المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشىء من أخباره - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣١

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[تتمة ذكر اخبار دولة الترك]

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى وهو السابع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر عزل الصاحب برهان الدين السنجارى عن الوزارة، وتفويضها للصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان وغير ذلك

- ‌ذكر أخبار الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وخروجه عن طاعة السلطان، وسلطنته بدمشق، وما كان من أمره إلى أن عاد للطاعة، ورجع إلى الخدمة السلطانية

- ‌ذكر التقاء العسكر المصرى والعسكر الشامى، وانهزام عسكر الشام، وأسر من يذكر من أمرائه فى المرة الأولى

- ‌ذكر توجه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر إلى صهيون وتحصنه بقلعتها

- ‌ذكر انتظام الصلح بين السلطان الملك المنصور، وبين سنقر الاشقر، وما استقر بينهما، وانتقاض ذلك، وأخذ صهيون منه

- ‌ذكر خبر الملك السعيد وما كان من أمره بالكرك واستيلائه على الشوبك واستعادتها منه

- ‌ذكر وفاة الملك السعيد، وقيام أخيه الملك المسعود خضر مقامه بالكرك

- ‌ذكر الصلح بين السلطان والملك المسعود وانتقاض ذلك وإخراجه من الكرك

- ‌ذكر الفتوحات والغزوات التى شهدها السلطان بنفسه، والتى ندب إليها عساكره المؤيدة

- ‌ذكر فتوح قلعة قطيبا

- ‌ذكر فتوح ثعز الكختا

- ‌وذكر الإغارة على بلاد سيس

- ‌ذكر فتوح حصن المرقب

- ‌ذكر غزوتى النوبة الأولى والثانية

- ‌ذكر تجريد الجيش فى المرة الثانية إلى النوبة

- ‌ذكر فتوح طرابلس الشام

- ‌ذكر أخبار طرابلس الشام، منذ فتحها المسلمون فى خلاقة عثمان إلى وقتنا هذا

- ‌ذكر ما اتفق فى الدولة المنصورية على حكم السنين خلاف ما ذكرناه من إقامة النواب، ومهادنة الفرنج، والحوادث الغريبة، التى يتعين ايرادها والوفيات

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة [678- 1279]

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعين وستمائة [679- 1280]

- ‌ذكر ما تجدد بدمشق، بعد أن فارقها الأمير شمس الدين سنقر الأشقر

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان عن القضاة بدمشق واعادته، وما اتفق فى هذه السنة الحادثه

- ‌ذكر إعادة الصاحب برهان الدين السنجارى إلى الوزارة وعزله

- ‌ذكر توجه السلطان إلى غزة، وعوده إلى الديار المصرية

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌واستهلت سنة ثمانين وستمائة [680- 1281]

- ‌ذكر ما تقرر من المهادنات مع الفرنج وبيت الاسبتار

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين رزين، وولاية القاضى وجيه الدين، واستعفائه من قضاء القاهرة، وولاية القاضى شهاب الدين الخويى

- ‌واستهلت سنة إحدى وثمانين وستمائة [681- 1282]

- ‌ذكر تفويض نياية السلطنة بحلب للأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ذكر وصول رسل أحمد سلطان، وهو توكدار ابن هولاكو، ملك التتار

- ‌ذكر الظفر بملك من ملوك الكرج وإمساكه

- ‌واستهلت سنة اثنتين وثمانين وستمائة [682- 1283/1284]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعوده

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة عز الدين ابن الصائغ الشافعى عن القضاء، وتولية قاضى القضاة بهاء الدين يوسف بن الزكى

- ‌ذكر وصول الشيخ عبد الرحمن ومن معه من جهة احمد سلطان، ووفاة مرسلهم، وما كان من خبرهم

- ‌ذكر عمارة التربة المنصورية والمدرسة والبيمارستان ومكتب السبيل

- ‌ولنرجع إلى بقية حوادث سنين اثنتين وثمانين وستمائة

- ‌واستهلت سنة ثلاث وثمانين وستمائة [683- 1284]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وعوده

- ‌ذكر حادثة السيل بدمشق

- ‌ذكر وفاة الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وشىء من أخباره، وأمر ولده الأمير حسام الدين مهنا

