المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

رابعا خدمات إرشادية زواجية عامة: الخدمات النفسية: وهي كثيرة، ومتعددة، إذ - التوجيه والإرشاد النفسي

[الدكتور حامد عبد السلام زهران]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقديم الطبعة الأولى

- ‌تقديم الطبعة الثانية:

- ‌تقديم الطبعة الثالثة:

- ‌الفصل الأول: مقدمة

- ‌مفهوم التوجيه والإرشاد

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والعلوم المتصلة به:

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والصحة النفسية والعلاج النفسي:

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والاستشارة النفسية:

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي والتربية والتعليم:

- ‌الحاجة إلى التوجيه والإرشاد النفسي:

- ‌أهداف التوجيه والإرشاد النفسي:

- ‌مناهج واستراتيجيا التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌التوجيه والإرشاد النفسي علم وفن:

- ‌التوجيه والإرشاد بين الماضي والحاضر والمستقبل:

- ‌الفصل الثاني: أسس التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌الأسس والمسلمات والمبادئ

- ‌الأسس العامة "المسلمات والمبادئ

- ‌الأسس الفلسفية:

- ‌الأسس النفسية والتربوية:

- ‌الأسس الاجتماعية:

- ‌الأسس العصبية والفسيولوجية:

- ‌الفصل الثالث: نظريات التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌أهمية نظريا التوجيه والإرشاد النفسي

- ‌نظرية الذات

- ‌النظرية السلوكية

- ‌نظرية المجال

- ‌ نظرية السمات والعوامل

- ‌نظرية التحليل النفسي

- ‌أوجه الشبه والاختلاف بين نظريات التوجيه والإرشاد النفسي:

- ‌الفصل الرابع: المعلومات اللازمة لعملية الإرشاد النفسي

- ‌أهمية المعلومات

- ‌عملية جمع المعلومات:

- ‌مصادر المعلومات:

- ‌البيانات العامة:

- ‌الشخصية

- ‌المعلومات الجسمية

- ‌المعلومات العقلية:

- ‌المعلومات الاجتماعية:

- ‌المعلومات عن الحالة الانفعالية:

- ‌المشكلة أو المرض:

- ‌معلومات عامة:

- ‌ملخص الحالة:

- ‌دليل فحص ودراسة الحالة في الإرشاد والعلاج النفسي:

- ‌الفصل الخامس: وسائل جمع المعلومات في الإرشاد النفسي

- ‌المعلومات ووسائل جمعها

- ‌المقابلة

- ‌الملاحظة

- ‌دراسة الحالة

- ‌مؤتمر الحالة

- ‌الاختبارات والمقاييس

- ‌الفحوص والبحوث:

- ‌السيرة الشخصية

- ‌مصادر المجتمع

- ‌السجل القصصي

- ‌السجل المجمع

- ‌الفصل السادس: عملية الإرشاد النفسي

- ‌معالم عملية الإرشاد النفسي

- ‌الإعداد للعملية

- ‌تحديد الأهداف:

- ‌تحديد العملية:

- ‌جمع المعلومات:

- ‌التشخيص وتحديد المشكلة

- ‌تحديد المآل

- ‌الجلسات الإرشادية

- ‌التداعي الحر

- ‌التفسير

- ‌التنفيس الانفعالي

- ‌الاستبصار

- ‌التعلم

- ‌ تعديل وتغيير السلوك

- ‌النمو وتغيير الشخصية:

- ‌اتخاذ القرارات

- ‌حل المشكلات

- ‌التشاور:

- ‌التقييم

- ‌الإنهاء

- ‌المتابعة

- ‌طوارئ عملية الإرشاد النفسي:

- ‌مشكلات في عملية الإرشاد النفسي:

- ‌مكان عملية الإرشاد:

- ‌الفصل السابع: طرق الإرشاد النفسي

- ‌تعدد طرق الإرشاد النفسي

- ‌الإرشاد الفردي

- ‌الإرشاد الجماعي

- ‌بين الإرشاد الفردي والجماعي:

- ‌الإرشاد الموجه

- ‌الإرشاد غير الموجه

- ‌بين الإرشاد الموجه وغير الموجه:

- ‌الإرشاد النفسي الديني:

- ‌الإرشاد السلوكي

- ‌الإرشاد خلال العملية التربوية:

