الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توريات العميل: وقراءة وتفسير ما بين السطور. ويعتقد أن الكثير مما يقوله العميل عبارة عن تورية لأشياء أخرى، ومن ثم فإن على المرشد استنتاج وترجمة وتفسير المعاني الكامنة وراء ذلك.
المنسيات: ويقصد هنا استنتاج ما نسيه العميل من بين ما يقوله.
طورائ عملية الإرشاد: مثل التحويل والإحالة والمقاومة، وسيأتي تفصيلها في هذا الفصل.
جوانب أخرى: مثل أسلوب الحياة وديناميات الشخصية وحيل الدفاع النفسي.
عوامل نجاح التفسير:
من عوامل نجاح التفسير وفائدته الإرشادية ما يلي:
الوضوح: يجب أن يكون التفسير واضحا وسهلا ومفهوما ومنطقيا، وأن يكون مناسبا لمستوى استيعاب وفهم العميل، وأن يكون خاليا من المصطلحات الفنية الصعبة أو اللغات الأجنبية التي لا يعرفها العميل، وحتى التفسير مع استخدام الأرقام قد لا يجد له العميل معنى، ولذلك يجب أن يكون التفسير وصفيا كيفيا.
الإيضاح: يقصد هنا استخدام وسائل الإيضاح اللازمة كلما أمكن، مثل الصور والرسوم واللوحات التوضيحية مثل صور الجهاز العصبي وبناء الشخصية
…
إلخ.
التدرج: يجب أن يكون التفسير متدرجا في شكل "جرعات" مناسبة في وقتها المناسب، ولا يكون كثيرا ودفعة واحدة.
الشمول: يجب أن يكون التفسير شاملا وكاملا ومتكاملا، بمعنى أن تكون التفسيرات للخبرات المختلفة والمشاعر المتنوعة متكاملة، ولا شك أن التفسير الجزئي لا يقنع ولا يكفي.
الدقة: يجب أن يكون التفسير دقيقا وعلميا، أي في ضوء النظريات العلمية. والتفسير الخاطئ له آثاره الضارة.
الإقناع: يجب أن يقنع العميل بالتفسير ويقبله على المستوى العقلي والمعرفي والمستوى الانفعالي حتى يؤدي هدفه.
التنفيس الانفعالي
CATHARSIS:
يعرف التنفيس الانفعالي أحيانا باسم "التفريغ أو التطهير الانفعالي". وهو إجراء هام في عملية الإرشاد النفسي.
والتنفيس الانفعالي يقصد به التنفيس عن المواد والخبرات المشحونة انفعاليا، ويتضمن تفريغ العميل ما بنفسه من انفعالاته، أي أنه يعتبر بمثابة تطهير للشحنات الانفعالية، وتفريغ للحمولة النفسية.
إن المشكلة النفسية في حياة العميل كجمرة النار في يده، وكالشوكة في قدمه، يجب أن يخرجها أولا وبأسرع ما يمكن ويطهر مكانها حتى يستطيع أن يتعامل مع الناس وأن يشق طريقه في الحياة.
عملية التنفيس الانفعالي:
تعتبر عملية التنفيس الانفعالي بمثابة "بكاء على كتف المرشد"1. فمن مظاهر التنفيس الانفعالي ما يلاحظ أثناءه من بكاء العميل أو غضبه أو ثورته، أو الإفضاء أو الاعتراف المفاجئ بكل شيء.
ويمكن تشبيه عملية التنفيس الانفعالي بعملية التحنيط أو سحب الروح أو الشحنة الانفعالية من الخبرة المخيفة، فتصبح -رغم ظهورها في حيز الشعور- غير مخيفة. إن الخبرة الانفعالية المتربصة بالعميل مثلها كمثل الوحش المفترس يخيف باستمرار حتى وهو بعيد، أما عندما تفرغ أو تطهر من الشحنة الانفعالية فإنها تكون مثل الحيوان المحنط، كان وحشا ومفترسا يخيف فعلا، ولكن تم صيده والسيطرة عليه وسحب روحه وتحنيطه فأصبح مع وجوده معنا لا يخيف. وهكذا، بعد التنفيس الانفعالي وسحب وتنفيس وتفريغ وتطهير الشحنة الانفعالية من الخبرة المؤلمة أو المشكلة المؤلمة، يمكن للعميل أن يتذكرها ويتكلم عنها دون قلق أو خوف.
