المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإرشاد الزواجي MARRIAGE COUNSELLING: قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ - التوجيه والإرشاد النفسي

[الدكتور حامد عبد السلام زهران]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقديم الطبعة الأولى

- ‌تقديم الطبعة الثانية:

- ‌تقديم الطبعة الثالثة:

- ‌الفصل الأول: مقدمة

- ‌مفهوم التوجيه والإرشاد

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والعلوم المتصلة به:

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والصحة النفسية والعلاج النفسي:

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والاستشارة النفسية:

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والتربية والتعليم:

- ‌الحاجة إلى التوجيه والإرشاد النفسي:

- ‌أهداف التوجيه والإرشاد النفسي:

- ‌مناهج واستراتيجيا التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي علم وفن:

- ‌التوجيه والإرشاد بين الماضي والحاضر والمستقبل:

- ‌الفصل الثاني: أسس التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌الأسس والمسلمات والمبادئ

- ‌الأسس العامة "المسلمات والمبادئ

- ‌الأسس الفلسفية:

- ‌الأسس النفسية والتربوية:

- ‌الأسس الاجتماعية:

- ‌الأسس العصبية والفسيولوجية:

- ‌الفصل الثالث: نظريات التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌أهمية نظريا التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌نظرية الذات

- ‌النظرية السلوكية

- ‌نظرية المجال

- ‌ نظرية السمات والعوامل

- ‌نظرية التحليل النفسي

- ‌أوجه الشبه والاختلاف بين نظريات التوجيه والإرشاد النفسي:

- ‌الفصل الرابع: المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد النفسي

- ‌أهمية المعلومات

- ‌عملية جمع المعلومات:

- ‌مصادر المعلومات:

- ‌البيانات العامة:

- ‌الشخصية

- ‌المعلومات الجسمية

- ‌المعلومات العقلية:

- ‌المعلومات الاجتماعية:

- ‌المعلومات عن الحالة الانفعالية:

- ‌المشكلة أو المرض:

- ‌معلومات عامة:

- ‌ملخص الحالة:

- ‌دليل فحص ودراسة الحالة في الإرشاد والعلاج النفسي:

- ‌الفصل الخامس: وسائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي

- ‌المعلومات ووسائل جمعها

- ‌المقابلة

- ‌الملاحظة

- ‌دراسة الحالة

- ‌مؤتمر الحالة

- ‌الاختبارات والمقاييس

- ‌الفحوص والبحوث:

- ‌السيرة الشخصية

- ‌مصادر المجتمع

- ‌السجل القصصي

- ‌السجل المجمع

- ‌الفصل السادس: عملية الإرشاد النفسي

- ‌معالم عملية الإرشاد النفسي

- ‌الإعداد للعملية

- ‌تحديد الأهداف:

- ‌تحديد العملية:

- ‌جمع المعلومات:

- ‌التشخيص وتحديد المشكلة

- ‌تحديد المآل

- ‌الجلسات الإرشادية

- ‌التداعي الحر

- ‌التفسير

- ‌التنفيس الانفعالي

- ‌الاستبصار

- ‌التعلم

- ‌ تعديل وتغيير السلوك

- ‌النمو وتغيير الشخصية:

- ‌اتخاذ القرارات

- ‌حل المشكلات

- ‌التشاور:

- ‌التقييم

- ‌الإنهاء

- ‌المتابعة

- ‌طوارئ عملية الإرشاد النفسي:

- ‌مشكلات في عملية الإرشاد النفسي:

- ‌مكان عملية الإرشاد:

- ‌الفصل السابع: طرق الإرشاد النفسي

- ‌تعدد طرق الإرشاد النفسي

- ‌الإرشاد الفردي

- ‌الإرشاد الجماعي

- ‌بين الإرشاد الفردي والجماعي:

- ‌الإرشاد الموجه

- ‌الإرشاد غير الموجه

- ‌بين الإرشاد الموجه وغير الموجه:

- ‌الإرشاد النفسي الديني:

- ‌الإرشاد السلوكي

- ‌الإرشاد خلال العملية التربوية:

- ‌الإرشاد بالقراءة

- ‌الإرشاد بالواقع

- ‌الإرشاد باللعب

- ‌الإرشاد وقت الفراغ

- ‌الإرشاد المختصر

- ‌الإرشاد العرضي

- ‌الإرشاد الذاتي

- ‌الإرشاد الخياري

- ‌ملاحظات في طرق الإرشاد النفسي:

- ‌الفصل الثامن:‌‌ مجالات الإرشاد النفسي

- ‌ مجالات الإرشاد النفسي

- ‌الإرشاد العلاجي

- ‌الإرشاد التربوي

- ‌الإرشاد المهني

- ‌الإرشاد الزواجي

- ‌الإرشاد الأسري

- ‌إرشاد الأطفال

- ‌إرشاد الشباب

- ‌إرشاد الكبار:

- ‌إرشاد الفئات الخاصة:

- ‌إرشاد الصحة النفسية

- ‌الفصل التاسع: برنامج الإرشاد النفسي

- ‌برنامج الإرشاد النفسي في المدرسة

- ‌الحاجة إلى البرنامج:

- ‌الأسس التي يقوم عليها البرنامج:

- ‌تخطيط البرنامج:

- ‌تمويل البرنامج:

- ‌خدمات البرنامج:

- ‌تنفيذ البرنامج:

- ‌تقييم البرنامج:

- ‌تقييم البرنامج

- ‌مثال لبرنامج الإرشاد النفسي "في المدرسة الثانوية

- ‌الفصل العاشر: المسئولون عن الإرشاد النفسي

- ‌المسئولون ومسئولياتهم

- ‌فريق الإرشاد

- ‌المدير

- ‌المرشد

- ‌المعلم المرشد

- ‌المعالج النفسي

- ‌الأخصائي النفسي

- ‌الطبيب:

- ‌الأخصائي الاجتماعي

- ‌الوالدان

- ‌العميل

- ‌مسئولون آخرون:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌المراجع العربية:

- ‌المراجع الأجنبية

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ ‌الإرشاد الزواجي MARRIAGE COUNSELLING: قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ

‌الإرشاد الزواجي

MARRIAGE COUNSELLING:

قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب فطرتي فليستن بسنتي، وإن من سنتي النكاح". وقال صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم، فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم".

وهكذا نرى أن الزواج سنة حميدة والحياة الزواجية السعيدة فيها سكن وأمن للإنسان، ولذا فهي تحتاج إلى كل عناية واهتمام الأخصائيين في كافة الميادين العملية، ولذلك نجد أن الإرشاد الزواجي -كمجال متخصص من مجالات الإرشاد النفسي- يفيد من عدة ميادية مثل الدين القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الوراثة والطب.

