الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أُخْرَى. وَأَمَّا تَأْخِيرُ الصَّوْمِ إِلَى شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ جَائِزٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الْمَوْتُ إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ.
وَالشَّافِعِيُّ يَرَى الْبَقَاءَ إِلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ غَالِبًا عَلَى الظَّنِّ فِي حَقِّ الشَّابِّ الصَّحِيحِ دُونَ الشَّيْخِ.
[مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ]
ش - الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَمْ لَا؟ اعْلَمْ أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ أَمْ لَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالثَّانِي كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ، وَكَالْيَدِ فِي الْكِتَابَةِ، وَالرِّجْلِ فِي الْمَشْيِ، وَحُضُورِ الْإِمَامِ الْجُمُعَةَ، وَحُضُورِ تَمَامِ الْعَدَدِ. فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ وَاجِبَةً، بَلْ عَدَمُهَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، إِلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجَوِّزُ تَكْلِيفَ الْمُحَالِ.
الْأَوَّلُ - وَهُوَ مَا يَكُونُ مَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ - هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا شَرْعِيًّا لِلْوَاجِبِ، كَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ. أَوْ لَا يَكُونَ شَرْطًا شَرْعِيًّا. وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ وُجُوبَ الشَّيْءِ مُطْلَقًا، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِهِ بِوُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ يُوجِبُ الشَّرْطَ الشَّرْعِيَّ دُونَ غَيْرِهِ.
وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ كَمَا يُوجِبُ وُجُوبَ الشَّرْطِ، يُوجِبُ وُجُوبَ غَيْرِ الشَّرْطِ، سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُ الشَّرْطِ سَبَبًا، كَالنَّارِ لِلْإِحْرَاقِ، أَوْ غَيْرَ سَبَبٍ.
أَمَّا تَرْكُ ضِدِّ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، أَوْ فِعْلُ ضِدِّ الْمُحَرَّمِ الَّذِي لَا يَتِمُّ تَرْكُ الْحَرَامِ إِلَّا بِهِ، أَوْ طَرِيقٍ إِلَى الْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ، كَغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ لِغَسْلِ الْوَجْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُ الْوَجْهِ إِلَّا بِغَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ، أَوْ طَرِيقٍ إِلَى الْعِلْمِ [بِإِتْيَانِ] الْوَاجِبِ، كَالْإِتْيَانِ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ إِذَا تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَلَمْ يُعَرِّفْهَا بِعَيْنِهَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا. أَيْ وُجُوبُ الشَّيْءِ مُطْلَقًا لَا يُوجِبُ وُجُوبَ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرْطِ وَغَيْرِهِ.
ش - لَمَّا فَرَغَ عَنْ تَحْرِيرِ الْمَذَاهِبِ، أَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، إِنْ كَانَ شَرْطًا، فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَرْطٍ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنِ الشَّرْطُ وَاجِبًا، لَمْ يَكُنْ هُوَ شَرْطًا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ، فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الشَّرْطَ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، جَازَ تَرْكُهُ، فَإِذَا تَرَكَهُ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ حِينَئِذٍ مَأْمُورًا بِهِ أَوْ لَا، وَالثَّانِي بَاطِلٌ، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ الشَّيْءِ مُقَيَّدًا بِوَقْتِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ.
وَالْأَوَّلُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُمْكِنَ الْحُصُولِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ أَوْ لَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالثَّانِي بَاطِلٌ وَإِلَّا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ فَيَتَحَقَّقُ الْأَوَّلُ، فَلَا يَكُونُ شَرْطًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ سِتَّةِ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوِ اسْتَلْزَمَ الْوَاجِبُ وُجُوبَ غَيْرِ الشَّرْطِ مِمَّا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، لَزِمَ تَعَقُّلُ الْمُوجِبِ، أَيِ الْأَمْرِ لِغَيْرِ الشَّرْطِ ; لِاسْتِحَالَةِ إِيجَابِ الشَّيْءِ مَعَ الذُّهُولِ عَنْهُ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلشَّيْءِ قَدْ يَغْفُلُ عَنْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوِ اسْتَلْزَمَ الْوَاجِبُ وُجُوبَ غَيْرِ الشَّرْطِ لَمْ يَكُنْ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ الَّذِي هُوَ طَلَبُ الْوُجُودِ مَعَ مَنْعِ النَّقِيضِ بِغَيْرِ الشَّرْطِ لِنَفْسِ الْوُجُوبِ أَوْ لِنَفْسِ ذَلِكَ الْغَيْرِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُمَا; لِتَوَقُّفِ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ عَلَى تَعَلُّقِهِ بِمَلْزُومِهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الطَّلَبَ لَا يُعْقَلُ تَعَلُّقُهُ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْمَطْلُوبِ، فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوِ اسْتَلْزَمَ الْوَاجِبُ وُجُوبَ غَيْرِ الشَّرْطِ، لَامْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِغَيْرِ وُجُوبِهِ، أَيِ امْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ غَيْرَ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ وَاجِبًا ; لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ الْحُكْمَ بِكَوْنِ الْوَاجِبِ مُسْتَلْزِمًا لِوُجُوبِهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ: أَوْجَبْتُ عَلَيْكُمْ غَسْلَ الْوَجْهِ، وَمَا أَوْجَبْتُ عَلَيْكُمْ غَسْلَ شَيْءٍ مِنَ الرَّأْسِ.