- ‌الإرشاد بالقراءة

- ‌الإرشاد بالواقع

- ‌الإرشاد باللعب

- ‌الإرشاد وقت الفراغ

- ‌الإرشاد المختصر

- ‌الإرشاد العرضي

- ‌الإرشاد الذاتي

- ‌الإرشاد الخياري

- ‌ملاحظات في طرق الإرشاد النفسي:

- ‌الفصل الثامن:‌‌ مجالات الإرشاد النفسي

- ‌ مجالات الإرشاد النفسي

- ‌الإرشاد العلاجي

- ‌الإرشاد التربوي

- ‌الإرشاد المهني

- ‌الإرشاد الزواجي

- ‌الإرشاد الأسري

- ‌إرشاد الأطفال

- ‌إرشاد الشباب

- ‌إرشاد الكبار:

- ‌إرشاد الفئات الخاصة:

- ‌إرشاد الصحة النفسية

- ‌الفصل التاسع: برنامج الإرشاد النفسي

- ‌برنامج الإرشاد النفسي في المدرسة

- ‌الحاجة إلى البرنامج:

- ‌الأسس التي يقوم عليها البرنامج:

- ‌تخطيط البرنامج:

- ‌تمويل البرنامج:

- ‌خدمات البرنامج:

- ‌تنفيذ البرنامج:

- ‌تقييم البرنامج:

- ‌تقييم البرنامج

- ‌مثال لبرنامج الإرشاد النفسي "في المدرسة الثانوية

- ‌الفصل العاشر: المسئولون عن الإرشاد النفسي

- ‌المسئولون ومسئولياتهم

- ‌فريق الإرشاد

- ‌المدير

- ‌المرشد

- ‌المعلم المرشد

- ‌المعالج النفسي

- ‌الأخصائي النفسي

- ‌الطبيب:

- ‌الأخصائي الاجتماعي

- ‌الوالدان

- ‌العميل

- ‌مسئولون آخرون:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌المراجع العربية:

- ‌المراجع الأجنبية

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: رابعا خدمات إرشادية زواجية عامة: الخدمات النفسية: وهي كثيرة، ومتعددة، إذ

رابعا خدمات إرشادية زواجية عامة:

الخدمات النفسية: وهي كثيرة، ومتعددة، إذ أنها تمتد لتشمل كل أنماط السلوك السوي والمنحرف فيما يتعلق بالحياة الزواجية، وقد تشتمل على إمداد بمعلومات خاصة بالحياة الزواجية ومسئولياتها -حسب طلب العميل- خاصة بالعلاقات الاجتماعية أو العاطفية أو الجنسية، وهذا يدخل في إطار "الإرشاد الجنسي Sexual Counselling"، تمتد الخدمات النفسية أيضا لتقضي على كل أنواع المخاوف والقلق والصراع والحرمان والإحباط في الحياة الزواجية. وتمتد الخدمات النفسية لتعيد التفاهم وتحث على العمل على حل المشكلات الحالية وما قد يطرأ منها مستقبلا، واستعادة الثقة والوازن والتوافق. ويبذل المرشد جهده في سبيل تيسير الحقائق الصحيحة نفسيا وطبيا وقانونيا، فيزيل الشكوك ويقضي على المخاوف وسوء الفهم، ويصل مع عملائه إلى القرار باستخدام أساليب مثل جماعات المواجهة الزواجية Marriage Encounter Groups في عطلات نهاية الأسبوع، والتي يتم فيها إلقاء محاضرات عن العلاقات الزواجية وعن الحوار بين الزوجين يتم بعدها ممارسة عملية لما جاء في المحاضرة بين الأزواج وزوجاتهم وجها لوجه "ريتشارد ديمبسي Dempsey؛ 1980، إجلال سري، 1990".

الخدمات الاجتماعية: تتناول كل ما يتعلق بشخصيتي الخطيبين والزوجين من الناحية الاجتماعية، وأسرتيهما، والعلاقات الاجتماعية، والمشكلات الاجتماعية.