والإرشاد الزواجي -عمليا- قديم قدم الزاوج نفسه.

والإرشاد الزواجي هو عملية مساعدة الفرد في اختيار زوجه، والاستعداد للحياة الزواجية، والدخول فيها، والاستقرار والسعادة، وتحقيق التوافق الزواجي، وحل ما قد يطرأ من مشكلات زواجية، قبل الزواج وأثناءه وبعده.

ويهدف الإرشاد الزواجي إلى تحقيق سعادة الأسرة الصغيرة والمجتمع الكبير، وذلك بتعليم الشباب أصول الحياة الزواجية السعيدة، والعمل على الجمع بين أنسب زوجين، وذلك بهدف وقائي، والمساعدة في حل وعلاج ما قد يطرأ من مشكلات أو اضطرابات زواجية.

ومما يدل على أهمية مجال الإرشاد الزواجي أنه أفرد له مجلات عملية دورية خاصة1 ويلقى الإرشاد الزواجي اهتماما كبيرا في بلاد كثيرة. فمثلا نجد في انجلترا "المجلس القومي للإرشاد الزواجي" National Marriage Guidance Council. ويهتم هذا المجلس إلى جانب تقديم خدمات الإرشاد بإعداد المرشدين المتخصصين في الإرشاد الزواجي "تيلور Taylor؛ 1971". وكذلك تكونت جمعيات مثل "الجمعية الأمريكية للمرشدين الزواجيين" American Association of Marriage Counselors إلا أنه يلاحظ أن الهيئات المهتمة بالإرشاد الزواجي ما زالت تتركز في الدول الكبرى، وحتى في المدن الكبرى منها، ولكن خدمات الإرشاد الزواجي أصبحت أكثر اتساعا.

1من المجلات العملية الدورية المتخصصة في الإرشاد الزواجي.

- Journal of Marriage & family counseling.

- Marriage Counseling.

ص: 435

الحاجة إلى الإرشاد الزواجي:

على مر الأجيال، كان الناس يسترشدون بالأهل والأقارب والأصدقاء والمعارف في النواحي العامة الخاصة بالزواج والحصول على المعلومات المطلوبة، أو المشكلات الزواجية، وهذا يعتبر نوعا من "الإرشاد البلدي""الذي يحدث بعيدا عن الإرشاد العلمي" يقدم فيه غير مختصين معلومات قد تكون غير سليمة، وقد يكونون غير حياديين، وقد تكون لبعضهم أغراض شخصية تزيد المشكلات تعقيدا. ثم بدأ علماء الدين يقدمون خدمات في الإرشاد الزواجي مؤكدين الجوانب الدينية. وأسهم الأطباء مؤكدين النواحي الطبية، وساعد الأخصائيون الاجتماعيون مهتمين بالنواحي الاجتماعية. واشترك المعالجون النفسيون متناولين النواحي النفسية. إلا أن تخصص الإرشاد النفسي وتحديد مجال خاص فيه -هو الإرشاد الزواجي- وضع الأمور في يد أخصائي يعمل بأسلوب علمي أكثر أمنا.

إن دراسة الحياة الزواجية والسلوك الزواجي، وما يحدث فيها من مشكلات زواجية تتراوح ما بين البسيطة التي تنغصها والكبيرة التي تقوضها، تلفت النظر إلى أهمية وإلحاح الحاجة إلى الإرشاد الزواجي.

ويلاحظ أهمية الإرشاد الزواجي، في التوافق الشخصي والاجتماعي والنفسي بصفة عامة. فالحياة الزواجية المستقرة السعيدة من أهم ما يكون في حياة الإنسان، والإعداد للحياة الزواجية والاستقرار فيها والتغلب على ما قد يعترضها من مشكلات، يحتاج إلى خدمات الإرشاد الزواجي1.

1 يقول المثل: "وراء كل عظيم امرأة".

ص: 436

مشكلات الزواج:

قد يحدث قبل الزواج أو أثناءه أو بعد إنهائه بعض المشكلات، وهناك مشكلات عامة تحدث في أي من هذه المراحل على السواء. ويعجب ريتشارد كليمر Klemer؛ "1965" لما حدث للزيجات وما كثر فيها من مشكلات تدور حول محاور رئيسية من نقص التفاهم بين الزوجين وعدم القدرة على استمرار الحياة الزواجية وحدوث ما يؤدي إلى إنهائها.

وفيما يلي أهم مشكلات الزواج:

أولا: مشكلات قبل الزواج:

مشكلة اختيار الزوج: قد يحدث اختيار الزوج عن طريق الصدفة التي كثيرا ما تخطئ. وقد يحدث نتيجة للحب من أول نظرة، وقد يحدث كاستجابة لأول طارق نتيجة لتأخر الزواج وتكدس العذارى أو السيدات غير المتزوجات1. وقد يختار الأهل للفتاة زوجا لا ترضاه، وقد جاء في البخاري أن الخنساء بنت جذام جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، إن أبي تعدى علي وزوجني بمن لا أرضاه، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "فهل تجيزين ما صنع أبوك؟ "، قالت: ما لي رغبة فيما صنع أبي. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا لا نكاح له، فانكحي من شئت". وكان أبوها قد جاءه ابن عمها ففضله على الشاب الذي تحبه وهو لبابة بن المنذر. فقضى الرسول بطلاقها من ابن عمها الذي لا تحبه وزوجها أبا لبابة. "انظر أحمد شوقي الفنجري، 1986".

العنوسة: أي تأخر الزواج بالنسبة للإناث وتأخيره بالنسبة للذكور. والعنوسة تهديد بحرمان مؤبد من الحياة الزوجية، وبالنسبة للإناث يكون تأخر الزواج أو العنوسة ليس بيد الفتاة التي تظل تنتظر ابن الحلال فلا يأتي ويفوتها قطار الزواج وتظل تعاني من قلق الانتظار والخوف من البوار والخوف من المستقبل، أما بالنسبة للذكور فقد تستدعي ظروف الفرد أو ظروف أسرية خاصة، مثل عدم زواج أخواته الأكبر منه أو بقية أخواته الأصغر منه وهو مسئول عنهن، قد يستدعي هذا تأخير الزواج حتى يصبح الوقت متأخرا أكثر من اللازم. ويرتبط بمشكلة العنوسة مشكلات فرعية مثل مشكلة تزويج الأخت أو الأخوات الأصغر قبل الأخت الأكبر "العانس أو المرشحة لتصبح عانسا"، وما يترتب على ذلك من مشكلات الغيرة وفقدان الثقة في النفس

إلخ، وتشاهد مشكلة العنوسة بشكل أوضح في المجتمعات الغربية، وقد كانت إحدى أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية كما حدث مثلا في ألمانيا وإنجلترا "مايلين كانتر Kanter؛ 1978".

