الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينبغي أن نعرف أن هذه الإجراءت ضرورية لإتمام عملية إرشاد مثالية، وهي ليست إجراءات في شكل خطوات مسلمة رقميا أي أن الأولى تليها الثانية ثم الثالثة
…
وهكذا، أو أنه إذا لم تتم خطوة فقد انفرط العقد.
ويلخص شكل "59" إجراءات عملية الإرشاد النفسي.
الإعداد للعملية
PREPARATION:
عملية الإرشاد النفسي عملية كبيرة، ولا بد لها من إعداد من جانب المرشد بل وفريق الإرشاد كله. ويتضمن ذلك الاستعداد لها وإعداد العميل ومعرفة توقعاته، وتقديم عملية الإرشاد النفسي له وتنمية مسئوليته إزاء العملية.
استعداد المرشد:
لا بد من استعداد المرشد لعملية الإرشاد. فالعملية تحتاج إلى إعداد مسبق وتخطيط دقيق وتحضير مدروس، ويتوقف نجاح العملية على الإعداد الجيد لها. ويتضمن ذلك استعداد المرشد وإعداد العميل، وتهيئة ظروف العملية ومتطلباتها مثل المكان المناسب والوقت
الكافي الذي يسمح بقيامه بها على خير وجه هو ورفاقه أعضاء فريق الإرشاد، وتوفير جميع وسائل جمع المعلومات والتشخيص والتقييم والمتابعة
…
إلخ.
استعداد وإعداد العميل:
يأتي العميل إلى عملية الإرشاد وقد لا يعرف عنها أي معلومات. أو ربما يكون لديه معلومات عامة صحيحة أو خاطئة أو حتى خرافية، ولذلك لا بد من استعداد العميل وإعداده للعملية.
إن أساس عملية الإرشاد النفسي هو الإقبال والقبول والتقبل، والإقبال من قبل العميل أمر هام جدا وضروري لنجاح عملية الإرشاد1. فأفضل العملاء هو الذي يقبل على عملية الإرشاد بنفسه، حيث يكون لديه استبصار بمشكلته ويعرف قيمة الإرشاد ويدرك حاجته إليه، ويقدر مسئوليته فيه، يقبل العميل بدون أن يدفعه أحد دفعا ودون أن يحيله أحد أو جهة إحالة ربما على غير إرداته "إدوارد بوردين Bordin، وهذا هو رأي أصحاب طريقة الإرشاد غير المباشر، أما أصحاب طريقة الإرشاد المباشر، فيعارضون هذا الرأي قائلين إنه لا يجوز أن نقف موقف المتفرج من فرد لديه مشكلة ولكنه لا يبحث عن مساعدة، وقد تزداد المشكلة وتكبر. وقد يكون الشخص نفسه غير مدرك لمشكلته وأبعادها ونتائجها، وقد يكون أساس الشخصية من النوع الماسوكي الذي يتلذذ من المعاناة لا شعوريا، ومن ثم لا يسعى بنفسه إلى التخلص من المشكلة التي تؤلمه. وعلى المرشد في هذه الحالات أن يبحث عن أي وسيلة أو طريقة لبقة ومتدرجة لاستدراج الفرد وإشعاره أنه في حاجة إلى مساعدة، مما يؤدي إلى إقباله على عملية الإرشاد "روبرت ناب Knapp؛ 1959".
أما القبول فهو قبول العميل لعملية الإرشاد دون شروط، واستعداده لها عقليا وانفعاليا. ونحن نعرف أن عملية الإرشاد -على الرغم من فائدتها- فإنها ليست شيئا مرغوبا بالنسبة للعميل فليس منا من ينكر فائدة وقيمة العملية الجراحية لمن يحتاجها، ولكن العملية الجراحية في حد ذاتها غير مرغوبة ولا يقبل عليها الناس، ومن ثم يحتاج قبول العميل لعملية الإرشاد النفسي إلى استثارة دافعية قوية لقبولها وبدئها.
والتقبل أيضا يجب أن يكون متبادلا بدون شروط من جانب العميل والمرشد. ويلازم هذا أيضا الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة بين الطرفين "انظر شو Shaw؛ 1955".
