الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الْجِبَائِيَّةُ قَالُوا أَيْضًا: لَوْ جَازَ التَّعَبُّدُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ عَنِ الرَّسُولِ عليه السلام لَجَازَ التَّعَبُّدُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنِ الْبَارِي تَعَالَى بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِخَبَرٍ عَنِ اللَّهِ بِإِرْسَالِهِ بِدُونِ مُعْجِزَةٍ دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ هُوَ الظَّنُّ بِالصِّدْقِ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ.
أَجَابَ بِالْفَرْقِ، فَإِنَّهُ عُلِمَ عَادَةً أَنَّ الْمُخْبِرَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرِّسَالَةِ كَاذِبٌ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَةٌ مُصَدِّقَةٌ لَهُ فَلَمْ يَجُزِ التَّعَبُّدُ بِهِ لِذَلِكَ.
بِخِلَافِ خَبَرِ الْعَدْلِ عَنِ الرَّسُولِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلِمْ بِالْعَادَةِ كَذِبُهُ بِدُونِ مُصَدِّقٍ لَهُ، فَجَازَ التَّعَبُّدُ بِهِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ.
[وجوب الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ]
ش - الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ التَّعَبُّدِ بِهِ. فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ إِلَى وُجُوبِهِ.
وَذَهَبَ الْقَاسَانِيُّ، وَابْنُ دَاوُدَ، وَالرَّافِضَةُ إِلَى حُرْمَةِ التَّعَبُّدِ بِهِ.
وَاتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّعَبُّدِ بِهِ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ التَّعَبُّدِ ثَبَتَ سَمْعًا.
وَالْجُمْهُورُ بِالسَّمْعِ. وَقَالَ أَحْمَدُ، وَالْقَفَّالُ، وَابْنُ سُرَيْجٍ، وَالْبَصْرِيُّ: بِالْعَقْلِ.
لَنَا: تَكَرَّرَ الْعَمَلُ بِهِ كَثِيرًا فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ شَائِعًا ذَائِعًا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. وَذَلِكَ يَقْضِي بِالِاتِّفَاقِ عَادَةً، كَالْقَوْلِ قَطْعًا.
ص - قَوْلُهُمْ: لَعَلَّ الْعَمَلَ بِغَيْرِهَا. قُلْنَا: عُلِمَ قَطْعًا مِنْ سِيَاقِهَا أَنَّ الْعَمَلَ بِهَا.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقَالَ أَحْمَدُ، وَالْقَفَّالُ، وَابْنُ سُرَيْجٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ: ثَبَتَ بِالْعَقْلِ أَيْضًا.
وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ سَمْعًا بِأَنَّهُ تَكَرَّرَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَثِيرًا فِي زَمَانِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي وَقَائِعَ كَثِيرَةٍ شَائِعًا ذَائِعًا، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ. وَذَلِكَ، أَيْ تَكَرَّرَ الْعَمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ لِأَحَدٍ يَقْضِي عَادَةً بِأَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. كَمَا أَنَّ قَوْلَهُمْ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ يَدُلُّ قَطْعًا أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ تَكَرُّرُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ لَا يَدُلُّ إِلَّا عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِهِ سَمْعًا.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَصْلِ بَيْنَ الْجَوَازِ سَمْعًا وَالْوُجُوبِ سَمْعًا. فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الْعَمَلِ ثَبَتَ الْوُجُوبُ.
ش - قَالَتِ الْخُصُومُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّحَابَةَ عَمِلُوا بِأَخْبَارِ الْآحَادِ، بَلْ لَعَلَّهُمْ عَمِلُوا بِغَيْرِهَا حِينَ سَمِعُوهَا، فَلَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ عُلِمَ قَطْعًا مِنْ سِيَاقِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ، وَبِقَرِينَةِ الْحَالِ أَنَّهُمْ عَمِلُوا فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْأَخْبَارِ. وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنِ اطَّلَعَ عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ.
