الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِالْأُمَّةِ، فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِ ; تَقَدَّمَ الْقَوْلُ، أَوْ تَأَخَّرَ ; لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ. وَفِي حَقِّ الْأُمَّةِ، الْمُتَأَخِّرُ - سَوَاءٌ كَانَ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا - نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ.
فَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ فَالْمَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ. وَالْمُخْتَارُ: الْعَمَلُ بِالْقَوْلِ.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ عَامًّا لَهُ وَلَنَا، فَحُكْمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، أَيْ إِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُتَقَدِّمًا، فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِ ; لِعَدَمِ وُجُوبِ تَكَرُّرِ الْفِعْلِ. وَفِي حَقِّ الْأُمَّةِ، الْقَوْلُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْفِعْلِ قَبْلَ وُقُوعِ التَّأَسِّي بِهِ، وَبَعْدَهُ نَاسِخٌ لِلتَّكْرَارِ فِي حَقِّهِمْ، إِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّكْرَارِ فِي حَقِّهِمْ.
وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فَالْفِعْلُ نَاسِخٌ لِلْقَوْلِ فِي حَقِّهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمُقْتَضَى الْقَوْلِ، إِلَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ الْعُمُومُ لَهُ ظَاهِرًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ الْفِعْلُ تَخْصِيصًا لِلْقَوْلِ. وَفِي حَقِّ الْأُمَّةِ، إِنْ كَانَ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ التَّأَسِّي مَخْصُوصًا بِذَلِكَ الْفِعْلِ، نُسِخَ، وَإِلَّا فَتَخْصِيصٌ.
وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ لَا مُعَارَضَةَ، لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ، إِنْ لَمْ يَقْتَضِ الْقَوْلُ التَّكْرَارَ. وَإِنِ اقْتَضَى التَّكْرَارَ يَكُونُ الْفِعْلُ نَاسِخًا لِلتَّكْرَارِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي بَعْضِ الْأَقْسَامِ تَفْصِيلًا، وَتَخْتَلِفُ بِهِ الْأَحْكَامُ.
وَالْمُصَنِّفُ أَهْمَلَهُ وَنَحْنُ قَدْ تَعَرَّضْنَا لِبَعْضٍ مِنْهَا، وَأَعْرَضْنَا عَنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ، اعْتِمَادًا عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمُحَصِّلِ الْفَطِنِ أَحْكَامَهُ بِقُوَّةِ الْبَاقِي.
[الْإِجْمَاعُ]
[تعريف الإجماع]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ السُّنَّةِ شَرَعَ فِي الْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ فِيهِ مُقَدِّمَةً وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً.
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي تَعْرِيفِهِ، وَإِثْبَاتِهِ، وَإِثْبَاتِ الْعِلْمِ بِهِ، وَفِي كَوْنِهِ حُجَّةً.
وَالْإِجْمَاعُ فِي اللُّغَةِ: الْعَزْمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [يونس: 71] أَيِ اعْزِمُوا.
3 -
الْإِجْمَاعُ.
ص - الْإِجْمَاعُ: الْعَزْمُ وَالِاتِّفَاقُ. وَفِي الِاصْطِلَاحِ: اتِّفَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي عَصْرٍ عَلَى أَمْرٍ.
وَمِنْ يَرَى انْقِرَاضَ الْعَصْرِ - يَزِيدُ " إِلَى انْقِرَاضِ الْعَصْرِ ".
وَمَنْ يَرَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ، وَجَوَّزَ وُقُوعَهُ - يَزِيدُ " لَمْ يَسْبِقْهُ خِلَافُ مُجْتَهِدٍ مُسْتَقِرٍّ ".
الْغَزَالِي، رحمه الله: اتِّفَاقُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ [يُوجَدُ] وَلَا يَطَّرِدُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَا يَنْعَكِسُ بِتَقْدِيرِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَقْلِيٍّ أَوْ عُرْفِيٍّ.
ص - وَخَالَفَ النَّظَّامُ وَبَعْضُ الرَّوَافِضِ فِي ثُبُوتِهِ. قَالُوا: انْتِشَارُهُمْ يَمْنَعُ نَقْلَ الْحُكْمِ إِلَيْهِمْ عَادَةً.
وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ لِجَدِّهِمْ وَبَحْثِهِمْ.
ص - قَالُوا: إِنْ كَانَ عَنْ قَاطِعٍ - فَالْعَادَةُ تُحِيلُ عَدَمَ نَقْلِهِ. وَالظَّنِّيُّ يَمْتَنِعُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ عَادَةً ; لِاخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ.
وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ فِيهِمَا ; فَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ نَقْلِ الْقَاطِعِ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ. وَقَدْ يَكُونُ الظَّنِّيُّ جَلِيًّا.
