الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقَوْلُهُ: " لِخَلَلٍ " أَيْ لِفَوَاتِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ، احْتِرَازٌ عَنْ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى صَلَاةً مُسْتَجْمِعَةً لِشَرَائِطِ الصِّحَّةِ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي وَقْتِهِ ; فَإِنَّهَا لَا تُسَمَّى إِعَادَةً.
وَقِيلَ: الْإِعَادَةُ: مَا فُعِلَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ ثَانِيًا لِعُذْرٍ. وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْخَلَلِ. فَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَاةً صَحِيحَةً مُنْفَرِدًا، إِعَادَةٌ عَلَى الثَّانِي، لَا تَكُونُ إِعَادَةً عَلَى الْأَوَّلِ.
[الْوَاجِبُ عَلَى الْكِفَايَةِ]
ش - لَمَّا فَرَغَ عَنِ الْمُقَدِّمَةِ شَرَعَ فِي الْمَسَائِلِ، وَذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ فِي أَحْكَامِ الْوَاجِبِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ.
اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْكِفَايَةِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ، وَيَسْقُطُ الْوُجُوبُ عَنْهُمْ بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ، أَمْ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. فَذَهَبَ طَائِفَةٌ إِلَى الْأَوَّلِ وَالْأُخْرَى إِلَى الْآخَرِ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ.
لَنَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْكِفَايَةِ [لَوْ] لَمْ يَكُنْ عَلَى جَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ لَمَا أَثِمَ الْجَمِيعُ بِتَرْكِهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مُؤَاخَذَةُ الْإِنْسَانِ بِتَرْكِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
وَاسْتَدَلَّ الْخَصْمُ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا عَلَى إِبْطَالِ الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ، وَالْآخَرُونَ عَلَى إِثْبَاتِ مَذْهَبِهِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْكِفَايَةِ سَقَطَ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، فَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْجَمِيعِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مُجَرَّدُ اسْتِبْعَادٍ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ الْوُجُوبُ عَنِ الْمُكَلَّفِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : الْأَمْرُ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ، كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَقِيمٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ: الْجَمِيعُ وَاجِبٌ. وَبَعْضُهُمْ: الْوَاجِبُ: مَا يُفْعَلُ. وَبَعْضُهُمْ: الْوَاجِبُ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ وَيَسْقُطُ بِهِ وَبِالْآخَرِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
[الْوَجْهُ] الثَّانِي: أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ أَمْرُ الْمُكَلَّفِ بِوَاحِدٍ مُبْهَمٍ، كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ، فَكَذَا يَجُوزُ أَمْرُ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ، قِيَاسًا عَلَيْهِ. وَالْجَامِعُ تَعَدُّدُ مُتَعَلِّقِ الْوُجُوبِ مَعَ سُقُوطِ الْوُجُوبِ بِفِعْلِ الْبَعْضِ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالْفَرْقِ. وَتَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: الْإِثْمُ بِتَرْكِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أُمُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ، مُمْكِنٌ مَعْقُولٌ. فَلِهَذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا لِلْوُجُوبِ. بِخِلَافٍ إِثْمِ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْقَلُ، فَلَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا لِلْوُجُوبِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْكِفَايَةِ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَذَلِكَ لِأَنَّ طَلَبَ الْفِقْهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ. وَالْآيَةُ أَوْجَبَتْ عَلَى كُلِّ فِرْقَةٍ أَنْ يَنْفِرَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ، وَتِلْكَ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، فَيَكُونُ الْمَأْمُورُ بَعْضًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّ الطَّائِفَةَ كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَلَبَ الْفِقْهِ، احْتُمِلَ أَنْ يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يُسْقِطُونَ الْوُجُوبَ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنِ الْجَمِيعِ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا، يُحْمَلُ عَلَيْهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.
فَإِنَّا لَوْ حَمَلْنَا الطَّائِفَةَ عَلَى الَّذِينَ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، يَلْزَمُ بُطْلَانُ دَلِيلِنَا، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَأْثِيمِ الْجَمِيعِ بِتَرْكِهِ.