الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عملية جمع المعلومات:
يطلق على علمية جمع المعلومات أحيانا اسم عملية فحص ودراسة الحالة "انظر شكل 31".
شروط عملية جمع المعلومات:
هناك شروط يجب مراعتها في عملية جمع المعلومات منها:
سرية المعلومات: وهذا أمر هام، ويجب أن يؤكده المرشد للعميل حتى يتحدث بحرية وثقة في جو آمن، خاصة حين تكتب المعلومات وتحفظ في سجلات وحينما تكون بعض المعلومات مما قد يثير متاعب قانونية أو اجتماعية1 ولذلك يجب أن تكون الكتابة في معظمها رمزية، ويلجأ بعض المرشدين للتخلص من الحساسية التي تصاحب كتابة الأسماء إلى
1 يقول الشاعر:
وإفشاء ما أنا مستودع
…
من الغدر والحر لا يغدر
إذا ما قدرت على نطقه
…
فإني على تركه أقدر
استخدام أرقام للدلالة على العميل، كاستخدام أرقام فردية في حالة الإناث وأرقام زوجية في حالة الذكور مثلا. ويلجأ البعض الآخر إلى استخدام أسماء مستعارة، ويستخدم بعض المرشدين نظام كتابة الحروف الأولى من الأسماء، أو استخدام نظام الشفرة السرية في كتابة الأسماء.
بذل أقصى الجهد: يجب على المرشد بذل أقصى جهد للحصول على معلومات شاملة كافية، واستخدام كافة الطرق والوسائل والأدوات المناسبة، ومن مصادرها السليمة المسئولة المطلعة، واستغلال كل إمكاناته ومهاراته وفنياته في عملية جمع المعلومات.
المهارة في جمع المعلومات: ويتضمن ذلك معرفة ماذا ولماذا وكيف ومتى ومن يسأل، وإتمام عملية جمع المعلومات بطريقة سهلة وطبيعية، وهذا يحتاج إلى تدريب وخبرة.
حث العميل على التعاون: وعلى المرشد حث العميل على التعاون والاهتمام بعملية جمع المعلومات ومساعدة المرشد حتى يستطيع أن يساعده، خاصة في حالات المقاومة وعدم التجاوب.
الدقة والموضوعية: وذلك من أجل الوصول إلى التشخيص الدقيق، ومن أجل تقييم عملية الإرشاد بعد تمامها، حيث يمكن إعادة بعض الاختبارات مثلا لملاحظة مدى التغير الذي طرأ على حالة العميل، ويتطلب ذلك حسن اختيار وسائل المعلومات ومناسبتها "وتفصيل ذلك في الفصل التالي".
الصدق والثبات: والصدق هنا يعني أن المعلومات تعبر فعلا عما تعنيه من دلالة على سلوك العميل، والثبات هنا يعني عدم تغير المعلومات بسرعة بين جلسة وأخرى.
التكرار والاستمرار: نحن نعلم أن المعلومات السلوكية الهامة هي التي تتسم بالتكرار "عدد مرات حدوث السلوك" والاستمرار "كم من الوقت استمر السلوك وكم من الوقت حدث السلوك، أي كم من الوقت مضى منذ حدوث السلوك آخر مرة". ولذلك يجب الاهتمام بحصر تكرار السلوك واستمراره. ذلك لأن السلوك العارض المؤقت الزائل ليس في أهمية السلوك المتكرر والمستمر.
تقدير العوامل المسببة والأعراض: ويجب تقدير العوامل المسببة والأعراض بدقة في ضوء دليل فحص ودراسة الحالة.
الاهتمام بالمعلومات الطولية: وينبغي الاهتمام بالمعلومات الطولية التتبعية، لأن حياة العميل وحدة متصلة مستمرة، وسلوكه الحاضر له جذوره في الماضي ويؤدي إلى سلوكه في
المستقبل، ونحن نعرف أهمية خبرات الطفولة في حياة كل من المراهق والراشد وأهمية خبرات المراهقة في حياة كل من الراشد والشيخ
…
إلخ.