الإحجام والإضراب عن الزواج: الإحجام والإعراض والامتناع عن الزواج -في رأي

1 يقول المثل العامي: "اسأل قبل ما تناسب بيان الردى والمناسب".

ويقول آخر: "خذ الأصيلة ولو كانت على الحصيرة".

ويقول آخر: "اخطب لبنتك ولا تخطب لابنك".

ص: 437

الدين- سلوك غير مرغوب فيه، ويعتبر سيئة لأنه يضر بالفرد ويضر المجتمع، ويعتبر بعدا عن طريق الفطرة المستقيم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"النكاح سنتي فمن رغب من سنتي فليس مني". وقال صلى الله عليه وسلم: "شرار أمتي عزابها". وقد روي أنه كان هناك

رجل يسمى "عكاف" قد أعرض عن الزواج، وقد حضر مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم مرة فسأله الرسول عن إمكاناته وظروفه المالية والجسمية فأجاب بالإيجاب، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:"تزوج وإلا فأنت من المذنبين". وتتعدد أسباب الإحجام والإضراب عن الزواج، فنجد منها وجود عيب أو عجز أو خبرة عاصفة أليمة نتيجة لفشل خطوبة أو زواج سريع سابق فاشل أو صدمة عاطفية، أو فقد ثقة معممة على الجنس الآخر كله، أو عدم القدرة على تحمل المسئولية، أو الانشغال والاستغراق في عمل أو فن، أو الاشتغال بمهن يخشى معها عدم نجاح أو استقرار الزواج كما في حالة البحارة والمضيفين والمضيفات، أو وجود أفكار خاطئة أو خرافية لا أساس لها من الصحة والصواب، أو للتخوف مما يرى من زيجات فاشلة، أو لاتخاذ صورة مثالية غير واقعية يعيش الفرد آملا في تحقيقها حتى يفوته القطار. وقد يكون السبب -بكل أسف- هو المغالاة في المهور وتكاليف الزواج من هدايا وحفلات ومشكلات السكن

إلخ. ونحن نعرف أن الإحجام والإضراب عن الزواج يصاحبه عادة الشعور بالوحدة والانطواء، ويؤدي إلى السلوك المنحرف.

التفاوت بين الزوجين: قد يكون هناك تفاوت كبير أو عدم تكافؤ بين شخصيتي الزوجين. فقد يكون أحد الطرفين منطويا والآخر منبسطا، وقد يكون أحدها قوي البنية صحيح الجسم والآخر ضعيف البنية عليلا، وقد يكون أحدهما شهوانيا والآخر باردا، وقد يكون أحدهما كريما مسرفا والآخر بخيلا مقترا، وقد يكون هناك تفاوت كبير في العمر، كأن يكون أحد الطرفين في الشيخوخة والآخر في شرخ الشباب مثلا1. وقد يكون التفاوت في المستوى الاجتماعي الاقتصادي كأن يكون أحد الطرفين ثريا والآخر فقيرا، وقد يكون التفاوت في المستوى الثقافي كأن يكون أحد الطرفين عالما والآخر جاهلا، وقد يكون الاختلاف في الدين أو الجنسية، وفي هذه الحالات قد يعير أحد الطرفين الطرف الآخر أو يتعالى عليه ويشعر الآخر بالنقص، وقد يكون الهدف هو تحقيق منافع مادية فحسب على حساب الزواج، هذا وقد يكون هناك اختلافات طبية مثل اختلاف العامل الريزيسي Rh- factor في الدم، كأن يكون عند أحدهما موجبا وعند الآخر سالبا، فهنا لا ينصح بالزواج لأنه عندما يحدث حمل قد يرث الجنين فيه هذا العامل من أبيه وبذلك يكون مختلفا عن أمه من حيث هذا العامل مما يؤدي إلى تكوين أجسام مضادة وإلى اضطراب توزيع الأكسجين وعدم نضج خلايا الدم وتدمير كرات

1 من شعر إليا أبي ماضي:

لي بعل ظنه الناس أبي

صدقوني إن غير أبي

يشتكي المرء لمن يرثى له

رب شكوى خففت من نصب

وأنا ما زلت في شرخ الصبا

فلماذا فرط الأهلون بي

ص: 438

الدم الحمراء وتلف المخ وربما موت الجنين والإجهاض، وإذا ولد يكون ضعيف العقل ولا يعيش كثيرا "انظر حامد زهران، 1990". وعلى العموم فإن التفاوت بين الزوجين غير مرغوب عادة ويشار إليه أحيانا باسم "جريمة الزواج المتفاوت".

الاختلاط الزائد والتجارب قبل الزواج: الاختلاط الزائد بين الخطيبين وكثرة الخلوات غير المسموح بها شرعا وما قد يحدث من تجارب اجتماعية أو عاطفية قد تصل إلى خبرات جنسية قبل الزواج، أمر غير شرعي ومحرم، وعادة يلونه التمثيل والادعاء والكذب والتمويه، بالإضافة إلى ما يجره من تورط قبل إتمام الارتباط، ويؤدي إلى الشك المتبادل في السلوك الأخلاقي والأمانة، وفضلا عما فيه من خيانة للأهل وللضمير، وحتى على أحسن الفروض إذا كان يبدو إقبال فهو إقبال يتبعه فتور، وإذا كان يبدو إقداما فهو إقدام يتلوه إحجام. وكم سمعنا من مآس زواجية حدثت لأن الزواج بدأ والعروس قد فقدت بكارتها، أو حتى وهي حامل.

ثانيا مشكلات أثناء الزواج "بعد الدخول":

مشكلات تنظيم النسل: الأصل في الحياة الزواجية هو التناسل والتكاثر. ولكن أبيح للزوجين توقي النسل بطرق سليمة في بعض الأحوال دفعا للضرر عنهم وعن الأولاد. والاختلاف بين الزوجين حول تنظيم النسل قد يؤدي إلى خلافات وخاصة حينما يكون دون داع ولأسباب واهية غير مقبولة عند أحد الطرفين، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية جنسية وردود فعل عصابية، وقد يصر أحد الطرفين على بدئه منذ ليلة الزفاف، ولكن معظم الآراء لا تحبذ ذلك، فيحسن أن يطمئن الزوجان على خصوبتهما ويشبعان حاجتهما إلى الوالدية "ماري كالديرون Calderone؛ 1965".

