الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستهلت سنة ثمان وثمانين وستمائة [688- 1289]
فى هذه السنة، فى المحرم، توجه السلطان إلى الشام، وافتتح طرابلس، وقد ذكرنا ذلك فى الفتوحات.
ولما افتتح السلطان طرابلس، جهّز الأمير حسام الدين طرنطاى، إلى المملكة الحلبية، بطائفة من العسكر. وكان قد وصل إلى «1» [السلطان «2» ] ، وهو بطرابلس، رسل صاحب سيس، يسألون مراحم «3» السلطان، ويطلبون مراضيه.
فطلب منهم السلطان تسليم مرعش، وبهسنا والقيام بالقطيعة «4» على العادة، وخلع عليهم وأعادهم. ورحل عن طرابلس ونزل على حمص، وأقام بها أيّاما.
فعادت رسل سيس بهدية كثيرة، واعتذارات عن تسليم مرعش وبهسنا، وبذل جملة كثيرة من المال فى كل سنة. فرحل السلطان عن حمص، ودخل إلى دمشق، فى يوم الاثنين خامس جمادى الأولى.
ذكر ما اتفق بدمشق من المصادرات
كان السلطان قد استصحب [معه «5» ] فى هذه السفرة، الأمير علم الدين
سنجر الشجاعى، بعد عزله من الوزارة. فلما عاد إلى دمشق من طرابلس، أمره أن يتحدث فى تحصيل الأموال بدمشق، ومكّنه من ذلك، فأوقع الحوطة، على الصاحب تقى الدين توبة. فوجد له أخشابا «1» كثيرة وبضائع وسكّرا، فطرح ذلك على أهل دمشق، بأضعاف قيمته. فكان يحفظ لمن يطرح عليه منه الربع فمادونه. فحصل من ذلك تقدير خمسمائة ألف درهم. وكان غرضه بذلك، أن يطلع السلطان، على أن تقى الدين توبة قد حصل الأموال الكثيرة، لعداوة كانت بينهما. ثم شرع فى مصادرات الناس، فهرب أكثر الدماشقة إلى القرى والضياع، واختفوا منه. وطلب نجم الدين عباس الجوهرى، بسبب ضيعة كان قد اشتراها من ابنة الملك الأشرف، بالبقاع العزيز، فطولب بما أخذه من ريعها، فكان خمسمائة ألف درهم، فحمل جوهرا، قوّم له، بثمانين ألف درهم. فشدّد عليه الطلب، فجاء إلى مدرسته التى أنشأها بدمشق، وحفر فى دهليزها، وأخرج خونجاه «2» ذهب، مرصعة بالجوهر، وعليها فرقة «3» مرصعة، فقوم ذلك بأربعمائة ألف درهم، وسبك الذهب، وكان سبعة آلاف دينار، ونقل الجوهر إلى الخزانة.
وأظهر السلطان للأمراء، أن إقامته بدمشق، لانتظار الأمير حسام الدين طرنطاى، فوصل فى سابع عشر شهر رجب. وتلقاه السلطان بالعساكر، وأقام بدمشق، إلى يوم الخميس ثانى شعبان. فتوجه فى هذا اليوم إلى الديار المصرية،
بعد أن حصل الإحجاف بأهل دمشق، واستصحب تقى الدين توبة مقيّدا.
فلما وصل إلى حمراء بيسان «1» ، مرّ عليه الأمير حسام الدين طرنطاى، والأمير زين الدين كتبغا، وهو بالزردخاناة، فسبهما أقبح سب، وكانت هذه عادته، وذكر ما فعل به، وهما يضحكان من سبه لهما. فتوجها إلى السلطان، وسألاه فى أمره، وضمناه فأفرج عنه. وأخذاه عندهما. فتألم الأمير علم الدين الشجاعى لذلك ألما شديدا. وكان قد كتب إلى نابلس والقدس وبلد الخليل والبلاد الساحلية، يطلب الولاة والمباشرين، وأن يجهزوا إلى غزة. فلما حصل الإفراج عن تقى الدين توبة، غضب الشجاعى وأظهر حردا. وامتنع من الحديث [فى المصادرين «2» ] ، فكان ذلك من الألطاف بمن طلب. ووصل السلطان إلى قلعة الجبل فى يوم الثلاثاء.
وفى هذه السنة، فى يوم الثلاثاء [ثا «3» ] من عشرى «4» شعبان، وقت الظهر توفى بدمشق الملك المنصور شهاب الدين محمود ابن الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل.
وفيها، كانت وفاة الأمير علاء الدين الكبكى بالقدس الشريف، فى شهر رمضان، رحمه الله تعالى.