التأكد: ومن الضروري التأكد من توافر الأدلة الكاملة على السلوك المرضي عند العميل، الاهتمام بالمظاهر المرضية الدائمة طويلة المدى التي تؤثر في سلوك العميل وعلى حياته، كذلك يجب التأني في الحكم، وعدم الاعتماد على الملاحظة العابرة أو الصدفية أو المؤقتة، والتفرقة بين السلوك الاستكشافي والتجريبي وبين الشذوذ والاضطراب السلوكي الحقيقي، وينبغي أيضا التثبت وتجنب التخمين والاستنتاج الخاطئ، وأخذ المعلومات بحرص قبل اعتبارها نهائية.
الاعتدال: والاعتدال مطلوب ومرغوب، إذ يجب عدم التورط في خطأ التعميم السريع أو غير المحدود، ويجب عدم الإفراط في تطبيق القواعد العامة على حالة العميل الخاصة، ويجب وضع الفروق الفردية في الحسبان، ومراعاة الفروق الثقافية والبيئية، والنظر إلى العميل كإنسان فرد له شخصيته الفريدة.
تجنب أثر الهالة Halo Effect: ويجب تجنب أثر الهالة في الحكم على العمل، أي أثر الفكرة العامة عن العميل أو الفكرة السابقة عنه أو صفة معينة بارزة فيه أو امتيازه في ناحية معينة.
تقييم المعلومات: ومن المفروض أن يقوم المرشد بتقييم المعلومات التي يتم الحصول عليها وتحديد ما إذا كانت حقائق واقعية أو احتمالات، مع سلامة الحكم والتقدير، وتجنب التسامح الزائد أو التشدد، ويمكن مراجعة بعض المعلومات مع الأهل والأقارب والأصدقاء ومن يهمهم الأمر والأخصائيين، ونحن نعرف أن العميل قد يضلل المرشد وقد يختصر المعلومات وقد ينكر وجود مشكلة وقد يكون مضطرب البصيرة لا يدرك طبيعة مشكلاته أو مرضه، ومن ثم لا يتعاون. ويلاحظ ضرورة استمرار عملية تقييم المعلومات وتعديل وتصحيح ما يلزم.
تنظيم المعلومات: ومن المطلوب تنظيم المعلومات وربطها بعضها ببعض وتفسيرها في ضوء بعضها تفسيرا دقيقا يعطي الضوء على شخصية العميل ومشكلته ومجاله النفسي والاجتماعي. كذلك يجب تلخيص المعلومات وتركيزها وتسجيلها في سجلات يسهل الرجوع إليها.
وسيلة وليست غاية: ويجب أن تكون عملية جمع المعلومات وسيلة للوصول إلى تشخيص موفق وعملية إرشاد ناجحة، وليست غاية في حد ذاتها.
ميسرات عملية جمع المعلومات:
هناك أشياء تيسر عملية جمع المعلومات. وأهم هذه الأشياء هو التعاون من جانب العميل والأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى.
تعاون العميل: وهذا أمر هام، ومن حسن الحظ أن خدمات الإرشاد النفسي تقدم للعميل العادي أو العميل المضطرب قليلا المستبصر بحالته، والذي يمكن كسب تعاونه بقليل من الجهد والتشجيع والمهارة.
تعاون الأسرة: ولكل عميل أسرة يهمها أمره، يقضي فيها معظم وقته، وفي كنفها تشكلت شخصيته، وفيها يلعب دورا اجتماعيا هاما، وفيها الكثير من أسباب مشكلاته، وتستطيع الأسرة المتعاونة تقديم قدر كبير من المعلومات عن قطاع أساسي من حياة العميل.
تعاون المدرسة: والعميل إذا كان في المدرسة يقضي وقتا طويلا فيها بين زملائه ومدرسيه، وفيها تنمو شخصيته ويعد تربويا ومهنيا ويتعرض لبعض المشكلات، ومن بين مدرسيه من يكون قريبا منه ويعرف عنه الكثير. وفي المدرسة أخصائيون وبها سجلات، وهذا كله يتيح توافر معلومات مفيدة عن قطاع آخر هام من قطاعات حياة العميل يكمل الصورة التي أعطاها العميل والأسرة لو توافر التعاون.
تعاون المؤسسات الأخرى: وفي المجتمع مؤسسات أخرى غير الأسرة والمدرسة يمارس فيها العميل نشاطه وتؤثر في نموه كجهة العمل والنوادي وغيرها، وهذه المؤسسات يقضي العميل فيها قطاعا آخر من حياته، وفيها معلومات وفيها من لديه معلومات مطلوبة لزيادة إكمال الصورة.