ص - قَالُوا: يَسْتَحِيلُ ثُبُوتُهُ عَنْهُمْ عَادَةً ; لِخَفَاءِ بَعْضِهِمْ، أَوِ انْقِطَاعِهِ، أَوْ أَسْرِهِ، أَوْ خُمُولِهِ، أَوْ كَذِبِهِ، أَوْ رُجُوعِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْآخَرِ. وَلَوْ سُلِّمَ - فَنَقْلُهُ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً ; لِأَنَّ الْآحَادَ لَا تُفِيدُ، وَالتَّوَاتُرُ بَعِيدٌ.
وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِالْوُقُوعِ. فَإِنَّا قَاطِعُونَ بِتَوَاتُرِ النَّقْلِ بِتَقْدِيمِ النَّصِّ الْقَاطِعِ عَلَى الْمَظْنُونِ.
ص - وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ. وَلَا يُعْتَدُّ بِالنَّظَّامِ وَبَعْضِ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ.
وَقَوْلُ أَحْمَدَ رحمه الله: مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ، اسْتِبْعَادٌ لِوُجُودِهِ.
ص - الْأَدِلَّةُ: مِنْهَا: أَجْمَعُوا عَلَى الْقَطْعِ بِتَخْطِئَةِ الْمُخَالِفِ. وَالْعَادَةُ تُحِيلُ إِجْمَاعَ هَذَا الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى قَطْعٍ فِي شَرْعِيٍّ مِنْ غَيْرِ قَاطِعٍ، فَوَجَبَ تَقْدِيرُ نَصٍّ فِيهِ.
وَإِجْمَاعُ الْفَلَاسِفَةِ وَإِجْمَاعُ الْيَهُودِ وَ [إِجْمَاعُ] النَّصَارَى غَيْرُ وَارِدٍ.
لَا يُقَالُ: أَثْبَتُّمُ الْإِجْمَاعَ بِالْإِجْمَاعِ ; إِذْ أَثْبَتُّمُ الْإِجْمَاعَ بِنَصٍّ يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْمُثْبَتَ كَوْنُهُ حُجَّةً ثُبُوتَ نَصٍّ عَنْ وُجُودِ صُورَةٍ مِنْهُ بِطَرِيقٍ عَادِيٍّ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُهَا وَلَا دَلَالَتُهَا عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ حُجَّةً. فَلَا دَوْرَ.
ص - وَمِنْهَا: أَجْمَعُوا عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْقَاطِعِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَاطِعٌ، وَإِلَّا تَعَارَضَ الْإِجْمَاعَانِ ; [لِأَنَّ] الْقَاطِعَ مُقَدَّمٌ.
فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَجُّ عَلَيْهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ ; لِتَضَمُّنِ الدَّلِيلَيْنِ ذَلِكَ. قُلْنَا: إِنْ سُلِّمَ - فَلَا يَضُرُّ.
ص -[اسْتَدَلَّ] الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] .
وَلَيْسَ بِقَاطِعٍ ; لِاحْتِمَالٍ فِي مُتَابَعَتِهِ أَوْ مُنَاصَرَتِهِ، أَوِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، أَوْ فِي الْإِيمَانِ، فَيَصِيرُ دَوْرًا ; لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالظَّاهِرِ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ، بِخِلَافِ التَّمَسُّكِ فِي الْقِيَاسِ.
ص - الْغَزَالِيُّ رحمه الله بِقَوْلِهِ: " لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي " مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَوَاتُرُ الْمَعْنَى لِكَثْرَتِهَا، كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَجُودِ حَاتِمٍ. وَهُوَ حَسَنٌ.
وَالثَّانِي: تَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهَا بِالْقَبُولِ. وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا عَنِ الْآحَادِ.
ص - وَاسْتَدَلَّ: إِجْمَاعُهُمْ يَدُلُّ عَلَى قَاطِعٍ فِي الْحُكْمِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ امْتِنَاعُ إِجْمَاعِ مِثْلِهِمْ عَلَى مَظْنُونٍ.
وَأُجِيبَ بِمَنْعِهِ فِي الْجَلِيِّ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ.
ص - الْمُخَالِفُ: تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ] ، فَرُدُّوهُ وَنَحْوُهُ. وَغَايَتُهُ الظُّهُورُ.
وَبِحَدِيثِ مُعَاذٍ رضي الله عنه حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ حُجَّةٌ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : وِفَاقُ مَنْ سَيُوجَدُ، لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُقَلِّدَ كَذَلِكَ.
وَمِيلُ الْقَاضِي إِلَى اعْتِبَارِهِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْأُصُولِيُّ. وَقِيلَ: الْفُرُوعِيُّ.
ص - لَنَا: لَوِ اعْتُبِرَ لَمْ يُتَصَوَّرْ. وَأَيْضًا: الْمُخَالَفَةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ. فَغَايَتُهُ مُجْتَهِدٌ مُخَالِفٌ وَعُلِمَ عِصْيَانُهُ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالِاتِّفَاقُ. يُقَالُ أَجْمَعُوا عَلَى كَذَا، أَيِ اتَّفَقُوا.
وَفِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. فَ " الِاتِّفَاقُ " كَالْجِنْسِ، وَنَعْنِي بِهِ الِاشْتِرَاكَ، إِمَّا فِي الِاعْتِقَادِ، أَوِ الْقَوْلِ، أَوِ الْفِعْلِ، أَوْ إِطْبَاقِ بَعْضِهِمْ عَلَى الِاعْتِقَادِ وَبَعْضِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ، أَوِ الْفِعْلِ الدَّالِّينَ عَلَى الِاعْتِقَادِ.
وَبِقَوْلِنَا: " الْمُجْتَهِدِينَ " يَخْرُجُ عَنْهُ اتِّفَاقُ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُقَلِّدِينَ.
وَبِقَوْلِنَا: " هَذِهِ الْأُمَّةُ " نَعْنِي أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عليه السلام، يَخْرُجُ اتِّفَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ.
وَبِقَوْلِنَا: " فِي عَصْرٍ " يَدْخُلُ اتِّفَاقُ مُجْتَهَدِي كُلِّ عَصْرٍ، فَإِنَّهُ إِجْمَاعٌ ; إِذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجْمَاعِ اتِّفَاقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي كُلِّ الْأَعْصَارِ. وَيَخْرُجُ اتِّفَاقُ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرٍ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " فِي أَمْرٍ " لِيُدْخِلَ فِيهِ الْإِثْبَاتَ وَالنَّفْيَ، وَالْقَوْلَ، وَالْفِعْلَ الشَّرْعِيَّ وَالْعَقْلِيَّ وَالْعُرْفِيَّ.
وَهَذَا التَّعْرِيفُ لِمَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْإِجْمَاعِ انْقِرَاضَ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَقَالَ: إِنَّ الْإِجْمَاعَ يَنْعَقِدُ مَعَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ.
أَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ انْقِرَاضَ أَهْلِ الْعَصْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ فِي الْحَدِّ. " إِلَى انْقِرَاضِ الْعَصْرِ " لِيُوَافِقَ مَذْهَبَهُ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ، أَيِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ خِلَافِهِمْ، لَا يَنْعَقِدُ إِجْمَاعًا، وَجَوَّزَ وُقُوعَ هَذَا الِاتِّفَاقِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بُعْدُ اسْتِمْرَارِ الْخِلَافِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، يَزِيدُ " لَمْ يَسْبِقْهُ خِلَافُ مُجْتَهِدٍ مُسْتَقِرٍّ " لِيُخْرِجَ عَنِ الْحَدِّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي، لِيَكُونَ التَّعْرِيفُ مُطَابِقًا لِمَذْهَبِهِ.
وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ وُقُوعَ هَذَا الِاتِّفَاقِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى زِيَادَةِ هَذَا الْقَيْدِ ; لِأَنَّ الْقَيْدَ لَا يُزَادُ فِي التَّعْرِيفِ لِخُرُوجِ غَيْرِ الْمَحْدُودِ [مِنَ الْمُمْتَنِعَاتِ] .
وَحَدَّ الْغَزَالِيُّ رحمه الله الْإِجْمَاعَ بِأَنَّ اتِّفَاقَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عليه السلام عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ.
وَزَيَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ [أَنْ] لَا يُوجَدَ إِجْمَاعٌ أَصْلًا ; لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ اتِّفَاقَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، عليه السلام، وَهِيَ تَتَنَاوُلُ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، [وَ] لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ.
وَعَلَى تَقْدِيرِ تَخْصِيصِ الْأُمَّةِ بِالْمَوْجُودِينَ مِنْهُمْ فِي عَصْرٍ، لَا يَطَّرِدُ الْحَدُّ، بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرٍ. فَإِنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعَصْرِ الْحَالِّ عَنِ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ دَاخِلٌ فِي حَدِّهِ، وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ ; إِذْ لَا اعْتِدَادَ بِقَوْلِ الْعَوَامِّ.
وَأَيْضًا لَا يَنْعَكِسُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ بِتَقْدِيرِ اتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى أَمْرٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
عَقْلِيٍّ أَوْ عُرْفِيٍّ ; لِأَنَّ حَدَّهُ لَا يَكُونُ صَادِقًا عَلَى مِثْلِ هَذَا الِاتِّفَاقِ ; ضَرُورَةَ اعْتِبَارِ قَيْدِ " الدِّينِيَّةِ " تَعْرِيفَهُ. وَهُوَ إِجْمَاعٌ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ بِالْعِنَايَةِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِ " أُمَّةِ مُحَمَّدٍ " الْمَوْجُودِينَ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ. فَإِنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عليه السلام كَمَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ.
وَأَرَادَ بِ " الْأُمَّةِ " الْمُجْتَهِدِينَ ; لِأَنَّهُمْ فِي مَحَلِّ الِاعْتِبَارِ. وَإِنَّمَا أَتَى بِلَفْظِ " الْأُمَّةِ " دُونَ " الْمُجْتَهِدِينَ " لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً. نَحْوَ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا. " «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى الضَّلَالَةِ» ".