الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة ثمانين وستمائة [680- 1281]
ذكر ما تقرر من المهادنات مع الفرنج وبيت الاسبتار
«1»
فى هذه السنة، وصل إلى السلطان، وهو بمنزلة الروحاء، وصل الفرنج يسألون تقرير الهدنة، والزيادة على الهدنة الظاهرية. وما زالوا يترددون إلى أن تقررت الهدنة، بين السلطان وولده معا، ومع مقدم «2» بيت الاسبتار،
وجميع الإخوة الاسبتارية، [بعكا «1» ] ، لمدة عشر سنين كوامل متتابعات، وعشرة شهور، وعشرة أيام، وعشرة ساعات، أول ذلك يوم السبت ثانى عشر المحرم سنة ثمانين وستمائة، الموافق للثالث من شهر أيار، سنة ألف وخمسمائة واثنتين وتسعين للإسكندر بن فيلبس «2» اليونانى، [وذلك «3» ] على جميع بلاد السلطان، وما اشتملت عليه من الأفاليم والممالك والقلاع والحصون، والمدن والبلاد والقرى، والمزارع والأراضى، والموانى والبحور، والمراسى والثغور، وسائر البلاد من الفرات إلى النوبة، وعلى التجار المسافرين فى البر والبحر، والسهل والجبل، فى الليل والنهار، وعلى قلعة المرقب، والربض المرقبى بحقوقه وحدوده.
وتقررت الهدنة مع متملك طرابلس، بيمند «4» بن بيمند، لمدة عشر «5» سنين كوامل متواليات، أولها يوم السبت السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثمانين وستمائة، الموافق للخامس من تموز سنة ألف وخمسمائة واثنتين وتسعين، للإسكندر. وذلك على بلاد السلطان الملك المنصور والملك الصالح ولده، قريبها وبعيدها، صهلها وجبلها، غورها ونجدها، قديمها ومستجدها، وما هو مجاور
لطرابلس ومحادد لها، من المملكة البعلبكية، وجبالها وقراها الدخلية «1» والجبلية، وجبال الضنيين والقصبين «2» ، وما هو من حقوق ذلك، وعلى الفتوحات المستجدة:
وهى حصن الأكراد وافليس والقليعات وصافيتا، وميعار، واطليعا، وحصن عكار ومرقية «3» ، ومدينتها وبلادها، ومناصفاتها، وهى «4» بلاد اللكمة، وجميع بلاد هذه الجهات التى ذكرناها، ومناصفات المرقب التى دخلت فى الصلح مع بيت الاسبتار وبلده ومدينته، وما هو محسوب منها ومعروف بها من حصون وقرى، وبلاد الست وبلاطنس وبلادها، وقرقص «5» وبلادها، وجبلة ولاذقية وأنطاكية والسويدية وبلاد ذلك، وحصن بغراس، وحصن دير كوش وصهيون وبرزية، وحصون «6» الدعوة، وغير ذلك من سائر الممالك الإسلامية، وما سيفتحه الله تعالى، على يد السلطان ويد ولده، وعلى الموانى والسواحل والأبراج وغير ذلك؛ وعلى بلاد الإبرنس «7» ، وعلى طرابلس وما هو
داخل فيها، وأنفه واليترون وجبيل وبلاد ذلك، وعرقا وبلادها المعينّة فى الهدنة، وعدتها إحدى وخمسون ناحية، وما هو للخيّالة والكنائس وعدّتها أحد وعشرون بلدا، وما هو للفارس روجاردلا «1» لولاى، من قبلى طرابلس، يكون مناصفة، وعلى أن يستقر برج اللاذقية وميناؤها فى استخراج الحقوق والجنايات «2» والغلات وغيرها مناصفة، ويستقر مقامهم باللاذقية على حكم شروط الهدنة الظاهرية «3» ، وعلى أن يكون على جسر أرتوسية «4» ، من غلمان السلطان ليحفظ الحقوق، ستة عشر نفرا وهم: المشد والشاهد والكاتب وثلاثة «5» غلمان لهم، وعشرة رجّالة فى خدمة المشد، ويكون لهم فى الجسر بيوت يسكنونها، ولا يحصل منهم أذية لرعية الإبرنس، وإنما يمنعون «6» ما يجب منعه من الممنوعات، ولا يمنعون «7» ما يكون من عرقا، من الغلات الصيفية والشتوية وغيرها، لا يعارضهم المشد فيه. وما عدا ذلك مما يعبر «8» من بلاد السلطان، يؤخذ عليه الحقوق. ولا يدخل إلى طرابلس غلة محمية للإبرنس ولا غيره، إلا [و] يؤخذ الموجب عليها؛
وعلى أن البرنس لا يستجد خارج ما وقعت الهدنة عليه، بناء يدفع ولا يمنع، وكذلك السلطان لا يستجد بناء قلعة ينشئها من الأصل فى البلاد، التى وقعت الهدنة عليها، وعلى الشوانى من الجهتين أن تكون آمنة، كل طائفة من الأخرى.
ولا ينقض ذلك بموت أحدهما. ولا بتغييره، وأن لا يحسّن لأحد من أعداء مولانا السلطان، ولا يتفق عليه، برمز ولا خط، ولا مراسلة ولا مكاتبة ولا مشافهة. وتقررت الحال على ذلك وعادت الرسل، وتوجه الأمير فخر الدين أياز الحاجب ليحلف الفرنج ومقدم بيت الاسبتار. على ما انعقد عليه الصلح، فخلفهم.