العقم: العقم مشكلة لا ينكرها أحد. قال الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} . وفي حالة العقم يتهم كل طرف رفيقه بأنه هو السبب. وتلجأ النساء عادة إلى الأطباء والمعالجين وحتى الدجالين والمشعوذين. والعقم من أكبر مهددات الحياة الزواجية بالانفصام أو على الأقل بتعدد الزواج. ولا تقتصر المشكلة على جوانبها الفسيولوجية بل تشمل جوانب نفسية مثل شعور العاقر بالإحباط والحرمان والحسرة والحق والحسد وتوتر الأعصاب وخاصة كلما جاءت الدورة الشهرية كتذكار دائم للعقم. هذا ويلاحظ أن العمق قد يكون نفسي المنشأ، أي "عقم وظيفي"، ويحتاج إلى علاج نفسي "لورانس بانكس Banks؛ 1965".

تدخل الحماة والأقارب: قد يكون تدخل الحماة أو الأقارب1 كإخوة وأخوات الزوج أكثر من اللازم أو فيما لا يعنيهم فقد يعاملون الزوجين أو أحدهما كما كانا يعاملانه قبل الزواج ودون اعتبار لدوره الجديد. فقد يستمر التوجيه أكثر من اللازم أو دون داع. وقد يشعرون

1 يقول المثل: "الحماة حمى وأخت الزوج عقربة سامة". ويقول آخر: "بوس إيد حماتك ولا تبوس إيد مراتك".

ص: 439

أن شيئا أخذه الطرف الآخر مهم وحرمهم من عطف سابق أو مال. وقد يصاحب هذا مشاعر الأسى والغيرة والخصومة والمكيدة أحيانا، وعادة ما يؤدي إلى ردود فعل سيئة، ويكون الزوج هو كبش الفداء، وقد يطالب بعض الأزواج شريك حياته بقطع علاقته مع أهله وأقاربه، وهذا أمر له آثاره السيئة، وعادة ما يبالغ الوالدان في تقدير قيمة ابنهما أو ابنتهما، وأن الطرف الآخر ليس جديرا به، ومن ثم يعكفان على نقده. وقد تنبع المشكلات من الخلط في الأدوار من ناحية الوالدين والزوجين، فالوالدان يخلطان بين دورهما كوالدين ودورهما كحموين، والزوجان يخلطان بين دورهما كزوجين ودورهما كأولاد. وقد يؤدي وجود الحماة مع الزوجة إلى مشكلات مثل: مقارنة دور الزوجة بدور الأم مع ما في ذلك من فروق بين الدورين، وبالإضافة إلى ذلك فلا يخفى أن زوجة الابن وزوج الابنة شخصية نشأت ونمت في إطار اجتماعي مختلف عن الآخر، وربما في ثقافة أخرى، وفي هذه الحالة تبدو غرابة الزوج، وغرابة سلوكه، وعلى العموم فكثيرا ما نسمع عن اشتراط عدم تدخل الحماة والأقارب وعدم معيشتهم مع الزوجين قبل الزواج نفسه تفاديا لاحتمال حدوث هذه المشكلات. وعلاوة على ما سبق، فقد تتدخل الحماة والأقارب في تربية الأطفال متوقعين تربيتهم على أساس نظام الماضي حين كان الزوجان نفسهما أطفالا "روبرت بيل Bell؛ 1975".

تعدد الزوجات: أباح الله تعالى تعدد الزوجات لدواع وبشروط. قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} وقال تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} وتعدد الزوجات حين يحدث دون مبرر شرعي ودون مراعاة شروطه، فإن الرجل يصبح مراهقا مشتتا غير مستقر وغير عادل غالبا بين زوجات ضرائر1 متصارعات متسابقات يكدن بعضهم لبعض بسبب الغيرة الجامحة، فتزداد الحياة المنقسمة اضطرابا وتصبح حياة لا تطاق.

اضطراب العلاقات الزواجية: قد تكون العلاقات الزواجية مضطربة وغير متوافقة، كما يحدث في حالات عدم التكافؤ جنسيا، وكما يحدث في العلاقات الاجتماعية المضطربة كالليونة المفرطة أو القسوة الزائدة التي قد تصل إلى الهجران، وكما يحدث في العلاقات الانفعالية المضطربة كالغيرة الجامحة أو الطلاق الانفعالي.

المشكلات الجنسية: قد تكون العلاقات الجنسية بين الزوجين فيها ممارسات شاذة، أو قد تكون غير متكافئة كأن يكون لدى أحد الطرفين ضعف جنسي أو إفراط شبقي. وقد تحدث مشكلات جنسية خاصة في مرحلة سن القعود وسن الشيخوخة.

1 يقول المثل العامي: "الضرة مرة ولو كانت حلق جرة".

ص: 440

الخيانات الزواجية: الخيانة الزواجية هي أكبر طعنة تصيب الحياة الزوجية، وهي أكبر مبررات الطلاق. وقد يشاهد عدم الإخلاص بين الزوجين وتحدث الخيانة الزوجية بسبب نقص كفاءة أحد الطرفين أو عدم التكافؤ والبرود والعجز والإحباط والحرمان والجوع الجنسي "رغم الزواج" أو الملل والروتينية، أو نقص الأخلاق والدين، أو التعرض لأسباب الغواية، أو حب المغامرة والتجريب

إلخ، وقد تحدث الخيانة الزوجية خارج نطاق الأسرة، وقد تحدث داخل إطارها مع المحارم أو الخدم، ومعروف أن الشك يصاحب دائما حالات الخيانة الزوجية1. "دافيد ميس Mace؛ 1965".

ثالثا: مشكلات بعد إنهاء الزواج:

الطلاق: الطلاق هو الإعلان الرسمي لفشل الحياة الزواجية. وقد يحدث الشقاق والطلاق إما قبل الدخول أو بعده. وقد يحدث الطلاق نتيجة لعدم التكافؤ أو لانعدام الثقة أو كثرة الشكوك والشجار الدائم وسوء التفاهم وسوء المعاملة، وقد يحدث نتيجة الخيانة الزوجية، أو نتيجة لسجن أحد الزوجين، وهكذا يكون الطلاق هو وسيلة إنهاء الزواج غير الناجح، ومعروف أن الطلاق على الرغم من إباحته فإنه يجب أن يكون آخر حل حين يستحيل استمرار الحياة الزواجية، لأنه أبغض الحلال عند الله، وتعاني المرأة المطلقة أكثر مما يعاني الرجل، ففرص الزواج من جديد قد تكون محدودة، وصديقاتهن يخفن على أزواجهن منهن، وقد تصبح المطلقة مطمعا للذئاب البشرية أكثر من غيرها. "باتريشيا سبيفي Spivey؛ 1979".

