الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
إِذَا الْتُزِمَ تَقْيِيدُهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ عَلَى مَدْلُولِهِ، كَانَ مَجَازًا، مِثْلَ:" جَنَاحُ الذُّلِّ " وَ " نَارُ الْحَرْبِ ".
وَإِنَّمَا كَانَ الْتِزَامُ التَّقْيِيدِ دَالًّا عَلَى الْمَجَازِ ; إِذْ عُلِمَ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَدِ اسْتَعْمَلُوا اللَّفْظَ فِي مُسَمَّاهُ مُطْلَقًا، غَيْرَ مُقَيَّدٍ، وَفِي غَيْرِ مُسَمَّاهُ، بِخِلَافِهِ، يَعْنِي مُقَيَّدًا، غَيْرَ مُطْلَقٍ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " بِالْتِزَامِ تَقْيِيدِهِ " وَلَمْ يَقُلْ: " بِتَقْيِيدِهِ " ; لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ قَدْ يُقَيَّدُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمِ التَّقْيِيدَ فِيهِ.
ش - الْوَجْهُ السَّادِسُ: يُعْرَفُ الْمَجَازُ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ، يَعْنِي أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا كَانَ إِطْلَاقُهُ عَلَى أَحَدِ مَدْلُولَيْهِ مُتَوَقِّفًا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَدْلُولِ الْآخَرِ، كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَدْلُولِهِ الَّذِي [تَوَقَّفَ] إِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَدْلُولِ الْآخَرِ [مَجَازًا] مِثْلَ:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54] ; فَإِنَّ إِطْلَاقَ لِفْظِ " الْمَكْرِ " عَلَى الْمَعْنَى الْمُتَصَوَّرِ مِنَ الْحَقِّ، مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْنَى الْمُتَصَوَّرِ مِنَ الْخَلْقِ، فَيَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِّ مَجَازًا، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ حَقِيقَةً.
[كون اللفظ قبل الاستعمال حقيقة أو مجازا]
ش - اعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا وُضِعَ لِمَعْنًى وَلَمْ يَتَّفِقِ اسْتِعْمَالُهُ، لَا فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، وَلَا فِي غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا ; لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَانْتِفَاءُ الْجُزْءِ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْكُلِّ.
ش - اخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْمَجَازَ هَلْ يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ أَمْ لَا، عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، هَلْ يَكُونُ مَشْرُوطًا بِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا أَمْ لَا؟
" بِخِلَافِ الْعَكْسِ " أَيْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الْحَقِيقَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْمَجَازِ بَلِ اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ غَيْرُ مُسْتَلْزِمَةٍ لَهُ.
ش - أَيْ قَالَ الْمُلْزِمُ - وَهُوَ الَّذِي يَدَّعِي لُزُومَ الْحَقِيقَةِ لِلْمَجَازِ -: لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَجَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ، لَعَرِيَ وَضْعُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى عَنِ الْفَائِدَةِ. وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ فَائِدَةَ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى: اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَجَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ، لِجَازَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وَضَعَ لَهُ أَوَّلًا، مَعَ عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا. فَيَكُونُ الْوَضْعُ الْأَوَّلُ مُجَرَّدًا عَنِ الْفَائِدَةِ.
ص - وَاللَّفْظُ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازٍ.
ص - وَفِي اسْتِلْزَامِ الْمَجَازِ الْحَقِيقَةَ خِلَافٌ. بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
ص - الْمُلْزِمُ: لَوْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ - لَعَرِيَ الْوَضْعُ عَنِ الْفَائِدَةِ.
ص -[النَّافِي] : لَوِ اسْتَلْزَمَ - لَكَانَ [لِنَحْوِ]" قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ " وَ " شَابَتْ لُمَّةُ اللَّيْلِ " حَقِيقَةً. وَهُوَ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ، لِلُزُومِ الْوَضْعِ.
ص - وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَجَازَ فِي الْمُفْرَدِ، وَلَا مَجَازَ فِي [التَّرْكِيبِ] . وَقَوْلُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيِّ فِي نَحْوِ " أَحْيَانِي اكْتِحَالِي بِطَلْعَتِكَ ": إِنَّ الْمَجَازَ فِي الْإِسْنَادِ، بَعِيدٌ: لِاتِّحَادِ جِهَتِهِ.
ص - وَلَوْ قِيلَ: لَوِ اسْتَلْزَمَ - لَكَانَ لِلَفْظِ " الرَّحْمَنِ " حَقِيقَةٌ وَلِنَحْوِ [عَسَى]- كَانَ قَوِيًّا.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : إِذَا دَارَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالِاشْتِرَاكِ - فَالْمَجَازُ أَقْرَبُ.
ص - لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ يُخِلُّ بِالتَّفَاهُمِ.
ص - وَيُؤَدِّي إِلَى مُسْتَبْعَدٍ مِنْ ضِدٍّ أَوْ نَقِيضٍ.
ص - وَيَحْتَاجُ إِلَى قَرِينَتَيْنِ.