الخدمات الطبية: من الضروري إجراء الفحوص الطبية الشاملة للطرفين قبل الزواج. وتشمل الخدمات الطبية بعض الفحوص المعملية للدم بخصوص العامل الريزيسي مثلا، وكذلك فحوص للاطمئنان على الخصوبة، وقد يطلب أحد الطرفين أو كلاهما معلومات طبية عملية حول ليلة الزفاف والعلاقات الزواجية، ومعلومات عن مرحلة الحمل وتنظيم النسل

إلخ، وتقدم المعلومات المطلوبة، وكذلك تقدم خدمات الإرشاد في المسائل الوراثية والتناسلية خاصة عندما يكون هناك شكوك بخصوص قرارات هامة تتعلق بالزواج أو الإنجاب مثلا.

ص: 450

‌الإرشاد الأسري

1 FAMILY COUNSELLING:

الإنسانية كلها أسرة كبيرة، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} وتكوين الأسرة واستقرارها وسعادتها هو الوضع الذي ارتضاه الله لحياة البشر. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} وقال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ

1 من المجلات العلمية الدورية في الإرشاد الأسري: International Journal of Family Counseling.

ص: 450

مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة".

والإنسان يحتاج إلى الأسرة، طفلا وشابا وراشدا ومسنا للتربية والرعاية، والأسرة هي أهم عوامل التنشئة الاجتماعية، وهي أقوى الجماعات تأثيرا في تكوين شخصية الفرد وتوجيه سلوكه، وتختلف الأسر من حيث الطبقة الاجتماعية ومن حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي. ونحن نعلم أن الحياة الأسرية تؤثر في التوافق النفسي إيجابيا أو سلبيا حسب نوع التجارب والخبرات الأسرية.

وتقوم الأسرة على الزواج، ومن هنا يقترب الإرشاد الزواجي من الإرشاد الأسري، ويجمع بينهما أحيانا معا. "شكل 86".

ويلقى الإرشاد الأسري اهتماما بالغا منظما في كثير من البلاد، فمثلا أنشئ في الولايات المتحدة الأمريكية أول عيادة للإرشاد الأسري أطلق عليها "معهد العلاقات الأسرية" سنة 1930 في لوس أنجلوس. وأفرد للإرشاد الأسري مجلات عملية دورية متخصصة1.

والإرشاد الأسري هو عملية مساعدة أفراد الأسرة "الوالدين والأولاد وحتى الأقارب"، فرادى أو كجماعة، في فهم الحياة الأسرية ومسئولياتها، لتحقيق الاستقرار والتوافق الأسري، وحل المشكلات الأسرية.

وهكذا نجد أن الفرق بين الإرشاد الزواجي والإرشاد الأسري، هو أن الأول يهتم بالزوجين فقط، بينما الثاني يهتم بالأسرة بكاملها، فيهتم بالعلاقات بين الوالدين بعضهم وبعض وبينهما وبين الأولاد، والعلاقات بين الأولاد بعضهم وبعض، وبين الأسرة والأقارب

وهكذا.

ويهدف الإرشاد الأسري إلى تحقيق سعادة واستقرار واستمرار الأسرة، وبالتالي مساعدة المجتمع واستقراره، وذلك بنشر تعليم أصول الحياة الأسرية السليمة وأصول عملية التنشئة الاجتماعية للأولاد ووسائل تربيتهم ورعاية نموهم، والمساعدة في حل وعلاج المشكلات والاضطرابات الأسرية، وفي هذه تقوية وتحصين للأسرة ضد احتمالات الاضطراب أو الانهيار، وتحقيق التوافق الأسري والصحة النفسية في الأسرة.

الحاجة إلى الإرشاد الأسري:

كثيرا ما نجد أن مشكلات الأولاد أو الوالدين إن هي إلا عينة من مشكلات الأسرة ونتاج لاضطراب أسري شامل.

وقد تتشابك مشكلات أفراد الأسرة لدرجة يصعب حلها فرديا، فتستلزم العمل جماعيا مع الأسرة كوحدة.

ص: 451

ولا تخلو أسرة من بعض المشكلات في وقت من الأوقات، وبعضها يستطيع أفراد الأسرة حلها فيما بينهم، وبعضها يستطيع الأهل والمصلحون المساعدة في حلها، وبعضها يحتاج إلى مساعدة إرشادية متخصصة.

والحياة الأسرية ومشكلاتها ميدان ارتاده المتخصصون في ميادين عديدة كعلم النفس والاجتماع والطب والقانون والاقتصاد المنزلي، وعمل فيه الأهل والأقارب والأصدقاء والمصحلون ولم يسلم من اقتحام الدجالين والمشعوذين ومدعي القدرة على حل المشكلات الأسرية، ولا شك أن ميدان الإرشاد النفسي، وبصفة خاصة مجال الإرشاد الأسري، وهو أنسب المجالات لتناول الأمر.