الترمل والعزوبة بعد الزواج: الترمل أمر يحدث، والعزوبة بعده تكون صعبة، وقد تكون اضطرابية وتحتاج إلى توافق2. وتقول هيلينا لوباتا Lopata؛ "1973" إن مشكلة الأرامل تتمثل في أنهم يمثلون عجائز في مجتمع الشباب، حزانى في دنيا تموج بالمرح، فرادى في عالم الأزواج، ومن أكبر مشكلات الترمل الحياة في وحدة بسبب عدم وجود أولاد أو الأولاد المتزوجين والمتزوجات تجنبا للصراعات المحتملة وسيطرة الآخرين وتمتعا بالحرية الشخصية، وقد يصاحب الترمل الاضطرار للعمل لكسب العيش، وإذا صاحب الترمل الكبر والضعف، بدت الحاجة إلى المساعدة مما قد يضطر الأرمل إلى المعيشة مع الأولاد المتزوجين أوالمتزوجات معيشة الضيف الذي ليس له من الأمر شيء. وقد يتدخل الأرمل في شئون الأولاد وتربية الأحفاد. وقد تنشأ خلافات ومشكلات نتيجة تعدد الرئاسات في البيت، وقد يعيش الأرمل مع بعض الرفاق، وفي هذا انتقال إلى إطار اجتماعي وحياة وعلاقات اجتماعية جديدة تحتاج إلى توافق، وقد يعيش الأرامل في وحدة دون رفيق إلا القلق والهم والخوف من الموت دون أن يدري أحد. ومشكلات

1 يقول المثل: "زان لا يأمن لامرأته".

2 يقول المثل العامي: "أعزب دهر ولا أرمل شهر"، ويقول آخر "اسم الزوج ولا طعم الترمل".

ص: 441

الأرامل الأصغر سنا عادة أكثر مشكلات من مشكلات الأرامل الأكبر سنا، ومشكلات الأرامل من النساء عادة أكثر من مشكلات الرجال الذين يسهم عليهم الزواج من جديد. وبعض الأرامل الصغيرات السن يشكين من أن صديقاتهن يتنكرن لهن ويعتبرنهن خطرا، فقد "يخطفن" أزواجهن، أو يغرينهن بحكم المعرفة والألفة السابقة على علاقة جنسية، وبعضهن يخشين الخروج إلى الأماكن العامة والمناسبات الاجتماعية دون محرم، ولذلك يتقوقعن في البيوت. ويلاحظ أيضا أن أفراد أسرة الزوج المتوفى يتنكرن أحيانا للأرامل، فقد زالت الرابطة، وأحيانا تحدث خلافات أو قطيعة بسبب الميراث والأولاد

إلخ.

الزواج من جديد: بعد وفاة الزوج أو الطلاق، يحدث إما عدم الزواج مرة أخرى أو الإقدام عليه، وفي كثير من الأحيان وخاصة في حالة صغر السن وعدم وجود أولاد من الزواج السابق، فإن احتمال الزواج من جديد يكون كبيرا لعدة اعتبارات منها مثلا أن الجنس من الصعب أن يظل فاكهة محرمة بقية العمر. وقد يلجأ بعض الأزواج إلى "الزواج العرفي" كحل لمشكلة أو أخرى. وفي حالة الزواج من جديد قد تترك علاقة الزواج السابق آثارا، فقد يكون هناك خوف من تكرار الفشل أو الترمل مثلا، وإذا كان هناك أولاد من الزواج السابق، يجب أن يعمل حسابهم وحساب ما قد يحدث من مشكلات، وفي حالة الأرامل قد يكون الزواج من جديد داخل نفس أسرة الزوج المتوفى، وقد يكون زواجا موفقا أو غير موفق. ويحتاج الأمر إلى وضع الخبرة السابقة في الحسبان للاستفادة منها. وعلى العموم يلاحظ أن الزواج من جديد أسهل بالنسبة للرجال منه بالنسبة للنساء، ويلاحظ أيضا أن التفكير في الزواج من جديد له مشكلات فرعية ترتبط به مثل النظر إلى المطلق أو الأرمل كتهديد محتمل لزواج الأصدقاء والمعارف القائم.

رابعا: مشكلات عامة في الزواج:

الزواج غير الناضج: ليس المقصود هنا الزواج المبكر، ولكن المقصود هو زوج المراهقين ممن لم تنضج شخصياتهم بعد عقليا، واجتماعيا وانفعاليا. وهذا الزواج يشاهد أحيانا كحل لفشل فتاة في التعليم أو عدم وجود عمل لها أو للتخلص من مشكلة أسرية أو كاستجابة لميل عاطفي غير ناضج أو كحل للتورط في علاقة غير شرعية، ومن أنماط عدم النضج النفسي الاجتماعي مستويات تنحدر إلى مستوى الطفولة ومستوى المراهقة، ويضاف إلى ذلك الشخصية غير الناضجة مثل الشخصية الهستيرية والشخصية الوسواسية والشخصية المريضة اجتماعيا، وهذه تعتبر مهددات خطيرة للحياة الزواجية "هامبسون Hampson؛ 1965".

الزواج المتسرع: قد يكون هذا نتيجة تهور أو تغرير أو إغراء أو نزوة أو علة للتخلص من خطر العنوسة أو كثرة الأولاد أو اغتنام فرصة قد تضيع. في هذا الزواج المتسرع ضياع فرصة

ص: 442

الطرفين للإحاطة بما يجب معرفته قبل إتمام الزواج، وبعد أن "تقع الفأس في الرأس" يكون الأسى والندم1.

زواج الشوارع: الذي يتم على أساس تعارف خارج البيوت وبعيدا عن الأهل، في شارع أو حديقة أو ناد، ويكون ذلك بعيدا عن الرقابة ورأي الأهل، ويعتبر هذا الزواج نوعا من المقامرة، قد تصيب أو تخيب.

الزواج الجبري: قد يكون الزواج اضطراريا أو قسرا بالإكراه، وهو زواج غير عادي يحدث في ظروف شاذة، ويحدث مثل هذا الزواج عادة لستر جريمة أو للتورط في علاقة أو لحسم نزاع أو لإرضاء رئيس يخشى أو ملافاة لمشكلة أو القضاء على إشاعات، ومن أمثلته الزواج بين العشاق والزواج بين السادة والخدم والزواج بين الرؤساء والمرءوسين.

زواج المبادلة: وهذا يحدث فيتزوج فتى من فتاة ويتزوج أخوها من أخته. وقد يزيد ذلك من متانة الزواج وترابط الأسر، ولكن قد يحدث مقارنة بين الزوجين يتخلله أسى، وقد يحدث مشكلات في زيجة فتقابل بمشكلات في الزيجة الأخرى بالتبادل أو من باب الثأر.