ش - قَالَتِ الْخُصُومَ أَيْضًا: سَلَّمْنَا أَنَّ الصَّحَابَةَ عَمِلُوا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَكِنَّ الْإِجْمَاعَ إِنَّمَا يَنْعَقِدُ إِذَا لَمْ يُنْكَرِ الْعَمَلُ بِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ; فَإِنَّ الصَّحَابَةَ أَنْكَرُوا الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي وَقَائِعَ كَثِيرَةٍ.
ص - قَوْلُهُمْ: فَقَدْ أَنْكَرَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه خَبَرَ الْمُغِيرَةِ [فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ] حَتَّى رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.
وَأَنْكَرَ عُمَرُ رضي الله عنه خَبَرَ أَبِي مُوسَى فِي الِاسْتِئْذَانِ حَتَّى رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ [الْخُدْرِيُّ] . وَأَنْكَرَ خَبَرَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.
وَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ. وَأُجِيبَ: [إِنَّمَا] أَنْكَرُوا عِنْدَ الِارْتِيَابِ.
ص - قَالُوا: لَعَلَّهَا أَخْبَارٌ مَخْصُوصَةٌ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مِنْهَا: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْكَرَ خَبَرَ الْمُغِيرَةِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّسُولَ عليه السلام أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدْسَ، حَتَّى قَرَنَ بِهِ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ خَبَرَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: " «إِذَا أَسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ عَلَى صَاحِبِهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ثَلَاثًا [فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ] فَلْيَنْصَرِفْ» ". حَتَّى رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ.
وَأَيْضًا: أَنْكَرَ عُمَرُ خَبَرَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فِي السُّكْنَى، وَقَالَ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
لَا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَلَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا بِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَصْدَقَتْ أَمْ كَذَبَتْ.
وَمِنْهَا: أَنَّ عَائِشَةَ أَنْكَرَتْ خَبَرَ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ.
أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِنْكَارَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ [لِمَنْ] عَمِلُوا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَلَا بُدَّ مِنَ التَّوْفِيقِ فَيَكُونُ إِنْكَارُهُمُ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الِارْتِيَابِ فِي عَدَالَةِ الرَّاوِي، أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ. وَعَمَلُهُمْ بِخَبَرٍ جَامِعٍ لِشَرَائِطِ الْعَمَلِ بِهِ تَوْفِيقًا بَيْنَهُمَا.
ش - قَالُوا أَيْضًا: لَعَلَّ الْأَخْبَارَ الَّتِي عَمِلُوا بِهَا أَخْبَارٌ مَخْصُوصَةٌ تَلَقَّوْهَا بِالْقَبُولِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا.
أَجَابَ بِأَنَّا نَقْطَعُ أَنَّ الصَّحَابَةَ عَمِلُوا لِأَجْلِ ظُهُورِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ صَادِقَةً ; لَا بِخُصُوصِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ ; فَحَيْثُ تَحَقَّقَ ظُهُورُ الصِّدْقِ وَجَبَ الْعَمَلُ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. تَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ كَانَ يُنْفِذُ آحَادَ الصَّحَابَةِ إِلَى النَّوَاحِي وَالْقَبَائِلِ لِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَالْأَحْكَامِ. فَلَوْ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لَمَا كَانَ لِبَعْثَتِهِمْ فَائِدَةٌ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ الْمَبْعُوثِينَ مُفْتُونَ، وَالْمَبْعُوثُ إِلَيْهِمْ، الْعَوَامُّ، وَيَجِبُ عَلَى الْعَوَامِّ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُفْتِي، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
ش - اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ. أَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ الْأُولَى، فَبَيَانُهُ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ الْحَذَرَ بِإِنْذَارِ طَائِفَةٍ مِنْ فِرْقَةٍ ; لِأَنَّ لَعَلَّ لِلتَّرَجِّي، وَهُوَ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الطَّلَبِ. وَإِنْذَارُ الطَّائِفَةِ إِخْبَارُهُمُ الْمُخَوِّفَ فَيَلْزَمُ وُجُوبُ الْحَذَرِ بِإِخْبَارِ الطَّائِفَةِ.