المشكلات الأسرية:

قد تتخلل الحياة الأسرية مشكلات تؤدي إلى الاضطرابات النفسية وتستدعي التدخل الإرشادي والعلاجي. وفيما يلي نماذج من المشكلات الأسرية:

اضطراب العلاقات بين الوالدين: وتتضمن الخلافات والتعاسة الزواجية والمشكلات النفسية والسلوك الشاذ، وهذا يهدد استقرار المناخ الأسري والصحة النفسية لكل أفراد الأسرة.

الإدمان: يعتبر إدمان المخدرات أو المهدئات أو المنشطات أو المنبهات أو الخمور كارثة تصيب الأسرة بكاملها وليس المدمن فقط، وتدل الإحصاءات على أن نسبة التصدع في أسر المدمنين تزيد على سبعة أضعافها في الأسر الأخرى. إن المدمن يفقد إمكانية القيام بمسئولياته الأسرية، وحتى مسئوليات العمل، لأنه يتدهور جسميا واجتماعيا واقتصاديا إلى أن يفقد العمل والأصدقاء والصحة والأسرة "فولر Fowler؛ 1965، حامد زهران، 1997".

الوالدان العصابيان: قد يكون الوالدان عصابيين، فيؤثر ذلك تأثيرا سيئا على علاقتهما بعضهما ببعض، وعلاقتهما بالأولاد، وعلى سلوك الأولاد.

القدوة السيئة: قد يكون الوالد قدوة سلوكية سيئة للأولاد، ولهذا ما له من تأثير سيئ في التنشئة الاجتماعية للأولاد حيث يتعلمون ويقلدون السلوك السيئ1.

1 يقول الشاعر:

مشى الطاووس يوما باعوجاج

فقلد شكل مشيته بنوه

فقال علام تنحرفون قالوا

سبقت به ونحن مقلدوه

فخالف سيرك المعوج واعدل

فإنا إن عدلت معدلوه

أما تدري أبانا كل فرد

يجاري في الخطى من أدبوه

وينشأ ناشئ الفتيان منا

على ما كان عوده أبوه

ويقول المثل العامي: "قالوا للحرامي ابنك بيسرق قال ما اشتراهش من السوق".

ويقول مثل آخر "اكفي القدرة على فمها تطلع البت لأمها".

ص: 452

التنشئة الاجتماعية الخاطئة: قد تكون عملية التنشئة الاجتماعية في الأسرة خاطئة ينقصها تعلم المعايير والأدوار الاجتماعية السليمة والمسئولية الاجتماعية، أو تقوم على اتجاهات والدية سالبة مثل التسلط والقسوة والرعاية الزائدة والتدليل والإهمال والرفض والتفرقة في المعاملة بين الذكور والإناث وبين الكبار والصغار وبين الأشقاء وغير الأشقاء والتذبذب في المعاملة.

اضطراب العلاقات بين الوالدين والأولاد: كثيرا ما نجد أن مشكلات الوالدين ترتبط بمشكلات الأولاد، وأن مشكلات الأولاد ترتبط بمشكلات الوالدين، ويرجع ذلك إلى اضطراب العلاقات بين الطرفين، ويتخذ ذلك صورا عديدة منها فقد الحب ونقص الاتصال الانفعالي وعدم وضوح الحدود في سلوك كل من الطرفين وهذا يؤدي إلى صور متعددة من اضطرابات السلوك، ونحن نعرف أن الصراع والتباعد والاختلاف في الاتجاهات النفسية والحرمان الانفعالي والرفض وعدم وضوح حدود الأدوار الاجتماعية، تعتبر من الأسباب الرئيسية للاضطرابات النفسية "ويمبيرجر Wimberger؛ 1965".

عقوق الوالدين: عندما يكبر الأولاد قد ينكرون فضل الوالدين ولا يبرونهم وينقصهم واجب احترامهما والإحسان إليهما، قال الله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر؟ الشرك بالله، وعقوق الوالدين".

اضطراب العلاقات بين الإخوة: قد يحدث اضطراب العلاقات بين الأخوة بسبب التفرقة في معاملتهم أو تسلط الكبير على الصغير أو الذكور على الإناث، والشقاق بين الإخوة غير الأشقاء.