- ‌ذكر وفاة الملك المنصور صاحب حماه وولاية ولده الملك المظفر

- ‌واستهلت سنة أربع وثمانين وستمائة [684- 1285]

- ‌ذكر مولد السلطان الملك الناصر

- ‌واستهلت سنة خمس وثمانين وستمائة [685- 1286]

- ‌ذكر حادثة غريبة اتفقت بحمص

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الكرك وما رتبه من أمر النيابة وعوده

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة وجيه الدين، وتفويض القضاء بمصر والوجه القبلى، لقاضى القضاة، تقى الدين ابن بنت الأعز

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين بن شاس المالكى وتفويض القضاء لقاضى القضاة زين الدين على بن مخلوف المالكى

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة بهاء الدين بن الزكى وشىء من أخباره

- ‌واستهلت سنة ست وثمانين وستمائة [686- 1287]

- ‌ذكر تفويض قضاء القاهرة والوجه البحرى للقاضى برهان الدين السنجارى، ونقلة القاضى شهاب الدين الخويى إلى الشام ووفاة السنجارى، وإضافة قضاء القاهرة للقاضى تقى الدين ابن بنت الأعز

- ‌ذكر خبر واقعة ناصر الدين بن المقدسى واعيان دمشق، ومصادرة أكابر دمشق، وتوكيل ناصر الدين بن المقدسى عن السلطان

- ‌واستهلت سنة سبع وثمانين وستمائة [687- 1288]

- ‌ذكر عزل الأمير علم الدين سنجر الشجاعى عن الوزارة ومصادرته، وتفويض الوزارة لقاضى القضاة، تقى الدين ثم إلى الأمير بدر الدين بيدرا

- ‌ذكر وفاة الملك الصالح وتفويض ولاية العهد إلى الملك الأشرف

- ‌واستهلت سنة ثمان وثمانين وستمائة [688- 1289]

- ‌ذكر ما اتفق بدمشق من المصادرات

- ‌واستهلت سنة تسع وثمانين وستمائة [689- 1290]

- ‌ذكر ايقاع الحوطة على ناصر الدين المقدسى وشنقه

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة نجم الدين المقدسى الحنبلى وتفويض القضاء بدمشق بعده للشيخ شرف الدين المقدسى

- ‌ذكر وفاة السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون، رحمه الله

- ‌ذكر تسمية نواب السلطان الملك المنصور ووزرائه

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون الصالحى وهو الثامن من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر القبص على الأمير حسام الدين طرنطاى وقتله وعلى الأمير زين الدين كتبغا واعتقاله

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة الشريفة للأمير بدر الدين بيدرا المنصورى

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشىء من أخباره

- ‌ذكر القبض والإفراج على من نذكر من الأمراء، وعنه

- ‌ذكر فتوح عكا وصور وصيدا وحيفا

- ‌ذكر القبض على الأمير حسام الدين لاجين نائب السلطنة بالشام

- ‌ذكر رحيل السلطان عن عكا ودخوله إلى دمشق وما قرره من أمر النيابة بها، وبالكرك وغير ذلك

- ‌ذكر فتوح برج صيدا

- ‌ذكر فتح بيروت

- ‌ذكر إنفاذ ولدى السلطان الملك الظاهر ووالدتهما إلى بلاد الأشكرى

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره من الأمراء

- ‌ذكر عزل قاضى القضاة تقى الدين ابن بنت الأعز عن القضاء ومصادرته

- ‌ذكر تفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى

- ‌ذكر متجددات كانت بدمشق

- ‌واستهلت سنة إحدى وتسعين وستمائة [691- 1291/1292]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر فتوح قلعة الروم وتسميتها قلعة المسلمين

- ‌ذكر توجه الأمير بدر الدين بيدرا وبعض العساكر إلى جبال الكسروان واضطراب العسكر

- ‌ذكر هرب الأمير حسام الدين لاجين والقبض عليه واعتقاله، والقبض على طقصوا

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام والفتوحات وعود السلطان إلى الديار المصرية

- ‌ذكر عدة حوادث كانت فى خلال فتح قلعة الروم وقبله وبعده

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين سنقر الأشقر وجرمك الناصرى ووفاتهما، ووفاة طقصوا والإفراح عن الأمير حسام الدين لاجين

- ‌واستهلت سنة اثنتين وتسعين وستمائة [692- 1292/1293]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الصعيد

