الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التشخيص وتحديد المشكلة
DIAGNOSIS:
التشخيص في الإرشاد النفسي عملية هامة كما في العلاج النفسي والعلاج الطبي.
وينظر المرشدون والمعالجون النفسيون إلى عملية الفحص والتشخيص والعلاج كعملية متصلة ومستمرة ومتداخلة.
والتشخيص هو تحديد المشكلة والتعرف على الاضطراب أو المرض وتعيينه وتسميته. ويقوم التشخيص على أساس نتائج عملية الفحص وجمع المعلومات.
ويفرق ويتربول وبولي Witryol & Boly؛ "1944" بين التشخيص الموجب Positive Diagnosis الذي يعني تحديد الخصائص الإيجابية وسمات وديناميات شخصية العميل، وبين التشخيص السالب Negative Diagnosis الذي يعني تحديد مشكلات واضطرابات وأمراض العميل، ويريان أن كليهما هام في عملية الإرشاد.
وهدف التشخيص: هو الحصول على أساس لتحديد إجراءات وطريقة الإرشاد التي تناسب المشكلة والاضطراب وشخصية العميل. وهو بهذا يوفر الوقت والجهد في عملية الإرشاد ويساعد في تركيز الاهتمام على المشكلة عند تحديدها.
أهمية التشخيص وتحديد المشكلة:
التشخيص وتحديد المشكلة إجراء يهم كلا من العميل والمرشد. فالعميل يهتم بالمشكلة لأنها مشكلته، والمرشد يهتم بها لأنها عمله.
ويدخل التشخيص في صميم عملية الإرشاد نفسها. فالعميل يشعر بالثقة ويكشف الكثير عن نفسه، ويزداد فهم تشخيصه ويضع يده على مشكلته ويستريح لبوحه بها وتخلصه من التوتر الانفعالي، ويطمئن لمشاركة المرشد الذي شخص الاضطراب وحدد المشكلة، ويشعر أن شيئا قد تم وأنجز وحدد طريق عملية الإرشاد مما يزيد الأمل في حل المشكلة.
وعن طريق التشخيص، يمكن تحديد نوع مشكلة العميل، واضطرابه، ومدى أهميته وخطورة المشكلة، وما إذا كان ما يعاني منه العميل مجرد عرض منفرد أم زملة أعراض تدل على اضطراب محدد، وما إذا كان ما يعاني منه هو مجرد "حبة جعل منها قبة أو قبة جعل منها حبة". وقد يكون ما يعاني منه العميل مرضا عصابيا أو ذهانيا لا يدخل في نطاق ميدان الإرشاد النفسي، ويستدعي إحالته إلى العلاج النفسي والطبي في عيادة أو مستشفى للأمراض النفسية
…
وهكذا.
ولا يخفى على المرشد أهمية التشخيص المبكر مما يجعل فرصة نجاح عملية الإرشاد
أفضل. ونحن نعرف أن هناك بعض المشكلات قد تظل مستترة أو غير ظاهرة أو ينالها الإنكار والتجاهل مثل التخلف الدراسي وسوء التوافق الأسري، وتظل بعيدة عن التشخيص المبكر حتى تتفاقم آثارها ويصبح علاجها مكلفا وطويل المدى، وأحيانا صعبا أو مستعصيا، وهذا يلفت النظر إلى ضرورة التعاون الكامل بين الوالدين والمربين والأخصائيين في الأسرة والمدرسة وعيادة أو مركز الإرشاد النفسي، حتى تنكشف المشكلات وتشخص الاضطرابات في وقت مبكر بحيث يمكن اتخاذ الإجراءات الإرشادية والعلاجية المناسبة في الوقت المناسب.
إجراء التشخيص:
يلزم لإجراء التشخيص الاهتمام بما يلي:
تهيئة العميل: تهيئة العميل أمر لازم لكي يتم إجراء التشخيص بنجاح، وذلك بتعريفه أنه ليس الوحيد الذي يعاني من مشكلة، وأن كثيرين قبله كانوا يعانون من مشكلات شخصت وعولوجت بنجاح، وأن التشخيص المبكر الدقيق هام جدا وفي مصلحته لأنه أساس تحديد عملية الإرشاد الدقيق والعلاج السليم المناسب والتنبؤ بمستقبل عملية الإرشاد والعلاج. ويستحث المرشد العميل على أن يساعده في معرفة أصل وطبيعة ونوع المشكلة وجمع الأعراض وتحديد الأسباب. ويجب طمأنة العميل إلى أنه عندما يتم تشخيص المشكلة بدقة، فإنها سوف تكون "شدة وتزول"1.
تحديد الأسباب: عرفنا مبدأ تعدد وتفاعل الأسباب، وأن من النادر أن نضع أيدينا على سبب واحد للمشكلة أو الاضطراب إلا في حالات نادرة، ومن الضروري في عملية التشخيص التفريق بين الأسباب الحيوية والنفسية والبيئية، والأسباب المهيئة والمرسبة التي أدت إلى المشكلة أو الاضطراب، ويجب عدم المبالغة في أثر مجموعة من الأسباب الأخرى. ويجب الاهتمام بتحديد الأسباب كما يراها العميل نفسه ويصدق ذلك نتائج الفحص الشامل.