ذكر حادثة «1» الأمير سيف الدين كوندك ومن معه، والقبض عليه
وفى هذه السنة، بلغ السلطان وهو بمنزلة الروحاء، أن الأمير سيف الدين كوندك وجماعة من الأمراء الظاهرية، قد توافقوا على الغدر به. ووصلت إلى السلطان كتب المناصحين من عكا يقولون له احترز على نفسك، فإن عندك جماعة من الأمراء قد اتفقوا على قتلك، وكاتبوا الفرنج، وقالوا لهم لا تصالحوا فالأمر لا يبطىء. وعزم كوندك ومن معه، أن يهجموا بالليل على السلطان فى الدهليز ويغتالونه. ووافقهم جماعة من الظاهرية الجوانية «2» . فاحترز السلطان
ورحل «1» من الروحاء. وتقدم وتلاطف الأمر، حتى اجتمع «2» الأمراء عنده بحمرة «3» بيسان، فوبخ كوندك ومن معه، وذكر لهم ما اعتمدوه من مكاتبة الفرنج فاعترفوا بذلك، وقرّوا به. وسألوه العفو. فأمر السلطان بالقبض عليهم، فقبض [على]«4» كوندك «5» وايدعمش الحكيمى وبيبرس الرشيدى، وساطلمش السلاح دار الظاهرى فى الدهليز، وأمر السلطان بإعدامهم. وسير إلى الخيام فأمسك من كان قد وافقهم من [الأمراء]«6» البرانيين والمماليك الجوانية، وكانوا ثلاثة وثلاثين نفرا، وخاف جماعة فهربوا، فساق العسكر خلفهم. فأحضر بعضهم من جبال بعلبك، وبعضهم من ناحية صرخد.
وفيها، هرب الأمير سيف الدين أينمش «7» السعدى. وسيف الدين بلبان
الهارونى «1» ، وجماعة من البحرية الظاهرية. والتتار الوافدية «2» ، يقال كانوا نحو ثلاثمائة فارس. وتوجهوا إلى صهيون، ولحقوا بالأمير شمس الدين سنقر الأشقر، وذلك قبل انتظام الصلح الذى قدمناه. وجرد السلطان خلفهم، الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى، والأمير ركن الدين بيبرس طقصوا «3» وجماعتهم فلم بدر كوهم.
ورحل السلطان إلى دمشق، وكان وصوله إليها فى يوم السبت العشرين من المحرم، وهو أول دخوله إليها. وكان من انتظام الصلح بين السلطان والأمير شمس الدين ستقر الأشقر والملك المسعود ما قدمناه»
. وكانت الوقعة مع التتار على حمص، وقد تقدم ذكرها فى الغزوات «5» .
وفى هذه السنة، فى يوم الاثنين الثامن والعشرين من المحرم، والسلطان بدمشق، فوّض السلطان قضاء القضاة بدمشق، على مذهب الإمام الشافعى، لقاضى القضاة عز الدين بن الصائغ، وعزل القاضى شمس الدين أحمد ابن خلكان. وفوّض أيضا قضاء الحنابلة بدمشق للقاضى نجم الدين أحمد ابن الشيخ شمس الدين عبد الرحمن الحنبلى. وكان القضاء على مذهب أحمد، قد
شغر «1» ، منذ عزل الشيخ شمس الدين نفسه من القضاء، وتوجه إلى الحجاز، فى سنة ثمان وسبعين وستمائة، ففوضه السلطان الآن لولده المذكور، بإشارة والده وخلع على القاضيين، واشترط القاضى عز الدين شروطا، فأجيب إليها.
وفيها، فى العشر الأوسط من شهر ربيع الأول، دارت الجهة المفردة «2» بدمشق وأعمالها وضمنت. فقيل «3» إنها ضمنت فى كل سنة بسبعمائة ألف درهم.
ثم تزايد فيها الضمان حتى بلغت ألفى ألف درهم فى كل سنة. فلما كان فى يوم الأحد، الخامس والعشرين من الشهر، خرج مرسوم السلطان بإراقة الخمور وإبطال [هذه] الجهة [الخبيثة] فبطل ذلك ولله الحمد «4» .
وفيها، فى شعبان، فوض السلطان شاد الدواوين بالشام، للأمير علم الدين سنجر الدوادارى و [فوض «5» ] نظر النظار للقاضى تاج الدين عبد الرحمن بن الشيرازى.
وفى هذه السنة، وصلت رسل الملك المظفر يوسف بن عمر، صاحب اليمن إلى السلطان بالهدايا والتحف. وكان من جملة سؤال صاحب اليمن أن يرسل السلطان إليه قميص أمان «1» ، ويكتب عليه هو وابنه الملك الصالح، فأجابه السلطان إلى ذلك. وجهّز له هدايا وتحفا وقطعة زمرد وخيلا من خيل التتار الأكاديش «2» ، وشيئا من عددهم «3» .
وفيها، فى شهر رمضان، قبض السلطان على الأمير ركن الدين أياجى «4» الحاجب. وفى ذى القعدة، قبض على الأمير سيف الدين أيتمش «5» السعدى، وجماعة من الأمراء، وقبض بدمشق على الأمير سيف الدين بلبان الهارونى،