الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإسطبل «1» . ولما عطف، ساق الأمير حسام الدين ومن معه. ملء «2» الفروج، ليدركه «3» . فما وصل إلى باب الإسطبل. إلا والسلطان قد دخل منه، وحف به مماليكه وخواصه، فبطل على طرنطاى ما دبره. وبادر السلطان بالقبض عليه.
ذكر القبص على الأمير حسام الدين طرنطاى وقتله وعلى الأمير زين الدين كتبغا واعتقاله
لما استقل السلطان الملك الأشرف فى السلطنة، وقف الأمير حسام الدين طرنطاى؛ بين يديه فى نيابة السلطنة، على عادته مع السلطان الملك المنصور أبيه «4» . وكان الملك الأشرف يكره الأمير حسام الدين طرنطاى أشد الكراهية لأمور:
منها ما كان يعامله به من الاطراح لجانبه، والغض منه، واهنة «5» نوابه، وأذى من ينسب إليه. ومنها ترجيح جانب أخيه، الملك الصالح على جانبه، والميل إليه. ولما مات الملك الصالح، وأنتقلت ولاية العهد بعده، إلى الملك الأشرف مال إليه من كان يميل عنه، وتقرب إلى خاطره من كان يجفوه «6» . ولم يزد ذلك
الأمير حسام الدين إلا تماديا فى الإعراض عنه، وجريا على عادته، فى أذى من ينتسب إليه. وأغرى السلطان الملك المنصور، بناظر الديوان الأشرفى، شمس الدين محمد بن للسلعوس، حتى ضربه وصرفه على ما نذكر ذلك، وعامله بمثل هذه المعاملة، والملك الأشرف لا يستطيع دفع ذلك، لتمكن الأمير حسام الدين، من السلطان الملك المنصور، ويكتم ما عنده منه، ويصبر «1» من ذلك، على ما لا يصبر «2» مثله على مثله.
فلما ملك السلطان الملك الأشرف، تحقق الأمير حسام الدين أنه يحقد عليه أفعاله، وأن خاطره لا يصفوله. فشرع فى إفساد نظامه سرّا، وإخراج الأمر عنه. وتحقق السلطان ذلك، ووشى به بعض من باطنه. فلما نزل السلطان من الركوب فى يوم الجمعة، الثانى عشر من ذى القعدة، استدعاه فدخل عليه، وهو يظن أن أحدا لا يجسر أن يقدم عليه، لمهابته فى القلوب، ومكانته من الدولة، وظن أن السلطان لا يبادره بالقبض عليه. ولما استدعاه [السلطان «3» ] ، نهاه الأمير زين الدين كتبغا المنصورى، عن الدخول على السلطان وحذّره، وقال له: والله أخاف عليك منه، فلا تدخل عليه، إلا فى عصبة وجماعة، تعلم أنهم يمانعون عنك أن لو وقع أمر. وقال له:- فيما حكى لى «4» - والله لو كنت نائما، ما جسر «5» خليل ينبهنى. وقام ودخل على السلطان، فحمل زين الدين كتبغا
الإشفاق عليه، أن دخل معه. فلما صار طرنطاى بين يدى السلطان، وكان قد قرر مع الأمراء الخاصكية «1» القبض عليه، فبادروا إلى ذلك، وقبضوا على يديه، وأخذوا سيفه. فصرخ كتبغا، وجعل يقول:«إيش عمل، إيش عمل» ، يكرر ذلك. فأمر السلطان بالقبض على كتبغا، فقبض عليه واعتقل، ثم أفرج عنه بعد ذلك.
وأما طرنطاى، فإنه لما قبض عليه، أمر بقتله، فقتل. وقيل إنه عوقب بين يدى السلطان حتى مات. وقيل كانت وفاته فى ثامن عشر ذى القعدة، وبقى ثمانية أيام، بعد وفاته. ثم أخرج من القلعة، ليلة الجمعة سادس عشرين الشهر، وقد لفّ فى حصير، وحمل على جنوية «2» ، إلى زاوية الشيخ أبى السعود.
فغسله الشيخ عمر السعودى، وكفنه ودفنه، خارج الزاوية. وبقى كذلك، إلى أن ملك الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى، فأمر بنقله إلى تربته التى أنشأها بالقاهرة، بمدرسته التى بجوار داره بخط المسطاح «3» .