زواج الغرض: هو زواج تجاري له هدف غير أهداف الزواج المعروفة اجتماعيا وشرعا. فقد يتم زواج لغرض معين مثل الوصول إلى مركز عال أو جاه أو للحصول على مال أو لغرض الخلفة. ومثل هذه الزيجات عادة يسودها الجفاء والتخاصم والتشاحن والحقد والانتقام وتتخللها المشكلات.

الزواج القائم على الغش: قد يقوم الزواج على الغش والكذب والخداع، والطرف الغشاش أو الكذاب أو المخادع يعرف غشه وكذبه وخداعه، ويحتفظ بحكايته في مستودع مفهوم الذات الخاص تؤرقه وتهدده. والطرف المخدوع قد يعرف الحقيقة يوما ما، وهنا تحدث الكارثة. ومن أمثلة ذلك زواج امرأة على أنها بنت بكر مع إجراء عمليات الغش، وزواج رجل متزوج وله أولاد على أنه لم يسبق له الزواج مطلقا، وزواج فقير أو فقيرة يمثل كلاهما دور الثراء

إلخ.

الزواج العرفي: هو الزواج غير الرسمي، غير المسجل في الجهات الرسمية وغير المعترف به رسميا، وإن استكمل الشروط الشرعية. وفي الزواج العرفي احتمالات ضياع الحقوق الشرعية عند الضرورة، وفيه عدم ثقة متبادل، وفيه شعور بالتحايل على القانون، أو التهرب من كشف السر على زوج آخر، ويكون مهددا بالفشل وغالبا ما ينتهي إليه.

1 من أقول الحكماء: "من تزوج على عجل ندم على مهل".

ص: 443

الأم غير المتزوجة والأب غير المتزوج: حين تتم علاقات جنسية غير شرعية خارج نطاق الزواج في إطار ما يسمى الحرية الجنسية قبل الزواج أو تحت ضغط الدافع الجنسي في حالات الطلاق أو الترمل، وهذا أمر مستنكر دينيا واجتماعيا وقانونيا، قد ينتج عنها طفل غير شرعي1، وتصبح المرأة أما غير متزوجة والرجل أبا غير متزوج، لا رابطة شرعية بينهما. والأم غير المتزوجة تحتاج إلى الإرشاد الزواجي حتى منذ إدراكها لحدوث الحمل غير الشرعي، فصديقها يتخلى عنها ويتنكر لها ونادرا ما يتزوجها، وإذا تزوجها فيكون زواجها مؤقتا محكوما عليه بالفشل وأسرتها ترفضها وقد تهددها بالقتل، والمجتمع يستنكر فعلتها، وقد تترك المدرسة أو العمل، وهي تحتاج إلى اتخاذ قرار خطير بالنسبة للطفل غير الشرعي، هل تودعه في ملجأ أن مؤسسة للرعاية، وهل تعطيه لأسرة بديلة تتبناه، أم تحتفظ به كذكرى دائمة لجريمتها، ثم ماذا تفعل في مستقبلها الزواجي، إنها إن تزوجت والد طفلها فستكون حياتهما الزواجية "على كف عفريت"، وإذا عرف أمرها فستظل اللعنة تطاردها طول العمر، وعلى العموم فنحن نجد الكثيرين من الوالدين غير المتزوجين يترددون على العيادات النفسية، والكثيرين من الأطفال غير الشرعيين يملئون المحاكم ومؤسسات الجانحين "انظر ويمبيريز Wimperis؛ 1960 وكلارك فينسينت Vincent؛ 1961، 1965".

اتجاهات سالبة وأفكار خاطئة: قد يكون لدى الشباب قبل الزواج اتجاهات سالبة نحوه، فيعتبرون مسئولية شاقة وتقييد حرية وسجنا مؤبدا، وقد يكون هناك أفكار خاطئة أو خالية مبالغ فيها، كأن يعتقد أن الزواج "عسل" وسعادة دائمة دون عمل حساب تقلبات الزمان وطوارئه، لأن دوام الحال من المحال، وقد يكون هناك معتقدات خرافية خاصة بالسعادة الزواجية والتعاسة الزواجية، مثل الأحجبة والأعمال وأثر السحر.

نقص التربية الجنسية: مما يدعو إلى العجب، ما يوجد من خوف وتردد حول نشر الثقافة الأسرية بما في ذلك الثقافة الجنسية منذ سن مبكرة، بما يتناسب مع عمر الفرد في إطار التقاليد والعادات والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية والتعاليم الدينية "حامد زهران، 1990" إن الثقافة الجنسية لها آثار بناءة في تكوين الفرد وتؤهله لحسن التوافق في المواقف الجنسية ومواجهة مشكلاته الجنسية في الحاضر والمستقبل ومواجهة واقعية تودي إلى الصحة النفسية "عبد العزيز القوصي، 1969". وبكل أسف لا تقدم التربية الجنسية من مصادرها الآمن المسئولة في الأسرة

1 تدل الإحصاءات العالمية على أن نسبة الأطفال غير الشرعيين بالنسبة لكل الأطفال الأحياء تصل في بعض الدول إلى أكثر من 70% كما هو الحال في جامايكا وبنما وجواتيمالا.

ص: 444

والمدرسة ولكنها تترك لمعلمي "الشلة" وأدعياء المعرفة من غير أهل العلم والثقة والأخلاق والضمير، وتستقى من الأفلام والصور والكتب الجنسية، فتكون ناقصة مشوهة وخاطئة وفي غير أوانها، وتؤدي إلى الوقع في التجريب أو الخبرات الحقيقة والشعور بالاشمئزاز، والإثم والخوف والقلق والاستغراق في أحلام اليقظة أو الانحراف الجنسي والاضطراب النفسي. وليت الشباب يرجعون إلى مصادر المعرفة الآمنة والمسئولة. "أحمد شوقي الفنجري، 1986".

مشكلات الزوجة العاملة: لقد خرجت المرأة إلى العمل، وقد يحدث ذلك قبل الزواج أو أثناءه، وعندما تتزوج عادة إما أن تستمر في العمل، وهذا له مطالب وفيه مشكلات وأعباء، وإما أن تتركه وتقتصر على رعاية البيت "كاميليا عبد الفتاح، 1972".

مشكلات عامة أخرى: هناك مشكلات عامة أخرى تشاهد في الحياة الزواجية، فهناك حالات اضطرابات الشخصية وحالات العصاب وحالات الذهان وحالات الإدمان، وهناك الزواج المؤقت أو زواج المحلل، الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجد حالات الزواج بالمقاصة، أي الزواج كسداد لدين مادي، ويا له من زواج فيه اضطرار وانكسار من جانب المدين، وظلم وتعال من جانب الدائن. وتشاهد حالات ترك العصمة في يد الزوجة، وهو أمر مخالف للمعايير السائدة والعرف الشائع، والتقاليد المعروفة، وهذا يحدث غالبا لعلة حب عنيف لأمرة جميلة مدللة أو ثرية أو عندما يكون هناك شك في كفاءة الرجل أو إخلاصه

إلخ.