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام وأخذ بهسنا من الأرمن، وإضافتها الى الممالك الإسلامية

- ‌ذكر القبض على الأمير حسام الدين مهنا ابن عيسى وأخوته

- ‌ذكر هدم قلعة الشوبك

- ‌ذكر حادثة السيل ببعلبك

- ‌ذكر ختان الملك الناصر، وما حصل من الأهتمام بذلك

- ‌واستهلت سنة ثلاث وتسعين وستمائة [693- 1293/1294]

- ‌ذكر مقتل السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون رحمهما الله تعالى

- ‌ذكر خبر الأمير بدر الدين بيدرا ومن معه من الأمراء الذين وافقوه، وما كان منهم، ومقتل بيدرا

- ‌ذكر أخبار السلطان الملك الناصر، ناصر الدين محمد، ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى. وهو التاسع من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر خبر الأمراء الذين وافقوا بيدرا على قتل السلطان الملك الأشرف

- ‌ذكر أخبار الصاحب شمس الدين محمد بن السلعوس الوزير وما كان من امره، منذ فارق السلطان الملك الأشرف إلى أن مات

- ‌ذكر الخلف الواقع بين الأميرين علم الدين سنجر الشجاعى وزين الدين كتبغا، ومقتل الشجاعى

- ‌ذكر عدة حوادث كانت فى سنة ثلاث وتسعين وستمائة خلاف ما قدمناه، من ولاية وعزل وغير ذلك، والوفيات

- ‌واستهلت سنة أربع وتسعين وستمائة [694- 1294/1295]

- ‌ذكر الفتنة التى قصد المماليك السلطانية إثارتها

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى، وهو العاشر من ملوك دولة الترك بالديار المصرية

- ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب فخر الدين عمر بن الخليلى

- ‌ذكر القبض على الأمير عز الدين ايبك الخزندار نائب السلطنة بالفتوحات، وولاية الأمير عز الدين أيبك الموصلى المنصورى

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر يوسف بن عمر صاحب اليمن

- ‌واستهلت سنة خمس وتسعين وستمائة [695- 1295/1296]

- ‌ذكر حادثة عجيبة بالشام

- ‌ذكر وفود الأويرانية من بلاد التتار

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة تقى الدين عبد الرحمن بن بنت الأعز وتفويض القضاء للشيخ ابن دقيق العيد

- ‌واستهلت سنة ست وتسعين وستمائة [696- 1296/1297]

- ‌ذكر عود السلطان الملك العادل إلى الديار المصرية وخلعه من السلطنة ورجوعه إلى دمشق

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى وهو السلطان الحادى عشر من ملوك الترك، بالديار المصرية

- ‌ذكر الإفراج عن جماعة من الأمراء

- ‌ذكر تجديد عمارة الجامع الطولونى وترتيب الدروس به، والوقف على ذلك

- ‌ذكر تفويض القضاء بالديار المصرية والشام لمن يذكر

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير شمس الدين سنقر الأعسر

- ‌ذكر القبض على الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى نائب السلطنة، وتفويض نيابة السلطنة للأمير سيف الدين منكوتمر

- ‌واستهلت سنة سبع وتسعين وستمائة [697- 1297/1298]

- ‌ذكر وصول الملك المسعود نجم الدين خضر ومن معه من القسطنطينية إلى الديار المصرية

- ‌ذكر توجه الملك السلطان الناصر إلى الكرك وإقامته بها

- ‌ذكر القبض على الأمير بدر الدين بيسرى الشمسى وغيره

- ‌ذكر إعادة الصاحب فخر الدين عمر بن الخليلى إلى الوزارة

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى سيس وما فتح من قلاعها

- ‌ذكر حادثة غريبة ظهر فيها آية من آيات الله عز وجل

- ‌واستهلت ثمان وتسعين وستمائة [698- 1298/1299]

- ‌ذكر مفارقة من نذكر من نواب السلطنة والأمراء الخدمة السلطانية، ولحاقهم بقازان ملك التتار

- ‌ذكر مقتل السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين المنصورى ونائبه منكوتمر

- ‌ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر

- ‌ذكر عود السلطان الملك الناصر ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون إلى السلطنة ثانيا

