الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإرشاد غير الموجه
NONDIRECTIVE COUNSELLIGN:
الإرشاد غير الموجه يسمى أيضا الإرشاد غير المباشر أو "الإرشاد الممركز حول العميل"1 Client- centred Counselling أو الإرشاد الممركز حول الذات -Self centred counslling وهو توأم العلاج الممركز حول
العميل Client- centred Therapy أي الذي يضع العميل أو الشخص في مركز دائرة الاهتمام وهو أقرب طرق الإرشاد النفسي إلى العلاج النفسي.
وشيخ هذه الطريقة هو كارل روجرز Rogers؛ "1942"صاحب نظرية الذات -Self- theory "راجع الفصل الثالث" التي توصل إليها من خلال خبرته في الإرشاد والعلاج غير المباشر أو الممركز حول العميل كما بلورها روجرز، وهو روح الطريقة الممتازة وتطوراتها أكثر منها اتباع أسلوب روجرز حرفيا "انظر حامد زهران، 1997".
ولقد لخص روجرز أسلوب طريقة الإرشاد والعلاج الممركز حول العميل في "إقامة علاقة إرشادية وتهيئة مناخ نفسي يمكن العميل من أن يحقق هو أفضل نمو نفسي" أي أن الهدف ليس مجرد حل مشكلة معينة.
وحدد روجرز هدف الإرشاد الممركز حول العميل بأنه مساعدة العميل على النمو النفسي السوي، وإحداث التطابق بين مفهوم الذات الواقعي وبين مفهوم الذات المدرك ومفهوم الذات المثالي مفهوم الذات الاجتماعي "أي التغير من مفهوم الذات السالب إلى مفهوم الذات الموجب" أي أنه يركز حول تغيير مفهوم الذات بما يتطابق مع الواقع، وإذا تطابق السلوك مع هذا المفهوم الأقرب إلى الواقع كانت النتيجة هي التوافق النفسي.
ويستخدم الإرشاد غير الموجه بنجاح مع أنواع معينة من العملاء، وخاصة أولئك الذين يكون ذكاؤهم متوسطا أو أكثر ويكون لديهم طلاقة لفظية، ويفيد جيدا في مجال الإرشاد العلاجي والإرشاد الزواجي، ويستخدم في حل المشكلات الشخصية للشباب، ويفيد بصفة خاصة في حالات مفهوم الذات السالب لدى العميل ورغبته في التغيير.
1 قد يفهم البعض من مصطلح "الممركز حول العميل" Client- centred أن طرق الإرشاد الأخرى لا تهتم بالعميل، ولكن الحال ليس كذلك فكل طرق الإرشاد يمكن أن يطلق عليها مصطلح المهتم بالعميل" Client-concerned.
خصائص الإرشاد غير الموجه:
أهم خصائص الإرشاد غير الموجه هي التمركز حول ذات العميل، وحول هذا المحور تدور العلاقة المميزة بين المرشد والعميل، وفيما يلي تفصيل ذلك.
التمركز حول العميل: أهم خصائص الإرشاد غير الموجه هي التمركز حول العميل الذي ليس هناك من هو أعرف بنفسه منه، والذي هو خير بطبيعته البشرية، ومخير في سلوكه، وله حق تقرير مصيره. وأهم ما يقرر استخدام الإرشاد غير الموجه "والممركز حول العميل" هو نضج العميل وتكامل شخصيته بدرجة تمكنه من أن يمسك هو بزمام مشكلته في يده، وأن يتحمل مسئولية حلها بذكاء تحت توجيه المرشد غير المباشر، وتفترض نظرية الذات -التي يقوم على أساسها الإرشاد غير الموجه- بأن العميل يكون لديه محتوى مهدد في مفهوم الذات الخاص "العورة النفسية" ويدرك ويعي عدم التطابق بين مفهوم الذات المدرك والمثالي "مفهوم الذات السالب" ويدرك ويعي التهديد الناجم عن وجود محتوى مفهوم الذات المثالي
…
إلخ" ويخبر العميل شعوريا وفي وعي العوامل الكامنة في عدم التوافق النفسي، ويكون قلقا معرضا لمضاعفات نفسية، ويرغب في التغيير، ويدرك الحاجة للإرشاد1 ويقبل هو عليه ببصيرة نامية، أو قابلة للنمو، ولديه دافع لأن يصبح ناضجا ومتوافقا، ويكون لديه عناصر قوة وقدرة على تقرير مصيره بنفسه وتحديد فلسفة حياته، وعلى استعداد لتحمل مسئوليته في عملية الإرشاد وتوجيه نفسه تحت إشراف المرشد غير المباشر.
دور المرشد: يكون المرشد المتوافق والمتطابق الخبير، الذي يهتم بإخلاص بحالة العميل، متقبلا له كما هو ومشجعا إياه، ويستمع إليه جيدا ويشجعه ويفهم وجهات نظره، في مناخ إرشادي صادق يسوده التفاؤل والبشاشة والتسامح، لا يتخذ موقف الواعظ أو الناصح أو المقيم للسلوك. ويكون المرشد بمثابة مرآة يعكس عليها العميل مشاعره بصدق ويسقط اتجاهاته بوضوح، ويرى فيها المشاركة الانفعالية، وبذلك يكون المؤمن مرآة أخيه. وتتضح رؤية العميل لصورة شخصيته ويزداد استبصاره بنفسه، وهكذا يساعد المرشد بطريق غير مباشر، ويبدو محايدا وأقل نشاطا من العميل، ولكنه ليس سلبيا، إذ أنه يهيئ كل ما يتيح للعميل قيامه بدوره الإيجابي النشط.