خدمات الإرشاد الزواجي:

يدور عدد من البحوث والدراسات حول تطوير الإرشاد الزواجي، ومنها على سبيل المثال بحث ستيوارت Stewart؛ "1972" الذي بلور نظرية في إرشاد الأزواج لا تقوم على النموذج التقليدي، بل تقوم على أساس دافعي، مستغلا مد نظر الزوجين أكثر إلى المستقبل.

وهناك سؤال هام في الإرشاد الزواجي وهي: هل يتم إرشاد الطرفين معا أم منفردين أو أحدهما دون الآخر أو نيابة عنه أو أحيانا بغير علمه؟ هذا الموضوع حوله جدل. ولنأخذ مثلا حالة العقم. الرجل يطعن في رجولته وكرامته وعادة يتهم المرأة بأنها السبب، والمرأة تطعن في أنوثتها وخصوبتها، ويهدد مستقبلها الزواجي، وهي عادة التي تذهب أولا إلى الأطباء وغيرهم وحتى إلى الدجالين والمشعوذين. والمطلوب هو معرفة أين السبب؟ هل عند الرجل أم المرأة أم الاثنين. ومطلوب علاج وتوافق الطرفين. إن العملية في صالح الزوجين، ولذلك يرى معظم المرشدين أن يكون الطرفان معا في جلسة قصيرة، ثم تتم جلسات فردية مع كل منهما، ثم تختتم الجلسات في حضور الطرفين "ليزلي Leslie؛ 1965".

ص: 445

وهناك بعض الأزواج يستنكرون خروج مشكلات الأسرة عن نطاقها والبوح بها حتى للمرشدين "الغرباء" وحتى إذا ذهبوا للاسترشاد فإنهم لا يبوحون "بالأسرار". إن كل زوجين يجب أن يعرفا أن المرشد إنسان متخصص مهنيا عمله هو إرشادهما وتوجيههما، ومساعدتهما، ومن ثم يجب أن يسمحا له بالدخول إلى "عالم الزوجية" الخاص.

ويوضح شكل "84" نموذجا لخدمات الإرشاد الزواجي حيث يتعامل المرشد الزواجي مع الزيجة ومع طرفيها "الزوج والزوجة" حيث يتفاعلان، وقد يتخلل التفاعل صراعات تظهر أعراض يفسرها نمو وشخصية كل من الطرفين. "لورنس برامر، إفريت شوستروم Brammer & Shostrom؛ 1977".

هذا، وتقدم خدمات الإرشاد الزواجي لتتناول المشكلات قبله وأثناءه وبعد إنهائه، ولتتناول المشكلات العامة، وهي في الواقع تتراوح بين خدمات تربوية تعليمية إلى حل مشكلات إلى خدمات علاج نفسي وذلك على النحو التالي:

أولا خدمات الإرشاد قبل الزواج:

تقدم هذه الخدمات في مرحلة ما قبل الزواج أي للمقبلين على الزواج، ويقسم هيربرت أوتو Otto؛ "1965" الحالات التي تحتاج لخدمات الإرشاد قبل الزواج إلى فئات ثلاث هي: حالات نقص المعلومات، وحالات عدم الوثوق في النفس، وحالات التشكك في الزواج، وهؤلاء تقدم لهم خدمات تتناول الموضوع ابتداء من حدوث التعارف وخلفية الطرفين تربويا، وأسريا واجتماعيا، وأخلاقيا ودينيا، وحالتهما طبيا ووراثيا، ونفسيا، وجنسيا، ومخططاتهما بخصوص النواحي السكنية والاقتصادية، والإعداد للزفاف والأولاد مستقبلا.

التربية الزواجية: يقوم بالتربية الزواجية كل من الأسرة والمدرسة ودورا لعبادة، ووسائل الإعلام، وهذه تكون ضمن عملية التربية والتنشئة الاجتماعية بصفة عامة، فيعرف الأطفال ما

ص: 446

يناسب أعمارهم واستفساراتهم عن الحياة الزواجية، ويعرف الشباب كل ما يحب وما يجب معرفته من حقائق الحياة الزواجية ومطالبها وأصول عملية اختيار الزوج وأصول المعاملة الزواجية في كافة النواحي. وفي هذا إعداد للشباب لحياة زواجية سليمة، لأنه يلاحظ أن الكثيرين من الأزواج والزوجات يكون سلوكهم غير سليم أو غير عادي أوحتى شاذا، ويفهمان أنه سليم وعادي، لأنهما لا يعرفان معايير هذا السلوك، أي لا يعرفان الصحيح من الخطأ، وتتضمن التربية الزواجية التربية الجنسية بهدف التزويد بالمعلومات الصحيحة عن ماهية النشاط الجنسي، واستخدام الألفاظ العلمية المتصلة بأعضاء التناسل والسلوك الجنسي، واكتساب التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية الخاصة بالسلوك الجنسي، والتشجيع على تنمية الضوابط الإرادية للدافع الجنسي، والشعور بالمسئولية الفردية والاجتماعية وتنمية الوعي والثقافة العلمية، ومعرفة خطورة الحرية الجنسية على الفرد وعلى المجتمع، وتهدف التربية الجنسية كذلك إلى الوقاية من أخطار التجارب الجنسية غير المسئولة، وتكوين اتجاهات سليمة نحو الأمور الجنسية والنمو الجنسي والتكاثر والحياة الأسرية، والحث على إقامة علاقات سليمة بين الجنسين قائمة على فهم دقيق ومسئولية اجتماعية، وتصحيح ما قد يكون هناك من معلومات وأفكار واتجاهات خاطئة مشوهة نحو بعض أنماط السلوك الجنسي الشائع، وتنمية الضمير الحي وخشية الله حتى لا يقوم الفرد بأي سلوك جنسي يضر النفس والغير ويغضب الله سبحانه وتعالى. وهناك الكثير من الكتب حول الزواج في الإسلام والزواج المثالي

إلخ، عادة ما ينصح بقراءتها. "انظر محمود الاستانبولي، 1981، محمد عثمان الخشت، 1984".