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وتفويض الوزارة إليه

- ‌ذكر وفاة الملك المظفر صاحب حماه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام

- ‌واستهلت سنة تسع وتسعين وستمائة [699- 1299/1300]

- ‌ذكر الفتنة التى أثارها الأويرانية بهذه المدينة

- ‌ذكر تسمية من استشهد وفقد، فى هذه الوقعة من المشهورين

- ‌ذكر ما اعتمده السلطان الملك الناصر عند عوده إلى الديار المصرية من الاهتمام بأمر الجيوش والعساكر

- ‌ذكر توجه السلطان بالعساكر إلى جهة الشام، ووصوله إلى منزلة الصالحية وإرسال الجيوش إلى دمشق والممالك الشامية، وعود الأمراء إلى الخدمة السلطانية ورجوع السلطان إلى قلعة الجبل، وما تقرر من أمر النواب

- ‌واستهلت سنة سبعمائة يوم الجمعة [700- 1300/1301]

- ‌ذكر جباية المقرر على أرباب الأملاك والأموال بالديار المصرية والشام

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر بالعساكر إلى الشام وعوده

- ‌ذكر وصول غازان إلى الشام وعوده وما فعلته جيوشه

- ‌ذكر خبر أهل الذمة وتغيير لباسهم وما تقرر فى ذلك، والسبب الذى أوجبه

- ‌ذكر وصول رسل غازان ملك التتار وما وصل على أيديهم من المكاتبة وما أجيبوا به

- ‌واستهلت ثمان وتسعين وستمائة [698- 1298/1299]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الحادي والثلاثون

الفصل: ‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشىء من أخباره

واستهلت سنة تسعين [وستمائة «1» ][690- 1391]

فى هذه السنة، فى سادس المحرم، أفرج السلطان عن الملك فخر الدين عثمان ابن الملك «2» المغيث فتح الدين عمر ابن الملك العادل، سيف الدين أبى بكر، ابن الملك الكامل ابن الملك العادل صاحب الكرك والده. وكان قد اعتقل فى الدولة الظاهرية، فى رابع عشر، شهر ربيع الأول، سنه تسع وستين وستمائة، كما قدمنا ذكر ذلك «3» . وكانت مدة اعتقاله عشرين سنة، وتسعه أشهر، واثنين وعشرين يوما. ولما أفرج السلطان عنه، رتّب له راتبا جيدا. ولزم داره، واشتغل بالمطالعة والنسخ، وانقطع عن السعى، إلا للجمعة أو الحمام، أو ضرورة لابد منها «4» .

‌ذكر تفويض الوزارة للصاحب شمس الدين ابن السلعوس وشىء من أخباره

كان الصاحب شمس الدين محمد بن فخر الدين عثمان بن أبى الرجا، بن

ص: 187

السلعوس قد توجه إلى الحجاز الشريف، قبيل وفاة السلطان الملك المنصور.

فاتفقت وفاة السلطان وسلطنة الملك الأشرف فى غيبته. فكتب السلطان إليه كتابا يعلمه أنه قد ملك، ويستحثه على سرعة الوصول إليه. فوصل إليه كتاب السلطان، وهو فى أثناء الطريق، وقد عاد من الحجاز الشريف. فاجتمع من كان بالركب، من الأعيان والكتاب، وانضموا إليه، وركبوا فى خدمته، وسايروه وعاملوه من الآداب بما يعامل به الوزراء وعظموه، فكان كذلك، إلى أن وصل إلى باب السلطان. وكان وصوله، فى يوم الثلاثاء، العشرين من المحرم سنة تسعين وستمائة. فاجتمع بالسلطان، ففوض إليه السلطان الوزارة، فى يوم الخميس، الثانى والعشرين من الشهر، وخلع عليه. وكان الأمير علم الدين سنجر الشجاعى يتحدث فى الوزارة فى هذه المدة، قبل وصوله، من غير تقليد ولا تشريف.

وكان شمس الدين [بن السلعوس «1» ] هذا، تاجرا من أهل دمشق، ولم يكن من التجار المياسير. ولكنه كان يأخذ نفسه بالحشمة والوئاسة، حتى كان التجار فيما بينهم ينعتونه بالصاحب «2» استهزاء به. ثم تعلق بالخدم، وانتمى «3» إلى تقى الدين توبة التكريتى وزير دمشق، فى الدولة المنصورية، فاستخدمه فى بعض الجهات. وتنقل إلى أن ولى نظر الحسبة بدمشق، فى شهر رمضان، سنة سبع وثمانين وستمائة كما تقدم «4» . ثم ولى نظر ديوان الملك الأشرف بالشام.