مركز الولد في الأسرة: يؤثر مركز الولد في الأسرة، أي كونه الولد الأول أو الأكبر أو الأصغر أو الوحيد، أو كونه والد ربيبا أو متبنى، يؤثر هذا في أسلوب تربيته وتنشئته وعلاقته مع والديه وإخوته، وقد يترتب على هذا بعض المشكلات، فالولد الأول يحتاج والداه إلى إعداد جديد لدور الوالدية لأنه قد يصبح "حقل تجارب" ومجالا للمحاولة والخطأ في أمور التربية والرعاية العادية، ففيه يتعلم الوالدان الوالدية، وقد يجد الوالدان صعوبة في أول الأمر في التوافق مع وضعهما الجديد والتغير الذي طرأ على حياتهما، فحرية الحركة والزيارات تصبح محدودة، وقد يستخدمان مربية ترعى الطفل وخاصة إذا كانت الأم تعمل، وقد يشعران بنوبات ضيق

ص: 453

بأحوال الطفل التي لم يعرفا مثلها من قبل، وقد يتحول اهتمامهما لأول مرة إلى الولد على حساب الزوج، وقد يكثران الحماية والتدليل، وإذا أتى طفل جديد ثان في الأسرة تحولت إليه أنظار واهتمام الأسرة وتنمو لدى الطفل الأول "عقدة قابيل"، أي الغيرة من أخيه الثاني وكراهيته. والولد الأكبر يتوقع منه الكثير مما قد لا يستطيع القيام به، وقد يتسلط على إخوته الصغار، وقد يعامله الوالدان معامة خاصة مميزة باعتباره الولد الأكبر، وقد يساويانه بإخوته الأصغر فيشعر بالظلم، وقد يحاسبانه حسابا عسيرا على أي هفوة لأنه الولد الأكبر، وقد يكتب القدر عليه أن يتحمل مبكرا مسئوليات الأسرة إذا مات أحد الوالدين أو كلاهما، وهذا يتطلب منه نضجا مبكرا قد ينجح في تحقيقه وقد يفشل. والولد الأصغر، وهو "آخر العنقود" قد ينال حبا زائدا وتدليلا مفرطا يفسده، وقد يقع تحت طائل سلطة وتسلط إخوته الأكبر، ويعامل على أنه الأصغر مهما كبر فيشعر بالنقص وعدم الكفاية، وقد يكون هذا الولد قد جاء نتيجة حمل غير مرغوب فيه كما في حالات تحديد النسل، فيعتبر "الولد الغلطة" أو الزائد عن المطلوب، وإذا كان والداه قد قاربا مرحلة الشيخوخة، فيحتمل أن يكون عرضة للضعف واضطرابات النمو، وقد يصبح يتيما وهو ما زال بعد في مرحلة الطفولة. والولد الوحيد يكون عادة مركز اهتمام زائد، فهو كل الأولاد، ينال كل التدليل الذي يكون مفرطا فيؤثر تأثيرا سيئا على نمو شخصيته، فيصبح معتمدا على الغير لا يتحمل المسئوليات، يعاني من الوحدة ومن سوء التوافق مع رفاق السن "لقلتهم في الأسرة"، وقد يتضايق الوالدان أحيانا حيث يجدان أنهما لا يستطيعان الاستمتاع بوقتهما منفردين، فثالثهما دائما معهما.

أولاد الزواج السابق: قد يكون لأحد الزوجين أو كليهما أولاد من زواج سابق انتهى بالطلاق أو بالوفاة، وهم إما يعيشون معه أو مع الزوج السابق أو أهله من بعده. إن الولد يشعر بخسارة فادحة سواء في حالة طلاق أو وفاة أحد الوالدين، فهذه خبرة أليمة، والأكبر منها أملا وجود زوج أم أو زوجة أب، وقد يكون في بقاء أولاد الزواج السابق بعيدا شقاء يؤثر على سعادة الأسرة، حين تكون هناك مشكلات لرؤيتهم والتردد بين الزوجين المطلقين وغيرة الزوج الحالي، فالولد يعتبر تذكارا دائما للرفيق الغائب الذي سبق حبه والزواج منه، وقد يكون انضمامه إلى الأسرة سببا في تحمل شيء غير مرغوب من زوجة الأب أو زوج الأم1. وقد تقع مشاحنات بين الإخوة غير الأشقاء، وقد يضيق الزوج بمطالبهم وهم ليسوا أولاده أو قد يتدخلون أحيانا بالوقيعة بتحريض من الوالد المطلق. وقد يقوم الولد بسلوك عدواني تجاه زوج الأم أو زوجة الأب، لأن

1 يقول المثل العامي: "مرات الأب خدها يارب". ويقول آخر: اللي يتجوز أمي أقول له يا عمي".