العلاقة بين المرشد والعميل: تكون العلاقة الإرشادية بين المرشد والعميل في مناخ حيادي سمح خال من التهديد والرقابة، تتحدد فيه ملامح عملية الإرشاد في شكل مقدمة تركز
1 قال سقراط: "لا تدع أحدا يقنعك أن تعالجه حتى يكون قد أعطاك نفسه لتعالجها".
على السرية المطلقة وعلى تحديد مسئوليات كل من المرشد والعميل وفهم أهمية التقارير الذاتية، وأن أحسن أسلوب لفهم سلوك الفرد هو من وجهة نظره ومن داخل إطاره المرجعي. ولذلك فعلى العميل تقع مسئولية الكشف عن ذاته بمستوياتها المختلفة، وعن محتوى مفهوم الذات الخاص1 وعن أسباب وأعراض مشكلاته، حتى يمكن تحديدها بدقة وعلاجها وتحقيق التوافق والصحة النفسية.
ملامح الإرشاد غير الموجه "الممركز حول العميل":
يمكن تلخيص أهم ملامح الإرشاد غير الموجه أو الممركز حول العميل أو الممركز حول الشخص فيما يلي:
- يتميز بوضوح النظرية التي يستند إليها وهي نظرية الذات.
- هدفه هو التوافق النفسي والصحة النفسية، وذلك بتحقيق نمو الشخصية وتحقيق التطابق بين المجال الظاهري ومفهوم الذات، والتخلص من المحتويات المهددة بمفهوم الذات الخاص والتصرف فيها.
-أحسن وسيلة لفهم العميل هي فهم الإطار المرجعي الداخلي له وفهم عالمه الفردي الخاص، أي فهم سلوكه من وجهة نظره هو.
- عندما يتم التوصل إلى فهم سلوك العميل في هذا الإطار يعمل على زيادة فهم نفسه بدرجة أوضح. وتكون المساعدة للتعرف على التفاوت بين عالم العميل الذاتي كما يدركه وبين العالم الخارجي الواقعي الموضوعي.
- ما دام مفهوم الذات يحدد السلوك، فإن أفضل أسلوب لإحداث التغير في السلوك هو أن يحدث التغير في مفهوم الذات.
- لكي يتم تغيير مفهوم الذات "من سالب إلى موجب" والسلوك من لا متوافق إلى متوافق"، يتم تهيئة مناخ إرشادي آمن خال من التهديد لذات العميل يسوده التفاؤل والأمل، كله حرية وتقبل وثقة واطمئنان على سرية المعلومات، وهذا يتيح فرصة فهم الدوافع والحاجات ودراسة الاتجاهات، والإفصاح والبوح بالمشكلات والكشف عن الذات.
- تزداد الثقة المتبادلة بين المرشد والعميل دون شروط، ويساعد المرشد العميل على تعديل مفهوم
1 يمكن أن يستخدم هنا اختبار مفهوم الذات من إعداد المؤلف "حامد زهران Zahran؛ 1966، 1967، 1976"، واختبار مفهوم الذات الخاص من إعداده أيضا "حامد زهران، 1972".
الذات وأبعاده المتعددة، والبوح بمكنون مستودع مفهوم الذات الخاص والتصرف فيه وتحويل الخبرات المؤلمة إلى خبرات معلمة.
- يقل ثم يختفي التهديد والدفاع، ويخبر العميل شعوريا العوامل التي أدت وتؤدي إلى سوء توافقه النفسي، وخاصة عدم التطابق ومحتويات مفهوم الذات الخاص.
- يجمع العميل خبراته بدقة في بنية الذات، ويصبح أكثر تقبلا لخبراته جزء من ذاته ولا يحاول إسقاطها على غيره أو على بيئته أو يخفيها بحيل دفاع لا شعورية. ويزداد استبصاره، ويترجم البصيرة إلى فعل وسلوك، ويزداد اعتماده على نفسه، ويضع الحلول لمشكلاته، ويتخذ القرارات بنفسه "أي أن الحلول والقرارات تنبع من الداخل ولا تفرض من الخارج"، وإذا احتاج إلى معلومات يطلبها من المرشد الذي يقدمها بناء على طلب العميل.
- يزداد التطابق بين مستويات مفهوم الذات والخبرة والمجال الظاهري، ويتخلص من محتوى مفهوم الذات الخاص وتهديده، ويصبح أكثر موضوعية، وأكثر واقعية، ويخف التهديد ويقل القلق.
- ينظم العميل مفهومه عن ذاته ليصبح متطابقا مع خبراته في المجال الظاهري.
- ترتفع مكانة الذات، ويتقبل العميل ذاته، ويعود ويصير سويا متوافقا صحيحا نفسيا.
مزايا الإرشاد غير الموجه:
تتلخص أهم مزايا الإرشاد غير الموجه فيما يلي:
- مكاسبه كثيرة، وتتجلى في الاستبصار وفهم الذات والثقة في النفس وتعلم العميل حل المشكلات واتخاذ القرارات مستقلا مستقبلا.
- يتمشى ويتسق مع أسس الفلسفة الديموقراطية، إذ أنه يقوم على مبدأ احترام الفرد وحقه في تقرير مصيره، وفي هذا نظرة إنسانية واضحة.
عيوب الإرشاد غير الموجه:
تتلخص أهم عيوب الإرشاد غير الموجه فيما يلي:
- يراعي الإنسان على حساب العلم.
- قد يغالي المرشد في ترك العميل وشأنه، فيغوص الأخير في دوامات ويضيع في متاهات ولا يصل إلى حل محدد.
- أحيانا قد يطلب العميل النصيحة ويشعر بالضيق حين لا يقدمها المرشد، وقد يشعر باليأس من عملية الإرشاد.
- يهمل عملية التشخيص رغم إجماع معظم طرق الإرشاد على أهميتها.