الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَمَيْلُ الْقَاضِي إِلَى اعْتِبَارِهِ مُطْلَقًا] ) . وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ مُوَافَقَةُ الْمُقَلِّدِ الْأُصُولِيِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْفُرُوعَ.
وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ مُوَافَقَةُ الْمُقَلِّدِ الْفُرُوعِيِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْأُصُولَ.
ش - ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَيْنِ عَلَى أَنَّ وِفَاقَ الْمُقَلِّدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ مُوَافَقَةُ الْمُقَلِّدِ فِي الْإِجْمَاعِ، لَمْ يُتَصَوَّرْ تَحَقُّقُ الْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الْمُقَلِّدِينَ لِكَثْرَتِهِمْ وَانْتِشَارِهِمْ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُمْ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَوَافُقُ كَلِمَتِهِمْ عَادَةً.
وَالثَّانِي أَنَّ الْمُقَلِّدَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ الْعُلَمَاءِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مُخَالَفَتُهُمْ، فَلَا يَكُونُ مُوَافَقَتُهُ مُعْتَبَرَةً، لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ لَا تَضُرُّ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ غَايَةَ الْمُقَلِّدِ أَنْ يَكُونَ كَمُجْتَهِدٍ خَالَفَ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ وَعُلِمَ عِصْيَانُهُ، وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ وَقْتَ الْإِجْمَاعِ، فَإِنَّهُ يُعْلَمُ عِصْيَانُهُ إِذَا خَالَفَ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ بَعْدَ انْعِقَادِ إِجْمَاعِهِمْ ; لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ حَرَامٌ، فَلَا تَضُرُّ مُخَالَفَتُهُ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ.
فَكَذَلِكَ الْمُقَلِّدُ الْمُخَالِفُ. وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا حُرْمَةُ الْمُخَالَفَةِ، بَلِ الْمُقَلِّدُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يُعْتَبَرَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ دَلِيلٍ، بِخِلَافِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ وَقْتَ الْإِجْمَاعِ.
[عدم اعتبار قول المبتدع في الإجماع]
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْإِجْمَاعِ قَوْلُ الْمُجْتَهِدِ الْمُبْتَدِعِ أَمْ لَا؟ وَالْمُبْتَدِعُ: الْمُخْطِئُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُبْتَدِعَ إِنْ كَانَ مُبْتَدِعًا بِمَا يُوجِبُ الْكُفْرَ بِصَرِيحِهِ فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ كَافِرٌ، لَمْ تُعْتَبَرْ مُوَافَقَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ.
وَإِنْ كَانَ مُبْتَدِعًا بِمَا يَتَضَمَّنُ كُفْرًا، أَيْ بِمَا يُوجِبُ الْكُفْرَ، لَا بِصَرِيحِهِ - وَهُوَ الْمُخْطِئُ فِي الْأُصُولِ بِتَأْوِيلٍ - فَفِيهِ الْخِلَافُ. فَعِنْدَ بَعْضٍ هُوَ كَافِرٌ، وَعِنْدَ بَعْضٍ لَا.
فَإِنْ كَفَّرْنَاهُ فَلَا تُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ كَالْكَافِرِ. وَإِلَّا، أَيْ وَإِنْ لَمْ نُكَفِّرْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُجْتَهِدِ الْمُبْتَدِعِ بِغَيْرِ مَا يَتَضَمَّنُ كُفْرًا.
كَالْمُبْتَدَعِ بِالْفِسْقِ وَبِغَيْرِهِ، أَيْ وَإِنْ كَانَ مُبْتَدِعًا بِغَيْرِ مَا يَتَضَمَّنُ كُفْرًا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:
ص - (مَسْأَلَةٌ) : الْمُبْتَدِعُ بِمَا يَتَضَمَّنُ كُفْرًا، كَالْكَافِرِ عِنْدَ الْمُكَفِّرِ. وَإِلَّا فَكَغَيْرِهِ. وَبِغَيْرِهِ، ثَالِثُهَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ [فَقَطْ] .
ص - لَنَا أَنَّ دَلَالَةً لَا تَنْتَهِضُ دُونَهُ.
ص - قَالُوا: فَاسْقٌ، فَيُرَدُّ قَوْلُهُ كَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنَ الْأُمَّةِ، وَالصَّبِيَّ لِقُصُورِهِ. وَلَوْ سُلِّمَ - فَيُقْبَلُ عَلَى نَفْسِهِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : لَا يَخْتَصُّ الْإِجْمَاعُ بِالصَّحَابَةِ. وَعَنْ أَحْمَدَ رحمه الله قَوْلَانِ. لَنَا: الْأَدِلَّةُ السَّمْعِيَّةُ.
ص - قَالُوا: إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ قَبْلَ مَجِيءِ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ. عَلَى أَنَّ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ سَائِغٌ فِيهِ الِاجْتِهَادُ. فَلَوِ اعْتُبِرَ غَيْرُهُمْ خُولِفَ إِجْمَاعُهُمْ، وَتَعَارَضَ الْإِجْمَاعَانِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي الصَّحَابَةِ قَبْلَ تَحَقُّقِ إِجْمَاعِهِمْ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ.
ص - قَالُوا: لَوِ اعْتُبِرَ - لَاعْتُبِرَ مَعَ مُخَالَفَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَأُجِيبَ بِفَقْدِ الْإِجْمَاعِ مَعَ تَقَدُّمِ الْمُخَالَفَةِ عِنْدَ مُعْتَبِرِيهَا.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : لَوْ نَدَرَ الْمُخَالِفُ مَعَ كَثْرَةِ الْمُجْمِعِينَ، كَإِجْمَاعِ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَلَى الْعَوْلِ، وَغَيْرِ أَبِي مُوسَى عَلَى أَنَّ النَّوْمَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعًا قَطْعِيًّا ; لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ لَا تَتَنَاوَلُهُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حُجَّةٌ لِبُعْدِ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ مُتَمَسَّكَ الْمُخَالِفِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَحَدُهَا: أَنَّهُ تُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهُ مُطْلَقًا فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ، حَتَّى لَا يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ. وَقَدْ مَالَ الْمُصَنِّفُ إِلَى هَذَا الْمَذْهَبِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُطْلَقًا ; إِذْ هُوَ فَاسِقٌ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ تُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ الَّذِي انْعَقَدَ بِدُونِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ.
ش - أَقَامَ الْمُصَنِّفُ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ مُوَافَقَتَهُ تُعْتَبَرُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ. وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْإِجْمَاعِ شَامِلَةٌ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ الْمُبْتَدِعِ بِغَيْرِ مَا يَتَضَمَّنُ كُفْرًا، فَلَا تَنْتَهِضُ دُونَهُ ; لِكَوْنِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَفِسْقُهُ لَا يُخِلُّ بِأَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مُوَافَقَتَهُ لَا تُعْتَبَرُ مُطْلَقًا قَالُوا: إِنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُبْتَدِعَ بِغَيْرِ مَا يَتَضَمَّنُ كُفْرًا فَاسِقٌ، فَيُرَدُّ قَوْلُهُ كَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ ; فَإِنَّهُ يُرَدُّ قَوْلُهُمَا، وَالْجَامِعُ عَدَمُ التَّحَرُّزِ مِنَ الْكَذِبِ.