ص: 454

وجود هذا الزوج يعني فقد الأمل في عودة الوالد المفقود. وقد يتمرد الولد على السلطة التي يمارسها زوج أمه أو زوجة أبيه لأنه يعتبرها سلطة غير شرعية، فهي ليست سلطة أبيه وأمه فعلا. وإذا أساء زوج الأم أو زوجة الأب إلى الوالد الغائب، فإن ذلك يسيء انفعاليا إلى الولد، وإذا أرادا أن ينسياه إياه، فهذا شيء غير طبيعي.

الأولاد غير الأشقاء: حين يصبح للولد إخوة وأخوات غير أشقاء من زوج أمه أو زوجة أبيه، فقد تسوء العلاقة حين يفضل الوالدان فريقا على الآخر، أو حين يفضل عليهم أولاد الزواج الجديد لأنهم أولادهما مشتركين.

الأولاد اليتامى: في حالة وفاة الأب أو الأم يطلق على الولد "اليتيم المنفرد" وفي حالة وفاة الوالدين يطلق عليه "اليتيم المزدوج" ولا شك أن الأولاد اليتامى قد يعانون من مشكلتين رئيسيتين هما العز المادي والحرمان الانفعالي من الحب والعطف والحنان، حين يتولى أمرهم غير الوالدين.

مشكلات المرأة العاملة: المرأة حين تخرج إلى العمل لمساعدة الأسرة على أعباء المعيشة فلا بأس. ولكن قد تحدث مشكلات مثل إهمال الزوج وحرمان الأولاد من الرعاية. وقد تحدث اضطرابات بسبب ترك أمر تربية الأولاد للخدم وما يجره ذلك من أخطاء وأخطار، أو ترك أمر تربيتهم للجدات المسنات اللاتي يعتبرن بمثابة "أمهات متقاعدات".

خلف البنات: قد يمثل خلف البنات فقط دون البنين مشكلة تؤدي أحيانا إلى تعدد الزوجات أو إلى عدم الرضا أو إلى الطلاق، وجدير بالناس أن يتدبروا قول الله تعالى:{يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} إن خلف البنات ورعايتهن طريق مأمون إلى الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين، وضم أصبعيه".

مشكلات ذوي القربى: الأسرة في مجالها الواسع تشتمل ذوي القربى، وهم غير الأصول والفورع. وقد يحدث قطع الأرحام وحدوث الفجوة بينهم والبعد عنهم والتنكر لهم، وفي هذا فقدان رباط اجتماعي متين. وفي حالة وجود أقارب يعيشون مع الأسرة معيشة دائمة قد يحدث مشكلات خاصة مع الحماة وإخوة أو أخوات الزوج وغيرهم، وقد يحدث في حالة إقامة بعض الأقارب مع الأسرة لدواعي التعليم في الغربة بعض المشكلات التي قد تكون عواقبها وخيمة.

سوء التوافق الأسري: تشاهد أحيانا الخلافات والعقاب والتسلط والجفوة،

إلخ وقد

ص: 455

يؤدي هذا إلى سوء التوافق الأسري، وقد يؤدي سوء التوافق الأسري إلى اضطراب سافر يجعل الأسرة على حافة الانهيار، أو قد تؤدي فعلا إلى الانفصال أو الطلاق.

تفكك الأسرة: قد يحدث التصدع والتفكك في الأسرة، فتصبح غير متكاملة وغير متماسكة تهددها الأزمات. وقد يحدث هذا نتيجة لنشوز الزوج وعقوق الأولاد، ويسود العصيان والمناوأة. وهذا التصدع إذا لم يتدارك فقد يحدث الشقاق في الأسرة، وهذا الشقاق إذا لم يصلح فقد يؤدي إلى الطلاق الفعلي، الذي يسبقه عادة الطلاق الانفعالي، الذي إذا لم يصلح تنهار الأسرة وينفرط عقدها ويحدث الطلاق الفعلي وينفصل الجميع. معروف أن هناك علاقة قوية بين تفكك الأسرة وبين الجناح وخاصة جناح الأحداث1.

