الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَحَدُّ الْغَزَالِيِّ لِلْإِجْمَاعِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَكُونُ اتِّفَاقُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَمْرٍ عَقْلِيٍّ أَوْ عُرْفِيٍّ إِجْمَاعًا عِنْدَهُ. فَلَمْ يَلْزَمْ عَدَمُ الِانْعِكَاسِ.
[ثبوت الإجماع]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَعْرِيفِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ ثُبُوتِهِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ.
وَخَالَفَ النَّظَّامُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضُ الرَّوَافِضِ فِي جَوَازِ ثُبُوتِهِ، وَتَمَسَّكُوا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: قَالُوا: يَمْتَنِعُ ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ اتِّفَاقَ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
حُكْمٍ إِنَّمَا يُمْكِنُ إِذَا نُقِلَ الْحُكْمُ إِلَيْهِمْ ; لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِذَلِكَ الْحُكْمِ، وَمَعْرِفَتُهُمْ بِذَلِكَ الْحُكْمِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِنَقْلِهِ إِلَيْهِمْ، وَنَقْلُ الْحُكْمِ إِلَيْهِمْ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ مُنْتَشِرُونَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا. وَالْعَادَةُ تَقْضِي بِأَنَّ انْتِشَارَهُمْ يَمْنَعُ نَقْلَ الْحُكْمِ إِلَيْهِمْ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ انْتِشَارَهُمْ يَمْنَعُ نَقْلَ الْحُكْمَ إِلَيْهِمْ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ كَانُوا مُجِدِّينَ فِي الْفَحْصِ عَنِ الْأَحْكَامِ، بَاحِثِينَ عَنْ أَدِلَّتِهَا. وَمَعَ الْجِدِّ وَالْبَحْثِ يُمْكِنُ نَقْلُ الْأَحْكَامِ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُنْتَشِرِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ.
ش - هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ يَمْتَنِعُ ثُبُوتُهُ ; لِأَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَمْرٍ، فَاتِّفَاقُهُمْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ عَنْ سَنَدٍ، وَإِلَّا لَكَانَ خَطَأً فَحِينَئِذٍ إِنْ كَانَ الِاتِّفَاقُ عَنْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْقَاطِعُ فِي كُلِّ إِجْمَاعٍ مَنْقُولًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
إِلَيْنَا ; لِأَنَّ الْعَادَةَ تُحِيلُ عَدَمَ نَقْلِ الْقَاطِعِ الَّذِي تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي إِلَى نَقْلِهِ. لَكِنْ لَمْ يُنْقَلِ الْقَاطِعُ إِلَيْنَا فِي كُلِّ إِجْمَاعٍ.
وَإِنْ كَانَ ظَنِّيًّا، فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَتَوَافَقَ الْآرَاءُ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ الظَّنِّيِّ حَتَّى يُمْكِنَ اتِّفَاقُهُمْ. لَكِنَّ اتِّفَاقَ جَمِيعِهِمْ فِي الظَّنِّيِّ مُمْتَنِعٌ عَادَةً ; لِاخْتِلَافِ قَرَائِحِهِمْ فِي مُقْتَضَى الظَّنِّيِّ ; فَإِنَّ الظَّنِّيَّ قَدْ يُوجِبُ الْحُكْمَ فِي قَرِيحَةٍ، وَلَا يُوجِبُ فِي أُخْرَى.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالْمَنْعِ فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ فَإِنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اتِّفَاقُهُمْ عَنْ قَاطِعٍ، يُوجِبُ أَنْ يُنْقَلَ الْقَاطِعُ إِلَيْنَا، وَالْعَادَةُ إِنَّمَا تُحِيلُ عَدَمَ نَقْلِ الْقَاطِعِ إِنْ لَمْ يُسْتَغْنَ عَنْ نَقْلِ الْقَاطِعِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ ; فَإِنَّهُ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنِ الْقَاطِعِ لِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ.
وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الظَّنِّيَّ يَمْتَنِعُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ عَادَةً. وَاخْتِلَافُ الْقَرَائِحِ إِنَّمَا يَكُونُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الظَّنِّيُّ جَلِيًّا. أَمَّا إِذَا كَانَ جَلِيًّا يَجُوزُ تَوَافُقُ الْقَرَائِحُ فِيهِ. فَيَكُونُ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ فِي جَمِيعِ الْقَرَائِحِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحَالَةِ ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ بَعْدَ جَوَازِهِ، أَيْ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ.
تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ الْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ لِخَفَاءِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ عِنْدَ اتِّفَاقِهِمْ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ، أَوِ انْقِطَاعُهُ عَنِ النَّاسِ، بِحَيْثُ لَا يُخَالِطُ النَّاسَ بَعْدَ أَنْ عُلِمَ وُجُودُهُ، أَوْ وُقُوعُهُ فِي الْأَسْرِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الِالْتِحَاقِ بِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ، أَوْ خُمُولُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا وَإِنْ عُلِمَ وُجُودُهُ، أَوْ كَذِبُ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ بِمَعْنَى إِفْتَائِهِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى خِلَافِ مُعْتَقَدِهِ تَقِيَّةً مِنْ مُخَالَفَةِ الْجُمْهُورِ، أَوْ رُجُوعِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ عَمَّا أَفْتَى بِهِ لِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ قَبْلَ إِفْتَاءِ الْآخَرِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ.
وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ: " قَبْلَ الْآخَرِ " ; لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ إِفْتَاءِ الْآخَرِينَ لَمْ يُعْتَبَرْ ; لِكَوْنِهِ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ.
وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ كَيْفَ يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ؟ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا جَوَازَ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ، وَلَكِنْ لَا يَقَعُ الْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالنَّقْلِ، وَنَقْلُ الْإِجْمَاعِ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً.
لِأَنَّهُ إِنْ نُقِلَ آحَادًا، لَا يُفِيدُ ; لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَنَقْلُهُ بِالتَّوَاتُرِ بَعِيدٌ ; لِأَنَّ التَّوَاتُرَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ إِذَا أَخْبَرَ جَمَاعَةٌ يُحِيلُ الْعَقْلُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُجْمِعِينَ قَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْحُكْمِ.
وَأَيْضًا التَّوَاتُرُ فِيمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ جَوَازًا أَوْ وُقُوعًا بَعِيدٌ. أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنِ اسْتِحَالَةِ الْعِلْمِ بِثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ وَعَنِ اسْتِحَالَةِ النَّقْلِ بِالْوُقُوعِ، أَيْ أَجَابَ بِوُقُوعِ الْعِلْمِ بِالْإِجْمَاعِ.
فَإِنَّا قَاطِعُونَ بِسَبَبِ تَوَاتُرِ النَّقْلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى تَقْدِيمِ النَّصِّ الْقَاطِعِ عَلَى الْمَظْنُونِ، فَالْعِلْمُ بِالْإِجْمَاعِ وَاقِعٌ. وَوُقُوعُ الْعِلْمِ بِهِ يَسْتَلْزِمُ جَوَازَ الْعِلْمِ بِهِ وَجَوَازَ نَقْلِهِ ; لِأَنَّ الْوُقُوعَ فَرْعُ الْجَوَازِ.
ش - لَمَّا فَرَغَ عَنْ ثُبُوتِ الْإِجْمَاعِ وَثُبُوتِ الْعِلْمِ بِهِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنَّهُ [حُجَّةٌ] . [وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ] .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلَا يُعْتَدُّ بِالنَّظَّامِ وَبَعْضِ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ ; لِشُذُوذِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَهْلِ الْحَقِّ.
قَوْلُهُ: " وَقَوْلُ أَحْمَدَ " جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّكُمْ قُلْتُمْ: الْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَأَحْمَدُ، إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، خَالَفَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَالَ:" مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي حُكْمٍ مِنَ الْأَحْكَامِ، فَهُوَ كَاذِبٌ ". فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ مَعَ مُخَالَفَةِ أَحْمَدَ؟