الاختيار الزواجي: تقدم هنا المساعدة في سبيل تحقيق اختيار سليم واتخاذ قرار حكيم فيجب أن يكون هدف الزواج أولا اشتراط الدين والأخلاق وليس فقط الجمال والمال والجاه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: $"تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك". وفي الحديث الشريف يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما يفعله الناس في العادة، فإنهم يركزون على هذه القيم الأربع وآخرها عندهم القيمة الدينية، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين، ويصف الرسول صلى الله عليه وسلم للمؤمن الزوجة المثالية فيقول:"ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيرا من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسه وماله". ويجب الحرص على التكافؤ بين الطرفين عمرا وثقافة ومستوى، ويجب التأني والحكمة وتجنب الوقوع في أخطاء الاختيار المتسرع أو غير الناضج

إلخ.

دراسة شخصية زوجي المستقبل: في الإرشاد الزواجي، أمامنا شخصيتان مختلفتان تندمجان مع العشرة في واحد تقريبا. وكلما كانت الشخصيتان متقاربتين "جسميا

ص: 447

وعقليا وانفعاليا واجتماعيا" كان ذلك أفضل، وكلما كانتا متباعدتين أو متنافرتين فإن الزواج لا ينصح به. ويجب دراسة شخصية الفتى والفتاة اللذين ينويا الزواج، بحيث يعرف كل منهما نفسه والآخر. وقد أعد -في أمريكا- عدد من المقاييس للتنبؤ بمدى نجاح الزواج، ومن أمثلتها A Marriage Prediction Schedule من إعداد بيرجيس Burgess و Califormia marriage Readiness Evaluation و The Otto Premarital Schultz، وضع موريس مانوسن Manson. والأخير يقيس الشخصية بأبعادها مثل: النضج الانفعالي والاستعداد للزواج، والإعداد للزواج أسريا وماليا وتخطيطيا، والكفاءة الاجتماعية مثل الدافعية للزواج. ومثل هذه المقاييس توفر وقتا كثيرا في الإرشاد الزواجي قبل الزواج هذا، وتوجد مقاييس نفسية شاملة تستخدم في الإرشاد الزواجي، مثل A Marriage Analysis وضع دانيل بلازير Blazier وإدجار جوسمان goosman وهو متعدد الأبعاد ويقيس جوانب هامة في العلاقات الزواجية هي: الدور الزواجي، مفهوم الذات، المشاعر تجاه الزوج، والانفتاح الانفعالي، معرفة الزوج، التوافق الجنسي، الأمن، السمات المشتركة، معنى الزواج، ومن الاختبارات الشهيرة في مجال الإرشاد الزواجي أيضا Marriage -Personality Inventory، وضع كارل شولتز Schultz ويقيس: الرضا، النمو، أسلوب الحياة، سمات الشخصية، المرونة، الاعتمادية، وله أربعة أشكال موحدة العبارات مختلفة التعليمات تقيس مدى التكافؤ على النحو التالي: الشخصية الفردية "صورة الذات المدركة، وصورة الذات المثالية". واختيار الزوج "صورة الزوج المثالي الخطوبة "صورة الذات، وصورة الخطيب" الزواج "صورة الذات، وصورة الزوج" وتدور معظم الفقرات حول: النمو والصحة وأسلوب الحياة وسمات الشخصية والمرونة والمهنة والدين والحب والجنس والزواج والطلاق وتربية الأطفال والميول

إلخ، هذا ويحاول العلماء استخدام الحاسب الآلي أو الكمبيوتر في عملية الاختيار الزواجي1.

ثانيا: - خدمات الإرشاد أثناء الزواج:

تقدم خدمات الإرشاد أثناء الزواج لكل من الزوجين لأغراض الوقاية والعلاج، ويتضمن الإرشاد الزواجي الوقائي كل ما يعمل على الاستقرار والسعادة الزوجية، مثل الحث على إبراز أهمية الصدق والصراحة والإخلاص، والحب والاحترام والثقة المتبادلة، والتجدد، وحسن الصحبة والمعاشرة بالمعروف وفي حدود الله، ومراعاة الحقوق والقيام بالواجبات في حدود الإمكانات وفي

1 هناك اعتراض كبير على استخدام الكمبيوتر في عملية الاختيار الزواجي يوضحه هذا التعبير الكاريكاتيري: "عجز شاب عن إيجاد زوجة مناسبة له تحمل الصفات التي يريدها، فقرر الذهاب إلى مكتب إرشاد زواجي يستخدم الكمبيوتر لعله يجد الحل لمشكلته. وملأ الاستمارة اللازمة، وفيها صفات الزوجة المطلوبة وهي: رشيقة وجميلة، تحب الرياضة المائية والأطعمة البحرية وتستمتع بالحياة الاجتماعية، وتحب العيش بين الجماعات، وجاء الجواب من الكمبيوتر كالآتي: تزوج إحدى إناث البطريق

طائر يعيش في المناطق الباردة! ".

ص: 448

اعتدال وتعقل وفي قناعة وعفة، والمشاركة في السراء والضراء، والمحافظة على الأسرار، وعدم التدخل فيما لا يعني، والتفاهم والمحافظة على المشاعر والكرامة، والمعاملة الحسنة وخاصة عندما يكون هناك تدخل من الحماة أو الأقارب، والعمل على صلة الرحم1.

ثالثا خدمات الإرشاد بعد الانتهاء من الزواج:

في حالة الانفصال أو الطلاق أو موت أحد الزوجين، فإما أن يتزوج الطرف الآخر، أو يظل دون زواج وفي الحالة الأولى أي حالة الزواج من جديد، فهو زواج ثان، وفي حالة الانفصال أو الطلاق فهناك الطرف الآخر السابق، فهل تزوج أم لا؟ وهل الانفصال أو الطلاق هادئ أم هناك مشكلات في المحاكم؟ وبالنسبة للزواج من جديد فهو يحتاج إلى توافق، فهناك خبرة سابقة لها آثارها ولا شك، ويجب تحويل خبرة الانفصال أو الطلاق المؤلمة إلى خبرة معلمة، والمساعدة في الاستفادة من الأخطاء الماضية التي أدت إلى انهيار الزواج السابق. هذا إلى جانب ما يحدث من مقارنات مع الزواج السابق، يجب تفادي آثارها السالبة، وفي حالة الترمل يجب العمل على مساعدة الأرامل على تعلم المهارات الاجتماعية الجديدة التي تناسب طارئ العزوبة الإجبارية بما يناسب مع الحالة للحماية من العزلة الاجتماعية والتحرش بالأولاد والأحفاد.

1 من الأمثال العامية التي تحث على التوافق الزواجي: "إن كان الراجل بحر تكون المرأة جسر"، "وإن كان الراجل غول ما يكلش مراته"، "اللي يقول لامراته يا هانم يقابلوها على السلالم"، "حرة صبرت في بيتها عمرت".

ص: 449