الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
[الذاتي]
ش - " الذَّاتِيُّ مَا لَا يُتَصَوَّرُ " أَيْ يُمْنَعُ فَهْمُ الذَّاتِ قَبْلَ فَهْمِهِ، مِثْلَ اللَّوْنِيَّةِ لِلسَّوَادِ، وَالْجِسْمِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ.
الْأَوَّلُ مِثَالٌ لِذَاتِيِّ الْعَرَضِ، وَالثَّانِي لِذَاتِيِّ الْجَوْهَرِ. وَالذَّاتِيُّ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مُتَنَاوِلٌ لِنَفْسِ الْمَاهِيَّةِ وَلِأَجْزَائِهَا ; فَإِنَّهَا لَا يُمْكِنُ فَهْمُ الذَّاتِ قَبْلَ فَهْمِهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ مَانِعٍ ; ضَرُورَةَ صِدْقِهِ عَلَى اللَّازِمِ الْبَيِّنِ لِلْجِنْسِ.
وَهُوَ وَهْمٌ ; لِأَنَّ اللَّازِمَ الْبَيِّنَ لِلْجِنْسِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فَهْمُهُ قَبْلَ فَهْمِ النَّوْعِ، وَلَا مَعَهُ. وَتَقُدُّمُ فَهْمِ الْجِنْسِ عَلَى فَهْمِ النَّوْعِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ فَهْمِ لَازِمِهِ الْقَرِيبِ عَلَيْهِ.
ش - أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ فَهْمَ الذَّاتِ لَا يُتَصَوَّرُ قَبْلَ فَهْمِ الذَّاتِيِّ، لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ حَدَّانِ ذَاتِيَّانِ ; لِأَنَّ الْحَدَّ الذَّاتِيَّ لِلشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرُهُ تَصَوُّرَ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ فَإِذَا [تَصَوَّرَ] حَقِيقَةَ الْمَحْدُودِ بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ، فَالْحَدُّ الثَّانِي إِنْ كَانَ عَيْنَ الْأَوَّلِ، لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ حَدَّانِ ذَاتِيَّانِ، وَقَدْ فَرَضَ بِخِلَافِهِ. هَذَا خُلْفٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْأَوَّلِ، وَقَدْ تَصَوَّرَ الْمَاهِيَّةَ بِدُونِهِ ; ضَرُورَةَ تَصَوُّرِهَا بِالْحَدِّ الْأَوَّلِ، يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَدُّ الثَّانِي ذَاتِيًّا لَهُ ; ضَرُورَةَ فَهْمِ الذَّاتِ بِدُونِهِ. هَذَا خُلْفٌ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَرَّرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الذَّاتِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ فَهْمُ الذَّاتِ قَبْلَ فَهْمِهِ، لَمْ يَكُنْ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ حَدَّانِ ذَاتِيَّانِ ; لِأَنَّ الْحَدَّ الذَّاتِيَّ مَا يُفِيدُ فَهْمَ الذَّاتِ، وَفَهْمَ الذَّاتِ لَا يُتَصَوَّرُ إِلَّا بَعْدَ فَهْمِ جَمِيعِ ذَاتِيَّاتِهِ.
فَالْحَدُّ الذَّاتِيُّ مَا يَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ الذَّاتِيَّاتِ وَلَا تَعَدُّدَ لِجَمِيعِ الذَّاتِيَّاتِ.
ش - وَقَدْ يُعَرَّفُ الذَّاتِيُّ بِمَا لَا يُعَلَّلُ بِعِلَّةٍ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الذَّاتَ لَا تَحْتَاجُ فِي اتِّصَافِهَا بِالذَّاتِيِّ إِلَى عِلَّةٍ مُغَايِرَةٍ لِعِلَّةِ الذَّاتِ. فَإِنَّ السَّوَادَ لَوْنٌ لِذَاتِهِ، لَا لِشَيْءٍ آخَرَ جَعَلَهُ لَوْنًا.