وَالطَّائِفَةُ قَوْمٌ لَا يَحْصُلُ مِنْ خَبَرِهِمْ إِلَّا الظَّنُّ ; لِأَنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ ثَلَاثَةٌ. فَالطَّائِفَةُ مِنْهُمْ إِمَّا وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ. فَقَدْ وَجَبَ الْحَذَرُ بِإِخْبَارِ مَنْ لَا يُفِيدُ قَوْلُهُمْ إِلَّا الظَّنَّ. فَيَجِبُ الْحَذَرُ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ عَدْلٍ ; لِأَنَّ خَبَرَهُ يُفِيدُ الظَّنَّ وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ، فَبَيَانُهُ أَنَّهُ تَعَالَى تَوَاعَدَ عَلَى كِتْمَانِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْبَيِّنَاتِ. فَيَجِبُ عَلَى الْوَاحِدِ إِخْبَارُ مَا سَمِعَ مِنَ
قُلْنَا: نَقْطَعُ بِأَنَّهُمْ عَمِلُوا لِظُهُورِهَا، لَا لِخُصُوصِهَا.
ص - وَأَيْضًا: التَّوَاتُرُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُنْفِذُ الْآحَادَ إِلَى النَّوَاحِي لِتَبْلِيغِ الْأَحْكَامِ.
ص - وَاسْتَدَلَّ بِظَوَاهِرِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِثْلَ: فَلَوْلَا نَفَرَ لِقَوْلِهِ: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ، إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ، إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ. وَفِيهِ بُعْدٌ.
ص - قَالُوا: وَلَا تَقْفُ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ لَا يَمْنَعُوهُ إِلَّا بِقَاطِعٍ.
ص - قَالُوا: تَوَقَّفَ رَسُولُ اللَّهِ [صلى الله عليه وسلم] فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ حَتَّى أَخْبَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما.
قُلْنَا: غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ. وَإِنْ سُلِّمَ - فَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِلرِّيبَةِ بِالِانْفِرَادِ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْغَلَطِ، وَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِي مِثْلِهِ.
ص - أَبُو الْحُسَيْنِ: الْعَمَلُ بِالظَّنِّ فِي تَفَاصِيلِ الْمَعْلُومِ الْأَصْلِ وَاجِبٌ عَقْلًا، كَالْعَدْلِ فِي مَضَرَّةِ شَيْءٍ، وَضَعْفِ حَائِطٍ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الرَّسُولِ، عليه السلام. فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِإِخْبَارِهِ فَائِدَةٌ.