مشكلات عملية جمع المعلومات:
قد تعترض عملية جمع المعلومات بعض المشكلات والصعوبات التي تجعلها عملية صعبة ومن هذه المشكلات والصعوبات ما يلي:
تغليف الذات Encystment of Self: أي الامتناع عن البوح، والإحجام عن كشف الذات أو مقاومته، وذلك بسبب وجود خصوصيات وأسرار خاصة في محتوى مفهوم الذات الخاص ضمن المعلومات اللازمة لفحص ودراسة الحالة، أو بسبب اعتقاد العميل أنه ليس من حق المرشد التدخل في شئون حياته الخاصة، ومن مظاهر تغليف الذات الكشف عن معلومات مخالفة للواقع، فقد يظهر العميل حبا يغطي كرها كامنا أو العكس، وقد يعتبر البعض كشف الذات نوعا من كشف العورة أو العرى النفسي "حامد زهران، 1977".
المعلومات المختصرة: والمعلومات المختصرة تعتبر مشكلة حقيقة وصعوبة كبيرة خاصة إذا جاءت في شكل أنصاف حقائق ومعلومات متناثرة كثيرة الفجوات.
ضرورة فهم الإطار المرجعي للعميل: ومن الضروري -حتى تكون المعلومات مفيدة- أن نفهم وجهة نظر العميل نفسه ومن واقع إطاره المرجعي. وفي بعض الأحيان يجد الراشدون صعوبة في فهم سلوك المراهقين أو الأطفال لعدم القدرة على فهم إطارهم المرجعي1.
نمو وتغير الفرد: والفرد في رحلة نموه دائم التغير. وبمرور الزمن تصبح بعض المعلومات قديمة، ولذلك يجب الحرص على تتبع المعلومات التطورية وأن تظل متجددة.
التغير الاجتماعي: إن التغير الاجتماعي السريع جعل فهم الأفراد عبر الأجيال أكثر صعوبة، فالمراهقون والراشدون يكاد كل فريق منهم يعيش في عالم مختلف عن عالم الآخر. ويظهر هذا بوضوح في القيم والأخلاقيات
…
إلخ. وهذا يمثل مشكلة وصعوبة في عملية جمع المعلومات وفحص ودراسة الحالة.
الخريطة العقلية المعرفية لعملية جمع المعلومات:
المرشد النفسي -كمهندس بشري في دراسة سلوك الإنسان ككل- يستند في عملية جمع المعلومات إلى ما يسمى "الخريطة العقلية المعرفية" Cognitive Map التي تكاد تكون مرسومة في مخه كتخطيط مسبق لعملية جمع المعلومات ويتخذها كإطار مرجعي في عمله. وهكذا يكون المرشد أيضا مثله كمثل جغرافي يسير في جمع المعلومات على هدى خريطة عقلية يعرف اتجاه عمله وأهدافه ويعرف طبوغرافية الشخصية ودينامياتها وعوامل الهدم والبناء فيها والعواصف النفسية التي تسبب تفككها والبيئة النفسية التي يعيش فيها إلى جانب العوامل الوراثية
…
إلخ.
والسؤال الآن: ما هي المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد النفسي؟
أهم المعلومات المطلوبة هي:
البيانات العامة: عن العميل والأب والأم وولي الأمر والإخوة والأخوات والزوج والأولاد والأفراد الذين يعولهم والأقارب والآخرين الذين يعيشون مع الأسرة والآخرين الذين يمكن الاستعانة بهم ومحيل الحالة وجهة الإحالة.
الشخصية: بناء الشخصية ديناميا ووظيفيا، ويشمل ذلك المعلومات الجسمية والمعلومات العقلية، والمعلومات الاجتماعية ومعلومات عن الحالة الانفعالية، واضطرابات الشخصية.
1 يقول الشاعر:
لا يدرك الشوق إلا من يكابده
…
ولا الصحابة إلا من يعانيها
ويقول شاعر آخر:
لا تعذل المشتاق في أشواقه
…
حتى يكون حشاك في أحشائه
إن القتيل مضرجا بدموعه
…
مثل القتيل مضرجا بدمائه