الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تتمة الفن الخامس في التاريخ]
[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]
[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]
[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*
هو حسبى وكفى
ذكر أخبار السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى وهو السابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية
.
وهو من خالصة القفجاق «1» ، من قبيلة برج أغلى «2» . وكان مملوك الأمير علاء الدين أقسنقر الساقى العادلى.
اشتراه بألف دينار، فعرف بالألفى. وانفقت وفاة أستاذه «3» فى الأيام الصالحية، فى يوم الجمعة، الثامن والعشرين، من شهر رجب، سنة ثمان وسبعين وستمائة،
فارتجع إلى المماليك السلطانية «1» هو وجماعة من خشداشيته «2» ، فهم يعرفون بالعلائية.
وكان السلطان الملك المنصور هذا، فى جملة البحرية الذين خرجوا من الديار المصرية، بعد مقتل الأمير فارس الدين أقطاى. ثم تنقلت به الحال إلى هذه الغاية. ملك الديار المصرية والبلاد الشامية، وما مع ذلك. وجلس على تخت السلطنة، بقلعة الجبل، فى يوم الأحد، العشرين من شهر رجب الفرد، سنة ثمان وسبعين وستمائة. واستحلف «3» الأمراء والمقدمين، ومن جرت العادة باستحلافه. وخطب له على المنابر، وكتب إلى دمشق، وإلى سائر الممالك يخبرهم بذلك. فوصل البريد إلى دمشق فى الثامن والعشرين من الشهر. وساق
[بعض مماليك الملك المنصور «1» ] من باب الأسطبل السلطانى، بظاهر قلعة الجبل إلى دمشق، فى يومين وسبع ساعات. وحلف الناس له بالشام. وخطب له على منابر دمشق، فى يوم الجمعة ثانى شعبان.
وكان من أول ما اعتمده السلطان عند جلوسه على تخت السلطنة، أنه أمر بإبطال زكاة الدولية «2» ، بالديار المصرية، وكانت قد اجحفت بالرعية. وأفرج عن الأمير عز الدين أيبك الأفرم «3» الصالحى، ورتبه فى نيابة السلطنة. فتولاها مدة يسيرة، ثم استعفى منها فأعفاه، وفوض نيابة السلطنة بعده، لمملوكه الأمير حسام الدين طرنطاى، وذلك فى يوم السبت الثالث والعشرين من شهر رمضان من السنة. وأقر الصاحب برهان الدين [السنجارى «4» ] على الوزارة، ورتب مملوكه الأمير علم الدين سنجر الشجاعى فى شد الدولة.
وكان أول ركوب السلطان الملك المنصور بشعار السلطنة، فى يوم السبت
الثالث من شعبان. وكتب إلى الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بركوبه.
والكتاب بخط القاضى تاج الدين بن الأثير، جاء منه «1» :
ولا زالت أيامه بمحابتها تنهى «2» ، وترى من النصر ما كانت تتمنى، وتتأمل آثارها فتملأها حسنا. وتشاهد من أماير الظفر ما يوسع على العباد أمنا.
ويستزيد الحمد على ما وهب من الملك، الذى أولى كلّا منّا منّا.
المملوك يهدى من لطيف أنبائه، ووظائف دعائه «3» ، وما استقر من عوارف الله لديه، وما حباه به من النعم، التى ملأت يديه، ما يستروح بنسيمه؛ ويستفتح لسان الحمد بتقديمه، وتزداد «4» به مسرة نفسه «5» وابتهاجها،
وتزدان عقود السعود، وإنما يزين اللآلىء فى العقود ازدواجها، وتقوى به قوى العزائم، وتمثله الأعداء فى أفكارها، فتكاد تجر ذيول العزائم، وتبعت الآمال على تمسكها بالنصر، وتظهر منه المحاب التى «1» لو قصدت الأقلام لحصرها، لعجزت عن الحصر. وهو أن العلم الكريم، قد أحاط بالصورة التى استقرت، من دخول الناس فى طاعة المملوك، واجتماع الكلمة عليه، واستقلاله بأمر السلطنة المظمة.
ولما كان يوم السبت، الثالث من شعبان المبارك، سنة ثمان وسبعين وستمائة، ركب المملوك بشعار السلطنة، وأبهة الملك؛ وسلك المجالس العالية، الأمراء والمقدمون والمفاردة «2» والعساكر المنصورة، من آداب الخدمة، وإخلاص النية، وحسن الطاعة كل «3» ما دلّ على انتظام الأمر واتساق عقد النصر.
ولما قضينا من أمر الركوب وطرا «4» ، وأنجزنا للأولياء وعدا من السعادة منتظرا، عدنا إلى قلعة الجبل المحروسة، والأيدى بالأدعية الصالحة لنا مرتفعة، والقلوب على محبة أيامنا مجتمعة، والآمال قد توثفت بالعدل واستمراره، والأبصار قد استشرفت من التأييد مطالع أنواره. وشرعنا من الآن فى أسباب الجهاد، وأخذنا فى كل ما يؤذن، إن شاء الله تعالى، بفتح ما بأيدى العدو من البلاد.