وَأَمَّا التَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ وُجُوبَ التَّبْيِينِ بِكَوْنِ الْمُخْبِرِ فَاسِقًا. وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى الصِّفَةِ مُشْعِرٌ بِالْعِلِّيَّةِ. فَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَبَيَّنَ خَبَرُ غَيْرِ الْفَاسِقِ ; لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّبْيِينِ. فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَفِي التَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ بُعْدٌ. وَوَجْهُ الْبُعْدِ إِجْمَالًا أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِمَا لَيْسَ بِقَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ، وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَمْنَعَ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ ; إِذِ النِّزَاعُ فِي أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْمُفِيدُ الظَّنَّ هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ أَمْ لَا؟
ش - الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ تَمَسَّكُوا بِالْآيَتَيْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ التَّمَسُّكِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَتِهِ. وَيَلْزَمُهُمْ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْآيَتَيْنِ أَنْ لَا يَمْنَعُوا الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إِلَّا بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ; لِأَنَّ الْآيَتَيْنِ دَلَّتَا عَلَى أَنَّ التَّمَسُّكَ بِمَا لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ غَيْرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
جَائِزٍ. فَلَا يَجُوزُ مَنْعُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْآيَتَيْنِ ; لِأَنَّهُمَا لَا يَدُلَّانِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ قَالُوا: تَوَقَّفَ رَسُولُ اللَّهِ فِي خَبَرِ ذِي الْيَدَيْنِ حِينَ سَلَّمَ عَنْ رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ ذِي الْيَدَيْنِ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ حَتَّى أَخْبَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَصَدَّقَاهُ، فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ تَصْدِيقِهِمَا لَهُ، ثُمَّ سَجَدَ السَّهْوَ. فَلَوْ كَانَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَاجِبًا، لَمَا تَوَقَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ ; لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ هُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ عَلَى الرَّسُولِ عليه السلام، عَدَمُ وُجُوبِهِ عَلَيْنَا.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا تَوَقَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبُعْدِ انْفِرَادِهِ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ دُونَ الْبَاقِينَ. فَإِنَّ انْفِرَادَهُ بِذَلِكَ الْخَبَرِ دُونَ الْبَاقِينَ ظَاهِرٌ فِي غَلَطِهِ. فَيَجِبُ تَوَقُّفُهُ فِي مِثْلِهِ.
ش - احْتَجَّ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَقْلًا بِأَنَّهُ إِذَا عُلِمَ أَصْلٌ كُلِّيٌّ، كَرَفْعِ الْمَضَارِّ وَجَلْبِ الْمَنَافِعِ، وَجَبَ عَقْلًا الْعَمَلُ بِالظَّنِّ فِي تَفَاصِيلِ ذَلِكَ الْأَصْلِ الْمَعْلُومِ. كَمَا إِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ عَدْلٌ عَنْ مَضَرَّةِ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَعَنْ ضَعْفِ جِدَارٍ وَجَبَ عَقْلًا الِاحْتِرَازُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُضِرِّ وَعَنْ ذَلِكَ الْجِدَارِ.
وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَحَقِّقٌ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ عليه السلام بَعَثَهُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى مَصَالِحِ الْعِبَادِ. وَخَبَرُ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الظَّنَّ فِي تَفَاصِيلِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ وَالْمَصَالِحِ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ عَقْلًا.
أَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ الْحُجَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَاعِدَةِ التَّحْسِينِ الْعَقْلِيِّ، وَقَدْ أَبْطَلْنَاهَا.
وَخَبَرُ الْوَاحِدِ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ بُعِثَ لِلْمَصَالِحِ، فَخَبَرُ الْوَاحِدِ تَفْصِيلٌ لَهَا. وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّحْسِينِ.
سَلَّمْنَا، [لَكِنَّهُ] لَمْ يَجُبْ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، بَلْ أَوْلَى. سَلَّمْنَا [فَلَا نُسَلِّمُهُ] فِي الشَّرْعِيَّاتِ. سَلَّمْنَا وَغَايَتُهُ قِيَاسُ ظَنِّيٍّ فِي الْأُصُولِ.
ص - قَالُوا: صِدْقُهُ مُمْكِنٌ فَيَجِبُ احْتِيَاطًا. قُلْنَا: إِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْمُتَوَاتِرُ فَضَعِيفٌ.
وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي فَالْمُفْتِي خَاصٌّ وَهَذَا عَامٌّ. سَلَّمْنَا لَكِنَّهُ قِيَاسٌ شَرْعِيٌّ.
ص - قَالُوا: لَوْ لَمْ يَجِبْ، لَخَلَتْ وَقَائِعُ. وَرُدَّ بِمَنْعِ الثَّانِيَةِ.
سَلَّمْنَا، لَكِنَّ الْحُكْمَ: النَّفْيُ، وَهُوَ مُدْرَكٌ شَرْعِيٌّ بَعْدَ الشَّرْعِ.