ص: 188

فأظهر الأجتهاد، واستأجر للملك الأشرف ضياعا بالشام، وعمل له متجرا، وحصل من ذلك أموالا، فتقدم عند الملك الأشرف، ومال إليه.

وحضر إلى باب الملك «1» الأشرف، فى صفر، سنة ثمان وثمانين وستمائة.

واستناب عنه فى نظر الحسبة [بدمشق «2» ] والديوان الأشرفى، القاضى تاج الدين أحمد ابن القاضى عماد الدين محمد بن الشيرازى. ولما حضر إلى باب الملك الأشرف «3» ، نقله إلى نظر ديوانه نيابة، عوضا عن تاج الدين بن الأعمى. وخلع عليه خلع الوزارة. واستمر فى نظر ديوان الملك الأشرف ووكالته، إلى جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وستمائة. فاتفق أن الملك الأشرف، خلع عليه خلعة سنية تشبه خلع الوزراء. فرآه السلطان الملك المنصور، وعليه تلك الخلعة، فأنكر هيئته، وسأل الأمير حسام الدين طرنطاى عنه. فقال هذا وزير الملك الأشرف، وذكر مساوئه «4» للسلطان.

فغضب السلطان الملك المنصور لذلك «5» ، وأنكره. وأمر باحضاره، فأحضر بين يديه، فأنكر عليه كونه خدم ولده، بغير أمره، ولا أمر نائبه، ولا وزيره.

وأمر السلطان بنزع الخلعة، التى ألبسها، فنزعت. وسلمه إلى شاد الدواوين [يومئذ «6» ] ، وهو الأمير زين الدين أحمد الصوابى، وأمر بمصادرته، والإخراق

ص: 189

به، وضربه. وأرسل إليه الأمير حسام الدين طرنطاى، أن يوقع به الأهنة والإخراق، ويبادر بضربه. وأرسل إليه الملك الأشرف، إلى «1» [مشد الدواوين «2» ] ، يستوقفه عند «3» ذلك، ويتوعده إن ناله منه سوء «4» . فخاف للشد المذكور غائلة الملك «5» الأشرف، وتوقف عن الإخراق به. ورسم عليه فى قاعة، كان المشد يجلس فيها، فى وقت استراحته. ثم تلطف الملك الأشرف فى أمره، مع الأمير حسام الدين طرنطاى، وراسله «6» بسببه. وتكررت رسائله إليه، وإلى غيره فى معناه، حتى حصلت الشفاعة [فيه «7» ] عند السلطان، فأطلقه. وأمر السلطان بصرفه، فصرف، ولزم داره. وكانت هذه الواقعة من أضرر شىء على الأمير حسام الدين طرنطاى، ومن أكبر أسباب القبض عليه وقتله.

واستمر الصاحب شمس الدين بداره إلى زمن الحج، فتوجه إلى الحجاز الشريف. واتفقت وفاة السلطان الملك المنصور، وسلطنة الملك الأشرف، كما تقدم، فكتب إليه يعلمه بذلك. ويقال إن السلطان كتب بخطه إليه، بين سطور الكتاب، يا شقير، يا وجه الخير، عجل بالسير، فقد ملكنا.

ويقال إنه لما حملت إلى السلطان الملك الأشرف، أموال طرنطاى، ووضعت بين يديه، جعل يقلبها ويقول:

ص: 190

من عاش بعد عدوه

يوما فقد بلغ المنى

ثم يقول أين أنت يا ابن السلعوس.