ومن وسائل التنفيس إتاحة الفرصة أمام العميل للتحدث في تداع حر وترابط طليق عن كل ما يجول بخاطره: عن صراعاته وإحباطاته وحاجاته ومشكلاته ومخاوفه ونواحي قلقه وأنماط سلوكه المنحرف، في إطار من حسن الإصغاء وتشجيع التعبير عن النفس، وفي مناخ نفسي دافئ آمن خال من الأحكام الأخلاقية واللوم والعقاب، ومن وسائله أيضا الشرح والتفسير وتوضيح الحالات الانفعالية، بما يتيح الفرصة أمام العميل لكي يرى هو نفسه وما يلون سلوكه من
انفعالات.
1 يقول الشاعر:
والدمع مروحة الحزين
…
وراحة المتململ
ويقول آخر:
هم أطلقوا الحزن فارتاحت جوانحهم
…
وما استرحت بحزن في مدفون
ومما يساعد على نجاح عملية التنفيس الانفعالي، توثيق العلاقة الإرشادية السليمة وتهيئة مناخ نفسي صحي مناسب خال من الرقابة، يتيح فرصة اختفاء حيل الدفاع النفسي.
ومما يعرقل عملية التنفيس الانفعالي تدخل انفعالات مؤلمة "مثل الاشمئزاز والخزي والعار والشعور بالذنب" مما يضطر الأنا إلى اللجوء إلى حيل الدفاع النفسي ضد هذه الانفعالات المؤلمة مثل الإنكار والتكوين العكسي والإلغاء
…
إلخ.
وقد يستعين المرشد بوسائل مساعدة في عملية التنفيس الانفعالي، فقد كان فرويد Freud يستعين بالإيحاء أثناء التنويم، ثم لجأ إلى الإيحاء أثناء اليقظة، ثم انتقد هو نفسه هذا الأسلوب لأن بعض العملاء لا يمكن تنويمهم، ولأن هذا الأسلوب يتضمن إقحام مؤثرات نفسية خارجية على العميل عليه أن يتقبلها دون مناقشة، ومن ثم فهي تقرب إلى أن تكون عملية "تضليل نفسي" منها أن تكون عملية إرشاد نفسي. وهكذا لجأ فرويد إلى التداعي الحر أو الترابط الطليق كوسيلة مساعدة للتنفيس الانفعالي.
فوائد التنفيس الانفعالي في عملية الإرشاد:
يفيد التنفيس الانفعالي في عملية الإرشاد على النحو التالي:
- تخفيف ضغط الكبت حتى لا يحدث انفجار وحتى لا يتصدع وينهار بناء الشخصية1.
- التخلص من التوتر الانفعالي، عندما يحدث لدى العميل ما يشبه "الانفتاح الانفعالي".
- اختفاء أعراض العصاب.
- إزاحة الحمولة النفسية الانفعالية الزائدة عن كاهل العميل ونحن نعلم أن الخبرات النفسية والأحداث الشخصية والذكريات والصراعات اللاشعورية بمصاحبتها الانفعالية المكبوتة تعتبر بمثابة حمولة نفسية داخلية. ولا بد أن تتناسب الحمولة النفسية للعميل مع قوته وطاقته وقدرته على التحمل، ويفيد التنفيس الانفعالي في التخلص من الحمولة النفسية والشحنة الانفعالية الزائدة عن طاقة التحمل وخاصة إذا كانت القوة محدودة ومع مرور الزمن.
1 يقول حسان بن ثابت:
يجيش بما فيه لنا الصدر مثلما
…
تجيش بما فيها من اللهب القدر
ويقول الشاعر الأسمر:
دعوه يصارحكم بمكتوم صدره
…
فثائر بركان والا صدر كاتم
وأفتك عندي من قذائف مدفع
…
حبيس كلام كالشجا في الحلاقم