ص - وَلِأَنَّ الْمَجَازَ أَغْلَبُ، وَيَكُونُ أَبْلَغَ، وَأَوْجَزَ، وَأَوْفَقَ، وَيُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى السَّجْعِ وَالْمُقَابَلَةِ، وَالْمُطَابَقَةِ، وَالْمُجَانَسَةِ وَالرَّوِيِّ.
ص - وَعُورِضَ بِتَرْجِيحِ الِاشْتِرَاكِ بِاطِّرَادِهِ، فَلَا يَضْطَرِبُ. وَبِالِاشْتِقَاقِ فَيَتَّسِعُ. وَبِصِحَّةِ الْمَجَازِ فِيهِمَا، فَتَكْثُرُ الْفَائِدَةُ.
[وَبِاسْتِغْنَائِهِ] عَنِ الْعَلَاقَةِ، وَعَنِ الْحَقِيقَةِ، وَعَنْ مُخَالَفَةِ ظَاهِرٍ، وَعَنِ الْغَلَطِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ.
ص - وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ أَبْلَغُ، فَمُشْتَرَكٌ فِيهِمَا. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُقَابِلُ الْأَغْلَبَ شَيْءٌ [مِمَّا ذَكَرْنَا] .
ص - (مَسْأَلَةٌ) : الشَّرْعِيَّةُ وَاقِعَةٌ. خِلَافًا لِلْقَاضِي. وَأَثْبَتَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الدِّينِيَّةَ أَيْضًا.
ص - لَنَا الْقَطْعُ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ الصَّلَاةَ لِلرَّكَعَاتِ، وَالزَّكَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ كَذَلِكَ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ: لِلدُّعَاءِ، وَالنَّمَاءِ، وَالْإِمْسَاكِ مُطْلَقًا، وَالْقَصْدِ مُطْلَقًا.
ص - قَوْلُهُمْ: بَاقِيَةٌ وَالزِّيَادَاتُ شُرُوطٌ. رُدَّ بِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ غَيْرُ دَاعٍ وَلَا مُتَّبِعٍ.
ص - قَوْلُهُمْ: مَجَازٌ. إِنْ أُرِيدَ اسْتِعْمَالُ الشَّارِعِ لَهَا - فَهُوَ الْمُدَّعِي. وَإِنْ أُرِيدَ أَهْلُ اللُّغَةِ - فَخِلَافُ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّهُمْ [لَمْ يَعْرِفُوهَا] . وَلِأَنَّهَا تُفْهَمُ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ عَبَثًا. وَلَمَّا كَانَ مَنْعُ هَذَا الدَّلِيلِ ظَاهِرًا لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لَهُ.
وَبَيَانُ الْمَنْعِ [أَنْ] يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَعْمَلْ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، لَعَرِيَ عَنِ الْفَائِدَةِ ; لِأَنَّ مِنْ فَوَائِدِ الْوَضْعِ الْأَوَّلِ، اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ. وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَفْهُومِ الْمَجَازِيِّ.
ش - أَيْ قَالَ النَّافِي لِاسْتِلْزَامِ الْمَجَازِ الْحَقِيقَةَ: لَوِ اسْتَلْزَمَ الْمَجَازُ الْحَقِيقَةَ، لَكَانَ نَحْوُ " قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ) وَ " شَابَتْ لُمَّةُ اللَّيْلِ " حَقِيقَةً. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ ; فَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ مَجَازَاتٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَدْلُولَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيهَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَمَّا بُطْلَانُ التَّالِي ; فَلِأَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِ مَدْلُولَاتِهَا الْمَجَازِيَّةِ. وَكَوْنُهَا حَقِيقَةً مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِعْمَالِ فِي الْمَعَانِي الْمَوْضُوعَةِ لَهَا وَضْعًا أَوَّلًا.
وَهَذَا الدَّلِيلُ ضَعِيفٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ نَحْوَ " قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ " وَ " شَابَتْ لُمَّةُ اللَّيْلِ " مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ، أَيْ كَمَا يُمْكِنُ إِلْزَامُ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِلْزَامِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ النَّافِي، يُمْكِنُ إِلْزَامُ النَّافِي بِهِ، بِأَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ الْمَجَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَوْضُوعِ لَهُ فِي الْأَصْلِ، لَكَانَ لِنَحْوِ " قَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ) وَ " شَابَتْ لُمَّةُ اللَّيْلِ " مَوْضُوعٌ لَهُ فِي الْأَصْلِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ، فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ ; فَلِأَنَّ نَحْوَهُمَا مَجَازٌ، وَالْمَجَازُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَفْهُومُ وَضْعِ اللَّفْظِ بِإِزَائِهِ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي فَظَاهِرٌ. وَلَمَّا كَانَ اشْتِرَاكُ الْإِلْزَامِ نَقْضًا إِجْمَالِيًّا لِدَلِيلِ النَّافِي، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَنْقُضَ دَلِيلَهُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَنَقْضُهُ التَّفْصِيلِيُّ مَوْقُوفٌ [عَلَى تَحْقِيقِ الْمَجَازِ] الْوَاقِعِ فِي نَحْوِ الْمِثَالَيْنِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا هُوَ الْحَقُّ مِنَ الْمَجَازِ الْوَاقِعِ فِي نَحْوِهِمَا.