فلما وصل [ابن السلعوس]«1» إلى السلطان، فوض إليه الوزارة، ومكّنه من الدولة تمكينا عظيما، ما تمكن وزير قبله مثله فى دولة الترك. وجرّد فى خدمته جماعة من المماليك السلطانية، يركبون فى خدمته، ويترجلون فى ركابه، ويقفون بين يديه، ويمتثلون أوامره. فعظم بذلك شأنه، وتعاظم فى نفسه واستخف بالناس. وتعدى أطوار الوزراء، حتى كان أكابر الأمراء يدخلون إلى مجلسه، فلا يستكمل «2» لهم القيام. ومنهم من لا يلتفت إليه. وكان فى بعض الأوقات يستدعى أمير جاندار «3» وأستاذ الدار، على كبر مناصبهما. فكان إذا استدعى أحدا منها «4» ، يقول اطلبوا فلانا أمير جاندار، وفلانا «5» أستاذ للدار، يسمى كل واحد منهما باسمه، دون نعته. ثم ترفّع عن هذه الرتبة إلى الاستخفاف بنائب السلطنة [الأمير بيدرا «6» ] ، وعدم الالتفات إلى جهته ومشاركته فى بعض وظيفته، والاستبداد عنه، ومعارضته فيما يقصد فعله، وتعطيل ما يؤثره. هذا، والأمير بدر الدين بيدرا يصبر على جفاه، ولا يمكنه. مفاجأته لما يشاهده من ميل

ص: 191

السلطان إليه. حتى أخبرنى «1» شهاب الدين بن عبادة: قال: رأيت الصاحب شمس الدين فى بعض أيام المواكب، قد قام من مجلس الوزارة، يقصد الدخول إلى الخزانة، فصادف ذلك خروج الأمراء من الخدمة، هم ونائب السلطنة.

فكان الأمراء الأكابر يبادرون إلى خدمته ومنهم من يقبل يديه، وكلهم يخلى له الطريق، ويومىء بالرجوع بين يديه، فيشير إليه بالانصراف. فلما وطىء عتبة «2» باب القلة برجله، توافى «3» هناك، هو والأمير بدر الدين، نائب السلطنة. فسلّم كل منهما على الآخر، وأومأ له بالخدمة، إلا أن النائب خدم الوزير، أكثر من خدمة الوزير له. قال: لقد رأيته، وقد رجع مع الصاحب، ولم يسامته فى مشيه، بل كان النائب يتقدمه يسيرا، ويميل بوجهه إلى جهة الصاحب ويحدثه. فكانا كذلك إلى أن وصلا إلى المصطبة، التى يجلس عليها أستاذ الدار وناظر البيوت، وهى من داخل الباب الثانى، من باب القلة لجهة الخزانة، على باب الفراش خاناه قديما. وهذا الموضع «4» الآن «5» ، هو أحد أبواب «6» الجامع الذى عمر فى أيام السلطان الملك الناصر. وسنذكر إن شاء الله تعالى، خبر هذا الجامع فى

ص: 192

الأيام الناصرية. قال «1» : فلما أنتهيا إلى ذلك المكان، مسك الصاحب بدر الدين بيدرا، نائب السلطنة، وأشار إليه بالرجوع. قال: وسمعت الصاحب يقول له:

«بسم الله يا أمير بدر الدين» ، لم يزده على ذلك، وهذا أمر لم يسمع بمثله «2» .

والذى شاهدته أنا، غير مرة ولا مرّتين، أن الصاحب كان إذا أراد الركوب إلى القلعة، اجتمع ببابه «3» نظار النظار وشاد الدواوين ووالى القاهرة ووالى مصر، ومستوفى «4» الدولة، ونظار الجهات، ومشدى «5» المعاملات؛ وغير هؤلاء من الأعيان.

ثم يحضر قضاة القضاء الأربعة ومن يتبعهم. فإذا اجتمع هؤلاء كلهم ببابه، عرّفه حجّابه أن الموكب قد كمل. وكان كمال الموكب عندهم، حضور قضاة القضاة الأربعة، فيخرج عند ذلك، ويركب ويسوق الناس بين يديه على طبقاتهم.

فيكون أقرب الناس إليه، قاضى القضاة الشافعية، وقاضى القضاة المالكية «6» ، يكونان أمامه. وأمامهما قاضيا القضاة الحنفية والحنبلية «7» ؛ ثم نظار النظار والأعيان، ومستوفى «8» الدولة، ونظار الجهات على قدر مراتبهم. ويستمر القضاة معه، إلى أن يستقر فى المجلس. فينصرفون ثم يعودون عشية النهار إلى القلعة، ويركبون فى موكبه بين يديه إلى أن يصل إلى داره؛ حتى إنه تأخر ليلة بالقلعة إلى قرب

ص: 193