الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَقُلْتُ أَنَا بِالْوَضْعِ، أَيْ عِدَّةُ الْحَامِلِ لِلْوَفَاةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي.
وَسَوَّغَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَبِي سَلَمَةَ أَنْ يُخَالِفَهُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ كَانَ تَابِعِيًّا. وَأَمْثَالُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كَثِيرَةٌ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى.
وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّحَابَةَ اعْتَبَرُوا اجْتِهَادَهُمْ فِيمَا انْعَقَدَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، بَلِ اعْتَبَرُوا اجْتِهَادَهُمْ فِيمَا هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ. وَالصُّوَرُ الَّتِي نَقَلْتُمُوهَا إِنَّمَا هِيَ صُوَرٌ وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِمْ فِي صُوَرِ الْخِلَافِ، اعْتِبَارُ قَوْلِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ.
[إجماع أهل المدينة]
ش - الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي أَنَّ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحْدَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ هَلْ هُوَ حُجَّةٌ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً. وَلَمَّا كَانَ حَمْلُ هَذَا النَّقْلِ عَلَى ظَاهِرِهِ مُسْتَبْعَدًا، قِيلَ: إِنَّ هَذَا النَّقْلَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْمَنْقُولَاتِ الْمُسْتَمِرَّةِ، أَيِ الْمُتَكَرِّرِ وُقُوعُهَا، كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، حُجَّةٌ. حَتَّى إِنَّهُمْ لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِقَامَةَ فُرَادَى، كَانَ حُجَّةً. وَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى مَا لَا يَتَكَرَّرُ وُجُودُهُ، لَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ: التَّعْمِيمُ، أَيْ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَنْقُولَاتِ الْمُسْتَمِرَّةِ أَوْ غَيْرِهَا، حُجَّةٌ.
ش - احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحْدَهَا حُجَّةٌ
ص - لَنَا أَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ الْمُنْحَصِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْأَحَقِّينَ بِالِاجْتِهَادِ لَا يُجْمِعُونَ إِلَّا عَنْ رَاجِحٍ.
ص - فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَسَّكُ غَيْرِهِمْ أَرْجَحَ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ. قُلْنَا: الْعَادَةُ تَقْضِي بِاطِّلَاعِ الْأَكْثَرِ، وَالْأَكْثَرُ كَافٍ [فِيمَا] تَقَدَّمَ.
ص - وَاسْتُدِلَّ بِنَحْوِ: " «إِنَّ الْمَدِينَةَ طَيْبَةَ تَنْفِي خَبَثَهَا» " وَهُوَ بَعِيدٌ. وَبِتَشْبِيهِ [عَمَلِهِمْ] بِرِوَايَتِهِمْ.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ، لَا دَلِيلٌ. مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ تُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ وَحْدَهُمْ، خِلَافًا لِلشِّيعَةِ وَلَا بِالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، خِلَافًا لِأَحْمَدَ. وَلَا بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ.
قَالُوا: " «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» "" «اقْتَدُوا بِالَّذِينِ مِنْ بَعْدِي» ".
قُلْنَا: يَدُلُّ عَلَى أَهْلِيَّةِ اتِّبَاعِ الْمُقَلِّدِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
عَلَى التَّعْمِيمِ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُنْحَصِرِينَ، أَيْ غَيْرِ مُتَفَرِّقِينَ فِي الْأَقْطَارِ الْأَحَقِّينَ بِالِاجْتِهَادِ بِسَبَبِ مُشَاهَدَتِهِمُ التَّنْزِيلَ وَسَمَاعِهِمُ التَّأْوِيلَ، وَعِرْفَانِهِمْ بِأَحْوَالِ الرَّسُولِ، لَا يُجْمِعُونَ عَلَى حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ، إِلَّا عَنْ مُتَمَسَّكٍ رَاجِحٍ. وَإِذَا كَانَ مُتَمَسَّكُ إِجْمَاعِهِمْ رَاجِحًا، يَكُونُ حُجَّةً ; لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالرَّاجِحِ وَاجِبٌ.
ش - هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ. تَوْجِيهُ الِاعْتِرَاضِ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ مُتَمَسَّكَ هَذَا الْجَمْعِ رَاجِحٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَمَسَّكُ غَيْرِهِمْ أَرْجَحَ، وَلَمْ يَطَّلِعْ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَمَسَّكِ.
تَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: الْعَادَةُ تَقْضِي بِاطِّلَاعِ الْأَكْثَرِ عَدَدًا وَصُحْبَةً عَلَى الْمُتَمَسَّكِ الرَّاجِحِ، وَالْأَكْثَرُ كَافٍ فِي كَوْنِ قَوْلِهِمْ حُجَّةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فِي كَوْنِ قَوْلِهِمْ إِجْمَاعًا قَطْعًا. كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُخَالَفَةَ النَّادِرِ لِلْأَكْثَرِ لَا تَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ اتِّفَاقُ الْأَكْثَرِ حُجَّةً.
وَفِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَظَرٌ ; فَإِنَّ الْعَادَةَ كَمَا تَقْضِي بِأَنَّ مُتَمَسَّكَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِسَبَبِ اتِّصَافِهِمْ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ رَاجِحٌ، كَذَلِكَ تَقْضِي بِأَنَّ مُتَمَسَّكَ غَيْرِهِمْ، إِذَا كَانُوا عَلَى الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ رَاجِحٌ. فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ إِجْمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِكَوْنِهِ حُجَّةً.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقَوْلِ الْجَمِيعِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْمَكَانِ فِي كَوْنِ إِجْمَاعِ أَهْلِهِ حُجَّةً.
ش - اسْتُدِلَّ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ عليه السلام: " «إِنَّ الْمَدِينَةَ طَيْبَةَ تَنْفِي خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ» ".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَطَيْبَةُ، عَلَى وَزْنِ شَيْبَةَ، اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَدِينَةِ. وَقَوْلُهُ عليه السلام:" «إِنَّ الْإِسْلَامَ لِيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا يَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا» " أَيْ يَنْضَمُّ إِلَيْهَا وَيَجْتَمِعُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ فِيهَا.
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِالْأَوَّلِ أَنَّ الْخَطَأَ، خَبَثٌ، فَيَكُونُ مَنْفِيًّا عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَيَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً.
وَبِالثَّانِي أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَةَ مُسْتَقَرُّ الْإِسْلَامِ وَمَلْجَؤُهُ، فَيَكُونُ إِجْمَاعُ أَهْلِهَا حُجَّةً.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ بَعِيدٌ ; فَإِنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ وَرَدَ لِطَائِفَةٍ كَرِهُوا الْإِقَامَةَ بِالْمَدِينَةِ، فَيَكُونُ نَفْيُ الْخَبَثِ إِشَارَةً إِلَى نَفْيِ تِلْكَ الطَّائِفَةِ، لَا إِلَى الْخَطَأِ. وَلِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ حُجَّةٌ.
وَلِأَنَّ الْخَبَثَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْخَطَأِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ ; لِأَنَّا نَقْطَعُ