تحديد الأعراض: عرفنا أنه يمكن التعرف بدقة على الأعراض، وبعض الأعراض قد تكون شديدة واضحة يمكن ملاحظتها بسهولة، وبعضها تكون مختفية لا يمكن معرفتها إلا عن طريق التقرير اللفظي من العميل أو مرافقيه، ولا بد من الاهتمام بكل الأعراض الخارجة
1 يقول الشاعر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
…
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
…
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
والداخلية، ونحن نعرف أن العرض الواحد قد يظهر عند شخص نتيجة أسباب نفسية تختلف عن أسبابه عند شخص آخر، ويلاحظ كذلك أن عددا كبيرا من الأعراض قد يكون لها نفس الأسباب. ويجب أيضا تحديد معنى وظيفة وأهداف الأعراض. ولا بد من الاهتمام بدراسة الأعراض وما وراءها من مكاسب آولية وثانوية يحققها العميل.
تفسير المعلومات: يجب أن تفسر المعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريق دارسة الحالة. وفي ضوء تفسير المعلومات يتم وضع افتراض تشخيص يكون عادة في ضوء واحدة أو أكثر من نظريات الشخصية والإرشاد والعلاج النفسي مثل النظرية السلوكية أو نظرية الذات أو التحليل النفسي
…
إلخ. ولكل من هذه النظريات وجهة تفسير خاصة وتتضمن عددا من المفاهيم التشخيصية المساعدة.
التشخيص الفارق Differential Diagnosis: يلزم الاهتمام بإجراء التشخيص الفارق، أي التفرقة والتمييز بين أعراض مشكلتين أو اضطرابين أو مرضين أو أكثر لتحديد أي منها هو الذي يشكو منه العميل حتى تحدد طريقة وإجراء الإرشاد أو العلاج. ومن دواعي الاهتمام بالتشخيص الفارق التدخل بين حالات الاضطراب نفسية المنشأ وعضوية المنشأ وحالات الأمراض الجسمية التي يصاحبها اضطرابات نفسية والأمراض النفسية الجسمية، ويتطلب الاضطرابات العضوية والاضطرابات الوظيفية وتقييم درجة كل منهما، وتحديد رد فعل الشخصية تجاه الاضطراب، وتقدير شدة الأعراض، واتباع الأساس العلمي والإحصائي في جمع وتصنيف وتحليل المعلومات التي بني عليها التشخيص.
عوامل نجاح التشخيص:
من أهم عوامل نجاح التشخيص ما يلي:
الفحص الدقيق: الفحص الدقيق هو حجر الزاوية للتشخيص الموفق. ومن ثم يجب أن يكون فحص دارسة الحالة موضوعيا وشاملا ومن كافة المصادر المتاحة وبكافة الطرق والوسائل المختلفة بقدر الإمكان ويجب أن تكون المعلومات التي يؤدي إليها فحص ودراسة الحالة منظمة ومخلصة بدقة.
التدريب والخبرة: يحتاج التشخيص إلى تدريب وخبرة من جانب المرشد. وقد يكون التشخيص سهلا ويصل إليه المرشد بسرعة، وخصوصا كلما زادت خبرته الإرشادية العملية، ولكن يجب أن يتأنى المرشد قبل أن يضع التشخيص النهائي، وقد يقتضي الأمر في بعض
الحالات الصعبة أو غير الواضحة اللجوء إلى استثارة أخصائيين آخرين للاستعانة بهم في عملية التشخيص.
تحديد المشكلة:
في تحديد المشكلة يجب التعرف على نوعها: ومن أنواع المشكلات ما يلي:
- مشكلات الشخصية وسوء التوافق الشخصي والاضطرابات الانفعالية.
- المشكلات التربوية وعدم التوفيق في اختيار المواد الدراسية ومشكلات التحصيل المدرسي ونقص الاستعداد الدراسي وسوء عادات الاستذكار وقلق التحصيل وقلق الامتحان وسوء التوافق المدرسي.
- المشكلات المهنية ومشكلات اختيار المهنة والدخول فيها وسوء التوافق المهني.
- المشكلات الصحية ووجود عاهات وما يصاحبها من سوء توافق.
- مشكلات نقص المعلومات لدى العميل، ونقص مهارات يمكن اكتسابها.
ملاحظات في عملية التشخيص وتحديد المشكلة:
يجب الاحتراس من الخطأ في عملية التشخيص حتى لا ينبني كل ما بعده على أساس خاطئ، وكثيرا ما نسمع عن الآثار الضارة للخطأ في التشخيص حيث تسير عملية الإرشاد أو العلاج في طريق خاطئ وتفشل في النهاية، بل قد يسبب ذلك مضاعفات لم تكن موجودة أصلا. ومن مصادر الخطأ في التشخيص عدم ظهور ما يسمى "استجابة الأعراض"، أي الاستجابة السلوكية التي تدل على وجود العرض أو المرض، وقد يخطئ المرشد ويعتبر غياب استجابة الأعراض دليلا على عدم وجود الاضطراب أو المرض، علما بأن الاضطراب أو المرض قد يكون موجودا ولكن لا تظهر استجابة الأعراض "سميدزلوند Smedslund؛ 1969". ومن أسباب الخطأ في التشخيص عدم فهم التعليمات والمصطلحات الخاصة، وعدم فهم المعلومات الأخرى التي تعطي أثناء فحص ودراسة الحالة. ويجب التغلب على هذه الأسباب بتوضيح المعلومات، ويوصي ماركس وسيمان Marks & Seeman؛ "1962" باستخدام كافة الطرق العلمية التي تضمن دقة التشخيص، وهناك اختبارات يمكن الاستعانة بها في عملية التشخيص، ومن أمثلتها اختبار التشخيص النفسي للمؤلف.
ويلاحظ أن بعض العملاء قد ينهارون عند سماع التشخيص، وتزداد حالتهم المرضية.