ويلاحظ أن الشروط في عملية الإرشاد تعتبر بمثابة "العقدة في المنشار" تعرقل العملية.
1 يقول الشاعر أحمد شوقي:
وما استعصى على قوم منال
…
إذا الإقدام كان لهم ركابا
فالعميل ينبغي ألا يشترط شروطا لنجاح عملية الإرشاد، لأن تحقيق هذه الشروط غير مضمون، خاصة إذا كانت تتعلق بأمور خارجة عن إرادة أو سيطرة كل من المرشد والعميل، وهذا هو السبب في النص ألا يكون هناك شروط في عملية الإرشاد.
ويتطلب إعداد العميل تأكيد الألفة معه. وقد سبق تناول أهمية تكوين الألفة عند الكلام عن المقابلة كوسيلة لجمع المعلومات "راجع الفصل الخامس" ونضيف هنا أن تأكيد الألفة مع العميل أمر ضروري لبداية عملية الإرشاد بداية حسنة، ويتطلب ضمان نجاح تكوين وتأكيد الألفة توافر بعض الخصائص الشخصية في المرشد منها: الاهتمام بالعميل ووجهات نظره، والثبات الانفعالي والنضج، والفهم والتفاهم، والتعاطف والتعاون، والمظهر الشخصي السار المريح، والتوازن بين الجد والمزاح، والاحترام المتبادل.
توقعات العميل:
عند إعداد العميل يجب أن نعرف توقعاته ومشاعره وهو يأتي لأول مرة إلى مكتب المرشد، لأن هذه التوقعات تؤثر في اتجاه ونتيجة عملية الإرشاد، إن العميل يأتي وهو يتوقع المساعدة والمساندة وحل مشكلته وتخفيض مستوى القلق لديه، وقد تكون توقعات العميل عامة أو محددة، أو مناسبة أو غير مناسبة، يمكن تحقيقها أو لا يمكن تحقيقها، وهو قد تعلم هذه التوقعات وأخذت شكل اتجاهات اجتماعية كتلك التي تتكون نحو العلاج الطبي على أنه شيء يعمل ويقدم له من أخصائي مسئول عنه "باتيرسون Patterson؛ 1958".
وفيما يلي عينة من توقعات بعض العملاء:
- يتوقع بعض العملاء تحقيق أكثر مما يمكن تحقيقه من جانب المرشد، بينما يتوقع البعض أقل مما يمكن تحقيقه فعلا.
- يأتي بعضهم ولديه ثقة وأمل في عملية الإرشاد، بينما البعض لا يكون لديهم ثقة ولا أمل فيها.
- يأتي بعضهم بمشكلات يعتبرون أنفسم ضحايا لها وللآخرين وليس لهم يد فيها، ومن ثم يلقون بمشكلاتهم على المرشد ويتوقعون منه أن يحلها لهم.
- يأتي البعض ولديه تصور عن المرشد على أنه له صورة "الأب الطيب" الفاهم المتسامح، والبعض يكون لديه تصور للمرشد على أنه "موظف" موضوعي يمثل مهما كان نوعا من السلطة.
- يأتي البعض للإرشاد بحثا عن طريقة يغير بها شخصيته وسلوكه، والبعض يأتي بحثا عمن يغير له شخصيته ويعدل له سلوكه.
- يأتي بعض العلماء ولدى الفرد منهم توقع معين مثل حل مشكلة انفعالية أو لمساعدة في اختيار شعبة دراسية مناسبة أو اختيار مهنة مناسبة، ويأتي فرد آخر وليس لديه إلا توقع عام لمساعدته في نواحي سلوكية عامة.
هذا ويجب في ضوء دراسة توقعات العميل، أن يتم ترشيده وتوجيهه بخصوص عملية الإرشاد حتى نبدأ البدء الصحيح في إطار واقعي بناء.
تنمية مسئولية العميل:
يأتي بعض العملاء للإرشاد لأول مرة ولديهم نوع من الحساسية والميل الدفاعي عن النفس، يصل أحيانا إلى درجة الإنكار وعدم الاهتمام وعدم الشعور بالمسئولية.
