الجيش إلى بلاد سيس، جرّد الأمير سيف الدين الطباخى، نائب السلطنة بحلب، طائفة من عسكرها، ومن انضم إليهم من التركمان وغيرهم، ففتحوا قلعة مرعش، فى عاشر شهر رمضان أيضا. ثم جاء الخبر إلى العسكر أن واديا تحت قلعة نجيمة وحموّص «2» قد امتلأ بالأرمن، وأن المقاتلة من قلعة

ص: 340

نجمية يحمونهم. فندب إليه طائفة من العسكر، فرجعوا ولم يبلغوا غرضا.

ثم [سيّر]«1» طائفة ثانية، فرجعوا كذلك «2» . فرحل الأمراء بجملتهم فى نفر من أعيان الجيش وأقويائه، وقاتلوا أهل نجيمة، حتى ردوهم إلى القلعة.

ثم تقدم الجيش إلى الوادى، وقتلوا من به من الأرمن، وأسروا ونهبوا، ونازلوا قلعة نجيمة، ليلة واحدة. ثم خرج العسكر إلى الوطاة «3» ، وبقى صاحب حماه وأمير سلاح، فى مقابلة من بالقلعة، حتى خرج العسكر، خشية أن يخرج أهل نجيمة، فينالوا من أطراف العسكر. ثم خرجوا بجملتهم واجتمعوا بالوطاة. فوصل البريد بكتب السلطان، يتضمن أنه بلغه أن تل حمدون أخليت، وأنها أخذت بغير قتال ولا حصار، وانتقل من بها إلى قلعة نجيمة. وأمر بمنازلة قلعة نجيمة وحصارها، إلى أن تفتح، فعادت العساكر إليها وحاصروها. واختلف أمير سلاح والدوادارى أيضا، فقال الدوادارى: إن هذا الجيش بجملته إذا نازل هذه القلعة، لا يظهر من اجتهد وقاتل، ممن تخاذل وعجز. والقتال عليها إنما هو من وجه واحد. والرأى أن يتقدم فى كل يوم مقدم ألف، ويزحف بجماعته ليظهر فعله، واستقل القلعة واستصغرها وحقّر أمرها. وكان فى جملة كلامه أن قال:

أنا آخذ هذه القلعة فى حجرى. فاتفق الأمر على أن يتقدم الدوادارى بألفه، للزحف فى أول يوم. فزحف بمن معه حتى لا حف «4» السور. فأصابه حجر منجنيق فى مشط رجله، فقطعه وسقط إلى الأرض. فتبادر الأرمن بالنزول إليه،

ص: 341

وكادوا يأسرونه. فحمل أمير سلاح بجماعته، حتى حجزهم عنه. وأخرج الدوادارى على جنوية «1» ، وحمل إلى وطاقه «2» . وعادوا إلى حلب، ثم توجه منها إلى الديار المصرية. وقد سكنت نفسه، ونقصت حرمته عما كانت عليه، وكان قبل ذلك له حرمة وافرة وقتل الأمير علم الدين سنجر طقصبا الناصرى، على هذه القلعة. وزحف الأمير شمس الدين آقسنقر كرتاى «3» فى اليوم الثانى، وانتهى إلى سور القلعة ونقيه، وخلّص منه ثلاثة أحجار. واستشهد من مماليكه وأجناده أحد عشر رجلا، ونفران من الحجارين.

ثم زحف أمير سلاح، وصاحب حماه، وبقية الجيش. ورتّبهم أمير سلاح طوائف، طائفة تتلو أخرى. وقرر معهم، أن يردف بعضهم بعضا. وتقدموا بالجنويات، حتى وصلوا إلى السور، وأخذوا مواضع النقوب «4» ، وأقاموا الستائر «5» .

ولازموا الحصار عليها واحدا وأربعين يوما. وقد اجتمع بها جمع كثير من الفلاحين والنساء والصبيان من أهل القرى المجاورة لها، فقلّت المياه بالقلعة.

فاضطر الأرمن إلى إخراجهم منها، فأخرجوهم فى ثلاث دفعات. فأخرجوا فى المرة الأولى مائتى رجل، وثلاثمائة امرأة ومائة وخمسين صبيا. فقتل العسكر الرجال، وتفرّقوا النساء والصبيان. ثم أخرجوا فى المرة الثانية مائة وخمسين

ص: 342

رجلا، ومائتى امرأة، وخمسة وسبعين صبيا، ففعلوا بهم كذلك. ثم أخرجوا جماعة أحرى فى المرة الثالثة. ولم يتأخر بالقلعة الا المقاتلة، وقلّت عندهم المياه، حتى اقتتلوا بالسيف على الماء، فسألوا الأمان فأعطوه، وسلموا القلعة فى ذى القعدة من السنة. وخرجوا منها، وتوجهوا إلى مأمنهم «1» .

وفى أثناء هذا الحصار، وصلت إلى العسكر مفاتيح النقير «2» وحجر شغلان وسرقند كار وزنجفره وحموّص «3» ، وتتمة أحد عشر حصنا من حصون الأرمن.

وسلم الأمير بدر الدين أمير سلاح هذه «4» الفتوح إلى الأمير سيف الدين استدمر كرجى «5» أحد الأمراء بدمشق، وجعله نائبا بها. فلم يزل [استدمر «6» ] بهذه الحصون، إلى أن بلغه حركة التتار وقربهم، فأباع ما بها من الحواصل وتركها خالية، فاستولى الأرمن عليها.

ولما تكامل هذا الفتح، عادت العساكر إلى حلب، ونزلوا بها، ليريحوا خيولهم. وترادف عليهم الأمطار وتزايدت، حتى سكنوا الخانات والدور. ثم أردفهم السلطان بتجريدة أخرى، من الديار المصرية، صحبة الأمير سيف الدين بكتمر السلاح دار، والأمير سيف الدين طقطاى، والأمير مبارز الدين أوليا

ص: 343