الرَّابِعُ: لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مُسْتَلْزِمًا لِوُجُوبِ غَيْرِ الشَّرْطِ، لَعَصَى الْمُكَلَّفُ بِتَرْكِهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ. أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَظَاهِرَةٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي ; فَلِأَنَّ تَارِكَ الصَّوْمِ يَكُونُ عَاصِيًا بِتَرْكِ الصَّوْمِ، لَا بِتَرْكِ إِمْسَاكِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ.
الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوِ اسْتَلْزَمَ وُجُوبَهُ، لَصَحَّ قَوْلُ الْكَعْبِيِّ فِي نَفْيِ الْفِعْلِ الْمُبَاحِ فِي الشَّرْعِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِمَا سَنَذْكُرُهُ، فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمُبَاحَ يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ، وَمَا يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ يَكُونُ وَاجِبًا.
السَّادِسُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرُ الشَّرْطِ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، وَاجِبًا لَوَجَبَتْ نِيَّتُهُ ; لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَوَّلِ: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ تَعَقُّلِ الْمُوجِبِ لَهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ الْوُجُوبُ بِالْأَصَالَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بِالتَّبَعِيَّةِ فَلَا. سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مَنْقُوضٌ بِوُجُوبِ الشَّرْطِ.
وَعَلَى الثَّانِي: إِنْ أَرَادَ بِالتَّعَلُّقِ لِنَفْسِهِ: [التَّعَلُّقَ] بِالْأَصَالَةِ، فَلَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ التَّالِي ; فَإِنَّ تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ بِالْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَتْ بِالْأَصَالَةِ بَلْ بِالْفَرْعِيَّةِ ; لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِمَلْزُومِهَا أَوَّلًا، وَبِوَاسِطَةِ الْمَلْزُومِ يَتَعَلَّقُ بِهَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَعَلُّقَ الْوُجُوبِ الْفَرْعِيِّ بِالْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَاهُ، فَمَنْعُهُ ظَاهِرٌ ; فَإِنَّ الْوُجُوبَ الْأَوَّلَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ نَشَأَ مِنْهُ الْوُجُوبُ الثَّانِي، فَتَعَلَّقَ الْوُجُوبُ الثَّانِي الْفَرْعِيُّ بِالْمُقَدَّمَاتِ لِذَاتِهِ. وَأَيْضًا فَمَنْقُوضٌ بِوُجُوبِ الشَّرْطِ.
وَعَلَى الثَّالِثِ أَنَّ غَسْلَ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ; إِذِ الْوُجُوبُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَاجِزِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ، دُونَ غَسْلِ جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ لَا الْقَادِرِ. وَعِنْدَ ذَلِكَ فَالْمُلَازَمَةُ مَمْنُوعَةٌ فِي صُورَةِ الْقَادِرِ، وَنَفْيُ التَّالِي فِي صُورَةِ الْعَاجِزِ.
وَبِهِ خَرَجَ الْجَوَابُ عَلَى الرَّابِعِ. وَيُقَالُ عَلَى الرَّابِعِ أَيْضًا: لَا نُسَلِّمُ نَفْيَ اللَّازِمِ ; فَإِنَّ تَرْكَهُ يُوجِبُ تَرْكَ الْوَاجِبِ بِالذَّاتِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالذَّاتِ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ فَيَكُونُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِلْعِصْيَانِ. عَلَى أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِوُجُوبِ الشَّرْطِ.
وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ يَلْزَمُ نَفْيُ الْمُبَاحِ إِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَرْكُ الْحَرَامِ إِلَّا بِفِعْلِ الْمُبَاحِ. أَمَّا إِذَا حَصَلَ بِغَيْرِهِ فَلَا ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْمُبَاحُ مُقَدِّمَةً لِلْوَاجِبِ.
وَعَنِ السَّادِسِ: لَا نُسَلِّمُ الْمُلَازَمَةَ. وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ غَيْرُ الشَّرْطِ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ. أَمَّا إِذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْعَرَضِ فَلَا.
ش - اعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ وُجُوبَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ مَا لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ شَرْطًا أَوْ غَيْرَهُ، قَدْ تَمَسَّكُوا بِوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ، شَرْطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لَصَحَّ الْفِعْلُ الْوَاجِبُ بِدُونِهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ الْآتِيَ بِالْفِعْلِ الْوَاجِبِ يَكُونُ آتِيًا بِجَمِيعِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَالْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ يُوجِبُ الصِّحَّةَ.
وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ صَحِيحًا دُونَهُ، لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِ. وَلَمَّا كَانَ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ بَاطِلًا كَانَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْفِعْلِ دُونَ بَاطِلًا. وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي فَبِالِاتِّفَاقِ.
الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ، شَرْطًا كَانَ
وَأُجِيبَ: إِنْ أُرِيدَ بِـ " لَا يَصِحُّ " وَ " وَاجِبٌ " لَا بُدَّ مِنْهُ - فَمُسَلَّمٌ. وَإِنْ أُرِيدَ مَأْمُورٌ بِهِ - فَأَيْنَ دَلِيلُهُ؟ [وَإِنْ سُلِّمَ الْإِجْمَاعُ فَفِي] الْأَسْبَابِ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : يَجُوزُ أَنْ يُحَرَّمَ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ. خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ. وَهِيَ كَالْمُخَيَّرِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : يَسْتَحِيلُ كَوْنُ الشَّيْءِ وَاجِبًا حَرَامًا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، إِلَّا عِنْدَ بَعْضِ مَنْ يُجَوِّزُ تَكْلِيفَ الْمُحَالِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَوْ غَيْرَهُ، لَمَا وَجَبَ التَّوَصُّلُ إِلَى الْوَاجِبِ ; لِأَنَّ التَّوَصُّلَ إِلَى الْوَاجِبِ بِهِ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِنْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ إِنَّهُ " لَا يَصِحُّ الْوَاجِبُ بِدُونِهِ " فِي نَفْيِ تَالِي الْمُلَازَمَةِ الْأُولَى، وَبِقَوْلِهِمْ:" وَجَبَ التَّوَصُّلُ بِهِ إِلَى الْوَاجِبِ " فِي نَفْيِ تَالِي الْمُلَازَمَةِ الثَّانِيَةِ: أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَحْصِيلِ الْوَاجِبِ، فَنَفْيُ التَّالِي مُسَلَّمٌ. وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ صِدْقَ الْمُلَازَمَةِ ; فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْهُ بُدٌّ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ.
وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، فَأَيْنَ دَلِيلُهُمْ عَلَى هَذَا.
وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّ التَّوَصُّلَ إِلَى الْوَاجِبِ وَاجِبٌ، لَكِنَّهُ إِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأَسْبَابِ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ، لَا لِنَفْسِ وُجُوبِ الْفِعْلِ.
وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَمَّا أَوَّلًا ; فَلِأَنَّهُ كُلُّ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مُمْتَنِعٌ تَرْكُهُ، وَكُلُّ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ تَرْكُهُ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَكُلُّ وَاجِبٍ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ. وَأَمَّا ثَانِيًا ; فَلِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَسْبَابِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهَا يَجِبُ التَّوَصُّلُ بِهَا إِلَى الْوَاجِبِ دُونَ غَيْرِهَا، تَحَكُّمٌ مَحْضٌ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ، وَهُوَ أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، شَرْطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَهُوَ وَاجِبٌ.
بَيَانُهُ أَنَّ إِيجَابَ الشَّيْءِ مُطْلَقًا، إِيجَابٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ; فَإِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
لَمْ يَكُنْ مُقْتَضِيًا لِوُجُوبِ الْمُقَدِّمَةِ وَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ حَالَ عَدَمِ الْمُقَدِّمَةِ، لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِهِ حَالَ عَدَمِهَا، وَهُوَ مُحَالٌ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ التَّكْلِيفِ بِهِ حَالَ عَدَمِ الْمُقَدِّمَةِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُقَدِّمَةِ يُوجِبُ عَدَمَهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ.
أُجِيبَ بِأَنَّ إِيجَابَ الشَّيْءِ مُطْلَقًا يَسْتَلْزِمُ إِيجَابَهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ. وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَالَةُ الَّتِي عُدِمَتْ فِيهَا الْمُقَدِّمَةُ، فَيَلْزَمُ إِيجَابُهُ حَالَ الْمُقَدِّمَةِ، وَهُوَ تَكْلِيفٌ بِالْمُحَالِ.
وَأَيْضًا عَدَمُ إِيجَابِ الْمُقَدِّمَةِ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ عَدَمَهَا، لَكِنَّهُ يُجَوِّزُهُ فَيُلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْمُحَالِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِيجَابَهُ مُطْلَقًا يَسْتَدْعِي إِيجَابَ الْمُقَدِّمَةِ ; إِذْ مِنَ الْجَائِزِ تَقَيُّدُهُ بِوَقْتِ حُصُولِ الْمُقَدِّمَةِ.
فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لِوُرُودِ الْأَمْرِ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ.
قُلْتُ: يَلْزَمُكَ أَيْضًا خِلَافُ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّكَ تُوجِبُ الْمُقَدِّمَةَ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةِ إِيجَابِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ.
فَالْجَوَابُ، أَنَّ إِيجَابَ الْمُقَدِّمَةِ أَمْرٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا. فَلَمْ يَكُنْ خِلَافَ الظَّاهِرِ. التَّقْيِيدُ بِوَقْتِ وُجُوبِ الْمُقَدِّمَةِ يَنْفِيهِ اللَّفْظُ ; لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