ويجب منذ بداية عملية الإرشاد النفسي تنمية مسئولية العميل من حيث قبولها وتحملها، وأن يكون إيجابيا في عملية الإرشاد حتى تحقق أهدافها.
ويجب أن يعلم العميل منذ البداية أن قلب عملية الإرشاد هو عملية التعلم، وهي مسئوليته. إن عليه أن يتعلم من خبرة الإرشاد ما يمكنه من حل مشكلاته مستقلا مستقبلا وأن يتحمل مسئولية نفسه.
تقديم عملية الإرشاد:
في البداية يقوم المرشد بتقديم عملية الإرشاد النفسي، ويتبع المرشدون في ذلك أساليب عديدة.
وقد سبق أن أعد المؤلف "حامد زهران، 1972، 1977" أسلوبا لتقديم عملية الإرشاد للعميل عبارة عن موضوع بعنوان "مقدمة الإرشاد والعلاج النفسي" يقدمه المرشد أو المعالج للعميل قبل بدء عملية الإرشاد كإعداد مسبق، لتعريفه بالدور الإيجابي الذي يجب عليه أن يقوم به والإطار العام لعملية الإرشاد، أما عن محتوى المقدمة فهو على النحو التالي.
تقديم: يتضمن الترحيب بالعميل وتعريفه بموضوع المقدمة، والاستعداد لمساعدته، وحثه على التعاون، وتأكيد السرية المطلقة للمعلومات.
إيضاح الهدف: يوضح هدف عملية الإرشاد، وهو تحقيق التوافق والصحة النفسية وصيانة الشخصية، مع تأكيد أهمية الوقاية كطريق والإرشاد كعمل والصحة النفسية كهدف.
تحديد المشكلة: يتضمن توجيهات للعميل تعينه في تحديد مشكلته بصدق وأمانة ودقة.
أسباب المشكلة: يلفت نظر العميل إلى أن أسباب المشكلات تتعدد وتتفاعل بين داخلية وخارجية، أصلية ومساعدة، حيوية ونفسية واجتماعية، ويستحثه على ذكر الأسباب الخاصة بمشكلته كما يراها هو.
أعراض المشكلة: يعرف العميل بالأعراض التي تدل على وجود المشكلة أو الاضطراب، وأن لها رموزا ومعاني ووظائف وأهداف لا بد من معرفتها، وأن منها أعراضا داخلية وأخرى خارجية، ومنها أعراضا عضوية المنشأ وأخرى نفسية المنشأ، ويلفت نظره إلى تصنيف الأعراض ونماذج منها، ويستحثه على تجميع كل ما قد يكون لديه من هذه الأعراض كما يشعر بها هو.
إجراءات الفحص: يلفت نظر العميل إلى أهمية الفحص وهدفه وأهمية الكشف عن مفهوم الذات ومحتوى مفهوم الذات الخاص، وينبهه إلى أهمية الفحوص والبحوث النفسية والاجتماعية والعصبية والطبية.
أهمية التشخيص: يوجه نظر العميل إلى أهمية التشخيص الدقيق في تحديد المآل وطريقة العلاج المناسبة، ويلفت نظره إلى مسئوليته في إعطاء المعلومات الصادقة بالنسبة لدقة التشخيص.
عملية الإرشاد: هنا بؤرة التركيز والهدف الرئيسي من المقدمة، حيث يعرف العميل بطرق ومجالات الإرشاد وأهم ملامح وإجراءات عملية الإرشاد من بدايتها حتى نهايتها والمتابعة التي تليها.
خاتمة: وأخيرا يعرف العميل بأن العميل تستغرق بعض الوقت، ويعرفه بنظام الجلسات وزمانها ومواعيدها
…
إلخ، ويطلب من بدء العمل على بركة الله لتحقيق الهدف وهو الصحة النفسية.
هذا وقد أعد المؤلف من المقدمة ثلاث صور على النحو التالي:
- الصورة الشفوية: ويقدمها المرشد للعميل شفويا وجها لوجه، وهي شخصية يستخدم فيها المرشد ضمير المتكلم "أنا".
- الصورة الكتابية: وتقدم للعميل مكتوبة في كتيب ليقرأها، ويستخدم ضمير المتكلم "نحن" بحيث يمكن أن يستخدمها أي مرشد.