ويلاحظ أن كلا من الإرشاد الزواجي والأسري يلزمان معا وخاصة في حالات الطلاق مع وجود أطفال والزواج من جديد، حيث يتأثر جميع الأطراف "الأزواج والأولاد". وعلى سبيل المثال. قد يشعر الأطفال بالغيرة بالنسبة لاهتمام الأب بزوجته الجديدة واهتمام الأم بزوجها الجديد. وفي نفس الوقت، قد تشعر زوجة الأب التي تسعى إلى دعم حبها لزوجها بتدخل أولاده في العلاقة الجديدة، ونفس الشيء يقال عن زوج الأم الذي يسعى إلى دعم حبه لزوجته "شكل 86""لورانس بارمن إفريت شوستروم Brammer & Shostrom؛ 1977".

ويضيف جيفري هيت وكريستوفر روز Hett & Rose؛ "1991" الحاجة الماسة إلى إرشاد أطفال الطلاق Children of Divorce، وخاصة في التوافق الشخصي والتوافق الانفعالي والتغلب على المشكلات الدراسية.

1 يقول الشاعر الأسمر:

كم يلاقي الأطفال حين يقوم

الخلف بين الزوجات والأزواج

ضاعت السفن وهي لم تجن ذنبا

في اشتباك الرياح بالأمواج

ص: 456

خدمات الإرشاد الأسري:

تقدم خدمات الإرشاد الأسري إلى من يحتاجها من أفراد الأسرة، في شكل إرشاد فردي أو إرشاد جماعي، وتتضمن إجراءات وقائية وأخرى علاجية، وتستخدم الطرق المناسبة، ويستعان بخدمات مجالات الإرشاد الأخرى.

التربية الأسرية: يجب العمل من خلال برامج التربية "في المدرسة وغيرها من المؤسسات التربوية مثل دور العبادة ووسائل الإعلام وغيرها"، على فهم الحياة الأسرية والترغيب في إقامتها ورعايتها وتعديمها والقيام بالواجب نحوها في الحاضر بالنسبة للأسرة الحالية "الوالدين والأقارب"، والأسرة في المستقبل "الزوج والأولاد"، وحسن القيادة والقدوة. ولا بأس أن تتناول التربية الأسرية نماذج تهدف للوقاية من المشكلات الأسرية وآثارها السيئة وكيفية توقي حدوثها وكيفية حلها إذا حدثت، ويجب أن توجه وسائل الإعلام، وخاصة برامج الإذاعة والتليفزيون، للإسهام في التربية الأسرية السلمية.

الخدمات النفسية: تتضمن العمل على تحقيق التفاهم والفهم الأفضل بين كل أعضاء الأسرة، والتخلص من التوتر الانفعالي الذي قد يسود الأسرة، وحل الصراعات والقلق الذي يعكر صفو الحياة الأسرية، وتحقيق التقارب والتوافق بين أفراد الجنسين، وبين الأجيال المختلفة كما بين الأجداد والحفدة، وتشجيع القيام بمسئوليات الأسرة تربية وتوجيها. وقال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} وتوجه الخدمات النفسية نحو حل المشكلات، وخاصة المشكلات المشتركة بين أفراد الأسرة، ويجب العمل على تحسين المناخ الأسري، وهنا يلجأ المرشد إلى تدعيم العلاقات الأسرية، وتدعيم الجو الأسري وتغيير ما يجب تغييره، وإزالة أسباب الخلاف، والعمل على تقريب وجهات النظر والفهم والتقبل المتبادل، بما يزيد الوفاق والتماسك الأسري، وتتضمن الخدمات النفسية كذلك كل ما يتعلق بتربية الأولاد حسب معايير النمو النفسي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم". وهنا يوجه الوالدين إلى التطبيقات التربوية لعلم النفس والعلوم التربوية، وتوجه العناية كذلك إلى تغيير اتجاهات الوالدين في تنشئة الأطفال، بحيث تكون سليمة وسوية، وتغيير اتجاهات المحيطين والمخالطين في الأسرة حتى الأقارب والجيران.

ص: 457