وَقَدْ يُعْرَّفُ الذَّاتِيُّ - أَيْضًا - بِالتَّرْتِيبِ الْعَقْلِيِّ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الذَّاتِ فِي الْوُجُودَيْنِ. أَعْنِي: الْخَارِجِيَّ وَالذِّهْنِيَّ. وَكَذَا فِي الْعَدَمَيْنِ، أَيْ مَتَى وُجِدَ الذَّاتُ بِأَحَدِ الْوُجُودَيْنِ يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِأَنَّ الذَّاتِيَّ وُجِدَ قَبْلَهَا، وَمَتَى عُدِمَتْ بِأَحَدِ الْعَدَمَيْنِ يَحْكُمُ بِأَنَّ الذَّاتِيَّ عُدِمَ قَبْلَهَا. لَكِنَّ التَّقْدِيمَ فِي جَانِبِ الْوُجُودِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ ; لِأَنَّ الْكُلَّ إِنَّمَا يُوجَدُ إِذَا وُجِدَ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَفِي جَانِبِ الْعَدَمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّ الْكُلَّ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جُزْءٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ فُسِّرَ التَّرْتِيبُ بِتَرَتُّبِ تَعَقُّلِ الذَّاتِيِّ عَلَى تَعَقُّلِ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ، لَمْ يَسْتَقِمْ، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الذَّاتِيُّ مُتَأَخِّرًا فِي التَّعَقُّلِ عَنِ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ [التَّرْتِيبَ] يَقْتَضِي التَّأَخُّرَ. وَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ تَعَقُّلَ الذَّاتِ يَمْتَنِعُ قَبْلَ تَعَقُّلِ الذَّاتِيِّ.
ش - لَمَّا فَسَّرَ الذَّاتِيَّ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ انْحِصَارَهُ فِي الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ وَالنَّوْعِ.
اعْلَمْ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً هُوَ بِهَا هُوَ. وَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِجَمِيعِ مَا عَدَاهَا، لَازِمًا كَانَ أَوْ مُفَارِقًا. وَيُسَمِّي تِلْكَ الْحَقِيقَةَ: الْمَاهِيَّةَ.
وَسُؤَالُ السَّائِلِ " بِمَا هُوَ "؟ - بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ كُلُّ لُغَةٍ - هُوَ: طَلَبُ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ. فَوَجَبَ أَنْ يُجَابَ بِتَمَامِ الْمَاهِيَّةِ، لِيَكُونَ الْجَوَابُ مُطَابِقًا لِلسُّؤَالِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَتَمَامُ مَاهِيَّةِ الشَّيْءِ هُوَ الْمَقُولُ فِي جَوَابِ " مَا هُوَ ". كَالْحَيَوَانِ النَّاطِقِ الْمَقُولِ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ بِمَا هُوَ، عَنِ الْإِنْسَانِ.
وَتَمَامُ جُزْءِ الْمَاهِيَّةِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ: الْجِنْسُ. كَالْحَيَوَانِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ، فَإِنَّهُ تَمَامُ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ.
وَتَمَامُ الْجُزْءِ الْمُمَيِّزِ لَهَا - كَالنَّاطِقِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ - هُوَ: الْفَصْلُ.
وَوَجْهُ الْحَصْرِ أَنَّ الذَّاتِيَّ إِمَّا تَمَامُ الْمَاهِيَّةِ أَوْ دَاخِلٌ فِيهَا. [وَالْأَوَّلُ] هُوَ الْمَقُولُ فِي جَوَابِ مَا هُوَ.
وَالثَّانِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَمَامَ الذَّاتِيِّ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ وَغَيْرِهَا، أَوْ لَا. وَالْأَوَّلُ هُوَ: الْجِنْسُ. وَالثَّانِي هُوَ: الْفَصْلُ، سَوَاءٌ اخْتَصَّ بِهَا أَوْ لَمْ يَخْتَصَّ.
أَمَّا إِذَا اخْتَصَّ بِهَا فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَخْتَصَّ بِهَا فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ جُزْءًا لِجَمِيعِ الْمَاهِيَّاتِ، وَإِلَّا لَانْتَفَى الْبَسَائِطُ، فَيَكُونُ جُزْءًا لِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، فَيُمَيِّزُهَا عَمَّا لَا يَكُونُ جُزْءًا لَهُ فَيَكُونُ فَصْلًا.
فَإِنْ قِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَنْحَصِرِ [الْجُزْءُ]