ص - أَمَّا الشَّرَائِطُ: فَمِنْهَا: الْبُلُوغُ ; لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ التَّكْلِيفِ. وَإِجْمَاعُ الْمَدِينَةِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، فِي الْمَاءِ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ، مُسْتَثْنًى ; لِكَثْرَةِ الْجِنَايَةِ بَيْنَهُمْ مُنْفَرِدِينَ.
وَالرِّوَايَةُ بَعْدَهُ وَالسَّمَاعُ قَبْلَهُ مَقْبُولَةٌ، كَالشَّهَادَةِ. وَلِقَبُولِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ فِي مِثْلِهِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
سَلَّمْنَا صِحَّةَ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ، لَكِنَّ الْعَمَلَ بِالظَّنِّ فِي تَفَاصِيلِ الْأَصْلِ الْمَعْلُومِ، لَمْ يَجِبْ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، بَلِ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ فِيهَا أَوْلَى.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا وُجُوبَ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ فِي الْعَقْلِيَّاتِ فَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خُصُوصِيَّةُ الصُّوَرِ الْعَقْلِيَّةِ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْعَمَلِ. أَوْ خُصُوصِيَّةُ الصُّوَرِ الشَّرْعِيَّةِ مَانِعَةً لِلْوُجُوبِ فِيهَا.
سَلَّمْنَا وُجُوبَ الْعَمَلِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَقْلِيَّاتِ، لَكِنَّ غَايَةَ هَذَا الدَّلِيلِ قِيَاسٌ يُفِيدُ الظَّنَّ. وَالْقِيَاسُ الْمُفِيدُ لِلظَّنِّ فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ لَا يُفِيدُ.
ش - هَذِهِ حُجَّةٌ أُخْرَى لِلْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ عَقْلًا. تَوْجِيهُهَا أَنْ يُقَالَ: لَا شَكَّ فِي أَنَّ خَبَرَ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ يُمْكِنُ صِدْقُهُ. فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ احْتِيَاطًا، قِيَاسًا عَلَى الْمُتَوَاتِرِ، وَالْمُفْتِي، أَيْ قَوْلُ الْمُفْتِي. لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمَّا أَمْكَنَ صِدْقُهُ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، فَكَذَلِكَ هَهُنَا.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْمُتَوَاتِرِ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ الْجَامِعِ ; إِذْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وُجُوبُ الْعَمَلِ فِي الْمُتَوَاتِرِ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ إِفَادَتِهِ الْعِلْمَ، لَا لِأَجْلِ إِمْكَانِ الصِّدْقِ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُفْتِي، وَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ الْجَامِعُ مُتَحَقِّقًا، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ الثَّابِتِ ; فَإِنَّ وُجُوبَ الْعَمَلِ فِي الْمُفْتِي شَرْعٌ خَاصٌّ لَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَشْخَاصِ.
وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ شَرْعٌ عَامٌّ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَشْخَاصِ. وَلَئِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ الْقِيَاسِ عَلَيْهِمَا، لَكِنَّ غَايَتَهُ قِيَاسٌ شَرْعِيٌّ; لِأَنَّ الْأَصْلَيْنِ وَجَبَ الْعَمَلُ فِيهِمَا بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ، فَلَمْ يُفِدِ الْمَطْلُوبَ; لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ عَقْلًا.
ش - هَذِهِ حُجَّةٌ أُخْرَى لِلْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ عَقْلًا. تَوْجِيهُهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لَخَلَتْ أَكْثَرُ الْوَقَائِعِ عَنِ الْحُكْمِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَقَائِعِ الْحَادِثَةِ دَلِيلٌ إِلَّا خَبَرُ الْوَاحِدِ، وَلَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، لَزِمَ خُلُوُّ تِلْكَ الْوَقَائِعِ عَنِ الْحُكْمِ.
أَجَابَ بِمَنْعِ الثَّانِيَةِ، أَيِ انْتِفَاءِ التَّالِي فَإِنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ امْتِنَاعُ خُلُوِّ